منذ أيام قليلة مرت الذكري الثامنة والعشرون لرحيل كروان الشرق الفنانة الكبيرة فايزة أحمد، التي قدمت كل الألوان الغنائية ونجحت فيها بقوة ، وعقدت صداقة وطيدة مع أذن المستمع منذ حضورها من موطن بلدها سوريا في منتصف الخمسينات وحتي رحيلها عام 1983. فايزة أحمد التي كانت تعشق الغناء، لدرجة أنها كانت تفرح تغني، تحزن تغني، كان الغناء هو حبها الأول والأخير، كانت تشعر أثناء وقوفها علي المسرح لتغني إنها جميلة الجميلات فكانت واثقة بنفسها. فايزة أحمد مغنية سورية حملت الجنسية المصرية ولدت في 5 ديسمبر 1934 ، لأب سوري في صيدا بلبنان وعاد الاب إلي دمشق وكانت فايزة طفلة صغيرة لم تبلغ الحادية عشرة من عمرها، قدمت خلال مسيرة حياتها الفنية مئات الأغاني وبضعة أفلام. امتلكت فايزة أحمد صوتاً دافئاً له شخصيته المميزة، وزاد من حلاوته سلامة مخارج حروفها ودراستها الموسيقي علي أيدي كبار الموسيقيين سواء في لبنان أو سوريا أو مصر، واستطاعت أن تحقق لنفسها لوناً غنائياً ميزها عن مطربات جيلها، ومنهن نجاة وشادية ووردة وأكدت مكانتها من خلال العديد من الأغاني الطويلة. كما تميزت بالصدق والاخلاص وطيبة القلب برغم ما عرف عنها من عصبية شديدة، وامتلكت قدرة فائقة علي الصبر وتحمل المشاق، حيث لم تستسلم للمعوقات التي صادفتها وكانت تتغلب عليها بإصرارها. كروان الشرق منحها الأديب والصحفي الراحل كامل الشناوي لقب " كروان الشرق" وكان يؤكد للجميع أنها تمتلك صوتاً عظيماً يفوق كل صوت سواه وقال مقولته الشهيرة "إذا كانت أم كلثوم "كوكب الشرق" فأنا أري أن فايزة تليها في الإجادة وهي "كروان الشرق". وكانت فايزة لها قدرة عجيبة علي ترقيق صوتها وتفخيمه وتقصيره ومده، كما امتلكت القدرة علي تطوير اللحن وتلوينه وإضافة لمسات جمالية عليه، وهو ما جعل موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب يقول عن صوتها إنه مثل "الكريستال المكسور"، كما قالت أم كلثوم إن صوت فايزة هو الصوت النسائي الوحيد الذي تطرب له وتسمعه بنشوة، وأكدت أنها الوحيدة التي ستخلفها علي عرش الأغنية. ولدت فايزة أحمد في 5 ديسمبر 1930 في مدينة صيدا بلبنان لأب سوري وأم لبنانية، وبدأت حياتها الفنية بتقليد أصوات وأغنيات أسمهان وليلي مراد وشجعتها والدتها التي انفصلت عن أبيها في هذه السن المبكرة، وأحضرت لها مدرساً لتعليمها الموسيقي، وتقدمت في الثانية عشرة من عمرها للإذاعة اللبنانية لاعتماد صوتها كمطربة، ونجحت أمام اللجنة التي كان يترأسها محيي الدين سلام والد المطربة نجاح سلام، وكلفت الإذاعة الموسيقي عمر النعامي بعمل ألحان لها، ووقع في غرامها، وتزوجها، وهي في الثالثة عشرة من عمرها، وأنجبت منه ابنتها الكبري "فريال"، ولم يدم الزواج طويلاً، وانفصلت عنه لتسافر الي سوريا، وتقدمت لاختبارات المطربين في إذاعة دمشق، ولكنها لم توفق، وهو ما دعاها للسفر الي حلب، ونجحت في إذاعتها، وغنت وذاع صيتها، واضطرت إذاعة دمشق لطلبها، وعادت لتكمل مسيرتها الغنائية، ولكنها سرعان ما سافرت الي العراق، والتقت فيها بالموسيقار الكردي رضا