يستعد المخرج الشاب إبراهيم البطوط لرابع تجاربه السينمائية الطويلة من خلال فيلم «مثل الثورة» حيث يتناول ثورة يناير من منظور مختلف. كما عرض له مؤخرا فيلمه الثالث "حاوي" ضمن برامج مهرجان الإسكندرية لسينما دول البحر المتوسط السابع والعشرين وحصد درع تكريم في حفل الختام. تدور أحداث "حاوي" داخل أجواء الإسكندرية وفي زمن ليس ببعيد بمشاركة مجموعة من الممثلين الجدد كما يشارك البطوط بالتمثيل فيه. تدور أحداث الفيلم في الإسكندرية في الزمن الحاضر، حيث يعبر عن رؤية صاحبه للحياة والعالم والوجود الإنساني من خلال ثلاث شخصيات جمع بينهم المعتقل ذات يوم. ولكن الفيلم ليس سياسياً بالمفهوم التقليدي، إذ لا يوضح أسباب اعتقالهم ولا توجهاتهم السياسية.. إنها الإسكندرية كما لم نرها من قبل.. إسكندرية الشوارع الخلفية، التي يطل عليها البحر ولا تطل عليه.. وتشارك فرقة «مسار إجباري» الموسيقية ضمن أحداث الفيلم التي تردد أن إحدي أغنياتها كانت إحدي الملهمات لفكرة الفيلم ويقول مقطع من كلمات الأغنية "بقيت حاوي بقيت غاوي .. في عز الجرح أنا ما أبكيش .. بقيت عارف .. أطلع من ضلوع الفقر لقمة عيش ..بقيت قادر أداري الدمعة جوايا ما أباينهاش ..بقيت راضي أنام رجليا مصلوبة كما الخفاش .. أنا اتعودت أحلامي .. أشوفها بتجري قدامي وما الحقهاش ". البطوط قدم قبل "حاوي" فيلمين كانا أكبر تحدي لارتفاع التكلفة الإنتاجية للسينما المصرية بعيدا عن نجوم الشباك والاستعانة بالمشهيات المعهودة التي تغازل الغريزة وتلعب علي أوتارها من خلال "عين شمس" و"إيثاكي". .وقد عرض مؤخرا فيلم "حاوي" ضمن برامج مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته السابعة والعشرين بمحافظة الإسكندرية وحصد عنه درع تميز. في هذا الحوار يتحدث المخرج الشاب إبراهيم البطوط عن عمله السينمائي الجديد وتجربته مع "حاوي" والجوائز التي حصدها عنه: شخصيات عادية إلي أين وصل العمل في فيلمك الجديد «مثل الثورة»؟ - تم تصوير معظم مشاهد الفيلم ويتبقي يومان تصوير من المقرر البدء فيهما خلال الفترة القادمة والفيلم في مرحلة المونتاج.. و تدور فكرته حول انعكاس ثورة 25 يناير علي ثلاثة شخصيات عادية وما الذي أدي بهم إلي حالة الغضب التي أشعلت الثورة.. أردت هنا أن أصور حالة المواطن المصري وحياته الخاصة قبل وأثناء الثورة لتحفظ في التاريخ ويقوم ببطولته عمرو واكد وفرح يوسف.. وتم كتابة السيناريو والحوار من خلال ورشة لأربعة كتَّاب أنا واحد منهم وهم أحمد عامر وياسر نعيم وحابي مسعود ومن إنتاج شركة زاد وأروما وعين شمس. لماذا وقع اختيارك علي عمرو واكد؟ - إنه فنان ارتبط اسمه بالميدان ومن أوائل من نزلوا ميدان التحرير وقالوا لا.. وبدأنا العمل في فبراير وننتهي منه قريبا. كيف استقبلت مشاركة الفيلم في مهرجان الإسكندرية السينمائي لهذا العام؟ - سعدت جدا بالمشاركة في المهرجان لأن الفيلم تدور أحداثه في مدينة الإسكندرية وأبطاله سكندريين وبمشاركته تكتمل الدائرة.. إلي جانب أنه مهرجان يكمل عامه السابع والعشرين في ظروف صعبة واستثنائية.. وقيام مهرجان أثناء ثورة شعب يؤكد أننا مستمرون ولم تتوقف حركة الحياة في مصر. غضب وغليان الفيلم يصور حالة غضب وغليان كأن تصويره تم بعد ثورة.. كيف تري ذلك؟ - العمل الفني رسالة وهنا تم رصد حالات تتطابق مع شخصيات حقيقية موجودة بيننا وحالهم في ظل نظام دام 30 عاما.. عرض الفيلم في ظل ظروف البلد الراهنة أسعدني جدا وكذلك فريق العمل بالكامل. الفيلم سبق أن شارك في العديد من المهرجانات ومازال يشارك كما حصد عدد من الجوائز.. ما تعليقك؟ - مشاركة الفيلم في عدد من المهرجانات في مختلف بلاد العالم أمر مهم جدا لي ولفريق العمل وأيضا لمصر لأنه يعطي الفرصة للتواصل مع الثقافات المختلفة وحصد الفيلم ثلاث جوائز حتي الآن هي جائزة أحسن فيلم من مهرجان الدوحة «تريبكا».. وتنويه من لجنة تحكيم مهرجان طريفة إسبانيا.. وجائزة النقاد من مهرجان الرباط المغرب. .كما شارك في ثلاثة مهرجانات في آن واحد هي ساوباولو في البرازيل.. ومهرجان بيروت في لبنان.. ومهرجان الفيلم العربي في سان فرانسيسكو. .ولا شك أن الجائزة تسعد أي صانع عمل إنما الأهم هو المشاركة في حد ذاتها.. لأن جمهورا جديدا يشاهد أعمالنا. يصنف البعض أفلامك علي أنها أفلام مهرجانات.. فهل أنت مع هذا التصنيف؟ - لست مع تصنيف أفلام مهرجانات وأفلام عرض تجاري نهائيا.. الفيلم هو الفيلم.. وما يطلق عليها تجارية هي في حقيقة الأمر لا تصلح لتمثيل مصر في مهرجانات دولية.. وقد عرض الفيلم في شهر يونية الماضي وفي شهر رمضان بخمس نسخ.. كما أن هذا التصنيف لا يشغلني علي الإطلاق. السوق السينمائي هل تري أن السوق المصري له متطلبات خاصة في العمل السينمائي؟ - فعلا السوق المصري له متطلبات لا أسعي للوصول إليها في أعمالي.. نحتاج إلي وقت حتي يعتاد الجمهور علي نوعية مختلفة من الأفلام ولن يحدث ذلك بسهولة لأنه اعتاد علي نوعية واحدة لسنوات طويلة.. لذا فإنه ليس لديه مرجعية لمشاهدة فيلم سينمائي بلا نجوم وذا دراما خاصة.. أما إذا أنتجنا هذه النوعية وظهرت أفلام كثيرة فإن ذوق الجمهور سيختلف. كيف جاءتك فكرة الفيلم؟ - كنت مشغولا بتقديم فيلم يمثل الإسكندرية وشعبها ويتم تصويره فيها.. فبدأت البحث عن الموضوع وتعاون معي في تنفيذ الفيلم مركز الجزويت الثقافي وممثلين سكندريين.. وقمت بمعاينة عدد من المواقع ساهمت في ميلاد الفكرة التي تحركنا علي أساسها وقمت بتنفيذ الفيلم في ثلاثة شهور.. ودعمني في عملي معهد الدوحة للأفلام وجمعية هولندية تابعة لمهرجان روتردام حتي انتهيت من إعداد النسخة النهائية للفيلم. حالة خاصة هل الفيلم يمثل حالة خاصة في حياتك؟ وأي من شخصيات العمل تمثل جانبا من حياتك؟ - نعم هو حالة خاصة لأنه واقع عايشناه جميعا أو أغلبنا قبل الثورة من قمع وتعذيب ومستقبل ضبابي ليس له معالم.. كل شخصيات الفيلم تقريبا تمثلا جانبا من واقعي.. سواء العربجي وعلاقته بالحصان.. أو الراقصة التي تعمل في هذه المهنة لأنها تحبها وعدم تقبل المجتمع لها والتخبط والنظرة الدونية وما تواجهه في قسم الشرطة رصد المجتمع لكائن مختلف.. كذلك يوسف الإنسان الحالم الذي يسعي لتغيير واقع وهو ما لم يحدث وهو معتقل سياسي كان يريد أن يعيش حياة أخري .. كلها شخصيات تعيش حالة مهانة . ابتعدت في الفيلم عن توضيح ما وراء الأحداث هل كنت تقصد ذلك؟ - كنت أقصد ذلك بالطبع فليس المهم البحث وراء سبب اعتقال شخص سواء سجين سياسي أو إخوان أو يساري الأهم هو حالة القهر التي تعرض لها في محاولة لتجريد الفيلم من القولبة وكي لا أحصره في حالة وحيدة. ما سر اختيارك لمدينة الإسكندرية تحديدا؟ - أنا بورسعيدي إلا أنني أري في الإسكندرية طبيعة خاصة وغنية بالأفكار منها الهدوء النسبي وتوتر أقل وناس رايقة وكلها عوامل مساعدة.. أحب الإسكندرية جدا وعشت بها فترة طويلة.. وأعشق كلاسيكياتها المتمثلة في البحر والأبنية أراها مع عم عزيز الترزي ومع إدوارد بائع الأحذية وفادي المزيكاتي وفرقة مسار إجباري. هل العمل المقبل سيظهر بشكل مختلف عما قدمته بعد قيام ثورة؟ - دون شك يحدث ذلك ففي كل فيلم أحاول أن أفتح الأفق أكثر وأدخل في مناطق لم يسبق لي أن طرقتها قبل ذلك.. وهذا لا يعني بالضرورة أنه أفضل مما قبله.. وفي ظل وجود ثورة مازالت قائمة أحاول تقديم عمل بعيدا عن ميدان التحرير من داخل البيوت المصرية.. حياتهم وما أدي بهم إلي هذه الحالة.