550 منظمة حقوقية ترصد 5 مشاهد إيجابية خلال التصويت في انتخابات النواب    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    لحاجته لبرنامج علاجي .. غياب محمد الشناوى عن مباراة الأهلى أمام الجيش الملكى فى دورى الأبطال    "الشعب الجمهوري" يواصل متابعة تصويت عبر غرفة العمليات المركزية منذ اللحظة الأولى لفتح اللجان    رئيس جامعة القاهرة يشهد افتتاح مؤتمر المعهد القومي لعلوم الليزر    استقرار سعر الريال السعودي في مستهل تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه لمستهل تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    البورصة المصرية تستهل تعاملات الإثنين بارتفاع جماعي    نتنياهو يتهم حركة حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    الأمن يكشف ملابسات تعدي عامل على شاب بآلة حادة في الإسكندرية    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    «إدلي بصوتك وأنت مطمئن».. الناخبون في حماية «العيون الساهرة»    حالة الطقس.. انخفاض بالحرارة وأمطار متفاوتة الشدة على مناطق متفرقة    وفاة الفنان التشكيلي عبد الغفار شديد    بعد أزمات مستمرة.. قصة مسلم ويارا تعود للواجهة بعد شهرين من الطلاق    منصة رقمية موحدة ل«100 مليون صحة» و14 مبادرة رئاسية.. الصحة تبدأ خدمة المواطن من نافذه واحدة    وزير الصحة يبحث إطلاق المنصة الموحدة للمبادرات الرئاسية الصحية    كيف ينمو طفلك أثناء الأشهر الثلاث الأولى من الحمل؟    الدفاع الروسية: تدمير 3 مراكز اتصالات و93 مسيرة أوكرانية خلال الليل    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    محافظ الغربية: «جاهزون لاستقبال الناخبين في 642 لجنة.. وأدعو المواطنين للمشاركة بإيجابية»    رضا عبدالعال: بداية توروب مع الأهلي "مبشرة" .. وبن رمضان "ملوش مكان" في التشكيل    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 24-11-2025 في محافظة قنا    جوتيريش: التنمية الصناعية ضرورية لتعزيز الاقتصادات ومحاربة الفقر    شعبة الذهب: صادرات القطاع تقفز 157% لتسجل 6.7 مليار دولار لأول مرة بالتاريخ    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    قرار بقيد 9 مصانع وشركات مؤهلة لتصدير منتجاتهم إلى مصر    توافد الناخبين للتصويت في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب بدار السلام    الأوقاف تُحيي ذكرى وفاة رائد التلاوة في مصر والعالم "الشيخ محمود خليل الحصري"    تايمز أوف إسرائيل: سلاح الجو عزز دفاعاته تحسبا لإطلاق حزب الله صواريخ من لبنان    الاحتلال يواصل خرق اتفاق غزة.. 3 شهداء وعدد من المصابين بنيران إسرائيلية    المقترح الرباعي وموقف الجيش السوداني: قراءة في خلفيات الرفض والتصعيد    فى الدوري الإنجليزي .. محمد صلاح يطارد هالاند على صدارة قائمة الأفضل بالبريميرليج    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    انطلاق قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في لواندا اليوم الإثنين    شوربة كريمة صحية بدون كريمة، وجبة خفيفة ومشبعة ولذيذة    بعد واقعة أطفال الكي جي| 17 إجراء من التعليم تجاه المدارس الدولية والخاصة في مصر    الأرصاد تحذر: شبورة مائية كثيفة تصل لحد الضباب على الطرق السريعة والزراعية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك كان قادرًا على حسم مواجهة زيسكو من الشوط الأول    سيف الجزيري: سعداء بالفوز على زيسكو ونسعى لمواصلة الانتصارات    دراسة تحذر: تصفح الهاتف ليلاً قد يزيد من خطر الأفكار الانتحارية    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز ثمين على إنتر بهدف دون رد    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    عودة أسطورية لفرقة H.O.T إلى المسرح بعد غياب 6 سنوات في مهرجان هانتو الموسيقي    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أيام السينما الأوروبية» طريق الألف ميل
