وزير الأوقاف: مبادرة «صحح مفاهيمك» مشروع وطني شامل    أحمد الحمامصي: يوجد تنوع فكري في القائمة الوطنية    الغرف التجارية: انخفاضات ملحوظة في أسعار الدواجن وبيض المائدة    وزير الخارجية يستعرض مع ويتكوف جهود مصر لاستئناف المفاوضات حول البرنامج النووى الإيراني    سموتريتش يطالب بممر إنساني فوري للدروز المحاصرين في السويداء السورية    مصر ترفع رصيدها إلى 57 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    رونالدو يقود النصر للفوز على تولوز الفرنسي وديا    تعرض شاب لإصابة بطلقات نارية في حادث غامض بمحافظة قنا    كمين الفجر.. "أنت مش عارف أنا مين؟!".. ضابط يواجه "ابن المستشار" ويكشف جريمة كبرى!.. "سكودا" غامضة تقود إلى شبكة مخدرات وكارنيهات قضاة مزيفة!    الكينج محمد منير: "أنا الذي" هدية لأهلى وناسي وكل شهر أطرح أغنية    شادي سرور: المسرح يفرز النجوم ويصنع الخريطة الفنية الحقيقية في مصر    زيد الأيوبى ل"ستوديو إكسترا": حماس أداة لقوى إقليمية وحكمها فى غزة انتهى    ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب    إدارة ترامب تطالب حكومات محلية بإعادة مساعدات مالية لمكافحة كورونا    ضبط 333 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك ب كفر الشيخ (صور)    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. متابعة أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج «المدارس الآمنة»    رسميًا.. صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بالزيادة الجديدة خلال ساعات    استعدادا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه بتروجت والحدود وديًا الأحد المقبل    مثالي لكنه ينتقد نفسه.. صفات القوة والضعف لدى برج العذراء    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    مدبولي يشهد إطلاق وزارة الأوقاف مبادرة "صحح مفاهيمك"    بالصور.. أشرف زكي وأحمد فتحي في عزاء شقيق المخرج خالد جلال    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    وزير العمل: بدء اختبارات المرشحين للعمل في الأردن    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتيال أغنية محمد ومينا في الميدان
نشر في القاهرة يوم 15 - 11 - 2011


محمد.. مينا.. ليه الثورة جميلة وحلوة وأنت معايا . فرت الدموع من عيني وأنا أستمع الي هذه الكلمات المؤثرة التي غناها مينا دانيال - الشاب الذي قُتل في أحداث ماسبيرو الأخيرة - مع صديقه محمد في ميدان التحرير حين كانت الثورة في أوج توهجها في كل ربوع الوطن ضد طغيان مبارك وعصابته الحاكمة الناهبة للثروات والمجهضة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان . كنت استفز دائما من القصص المكررة التي كانت تنشرها الجرائد الحكومية بعد كل حادثة طائفية عن بيشوي الذي ألقي بنفسه في النيل لينقذ صديقه مصطفي فيغرقان معا، وكنت أعتبر هذه الروايات مفتعلة ومختلقة للإيحاء بأن ثوب الوحدة الوطنية ناصع البياض وأن المشاكل الطائفية ليست الا بقعا رمادية ضئيلة لا تنال من روعة الثوب وأناقته في حين أن الجميع يري الثوب ملطخا بالدماء والسواد ومهلهلا والكل يعرف أن الفتنة متيقظة ولا تنام والنار مشتعلة تحت الرماد لكن الصدق في نبرة الصوت والحلم الثوري النبيل المطل من عيون محمد ومينا يقشعر له البدن وتخفق له القلوب لقد فجرت الثورة أنبل ما في الشخصية المصرية سليلة حضارة الماء والنماء وفجر الضمير رافضة فكر الصحراء ولافظة تقاليد بلاد الجفاء التي لا تعرف إلا أنهار الدماء . شارك محمد ومينا في الثورة غير مكترثين بفتاوي شيوخ السلفية بعدم جواز الخروج علي الحاكم ولو كان ظالما وقامعا وداهسا لكرامة شعبه طالما أنه ينطق الشهادتين (بلسانه طبعا فالله هو العالم بالقلوب) ونصائح البابا شنودة الذي طالب المسيحيين بالمكوث في البيوت بل إننا قرأنا أنه اتصل بمبارك وأكد له أنه وأفراد قبيلته معه . الضمانة الوحيدة كان محمد ومينا وكل المصريين الأحرار يدا واحدة في ميادين الحرية والسلفيون المسلمون والمسيحيون يدا واحدة في نفاق الطاغية . ان الثوار الذين طالبوا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية تعانق في أعماقهم الطهر الثوري مع الوعي الفكري فلم يفوتهم التأكيد علي مدنية الدولة المصرية لتيقنهم أنها الضمانة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق كل مطالبهم الإنسانية العادلة . فالدولة المدنية هي التي لا تميز بين مينا ومحمد وكوهين وأي مواطن ولو كان لا يدين بأي دين علي الاطلاق . والسؤال الآن هل حرص المجلس العسكري علي مدنية الدولة المصرية ؟ شكّل المجلس العسكري لجنة لتعديل بعض المواد الدستورية (وهي نفس المواد التي اقترح الرئيس السابق مبارك تعديلها) برئاسة المستشار طارق البشري المعروف بتوجهاته الدينية المحافظة وعضوية المحامي الإخواني الفلوطة صبحي صالح . وجري استفتاء علي هذه المواد في ظل أجواء دينية مشحونة وفتاوي تؤكد أن الإدلاء ب "لا" كفر و"نعم " تجعل الطريق للجنة مفروشا بالورود وهي أجواء تبطل أي استفتاء في أي مجتمع حر لأنها بمثابة توجيه للناس في اتجاه معين باللعب علي أوتار الغرائز البدائية، والمدهش أن المجلس بعد أن أعلن نتيجة الاستفتاء ضرب به عرض الحائط وأصدر إعلان دستوري كامل من 62 مادة لم يستفت عليه أحد كما لو كان الاستفتاء لعبة تركنا المجلس نتسلي بها أسوة بمبارك الذي قال علي الشعب "خليهم يتسلوا". إرادة الشعب وصمم المجلس أن تجري الانتخابات البرلمانية قبل تأسيس الدستور مخالفا أراء كل التيارات السياسية باستثناء الفصائل الاسلامية . كانت حجة المجلس أن الديمقراطية التي يقدسونها تحتم الرضوخ لإرادة الشعب الذي صوّت ب«نعم» علي المواد الدستورية المعدلة التي تضمنت مادة تنص علي اجراء الانتخابات البرلمانية قبل اعداد الدستور رغم أن المجلس كما أشرت استهان بالديمقراطية واستخفّ بالشعب وإرادته بالاعلان الدستوري الذي أصدره . وهذا اتفق مع هوي الاسلاميين الذين يحلمون بالفوز بغالبية المقاعد البرلمانية وتأسيس الدستور علي مقاس عقدهم ورؤيتهم للمختلفين معهم ولو كانوا مسلمين وفكرتهم السقيمة عن المرأة . والحقيقة أنا لا أفهم كيف تم السماح لكل هذه الأحزاب الإسلامية ان تري النور رغم ان الإعلان الدستوري تضمن مادة تحظر قيام الاحزاب علي أساس ديني فحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين يرفض تولي المرأة ولو كانت مسلمة الرئاسة وايضا الرجل غير المسلم وهذا يجعله حزبا دينيا مهما راوغ وناور وداور وغرق في التقية حتي الثمالة مدعيا انه حزب مدني وان الاسلام لم يعرف الدولة الدينية، وكلنا نعرف أن العظيم فرج فودة اغتيل بعد مناظرة دافع فيها عن الدولة المدنية أمام رموز إخوانية كانت تستميت في الدفاع عن الدولة الدينية، وتمت الموافقة علي حزب للجماعة الاسلامية التي قتلت السادات وتضمن برنامجها السياسي تطبيق الحدود الدموية وقال متحدث باسم الحزب انهم سيهيئون الناس تدريجيا لتقبل الشريعة وأظن - ولا أظن أن ظني هذا يندرج تحت باب الإثم - انهم يقصدون أن يعتاد المصريون علي تقبل مشاهد قطع الأطراف والرجم والضرب فوق الأعناق في الميادين العامة . الله أكبر وأخيرا حدثت مذبحة ماسبيرو التي لا نعرف للآن أبعادها وإن كنت سمعت شهادة لبثينة كامل المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية بأن جنود الجيش والشرطة بدأوا التعدي علي المتظاهرين رافعين شعار معركة العبور " الله أكبر" بدون ولله الحمد . لكل ما سبق أعتقد أن المجلس العسكري علي وشك اغتيال حلم الدولة المدنية والتمهيد لتسليم مصرنا لطيور الظلام لتقيم علي أرضها الطاهرة دولة دينية أبوية متخلفة متعفنة تجبر مينا أن يدفع الجزية وهو صاغر وذليل لمحمد المسلم السني الوهابي الحنبلي الذي يقتني في داره حفنة من الزوجات الخادمات العابدات الصاغرات القانتات الخاضعات الخاشعات لتلبية الرغبات حتي الممات . وأري أنه إن اراد المجلس العسكري تدارك الأخطاء السابقة فيجب أن يقدم الي العدالة مرتكبي مذبحة ماسبيرو ولا يدعي أن الفاعل أياد خفية أو أرواح شريرة أو شياطين الإنس والجن . وعلي المجلس ان يؤجل الانتخابات البرلمانية ويعيد الأمور الي نصابها ومنطقها ويشكل لجنة لتأسيس دستور مدني يحقق مطالب الثورة ويفصل فصلا تاما بين الدين والدولة وتكون مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان هي المصدر الرئيسي للتشريع ويتم تفكيك كل هذه الأحزاب التي قامت علي أساس ديني ثم تجري انتخابات برلمانية ورئاسية خلال جدول زمني محدد يعود بعدها العسكر الي الثكنات التي خرجوا منها يوم 23 يوليو 1952 لتعود الأغاني ممكنة.. ومازالت ترنّ في أذني - و الدموع تفر من عيني - نفس الأغنية " محمد.. مينا.. ليه الثورة جميلة وحلوة وانت معايا

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.