إسرائيل تحصد أرباحا واسعة من اضطرابات مصر الداخلية.. وتقود حلفا إفريقيا لمواجهة "الإخوان" والحركات الإسلامية تراقب إسرائيل كل ما يحدث في مصر، ولا تخفي سعادتها باضطراب الأوضاع لدينا، لا سيما ان هذه الاضطرابات تحسن مكانتها وموقفها أمام الرأي العام العالمي، وتنعكس عليها في صورة مليارات الدولارات من خلال أرباح اقتصادية، تحققها من عائد السياحة او جذب السياحة التي هربت الي إسرائيل من مصر بسب الانفلات الأمني وتزايد الاحتجاجات والمظاهرات وعدم استقرار الأوضاع السياسية. وخلافا لإلغاء كل الرحلات السياحية في مصر خلال الشتاء، ذكرت صحيفة "يديعوت إحرونوت" الإسرائيلية أن أكثر من 40 ألف سائح دخلوا إلي إسرائيل عبر ميناء حيفا في شهر أكتوبر الماضي فقط، بينما بلغ عدد السائحين الذين دخلوا حيفا طوال عام 2010 كله 44 ألف سائح فقط. وأوضحت الصحيفة أن 94332 سائحا دخلوا ميناء حيفا خلال الفترة من يناير إلي سبتمبر من العام الجاري، بزيادة قدرها 110% عن العام الماضي. وشهد شهر أكتوبر ذروة الإقبال السياحي، حيث دخل إلي الميناء 30 سفينة سياحية أجنبية، واعترفت الصحيفة بان هذه الزيادة الكبيرة في أعداد السائحين ترجع إلي الاضطرابات الأمنية التي تشهدها مصر، والتي دفعت السائحين إلي تغيير وجهتهم إلي إسرائيل. وتوقعت سلطات ميناء حيفا استمرار الإقبال السياحي حتي نهاية العام الحالي علي الأقل. تشويه الثورة كما تستغل إسرائيل ما يجري في مصر لتنال من السمعة والمكانة التي تحققت للمصريين في كل انحاء العالم بسبب ثورتهم الملهمة، والتي وصفت بانها سلمية، فبات التركيز الان علي تدهور الاوضاع عموما، خاصة الاقتصادية، لتثبت ان المصريين لا يميلون إلي العمل والإنتاج اساسا، ولذلك خالفوا كل التوقعات التي كانت تتنبأ بتحقيق انطلاقة اقتصادية بعد الثورة. وركزت إسرائيل علي تفاقم أعمال العنف لاسيما ما يوصف بانه فتن طائفية، وأعمال قطع الطرق، والضجة التي صاحبت الحديث عن الأفارقة الذين يلقون مصرعهم اثناء محاولتهم التسلل الي إسرائيل ومتاجرة اهل سيناء باعضائهم! كما تستعين اسرائيل بهذه التفاصيل للتدليل علي صدق ادعاءاتها بشأن همجية المصريين وتخلفهم، في محاولة للفت أنظار العالم الي ان مصر ليست كما كنتم تعتقدون خلال احداث الثورة، وان حقيقته ما تظهر الآن فيما بينهم، في صورة اعمال عنف وانفلات امني وقطع طرق واعمال انتقامية وتراجع اقتصادي وانتعاش لتجارة المخدرات وارتفاع معدلات الجرائم، فضلا عن مزج ذلك كله ببعض مظاهر الانحلال الخلقي مثل تلك الفتاة التي وضعت لنفسها صورا عارية بدعوي انها تريد الانتصار للحرية، وهو كلام فارغ، إلا إذا كانت تقصد حرية الفجور، وهي للاسف حرية لا تلقي تأييدا حتي في اكثر المجتمعات الغربية انحلالا، لان من تقوم بهذه الاعمال في الخارج لا تعتبر شريفة او سيدة مجتمع، وانما يتم اعتبارها "ساقطة" و"عاهرة"! أضف الي ذلك اصطياد كافة التصريحات التي يشوبها لبس او عدم وضوح، اوصادرة عن جهل، لتشويه الإسلام في الداخل والخارج علي حد سواء. الأمن بعد ذلك كله، يصبح من حق إسرائيل ان تسأل العالم: "هل بوسعي ان اشعر بالامن وكل ذلك يحدث في مصر؟". عندها يتفهم العالم أي اجراءات يتخذها الاسرائيليون بدعوي حفظ امنهم. وفي هذا الاطار يمكن تفهم دعوة عضو