نشر في القاهرة يوم 29 - 11 - 2011


تري ما هو السر الذي يكمن وراء هذه المرأة ذات الجسد النحيل والعين البراقة النافذة والإرادة الحديدية .. التي استطاعت وحدها .. وبمجهودها الخاص وعنادها وكبريائها وثقافتها السينمائية المرهفة أن تقيم مهرجانا سينمائيا فذا.. يحتل مكانة مميزة بين مهرجانات السينما في الشرق الأوسط .. ويقف متحديا «المهرجانات الخليجية» التي تنفق عليها الأموال الطائلة وتحيطها دعايات رنانة .. وتحتل صفحات كبريات المجلات والجرائد العربية وأن تقف رأسا لرأس أمام المهرجانات السينمائية المصرية التي تدعمها الدولة بنفوذها وأموالها.. وأن تفتح لصفحة المهرجانات السينمائية .. هامشا فنيا شديد الاتساع له أهميته وتأثيره وقدرته علي شق آفاق متسعة سواء لعشاق السينما أو محترفيها. مخرجة واعدة ماريان خوري .. منتجة طموحة تشارك أخيها في إدارة شركة مصر العالمية التي ورثتها عن خالها العبقري يوسف شاهين وقررت مع أخيها الذي يشاركها طموحها وجرأتها متابعة الطريق الصعب الذي عبده لهما يوسف شاهين. وهي مخرجة حساسة أخرجت عددا من الأفلام الوثائقية التي أثارت اهتمام جميع العاملين بالسينما.. منها فيلم عن رائدات السينما في مصر وآخر عن راقصة باليه أجنبية اختارت مصر سكنا وملجأ لها وأخيرا فيلم مدهش رائع عن «الجنون» صورت فيه مئات الساعات في أحد مشافي الأمراض العقلية.. واختارت هذه الساعات التي تجاوزت الثلاثمائة ساعة فيلما يروي رحلة العقل والجنون.. بأسلوب فذ تختلط فيه الواقعية القاسية بشاعرية سوداء مؤثرة ويتدفق فيه الألم مع الابتسامات المسروقة والأعين الذابلة. ولم تكتف ماريان بالإنتاج والإخراج.. وامتدت أصابعها النحيلة لتعانق العالم السينمائي كله من خلال آفاق مهرجان يحمل اسم «أيام السينما الأوروبية».. تعرض فيه أفلاما أوروبية كبيرة نجحت في اختيارها من خلال ذوقها المرهف ونظرتها السينمائية الثاقبة.. ووقفت لتتحدي بها موزعي الأفلام السينمائية في مصر الذين انحصر اهتمامهم بالسينما الأمريكية.. جاعلين منها «الطعام الوحيد» والمفضل لدي عشاق السينما في مصر. المشروع ابتدأ يزهو في عقل ماريان خوري منذ أربع سنوات قدمته علي استحياء بادئ الأمر.. قبل أن ينمو ويتطور ليتحول هذا العام إلي «مهرجان سينمائي حقيقي» يضم أفلاما ذات شهرة عالمية تلألأت في مهرجانات كبري وأفلاما أخري وثائقية وتسجيلية وثالثة عن أفلام الثورة مواكبة لزمن احتلت فيه الثورة مكانا مميزا في ضمير الشعوب العربية. كما نجحت في رسم معالم «درس في السينما» يجمع بين مخرجين كبار وطلاب من معاهد السينما وتطرح فيه إشكاليات فنية واجتماعية حول مفهوم الفن السينمائي وتكنيكه وتأثيره. كل ذلك وماريان خوري تقف وحدها أمام هذه الموجات الهائلة التي قررت أن تروضها كلها وأن تضعها في زجاجة شفافة واحدة وتقدمها عصيرا سكرا لكل من يحب السينما ويحترمها ويقدر دورها في رسم معالم ضمير فني جديد. شجرة وارفة الظلال الزهرة الصغيرة التي زرعتها قبل أربعة أعوام ماريان خوري شبت فجأة لتصبح شجرة كبيرة ذات أوراق حمراء وظل واسع كيف استطاعت هذه المرأة نحيلة الجسد المتقدة العينين أن تحقق هذه المعجزة وما هو اللغز الكبير الذي يقف وراءها ؟! غموض أبو الهول وسريته ودماء الفينيقيين المتفجرة في عروقها وخيوط نابليون التي رماها من وراء البحار.. كل ذلك تجمع في قبضتي ماريان خوري لتنثره علينا لآلئ متوهجة تضيء في العتمة الثقافية السينمائية التي نعيش فيها. فما هذه الأوراق الذهبية الأطراف التي تلقيها علينا