الفيضان يتسبب في تحويل مدن سودانية لجرز عائمة .. فيديو    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    عاجل- بعد قرار المركزي بخفض الفائدة.. كيف يتحرك سعر الذهب في مصر اليوم؟    العد التنازلي بدأ.. مصر على موعد مع تطبيق التوقيت الشتوي قريبًا    البيت الأبيض: سنواصل بيع الأسلحة لدول الناتو لتقوم بتسليمها لأوكرانيا    جولة ساخنة فى الدورى المصرى قبل التوقف الدولى    الدوري الأوروبي.. تعرف على التشكيل الأساسي لمواجهة روما ضد ليل    كشف لغز العثور على جثة طفل حديث الولادة ببحر البطس في الفيوم.. والديه وراء الجريمة    "ماجد الكدواني يشعل رمضان 2026 بمسلسل جديد حول الزواج والحياة"    هل الأحلام السيئة تتحقق حال الإخبار بها؟.. خالد الجندي يوضح (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    رئيس الوزراء يوافق على رعاية النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني    نجل زيدان بقائمة منتخب الجزائر لمواجهتي الصومال وأوغندا بتصفيات المونديال    قرار عاجل من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2028 (الباقين للإعادة)    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور الثامن للكتاب بمشاركة 23 دار نشر    تركي آل الشيخ يكشف السر وراء نجاح موسم الرياض    خبير علاقات دولية ل"اليوم": ما فعله الاحتلال ضد قافلة الصمود إرهاب دولة    سعر الدولار ينخفض لأدنى مستوى عالميًا مع قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي الأمريكي    رئيسة وزراء الدنمارك: أوروبا استهانت بالتهديد الروسي وتتحرك ببطء في تعزيز دفاعاتها    نتائج 6 مواجهات من مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة عقب جولة ميدانية على المستشفيات والمنشآت الطبية    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    البابا تواضروس الثاني يلتقي رهبان دير القديس الأنبا هرمينا بالبداري    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع فعاليات مسابقة السنة النبوية (صور)    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    رئيس الوزراء: ذكرى نصر أكتوبر تأتى فى ظل ظروف استثنائية شديدة التعقيد    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دوائر فلسطينية وعربية تؤكد أن حصول الفلسطينيين علي العضوية الكاملة في الأمم المتحدة يدعم مسار العملية السياسية
نشر في القاهرة يوم 27 - 09 - 2011

وبالرغم من أن الولايات المتحدة وإسرائيل،استخدمتا جميع وسائل الضغط علي الفلسطينيين لمنعهم من نقل قضيتهم إلي الساحة الدولية مجددا، والتهديد الأمريكي باستخدام حق النقض «الفيتو» لإجهاض المسعي الفلسطيني، فقد مضي الفلسطينيون في هذا الطريق بهدف تحريك جهود المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية، محذرين من أن عدم حصول الفلسطينيين علي اعتراف دولي بدولتهم من جانب الأمم المتحدة سيعني مباشرة إسدال الستار علي " حل الدولتين "، والانتقال إلي مرحلة الخيارات الأخري، ومن بينها وضع مستقبل بقاء السلطة الفلسطينية نفسها علي بساط البحث، وبينما أصر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كلمته أمام الجمعية العامة علي مصادرة الحلم الفلسطيني، مشترطا عليهم ألا يحلموا بدولة فلسطينية قبل المفاوضات مع إسرائيل وتحقيق السلام معها، فإن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عرض قبول فلسطين " دولة بصفة مراقب " في الأمم المتحدة، وجدولا زمنيا للتفاوض يستمر لمدة عام، ويتم خلاله التوصل إلي اتفاق نهائي فرساء السلام مع إسرائيل . وهكذا، في ظل مناخ دولي وإقليمي محموم، وتسابق أمريكي إسرائيلي لمنع الخطوة الفلسطينية، تقدم أعضاء في الاتحاد الأوروبي بعرض لرفع الوجود الفلسطيني في الأمم المتحدة إلي مرتبة أعلي من مراقب، مع عدم استبعاد الاعتراف بدولة كاملة العضوية في المستقبل، الأمر الذي اعترضت عليه إسرائيل مستخدمة إسلوبا