الكنيست الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر الي الجيش الإسرائيلي من اجل الاستعداد لمواجهة عسكرية مع مصر، في ضوء التطورات الأخيرة التي تشهدها عقب ثورة 25 يناير. وحذر بن إليعازر، عضو حزب العمل، خلال اجتماع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الأسبوع الماضي، من تدهور العلاقات بين مصر وإسرائيل خلال الفترة القريبة المقبلة. وقالت صحيفة يديعوت إحرونوت الإسرائيلية إن بن إليعازر الملقب باسم "فؤاد" يخشي الآن من تحول المصريين إلي أعداء لإسرائيل. وجاءت كلمات بن إليعازر، الذي تولي في السابق منصب وزير الدفاع الإسرائيلي، تعقيبا علي الاستعراض الذي قدمه وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان، ومسئولي وزارته في اجتماع لجنة الخارجية والأمن بالكنيست. وقال بن إليعازر: "إننا الآن في مركز عاصفة أو زلزال، ولا أري حتي الآن أن هذا الزلزال قد هدأ، وبالتأكيد لن يهدأ في المستقبل القريب، خاصة ان الانتخابات تلوح في الأفق، وبات واضحا اليوم أن الإخوان المسلمين سيحصلون علي ثلث مقاعد مجلس الشعب، لاول مرة في التاريخ". وأضاف: "بدلا من القومية، ستدخل مصر في عملية أسلمة، ونحن في وضع لا يمكن لأحد فيه ان يضمن شكل الحكم المصري الذي سيتم انتخابه، وينبغي أن نضع في اعتبارنا أننا قد نجد أنفسنا في مواجهة مع مصر". وختم كلمته بالقول إن ثمة مشاكل في سيناء اليوم حولتها إلي منطقة إرهابية بارزة، "ولا يمكننا الانتشار فيها بحرية مثلما نفعل في غزة". ويبدو واضحا من هذه التصريحات كيف تستغل إسرائيل تدهور الاوضاع الداخلية المصرية في دعم امنها وتحقيق مكتسبات سياسية ودعائية وعسكرية ايضا. فقد شهد الاسبوع الماضي ايضا خروج خبير عسكري إسرائيلي ليحذر من امتلاك مصر صواريخ باليستية تهدد إسرائيل، وقال عوزي روبين، خبير الصواريخ، والمسئول السابق عن برنامج تطوير صاروخ "حيتس" الإسرائيلي المضاد للصواريخ، إن ثورات الربيع العربي لن تنتهي بنتائج علي هوي إسرائيل، في ظل ترسانات الاسلحة الموجودة في مصر وسوريا وليبيا واليمن. واضاف لصحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية، ان نحو الف صاروخ باليستي لدي سوريا وايران تهدد إسرائيل، لكن ثمة صواريخ اخري كهذه لدي مصر وليبيا واليمن. وأعرب روبين عن مخاوفه من تزايد التوقعات بشأن ان تؤدي الثورات العربية إلي ظهور انظمة حكم قومية عسكرية معادية لإسرائيل، بما يفاقم خطر الصواريخ التي تهدد تل ابيب، لكنه قال إن السيناريو الاسوأ من وجهة نظره هو انهيار احد هذه الأنظمة لتصبح ترسانة الصواريخ بيد جماعات متطرفة. ولفت الخبير الإسرائيلي إلي ان تل أبيب تطور جيلا جديدا من صاروخها المضاد للصواريخ "حيتس 3"، الذي من المنتظر ان يدمر الصواريخ المعادية وهي ما زالت في الفضاء، في ضوء تزايد التهديدات بمنطقة الشرق الاوسط. واشارت الصحيفة إلي ان روبين سيتحدث عن تهديد الصواريخ علي إسرائيل في مؤتمر يقام بالقدس، نهاية الشهر الجاري، لبحث تزايد التهديدات التي تواجه إسرائيل. إسرائيل في إفريقيا وحتي علي المستوي الإقليمي أيضا، بدأت إسرائيل في استغلال الاوضاع الداخلية في مصر، وتونس ايضا، لتعزيز وجودها في قارة افريقيا، خاصة عند منابع نهر النيل، في فترة زاد فيها