6 محاور متكاملة.. مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للسكان    الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع بفعل خسائر البنوك وشركات التكنولوجيا    محافظ الغربية يتابع حملات التشجير والتجميل بالمحافظة    مصر ترحب بإعلان جمهورية أرمينيا اعترافها بدولة فلسطين    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق بتركيا إلى 11 قتيلا و78 جريحا    جوزيه يتحدث عن فوز الزمالك على فاركو وفرصة البدلاء وموقف من القمة    تفاصيل عرض الاتحاد السعودي لمدرب ميلان السابق بيولي    بشأن جروبات الغش.. التعليم توجه نصيحة لطلبة الثانوية قبل امتحان اللغة العربية غدا    حبس بائع خردة لقتله زميله في بولاق الدكرور    تركي آل شيخ يعلن عن فوز موسم الرياض بجائزتين في مهرجان كان ليونز    بالأحمر.. هدى الإتربي تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها من فرنسا | فيديو    «وصفات صيفية».. جيلي الفواكه بطبقة الحليب المكثف المحلي    خلال ساعات.. مصطفى بكري: تغييرات في تشكيل الهيئات الإعلامية (فيديو)    يورو 2024.. مبابي على مقاعد بدلاء فرنسا فى مواجهة هولندا    الكاتب الصحفي إسلام عفيفي يكتب : حكومة الجمهورية الجديدة    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب تستعد للإعلان قريبا عن هزيمة الذراع العسكرية لحماس    شباب كفر الشيخ: ممارسة المسنين والأطفال للرياضة بأحياء كفر الشيخ    قانون لحل مشاكل الممولين    حدث في 8 ساعات| وقف إصدار إحدى تأشيرات العمرة.. ومواصفات أسئلة اللغة العربية لطلاب الثانوية    القابضة للمياه: فتح باب القبول بمدارسها الثانوية الفنية للعام الدراسي الجديد    قطر: الفجوات قائمة بشأن وقف إطلاق النار في غزة رغم التقدم في المحادثات    موهوب ريال مدريد على رادار ليفربول بفرمان سلوت    تامر حبيب يحيي ذكرى وفاة سعاد حسني: "أدعو لها على قد ما سحرتكم"    المفتى: تطور العلوم لا يمكن أن يكون إلا من خلال إعادة النظر    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام -(فيديو)    من «الضفة الأخرى».. داليا عبدالرحيم تكشف مخاطر صعود اليمين المتطرف بأوروبا وعبدالمنعم سعيد يصفهم بالنازيين الجدد    البنتاجون: يحق لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا    البطريرك مار أغناطيوس في منزل القديس جان ماري فيانّي بفرنسا    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    مصدر ل"يلا كورة" يكشف الموعد المقترح من كاف لإقامة أمم أفريقيا    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    مدرب وحارس الأرجنتين ينتقدان حالة ملعب مواجهة كندا في كوبا أمريكا 2024    الأمم المتحدة: عددا من الأسر فى غزة يتناولون وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    ارتفع عالميًا.. سعر الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو 2024 وعيار 21 الآن للبيع والشراء    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الأهلي والداخلية باستاد السلام    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    وزير الإسكان: إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول "أسوان" وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم أمريكي ينشر «عدوي» الخوف في مصر
نشر في القاهرة يوم 01 - 11 - 2011