مهينا للدول الأوروبية، ماأصاب علاقات الجانبين بالتوتر مجددا . وجاءت هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقات الإسرائيلية الإقليمية أزمة طاحنة مع كل من مصر وتركيا، فضلا عن اضطرابات وأزمات داخلية تطالب بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، فيما وصف بأنه عدوي ثورات " الربيع العربي " في إسرائيل . في معني الاعتراف وفقا للأسباب التي أعلنتها السلطة الفلسطينية للتقدم إلي الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية فإن هذه الخطوة أرجعت إلي : أولا وصول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية إلي طريق مسدود وضبابية الرؤية حول امكانيات وصولها إلي أي انجازفي المستقبل القريب . ثانيا اتمام الجانب الفلسطيني عملية بناء ما اعتبرته المؤسسات القادرة علي قيادة دولة فلسطينية سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وبالتالي، لم يعد هناك ما يؤخر انجاز هذه الخطوة نظرا للأهمية التي تمثلها بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية،وكذلك، بالنسبة للمرحلة النضالية القادمة للتخلص نهائيا من براثن الاحتلال الإسرائيلي، كآخر شعب مازال يرزح تحت الاحتلال في العالم . ويمثل اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة كاملة العضوية ونقلها من وضع " مراقب " إلي درجة " دولة كاملة العضوية " تحويل صفة الكيان الفلسطيني من وضعية أراضي متنازع عليها، كما تصفها إسرائيل، إلي حالة " دولة تحت الاحتلال "، الأمر الذي يرتب لها حقوقا قانونية دولية في مقدمتها إمكانية التقدم بالشكاوي إلي المنظمة العالمية بشأن الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وزيادة قدرة منظمة التحرير الفلسطينية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، وإمكانية الانضمام للمؤسسات الدولية في مختلف المجالات «منظمة الصحة العالمية، منظمة اليونسكو»، فضلا عن تحسين المركز التفاوضي للفلسطينيين أمام إسرائيل، ومنح الثقل السياسي والقانوني للكيان الفلسطيني في معادلة الصراع الجاري مع إسرائيل علي الساحة الدولية، وصولا إلي فتح المجال أمام الدولة الفلسطينية لإبرام اتفاقات وتحالفات مع أطراف ودول أخري، الأمر الذي تعمل له إسرائيل ألف حساب . والحقيقة أن الجانب الفلسطيني كان قد أعد العُدة لهذه الخطوة منذ فترة، وقد تمكن من تعزيز وتقوية بنية الدولة الفلسطينية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا لدحض الحجة الإسرائيلية التي تلحق النقائص بالكيان الفلسطيني بدعوي عدم نضجه إلي مستوي الدولة، ويلاحظ أن جهدا فلسطينيا كبيرا بذل علي مدي عدة سنوات لبناء الدولة من القاعدة إلي القمة، وفقا لخطة إصلاحية تناولت الأرض والسكان والأمن وأجهزة الحكومة، ما أشادت به المؤسسات الدولية كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي علي أساس نجاح الخطط الإصلاحية في تحقيق أهدافها، وبالفعل اعترفت مصادر في الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية بهذا الإنجاز، وطورت من مستوي علاقاتها مع الفلسطينيين، ولم يعد باقيا سوي ترجمة هذا النجاح في صورة الحصول علي عضوية كاملة في الأمم المتحدة . وقد حشد الفلسطينيون جميع فعالياتهم رسميا وشعبيا، بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والجمعيات والمجالس لمساندة القيادة الفلسطينية في مسعاها في المنظمة الدولية بهدف دعم الحلم الفلسطيني للحصول علي العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. ووفقا لتأكيدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن» فإن التوجه للأمم المتحدة لا يمس من قريب أو بعيد صفة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ولا يمس قضية اللاجئين الفلسطينيين، كما أن الحصول علي عضوية الأمم المتحدة ليس بديلا عن المفاوضات مع إسرائيل، ولا يتناقض مع عملية السلام ومبدأ الدولتين علي حدود 1967، ولا يتناقض مع تأكيد عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي، واعتبار أن الأرض الفلسطينية المحتلة هي أرض دولة محتلة، وليست مجرد أراض متنازع عليها كما تزعم إسرائيل . الجدل القانوني من المعروف أن وثيقة استقلال دولة فلسطين صدرت فعلا في 15 نوفمبر 1988، لذلك يطرح التساؤل : ما هو الجديد المنتظر من اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية ؟ وفي الرد علي ذلك لابد من تذكر أن توقيع اتفاق أوسلو في 1992، 1993، اعتبر بمثابة تعليق لمفعول الاستقلال حيث ارتضت منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت أن يكون وجودها في الأراضي الفلسطينية خلال المرحلة الانتقالية وفقا لصيغة الحكم الذاتي وليس وفقا لصيغة الدولة المستقلة، واعتبار الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في 1967 أراضي متنازع عليها يتم تسوية أمرها في المفاوضات وليست أرضا محتلة .. وكل هذه العوائق يمكن حلها عن طريق اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، حيث تنهي هذه الخطوة المشاكل التي علقت اعلان استقلال الدولة ليعود سريان هذا الاستقلال . وفي السياق التاريخي، لابد من تذكر أنه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر عام 1947 فقد نص علي إقامة الدولتين اليهودية والعربية، وأيضا تدويل مدينة القدس، أي وضعها تحت الإدارة الدولية، وبناء عليه، فإن الاعتراف بالدولة الإسرائيلية نفسه كان معلقا علي شرط تنفيذ هذا القرار . بالإضافة إلي ذلك، فإن ديباجة ميثاق منظمة الأمم المتحدة، واتفاقا مع القانون الدولي، تؤكد تأكيدا قاطعا علي حق الشعوب في تقرير مصيرها حتي قبل أن يتكلم الميثاق عن حقوق الدول، وهكذا سارت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عملها علي الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بكل الوسائل المشروعة، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، وأكدت ذلك قرارات وآراء محكمة العدل الدولية، الأمر الذي ينتفي معه حق أي طرف كان بالاعتراض علي أو رفض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير . وعلي حسب النظام المعمول به في مجلس الأمن الدولي وظروفه الحالية، فإن كل مشروع قرار يحتاج إلي تأييد تسع دول حتي يطرح للتصويت . وفي المجلس الحالي، توجد سبع دول مضمونة لصالح الفلسطينيين وهي لبنان وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل ونيجيريا، وهناك ثلاث دول فقط ترفض المشروع الفلسطيني وهي الولايات المتحدة وألمانيا وكولومبيا . وتحاول الولايات المتحدة تجنيد البقية ضد القرار وهي : فرنسا وبريطانيا والبوسنة والجابون والبرتغال، وإذا ضمنت سبع دول معارضة، فلن تحتاج إلي استخدام الفيتو، أما الجانب الفلسطيني فإنه يمكن في حالة ضمان 9 أصوات من أعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم 15، يمكن أن يصل للعضوية فيما لو لم تستخدم أمريكا الفيتو . وبناء عليه، فإنه مع صدور توصية إيجابية من مجلس الأمن الدولي بقبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وموافقة أغلبية الثلثين في الجمعية العامة، يتحقق أمل الفلسطينيين في أن تصبح دولتهم الدولة رقم 194 بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية . أما والولايات المتحدة وإسرائيل وأطراف أخري تقف دونهم وتحقيق هذا الأمل، فإن الخيارات المتاحة أمامهم في الجمعية العامة تتراوح بين : ما يطلق عليه " خيار الفاتيكان "بموافقة أغلبية الثلث علي تعديل وضع الفلسطينيين من مراقب إلي " دولة ذات سيادة بدون أن تكون عضوا في الأمم المتحدة " وهو ما يسمح للفلسطينيين بوضعية شبيهة بدولة الفاتيكان، أي الاعتراف بهم كدولة ذات سيادة، وتمثيل دبلوماسي، وعضوية الوكالات المتخصصة، وطرح مشكلاتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي تتمتع دولة فلسطين بجميع الحقوق ما عدا التصويت في الجمعية العامة . وهناك أيضا الخيار الآخر والذي يحتاج موافقة أغلبية الثلثين