صعب أن تثق تماماً في إيرادات الأفلام المصرية، لإنها عادة تقدم بدون أي دليل أو تحليل! فعندما يذكر لك أحد مواقع السينما العالمية أن فيلما ما، قد حقق في أسبوعه الاول كذا مليون، فهو يكمل الخبر عادة بحصر عدد دور السينما التي عرض بها الفيلم! والمناطق الجغرافية التي كان لها تأثير في تلك الإيرادات، مثل أن يقال إن الفيلم الفلاني حقق كذا مليون دولار في قاعات عرض شمال امريكا وعددها كذا، وفي أوروبا كذا، إلخ الفئات العمرية وأحيانا في المجلات المتخصصة، يتم تحديد الفئات العمرية التي اقبلت علي مشاهدة الفيلم أكثرمن غيرها، لكن عندنا"في السينما المصرية" لايخضع اي شيء للدراسة أو التحليل، وكل صاحب فيلم يستطيع أن يدعي أن فيلمه كسر الدنيا، أو وقف في أول طابور الإيرادات، دون أن يسأله أي شخص عن تفاصيل ودقة ما يدعيه. مبدئياً أنا أصدق أن فيلم شارع الهرم حقق في ايام عيد الفطر ايرادات كبيرة، فاجأت الجميع، أو علي الاقل من يعملون في المهنة، لكن كان يجب أن نكون اكثر دقة ونؤكد أن هذه الإيرادات، جاءت من سينما وسط البلد، وشارع عماد الدين بالذات! جمهور موسمي لأن جمهور هذه المنطقة، هو جمهور موسمي! أي لا يذهب للسينما بشكل منتظم لكن في مواسم الأعياد فقط، وهو جمهور له مزاج خاص! وهو يمثل شريحة وطبقة شعبية أو دون ذلك، وهؤلاء لا يجدون وسيلة للمتعة والترويح عن النفس، في ايام العيد إلا في استئجار المراكب النيلية، أوالذهاب الي السينما، والتجمع في المقاهي أو علي النواصي، هذا الجمهور الذي يغلب عليه الفئة العمرية التي تقل عن الثلاثين، ولا يعنيه مايدور في المجتمع من قضايا أو مشاكل أو متغيرات، هو جمهور من المراهقين، الذين يغتنمون فرصة لمتعة لحظية مؤقتة، وتقدر تقول انه جمهور شاري دماغه، ويبحث عن متع وقتية، ويبدوأن وجود دينا مع سعد الصغير، علي افيش أحد أفلام العيد، يستدعي لدي بعض المراهقين ذكريات وتداعيات فيلم "عليا الطرب بالتلاتة "الذي احدث ضجة كبيرة عند عرضه منذ خمس سنوات وانتهي بعملية تحرش جماعي ، وفي نفس موسم عيد الفطر، خاصة ان اعلانات فيلم «شارع الهرم» التي تعرضها القنوات الفضائية، كانت تحمل مجموعة من اللقطات تهيؤ الشباب للفرجة علي كم هائل من اللحم الآدمي، الذي يحترف السبكي تقديمه! توليفة السبكي ولابد وأن نعترف أن الحاج أحمد السبكي، الذي- استهواه مؤخرا الظهور في الأفلام التي ينتجها إسوة بشقيقه محمد- ، شاطر جداً، في عمل توليفة سينمائية، تعتمد علي معادلة لاتخيب إلا نادراً، وتتكون عناصرها، من راقصة لولبية"غالبا دينا" ومطرب بيئة، وكام كومديان "نص كم"، مع شوية افيهات "حراقة"، ولا مانع من قصة مهلهلة، تسمح بتقديم اكبر قدر من الرقصات التي تستعرض فيها دينا، ملابسها الساخنة، والغريب أن هذه النوعية من الافلام تنتمي لما يسمي تيار السينما النظيفة، رغم كل ما تحمله من إيحاءات غير مهذبة، لكن لأن الفيلم ليس به قبلات، يبقي نظيف "شوف إزاي"؟ رقصة الحجالة تبدأ أحداث الفيلم بمسرح تقدم عليه إحدي الفرق الشعبية، رقصات فرقة رضا، ومن بين هذه الرقصات"الحجالة" وهي من اجمل وأروع ما قدمته فرقة رضا في عصرها الذهبي قبل أن تتآكل، تحت إشراف وزراة الثقافة، المهم أن تلك الرقصة الجميلة التي كانت تقدمها فريدة فهمي بطلة فرقة رضا، مع مجموعة من اهم راقصات الفرقة، تحولت الي مسخ، مع مجموعة ثقيلة من الرقصات، تتقدمهن دينا، وهنا يبدو الفرق شاسعا بين راقصة شرقية، تتحرك في نص متر، ويعتمد رقصها علي "الرعش"والانثناء الحركي في نفس المكان، وبين ما يفرضه الرقص الشعبي في التحرك في مساحات بطول المسرح، وعرضه، وللأسف لم تهتم دينا بالتدريب الكافي علي الرقصات الشعبية، فكانت حركتها ثقيلة جدا تعثر الحركة اعتمد المخرج محمد شوري، علي التركيز علي ملامح وجهها ليداري تعثر حركتها، المهم أن أحد الرجال المتنفذين"أحمد سلامة" كان يحضر العرض، مع تابعه الأمين، ويبدو أنه وجد في الراقصة، ما يثير شهيته، فمال علي تابعه، وقاله في لهجة تشبه الامر، انا عايز الفرصة دي!، واجابه التابع "القواد" حاتكون عندك، وفي المشهد التالي نتابع دينا تسير في شارع خال تماما من المارة، تتابعها، سيارة تقف امامها بشكل مفاجيء وينقض عليها، مجموعة من الرجال يختطفونها، ويضعون عصابة سوداء علي عينيها، ثم يلقون بها امام "احمد سلامة"الذي يطلقون عليه، وزير الحنية، رغم انه رجل سادي يعشق اغتصاب النساء عنوة، وتعود دينا الي الحارة وهي ممزقة الملابس وفي حالة بهدلة، تشي بما حدث معها، وتصارح شقيقتيها العانستان، مها احمد، وبدرية طلبة بما حدث معها. فتقول لها كل منهما يابختك ياريتنا كنا معاكي وتم اغتصابنا احنا كمان!أما والد البنات الثلاثة "لطفي لبيب"فيقرر أن يحول ابنته من راقصة في فرقة شعبية إلي راقصة شرقية ويعهد بها إلي سعد الصغير"وهو طبال ومطرب شعبي"، وبعد أن يعلمها الرقص البلدي وفنون هز الوسط ، تنتقل الي احد ملاهي شارع الهرم، التي تقودها امراة متصابية"مادلين طبر" تدير الملهي للدعارة، وترسل الراقصات للزبائن، ديلفري، رقص العذاري - والغريب أن كل الراقصات كن عذراوات!ومنهن آيتن عامر التي تعجب وزير الحنية"احمد سلامة"فيطلب من تابعه أن يرسلها له، فيتكرر معها ما حدث مع دينا، ولكن بدون وضع عصابة العين ، المهم أن احمد سلامة يقرر أن يستولي علي الراقصة الشابة ايتن عامر ويستبقيها في قصره لترقص له بمفرده ، وتقبل الراقصة هذا العرض، ثم يظهر محام فاسد "احمد بدير" ينافس وزير الحنية في عشق النساء، ويحاول النيل من دينا، لكنها ترفض، المهم أن احمد سلامة يرغب مرة اخري في التعامل مع دينا، ويحاول أن يستدرجها لمنزله، ولكنها تقرر هذه المرة أن تنتقم منه علي طريقتها ! ومن اهم سوءات فيلم شارع الهرم اعتماده علي كوميديا العيوب البشرية وسخريته من الاقزام ، وهي عملية غير انسانية تؤدي للتقزز وليس للضحك. اما مها أحمد فهي تعتبر نفسها كوميديانة لمجرد انها ثقيلة الوزن، ويتكرر في معظم افلامها أن تلقي بجسدها الضخم علي جثة من يعترضها معتقدة أن هذا المشهد المتكرر يمكن أن يؤدي للضحك! هذه النوعية من الافلام تلقي رواجا بين جمهور من الشباب المشتعل جنسيا، ولكن الذين راهنوا علي استمرار نجاح الفيلم تجاريا، فاتهم أنه لا يمكن أن ينجح في دور العرض الموجودة في المولات، التي تستقبل نوعية مختلفة من الجمهور، تلك النوعية التي تبحث بداية عن الفيلم الامريكي، ثم عن افلام مصرية أفضل مستوي من شارع الهرم!