علي الذي كتب كلمات وألحان مجموعة أغنيات قدمتها باللهجة العراقية. بيت العز وفي عام 1954 حضرت الي القاهرة، وتم اعتمادها في الإذاعة المصرية علي الفور، وتبناها فنياً الملحن محمد الموجي، الذي شكلت معه خطاً غنائياً ميزها عن غيرها، وأثمر تعاونهما العديد من الأغنيات، منها "أنا قلبي إليك ميال" و"بيت العز" و"ياما القمر ع الباب" و"غلطة واحدة" و"حبيبي واحشني" و"حيران" و"قلبي عليك يا خي" و"تمر حنة". والتقت مصادفة في منزل الموسيقار فريد الأطرش الموسيقار محمد سلطان، وجمعت بينهما قصة حب وفن كللت بالزواج الذي استمر 17 عاماً، وأثمر زواجهما انجاب توأمهما "طارق وعمرو"، كما أثمر عشرات الأغنيات البارزة التي تعاونا فيها بداية من "رشوا الورد مع الياسمين" ومروراً ب "قاعد معاي" و"بالي معاك" و"أخد حبيبي" و"دنيا جديدة" و"علي فين طريقنا" و"تاريخ الهوي" و"احنا النهاردة ايه" و"العيون الكواحل" و"يا هلالاً غاب عنا" و"غريب يا زمان" و"نقطة الضعف" و"أيوه تعبني هواك" و"حبيبي يا متغرب" و"رسالة من امرأة" و"خليكوا شاهدين" و"أحبه كثيراً". وفي مايو عام 1981 انفصلا ثم تزوجت بالضابط عادل عبدالرحمن، ولكنها سرعان ما انفصلت عنه بعد مرضها، وعادت إلي سلطان بعد معاناتها مع سرطان الثدي قبل رحيلها بفترة وجيزة. ست الحبايب وقد تعاونت فايزة أحمد خلال رحلتها الغنائية، التي قدمت فيها أكثر من 400 أغنية، مع العديد من الملحنين، فإلي جانب الموجي وسلطان تعاونت مع محمد عبدالوهاب في أغنيات "ست الحبايب" و"يا غالي علي" و"وقدرت تهجر" و"تهجرني بحكاية" و"حمال الأسية"، وفريد الأطرش "يا حلاوتك ياجمالك"، كما لحن لها بليغ حمدي وكمال الطويل ومحمود الشريف ورياض السنباطي الذي لحن لها آخر أغنياتها "لا ياروح قلبي" التي أصرت علي تسجيلها بعد رحلة علاجها في أمريكا، وسجلتها وهي جالسة علي كرسي في ستديو 4 بالإذاعة علي مدي أسبوع كامل. اشتهرت فايزة بحسن اختياراتها للكلمات، وكانت وراء اكتشاف الشاعرين محمد حمزة وعمر بطيشة، واعتمدت في أغنياتها علي كلمات شعراء بارزين، منهم مرسي جميل عزيز وحسين السيد ومأمون الشناوي ونزار قباني وعبدالوهاب محمد وعبدالرحيم منصور. تمر حنة اتجهت فايزة أحمد للسينما، وشاركت في ستة أفلام، هي "تمر حنة" أمام رشدي أباظة ونعيمة عاكف عام 1957، و"امسك حرامي" أمام اسماعيل ياسين وامال فريد ومحمود المليجي عام 1958، و"المليونير الفقير" أمام اسماعيل ياسين وزينات صدقي وستيفان روستي عام 1959، وفي العام نفسه قدمت فيلم "ليلي بنت الشاطئ" أمام محمد فوزي وليلي فوزي، وفي عام 1961 قدمت أروع أفلامها "أنا وبناتي" أمام زكي رستم وناهد شريف وصلاح ذو الفقار وعبدالمنعم ابراهيم، وفي عام 1963 قدمت آخر أفلامها "منتهي الفرح" مع المخرج محمد سالم. كما قامت ببطولة أوبريت "مصر بلدنا" الذي قدمته علي خشبة مسرح البالون عام 1978 من ألحان محمد سلطان، وعمل إذاعي غنائي علي حلقات هو "خضرة الشريفة" ألحان سلطان أيضاً، وكان آخر ما غنت علي المسرح أغنية "مش كتير علي قلبي" من ألحان سيد مكاوي قبل رحيلها بشهور قليلة.