ماريان في دورة مهرجانها الرابع .. الذي ألقت راضية عبئه كله علي كتفيها. أفلام اختارتها من مهرجان «كان» أولها «كآبة» فون تراير المخرج الدنماركي الذي حاربته إدارة المهرجان الفرنسي هذا العام واعتبرته شخصا غير مرغوب فيه وعلي ذلك أصرت لجنة التحكيم علي منح فيلمه جائزة التمثيل .. وحرمانه هو من أية جائزة يستحقها بسبب تعاطفه مع العرب وهزئه الساخر من العنصرية ضد اليهود!! ماريان تكرم علي طريقتها «فون تراير» وتعطي لعرض فيلمه أهمية خاصة إلي جانب تشجيعها الدائم لسينما البلاد الواطئة «هولندا وبلجيكا» بتقديم نماذج شديدة القوة من انتاجهما خصوصا فيلم «الإخوة دروين» «الفتي ذو الدراجة» الذي يتكلم عن الحنان في زمن بات فيه الحنان بين الناس حلما بعيد المنال. كما تعرض مجموعة من الأفلام الفرنسية المنتقاة والتي أشعت في مهرجان «كان» الأخير واستحقت جوائز كبري ورشحت لجوائز الاتحاد الأوروبي كفيلم «الفنان» الذي يعود بنا إلي أيام السينما الصامتة أيام مجد الصورة وتألق الممثل، وفيلم «بوليس» الذي يتكلم ببراعة عن أطفال المهاجرين والأحياء العشوائية، والعنف والقسوة، بلد يرفع راية الثقافة والحرية والكرامة، كما أضاف النسخة السينمائية للفيلم الفرنسي «اساباس» عن الإرهابي «كارلوس» ومسيرته الغامضة والمثيرة للتساؤلات إلي جانب عرض آخر أفلام بدرو المودونار «الجلد الذي أحمله» وهو فيلم يعتمد علي سيناريو مشوق مليء برموز المخرج الأسباني وتهويماته وجنونه والذي أثار انقساما حادا لدي جمهوره. وبالمناسبة لابد أن نذكر أن ماريان خوري كانت أول من تجرأ علي عرض أفلام هذا المخرج الأسباني في مصر منذ الطبعة الأولي لمهرجانها السينمائي واستطاعت أن تعرف به جمهور مصر العريض! الذي يختلف اختلافا جذريا عن جمهور النقاد والمختصين. راهنت عليه بقوة وفازت برهانها لأن المودونار أصبح الآن ورقة رابحة في دفاتر عشاق السينما ومريديها في مصر.. إلي جانب إلقائها الضوء علي أفلام من البوسنة ورومانيا وألمانيا .. لم يكن ليتسن لنا رؤيتها لولا عناد ماريان خوري وإصرارها. دورة راقية الثورات .. احتلت جانبا كبيرا في عروض هذه الدورة الراقية من مهرجان ماريان خوري هناك فيلم عن مسيرة «شاوشيسكو» الروماني صعوده وسقوطه، وهناك فيلم آخر عن حرب البوسنة وهناك ثالث عن ثورة البرتغال «ثورة القرنفل» وعن ثورة إيران الخضراء وهناك فيلم «كريس ماركر» الذي تعيد ماريان اكتشافه والذي يروي صفحات مدهشة من ثورة طلاب 1968 بأسلوب وثائقي وشعري يميز أعمال هذا المخرج الكبير الذي تحاول ماريان خوري إعادة الضوء إلي عالمه. وهناك الفيلم المصري «الطيب والشرس والسياسي» .. الذي يضم رؤية ثلاثة مخرجين شبان شديدي الموهبة عن ثورة يناير الأخيرة والذي حقق نجاحا خاصا عند عرضه في مهرجان «فينسيا» الأخير. وهناك أيضا وعلي الخصوص فيلم الألماني الكبير فيم فاندرز الذي خصصه للحديث عن نبغة الرقص المسرحي الحديث «بينابوش» في فيلم مدهش يجمع بين خصوصية المخرج الألماني ورهافة فن الراقصة والمصممة العالمية في مزيج فني صعب وساحر لا يقدر عليه إلا مخرج استثنائي كفيم فاندرز. ماريان خوري أمسكت بقبعة الساحر ووقفت أمامنا متحدية لتخرج لنا ونحن فاغري الفاه مناديلها السحرية الملونة وتقذفها في وجوهنا سحابة من العطر والسحر والجمال. انها أشبه ما تكون ب«سالومي» والتي تخلع أرديتها السبعة أمام أنظارنا الملهوفة طالبة رأس يوحنا المعمدان لكن الرأس المقطوع الذي تقدمه لنا ماريان خوري هذه المرة هو رأس الإنتاج المبتذل الرخيص الذي قررت أن تحاربه بكل ماتملكه من سلاح وقوة وذكاء وجرأة. ولتقف منتصرة رافعة يديها نحو شمس جديدة تنتظرها بشغف.. ويقف وراءها متحمسين كل عشاق السينما في مصر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.