إذا كنت تظن الفيلم الأمريكي "عدوي"، المعروض حاليا في مصر، إنتاجا هوليووديا كبيرا كفيلا بإبهارك وإمتاعك بإمكانيات ومفاتن العدد الكبير من النجوم المشاركين فيه، فلا تذهب لمشاهدته، لأنك لن تجد ما تريد.. أما إذا كنت تبحث عن فيلم جاد، مختلف، يتناول قضية مهمة بلغة سينمائية راقية، فستجد فيه ضالتك.. فالفيلم يقوم علي فكرة فلسفية عميقة ملخصها أن الخوف من الوباء قد يكون أخطر من الوباء نفسه، وأسرع انتشارا منه، ولذلك فإن المقصود من اسمه قد يكون "عدوي الخوف" وليس "عدوي المرض". يحتاج الفيلم وهو أحدث أعمال المخرج الأمريكي الكبير ستيفن سودربرج إلي مشاهد متمرس، يتحلي بالصبر وسعة الصدر، ولديه الاستعداد لتلقي الشرائط السينمائية بطريقة سرد مختلفة عما اعتاد عليه من أفلام هوليوود، ويتمتع بالقدرة علي تقبل مشاهد قد يراها الكثيرون صعبة وصادمة، مثل سلخ فروة رأس إحدي الجثث بآلة كهربائية لتشريح الدماغ، ومثل اللقطات المتكررة لجثث متخشبة تخرج الرغاوي من أفواهها.. فالفيلم يدور حول الانتشار العالمي السريع لوباء غامض وشرس يقتل ضحاياه خلال أيام قليلة من الإصابة به.. ويقوم السرد علي تتبع مسار أول ضحية للوباء، وهي سيدة أمريكية (جوينيث بالترو) تنقل الفيروس من هونج كونج - حيث كانت في زيارة عمل - إلي بلادها.. وخلال 135 يوما فقط، يصيب الوباء معظم أنحاء العالم، ويحصد أرواح 26 مليون شخص من مختلف الدول، في سيناريو كارثي مقصود تماما من سودربرج وبقية صناع الفيلم، الذين يريدون أن ينبهوا إلي أن الأمراض والأوبئة ليست أقل خطورة من الحروب والصراعات، ويمكنها أن تتسبب في خسائر بشرية ومادية فادحة قد تفوق ما تسببه المواجهات المسلحة. اليوم الثاني يبدأ الفيلم من اليوم الثاني - وليس الأول - لظهور الوباء، ويستمر بين السرد العادي والفلاش باك حتي يقترب العدد من 140 يوما.. والجديد الذي يقدمه سودربرج أن الفلاش باك لا يتم عبر ذكريات إحدي الشخصيات، بل من خلال "السيديهات" التي تسجل تحركات السيدة الأمريكية في هونج كونج، والتي يفحصها الخبراء لكي يضعوا أيديهم علي منشأ الوباء.. ولا يكشف المخرج عن سر اليوم الأول إلا في النهاية، حين يتضح أن فيروس الوباء تخلق من اتحاد فيروس قادم من الوطاويط مع آخر من الخنازير، وتصاب به السيدة الأمريكية بعد مصافحتها طاهيا أعد خنزيرا مصابا في وليمة احتفالية بهونج كونج. يعيد "عدوي" إلي الأذهان الفيلم الأمريكي "آوت بريك"، الذي قدمه المخرج وولفجانج بيترسن عام 1995 من بطولة داستن هوفمان ورينيه روسو ومورجان فريمان، وكان يدور حول تفشي وباء "إيبولا" في ذلك الوقت.. لكن هناك اختلافات كبيرة بين الفيلمين تصب كلها في صالح فيلم سودربرج، حيث قام العمل القديم علي البناء الهوليوودي التقليدي فيما يتعلق بأفلام الكوارث، والذي يتلخص في مقدمة تحتوي علي تمهيد للكارثة وتقديم للشخصيات، ثم ذروة توضح حجم الكارثة وخطورتها، ثم خاتمة يتم فيها الانتصار علي الوباء أو غيره من الكوارث.. والمهم في هذا البناء - من وجهة نظر صناع السينما الهوليوودية بالطبع - تقديم نموذج البطل الأمريكي الخارق الذي يتمكن، بقدراته الفائقة وذكائه الحاد، من مواجهة الكارثة وإنقاذ البشرية بمفرده.. والمهم أيضا تقديم نماذج إنسانية يتعاطف معها المشاهد، وتعريضها - خلال الذروة - للخطر، قبل إنقاذها في آخر لحظة بطريقة مثيرة لإحداث التأثير المطلوب، وحبذا لو كان من بينها من ترتبط بقصة حب مع البطل الخارق، حتي تكون الفرحة النهائية - بالحفاظ علي حياتها وإنقاذ البشرية معا - فرحتين! بناء مختلف أما فيلم سودربرج، فيقوم علي بناء مغاير تماما، شأن أفلامه السابقة المميزة، وأبرزها "ترافيك" عن تجارة المخدرات علي الحدود الأمريكية - المكسيكية، و"إيرين بروكوفيتش" عن المياه الملوثة القاتلة في إحدي الولايات الأمريكية.. فقد اختار المخرج، الكبير