الحديث عن ازمة المياه بين دول المصب ودول المنبع. فقد اعلنت إسرائيل الاسبوع الماضي ايضا عن تشكيل حلف بقيادتها، يضم جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا، لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية في أفريقيا، وتحجيم نفوذها المتزايد عقب ثورات "الربيع العربي". وذكر موقع "ديبكا" الإخباري أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهدا لرئيس وزراء كينيا، ريلا اودينجا، الذي زار إسرائيل يوم الاحد 13 نوفمبر 2011، بإقامة محور يتصدي للتطرف الإسلامي في دول القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، والتي يبلغ عدد سكانها 138 مليون نسمة. وأعربت إسرائيل عن استعدادها لتقديم مساعدات عسكرية لجيوش جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا، تتضمن أسلحة وطائرات بلا طيار، وسفنا حربية سريعة، وعربات مصفحة، ووسائل تتبع اليكتروني، ومدربين، لمواجهة تنظيم القاعدة والمنظمات الإسلامية الأخري. وأوضح تقرير بالموقع أن المساعدات العسكرية الإسرائيلية تستهدف أيضا الحد من تغلغل النفوذ الإيراني في تلك المناطق، وضمان توافر قواعد عسكرية للقوات البحرية وسلاح الجو الإسرائيلي بطول خليج عدن وشرق المحيط الهندي، حيث يتزايد تواجد الأسطول الإيراني هناك. وقال نتنياهو لرئيس الوزراء الكيني إن إسرائيل تعمل علي إقامة ائتلاف ضد التطرف الإسلامي في شرق أفريقيا، يضم جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا. ونقل التقرير عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن هذه الخطوة تورط إسرائيل في حربين تجريان في تلك المنطقة، حيث بدأت كينيا حربا في 16 أكتوبر الماضي، ضد الصومال، اجتازت خلالها القوات الكينية الحدود وتغلغلت إلي وسط الصومال لمواجهة ميليشيات "حركة الشباب" التي يقال بارتباطها مع تنظيم القاعدة. كما يجري الحديث عن تدهور الأوضاع علي طول الحدود بين السودان وجنوب السودان، بما يزيد من احتمال اندلاع حرب جديدة بين البلدين، وتعهدت إسرائيل بتقديم مساعدات عسكرية واستخباراتية لجنوب السودان ورئيسها سلفاكير، لمواجهة الدعم الإيراني الذي يحصل عليه السودان برئاسة عمر البشير. كما تقيم إسرائيل حزاما عازلا ضد الحركات الإسلامية في أفريقيا، خاصة الإخوان المسلمين، التي قالت إسرائيل إنها باتت علي رأس السلطة عقب الثورات العربية في تونس وليبيا ومصر، في ظل توقعات بفوز أعضائها بما يزيد علي 40% من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات القادمة، بحسب التقرير الإسرائيلي. وكشفت المصادر الإسرائيلية أن إسرائيل تنسق إجراءاتها تلك مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإدارة الرئيس باراك اوباما، وان واشنطن تعمل علي التقارب مع الإخوان المسلمين في الدول العربية وشمال أفريقيا، بينما تعمل في الوقت نفسه علي دعم العناصر والكيانات غير الإسلامية في شمال وشرق أفريقيا. وأخيرا.. تفعل إسرائيل كل ذلك، ومازال بيننا من يعمل علي استمرار الحالة المزرية التي اصبحنا عليها، من أجل الفوز بمنصب أو الاستمتاع بلقب يعلمانه لن يظل معه بعد أن يقول الشعب كلمته في انتخابات نزيهة وحرة. ألا يستحق مثل هؤلاء أن تجري محاكمتهم بتهمة "التآمر علي الشعب"؟!