علي مطالبة الجمعية العامة لمجلس الأمن بإعادة النظر في مسألة اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين استنادا إلي المادة 137 من لائحة الجمعية العامة التي توجب رفع الطلب مصحوبا بصورة كاملة للمناقشات التي دارت فيها مع توصية في هذا الصدد. وهنا نتذكر أن قرار الأمم المتحدة رقم 1397 الذي تمت الموافقة عليه عام 2002 يؤكد علي " رؤية لمنطقة تعيش فيها دولتان، إسرائيل وفلسطين، جنبا إلي جنب داخل حدود معترف بها وآمنة، وقد أكدت إدارة أوباما لاحقا ان حل الدولتين يجب أن يقوم علي حدود عام 1967 عبر تبادل الأراضي. وفي المحصلة، فإنه ليس من المسوغ قانونا أن تتخذ الولايات المتحدة وإسرائيل اتفاقيات أوسلو 1،و أوسلو 2 في 1992، و1993 اللتان تنصان علي عدم جواز إعلان استقلال الدولة الفلسطينية بدون التشاور مع دولة إسرائيل، حيث يمكن هنا الرجوع إلي نص المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تتيح في حالة التعارض بين الالتزامات التي يرتبط بها الأعضاء وفقا لهذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر، فإنه يتم الرجوع إلي الالتزامات المترتبة علي هذا الميثاق بالدرجة الأولي. وخروجا من المأزق الدولي، فقد تم تسريب "مشروع أممي " يقضي بأن يتقدم عباس بطلب العضوية إلي مجلس الأمن الدولي، علي أن يرجئ المجلس البت في هذا الطلب لعدة أسابيع قبل أن يتسني اتخاذ قرار بشأنه، وذلك لإعطاء فرصة للمشاورات والاتصالات السياسية للوصول إلي نقطة اتفاقية حول إمكانية بدء المفاوضات مجددا . حسابات فلسطينية بوجه عام، تفيد الاستطلاعات أن 83 % من الفلسطينيين يدعمون طلب الاعتراف بدولتهم من الأمم المتحدة، حتي لو كانوا يخشون بالمقابل عواقب اقتصادية إسرائيلية وأمريكية وخيمة يمكن أن تنجم عن ذلك، ويتمثل هنا العنصر الجديد في دخول كتلة إقليمية ودولية من مكونات الجمعية العامة للأمم المتحدة علي الخط، مؤيدة لهذه الخطوة، ويعترف الرئيس الأمريكي نفسه بأن بلاده لا تستطيع التأثير علي هذه الكتلة التي تأخذ مع غيرها جانب الحق الفلسطيني . ومن المعروف أن الفلسطينيين واجهوا استفزازات إسرائيلية طوال العامين الماضيين ومماطلات فاقت التصور ورفض لمطلب الفلسطينيين بشأن قضية الاستيطان، وبينما قدمت واشنطن المزيد من الإغراءات للإسرائيليين منها تقديم أسلحة متطورة لإسرائيل، ووقوف أمريكا ضد فكرة وصول الفلسطينيين للأمم المتحدة، فقد تشددت أمريكا في تهديداتها للفلسطينيين سياسيا وماليا لكبح رغبتهم في التوجه للمنظمة الدولية، غير أن ذلك كله لم يغير من إصرار الفلسطينيين علي المضي قدما في اتمام هذه الخطوة. ويتمثل الإطار العام الذي يتحرك وفقا له الفلسطينيون في المرحلة الحالية في أنه من الأسلم اللجوء إلي المنظمة الدولية، ومجلس الأمن الدولي، والاستناد إلي قوة القانون الدولي والعلاقات الدولية والأعراف بين الدول الصديقة والشقيقة، حتي يتجنب الفلسطينيون اللجوء إلي العنف واستخدام القوة والاستفزازات المسلحة . وهذا التوجه يجد دعما عاما علي أساس أنه من الضروري تفعيل دور المنظمة الدولية في " السلام العالمي " خاصة وأن الكثير من القرارات الدولية التي صدرت خلال العام الماضي أدت إلي خفض الوفيات في الحروب إلي الثلث، كما تعددت فرص وقف إطلاق النار بنسبة 50 % خلال التسعينات، وزادت إلي 88 %، وحتي لو كانت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم ينجحا تماما في إحلال السلام