مقاما والصغير سنا (48 عاما)، أن يعتمد في "عدوي" علي أسلوب يقترب من التسجيل في الأفلام الوثائقية، حيث يتتبع يوميات انتشار الوباء والجهود العلمية والأمنية والسياسية لمكافحته من دون أن يشغل نفسه بالقوالب والكليشيهات الهوليوودية الجاهزة.. فلا توجد قصة حب ولا أي علاقة إنسانية أخري من الممكن التعاطف معها والانشغال عن قضية الفيلم الأساسية، ولا توجد نماذج بشرية تتعرض لخطر الوباء ويجري إنقاذها في النهاية بأسلوب التشويق الهوليوودي المعهود، رغم مشاركة ستة من كبار النجوم في بطولة الفيلم. وقد بدت لي هذه المشاركة تقديرا من هؤلاء النجوم لسودربرج وأهمية القضية التي يطرحها فيلمه، لأن الأدوار صغيرة ومختلفة تماما عما اعتادوه من "بطولة" في الأفلام الأخري.. لدينا، علي سبيل المثال، كيت وينسلت في دور طبيبة المكافحة التي تصاب بالوباء لمخالطتها المرضي، وتموت بكل بساطة مثلهم من دون أي تهافت درامي أو أي محاولة للعب بمشاعر المشاهدين ودفعهم للتعلق بأمل نجاتها.. وينسحب الأمر علي بالترو، التي تؤدي دور أول ضحية للوباء، حيث تموت في الدقائق الأولي للفيلم ويقتصر ظهورها بعد ذلك علي الفلاش باك.. كما ينسحب علي مات ديمون في دور زوجها الذي يتمزق بين حزنه عليها وبين شكه في خيانتها له قبل وفاتها، وعلي لورانس فيشبيرن في دور رئيس مركز المكافحة، و"جود لو" في دور الصحفي والمدون المستقل الذي يفضح قصور إدارة الحكومة الأمريكية للأزمة، وماريون كوتييار في دور العالمة التي تذهب في مهمة استكشاف علمية إلي هونج كونج وتختطفها مجموعة من المصابين الصينيين بالوباء لضمان لفت النظر إليهم وحصولهم علي العلاج اللازم. بلا أبطال والأهم أن سودربرج لا يشغل نفسه ولا مشاهدي فيلمه بنموذج البطل الأمريكي المعتاد الذي يكون له "فضل" إنقاذ البشرية من الفناء، بل لا يوجد في الفيلم أصلا أبطال بالمعني السينمائي المفهوم.. وحتي عندما يتوصل الفريق الأمريكي إلي مصل للمرض، فإن ذلك لا يتم إلا بعد أن يتمكن الوباء من العالم ويزهق أرواح 26 مليون شخص، في إشارة واضحة إلي العجز الأمريكي في مواجهة القضايا الدولية الكبري. ويقودنا ذلك إلي بيت القصيد في الفيلم، وأهم محاوره، وهو تشريح المجتمع الأمريكي، وفضح أداء حكومته، حيث يمتد الفشل في إدارة الأزمة إلي داخل الولايات المتحدة، وتسود الفوضي معظم المدن المصابة بعد اكتشاف المواطنين نقص الطعام والأدوية المعالجة والبطاطين وغيرها من مواد الإغاثة، بل نفهم من حوار بين اثنين من المسئولين أن هناك نقصا حتي في أكياس حفظ الجثث.. ومع استمرار الأزمة، تتحول الفوضي إلي أعمال شغب عنيفة، حيث يقتحم المواطنون الغاضبون الصيدليات ومراكز المكافحة ويكسرون في طريقهم كل شيء بحثا عن الأدوية، بل يقتحمون منازل مسئولي هذه المراكز ظنا منهم أنهم يخبئون فيها الأمصال ليختصوا أقاربهم بها.. والغريب أن ذلك هو ما يحدث بالفعل، حيث يتجاوز رئيس مراكز المكافحة الترتيب المقرر لتطعيم المواطنين بالمصل ويعطيه لذويه قبل حلول دورهم بأشهر عديدة، مما يعني معاناة الولايات المتحدة من أمراض العالم الثالث مثل الواسطة والمحسوبية! قدم سودربرج فيلما صعب التنفيذ، احتاج للتصوير في عدة مدن حول العالم، وقام علي عدد لانهائي من التفاصيل الدقيقة التي توضح كيفية تطور الفيروس وانتقاله من شخص إلي آخر، والتي تطلبت عشرات اللقطات للأيدي والأفواه والأكواب والمقابض وكل ما يمكنه نقل العدوي، مما جعل المونتاج العنصر التقني الملحوظ في الفيلم، بعد نجاح سودربرج والمونتير في القطع بين هذه اللقطات بمهارة واقتدار.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.