العالمي ومنع الحروب التي نشبت، ولكن علي الأقل تمكنا من التخفيف من خطورتها وحدتها علي الساحة العالمية . ولكن يبدو وفقا للحسابات الفلسطينية أن الاتجاه الغالب يعتبر أن الحصول علي اعتراف دولي من جانب الأمم المتحدة بدولة فلسطينية هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ويمكن أن تؤدي إلي تفعيل مسارات العملية السلمية، وتنشيط الاهتمام الدولي بقضية فلسطين، ولا تمس من قريب أو بعيد دور منظمة التحرير الفلسطينية كإطار عام يوحد الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية، وبالتالي لن تتأثر الصفة التمثيلية للمنظمة والحقوق الفلسطينية، خاصة وأن الأسس القانونية التي تدعم وتحمي حق العودة لاتزال قائمة وممثلة في قرار الأمم المتحدة رقم 194 . هذا فضلا عن أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت في 1974 القرار رقم 3236 بما يضمن الحق الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال والسيادة الوطنية وحق الفلسطينيين في العودة إلي ديارهم وممتلكاتهم، وكلها اعتبرت من شروط إحلال السلام الدائم في المنطقة . وفي غمار هذه المواقف بين مؤيدين ومعارضين لخطوة الأمم المتحدة، فإن عدة دوائر تتوقع أن تؤدي نتائجها إلي تطورات فارقة بالنسبة لمصير القضية الفلسطينية، ومصير السلطة وعلاقاتها بحركة حماس، ومستقبل مفاوضات السلام، فالنجاح في الحصول علي الاعتراف بدولة فلسطينية سيدعم موقف الرئيس الفلسطيني، كما أنه سيعد نجاحا أيضا لحركة حماس باعتبارها بصورة أو بأخري جزءا من النظام السياسي في ضوء تصالح حماس وفتح في مايو الماضي بعد أعوام من القطيعة، كما أنه يمكن أن يفتح الباب لحركة حماس لانتهاج سياسة أكثر مرونة مستفيدة من هذا الإنجاز، اما في حالة الفشل، فإن حركة حماس ستعتبر أن استئناف منهاجية " المقاومة " هو حق مشروع، يدعم برنامجها السياسي الذي يستند بالدرجة الأولي علي استمرار هذه المقاومة . ورطة أمريكا وإسرائيل وأوروبا في الساعات الأخيرة قبل تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة لطلب عضوية كاملة، جرت اتصالات محمومة دخلت خلالها الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية وإسرائيل في سباق مع الزمن في محاولة لإقناع القيادة الفلسطينية للامتناع عن التوجه نحو الأمم المتحدة مقابل عروض تلقاها الفلسطينيون، سواء من بنيامين نتنياهو الذي طالب الرئيس الفلسطيني ببدء مفاوضات مباشرة فورا، أو من الجانب الأوروبي «المنقسم علي نفسه» والذي عرض منح الفلسطينيين الاعتراف بدولة فلسطينية بدون أن تكون عضوا في المنظمة الدولية . هذا، فضلا عن اتصالات مكثفة أجرتها واشنطن بكل الأطراف في محاولة للخروج من المأزق، خاصة وقد هددت علنا بأنها سوف تستخدم الفيتو لإجهاض الخطوة الفلسطينية التاريخية، وجاء ضمن هذه المساعي بحث إصدار اللجنة الرباعية الدولية التي تشمل أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بيانا يوضح الخطوط العريضة لحل سلمي للنزاع العربي الإسرائيلي . وبالطبع، فإن الولايات المتحدة يهمها بالدرجة الأولي عدم إجراء أي تغيير في قواعد اللعبة السياسية التي تديرها واشنطن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تحت رعايتها المنفردة والمباشرة، ووفقا للرؤية والتوقيت والمصالح الأمريكية فقط،وبدون أي تدخل فعلي أو مؤثر من جانب أي طرف آخر، وتحديدا، بعيدا عن تدخل الأمم المتحدة، تجنبا للعودة أو الاحتكام إلي عشرات القرارات التي أصدرتها المنظمة الدولية والتي تتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ولم يتم تطبيقها. وبينما تمثلت الورطة الأمريكية في محاولة واشنطن عرقلة الطلب الفلسطيني للحصول علي اعتراف دولي من جانب أعضاء الأمم المتحدة، بدون استخدام الفيتو الذي من شأنه أن يأتي علي البقية الباقية من " سمعة " أمريكا في الشارعين العربي والإسلامي، فقد تمثلت ورطة إسرائيل في النتائج التي يمكن أن تترتب علي الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومنها الاعتراف الدولي بالقدس كجزء من الأراضي المحتلة، وفتح ملف الاستيطان الإسرائيلي في أراضي الضفة، وبالجملة، مناقشة قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ويأتي ذلك في وقت تستشعر فيه إسرائيل بعمق التغييرات التي تحدث في المنطقة العربية، والتي وصفها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بالزلزال الذي سيؤثر علي الجيش والدولة في إسرائيل، في إشارة إلي ثورات " الربيع العربي " . وبمزيد من التفصيل يقول ايتان هابر كبير المحررين في يديعوت احرونوت " بعد أيام سيرفع مندوبو 190 دولة أيديهم للاعتراف بدولة فلسطينية، ثم يبدأ الجيش الإسرائيلي للإعداد لخطر نشوب حرب مع مصر، ومع الأردن، وربما مع تركيا، .. " فيما يعكس حالة هلع تنتاب الكثير من الإسرائيليين في ظل ظروف استثنائية تمر بها المنطقة . العالم العربي الجديد تحفل المنطقة العربية بوقائع وأحداث مستجدة كان من شأنها أن غيرت كل ثوابت المراحل السابقة سياسيا واستراتيجيا، ما دفع دوائر ومراكز بحثية في أنحاء عدة إلي توقع انبثاق " عالم عربي جديد " خلافا لما كانت بعض المصادر تطلق عليه " الشرق الأوسط الجديد " وفقا لمعايير وملامح أمريكية وإسرائيلية بالدرجة الأولي . ذلك أن ثورات الربيع العربي، وتغيير الأنظمة السياسية، وانبثاق العنصر الشعبي كأقوي ما يكون في الأراضي العربية، كل ذلك غير جذريا في صيغة الأولويات في المنطقة، حتي ولو كانت الصورة النهائية لإعادة التشكيل لم تتضح معالمها النهائية بعد . وفي هذا الإطار، لا يسهل بحال من الأحوال استبعاد " مكونات القضية الفلسطينية " من تيار التغيير العاصف في المنطقة العربية، وهي القضية التي كانت، وتؤكد المؤشرات علي أنها ستظل " في قلب " الشأن العربي، وقضية العرب الأولي والأساسية، والرمز الذي يجسد ويثير طموحات الشعوب العربية و " الحلم " العربي في الحرية والكرامة والحياة الأفضل والاستقلال الوطني . ووفقا للمستجدات التي لا مناص من الاعتراف بها، فإن لاعبين جددا أصبحوا الآن أطرافا أساسيين في توازنات وتجاذبات العملية السياسية في المنطقة العربية، بالمعني الشامل . وباعتراف الدوائر العربية والإقليمية والغربية، ثمة حسابات جديدة تتناول تأثير ورغبات الشارع العربي، والشارع الفلسطيني، والرأي العام العربي، كمحددات رئيسية لما يمكن اتخاذه ورسمه من قرارات وسياسات مستقبلية . وكما نلاحظ، ففي العاصمة الأمريكية واشنطن، تركز عشرات الندوات والمؤتمرات ومراكز الأبحاث علي حقيقة ما يجري في الشارع العربي، وأثره علي السياسة والمصالح الأمريكية، وتستنتج هذه الدوائر أنه لم يعد ممكنا بحال من الأحوال أن تفصل واشنطن سياستها تجاه المنطقة العربية عن سياستها تجاه القضية الفلسطينية، فلا مصداقية أمريكية مطلقا في مناصرة ثورات الحرية في الشارع العربي، واستمرار تحيز أمريكا وتحجر سياستها تجاه القضية الفلسطينية، كما أنه لم يعد ممكنا مطلقا الاستمرار في دعم مسألة " الاستقرار " علي حساب قضية " الإصلاح " . وفي ضوء هذه المستجدات، وُصفت السياسة الأمريكية بالفشل، وضعف الخيال السياسي، والتحيز المعيب ناحية إسرائيل، والحاجة الماسة لاستراتيجية أمريكية جديدة تناسب صيغة وروح " العالم العربي الجديد " . إضافة إلي ما سبق، فإنه لم يعد ممكنا لأي طرف من الأطراف تجاهل " المستجدات الإقليمية " التي بدأت تساير وتتجاذب أطراف الحوار الجديد مع ثورات الربيع العربي وتداعياته سياسيا واستراتيجيا، وتجمع تحليلات ودوائر عديدة علي أنه في مقدمة عناصر التجديد الإقليمي، يأتي دخول اللاعب التركي في صميم " اللعبة السياسية الإقليمية " وبشروطه التي يرتأيها بما يحقق رؤيته ومصالحه وبدون أي اعتبارات أخري . واستطرادا، يقوم اللاعب التركي لاحقا بفرض سياساته الجديدة علي المنطقة وقوامها : تحدي الصلف والغرور الإسرائيلي، واتخاذ أقوي موقف تتخذه دولة تجاه إسرائيل منذ نشأتها، ثم يؤكد مهندس السياسة الخارجية التركية أحمد داود أوغلو علي تشكيل شراكة استراتيجية بين تركيا ومصر علي قاعدة ما أطلق عليه "محور الديمقراطية الحقيقية " لدولتين من أكبر دول المنطقة تمتد حدودهما من الشمال إلي الجنوب ومن البحر الأسود إلي وادي النيل في السودان، وهكذا ينجح اللاعب التركي في صورته الجديدة في إلهام منطقة " العالم العربي الجديد " من خلال نموذج يمزج الحلم الديمقراطي بحلم التفوق والتقدم الاقتصادي في أدق لحظة تاريخية تمر بها المنطقة العربية .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.