بعد أن تسللت إلي أعماقنا الإعلانات في مصر.. تدخل جدول الأسلحة البيضاء! الإعلان نصل تسلل من الهامش إلي المتن في مصر الإعلان هو قمة هرم النشاط الرأسمالي ونظامه في العالم كله لأن مشوار الثورة، طويل.. فمازالت لم تقترب من البني الاجتماعية التي استفادت من نظم الفساد الممنهج، وسوق الاعلان في مصر، باب خلفي للفساد، والغريب ان اول اشارات بداية سقوط النظام، بدأت من الاعلان، والاحتكار، واستخدام الاعلان في التدليس، في برامج التوك شو، والدعاية الزائفة. والدليل علي ذلك ما تعرض له الانسان المصري في شهر رمضان من صدمات بصرية، مفاجئة، مباغته، في شكل رسائل اعلانية، يفوق حد التخمة، والمعقولية، كم يفوق المنطق، لدرجة اننا نكاد نسمع صوت هجوم، علي لسان كل مقدمي البرامج، في التليفزيون، ولم يسلم مكان او شارع او ميدان او ساحة، او وسيط من هذه الهجمة، الغريب اننا كنا قبل عدة سنوات نرجم الفنانين الذين يشاركون في اعلان وتلاحقهم اللعنات علي انهم تردوا وشاركوا في اعلان مفضلين سطوة المال، علي سمعة الفنان، صاحب الرسالة المجتمعية، ونتذكر ما تعرض له عمر الشريف، وحسن عابدين، في هذا الصدد، بينما المجتمع كان يعتبر الاعلان ترف زائد، وفلكلور، ومصدر للبهجة، بصرف النظر، قبوله الناس للسلعة المعلن عنه، ا. فساد مدفوع الأجر واذا كان الاعلان هو قمة هرم النشاط الرأسمالي ونظامه، والعبء المحمل علي ثمن السلع والخدمات، والوسيلة المستفزة، التي يدفع ثمنها الزبون المستفز، والاعلان هو النصل الذي ظل يتسلل، من الهامش إلي أن اصبح المتن، فان كان كذلك، فهو الفساد المدفوع الأجر، فقد جاءت الهجمة الاعلانية الرمضانية، في الوقت الذي يعيد فيه العالم الصناعي، النظر في جدوي الاعلان، واحتمالات سقوطه، بعد ان فقد دوره الذي كان يقوم به قبل ثلاثين عاما، نتيجة اهتزاز ثقة الناس في المجتمعات الحديثة، في كل شيء، فقد كشف كتاب (سقوط الإعلان وصعود العلاقات العامة)، لمؤلفه: آل ولاورا رايز، عن نتائج استطلاع يبين أنه لم تعد الممرضات والصيادلة والأطباء ورجال الدين في قمة الشرائح التي يثق بها المجتمع، لكن المدهش ان أخصائي الإعلان لم يحظوا سوي بثقة 10% من الذين تم استطلاع آرائهم ليحلوا في المرتبة قبل الأخيرة حيث لم يأت خلفهم سوي الباعة المتجولين في آخر الذيل بنسبة 9%. سطوة الإعلان ومع ذلك الاعلان من زمن الانفتاح الاقتصادي الميمون، في منتصف سبعينات القرن العشرين، ظل ينمو إلي ان اصبح عقيدة في زمن الافقار المتعمد، والزبون فيه فريسة، بعد ان حاصره بالإعلان في الشوارع والميادين، والساحات علي الطرقات، في الصحف، في الراديو، واخيرا علي شاشات المحمول، والتليفزيون، الذي منح سطوة، للإعلان تتجاوز المادة الاعلامية الاساسية، التي اقيم من أجلها الجهاز السحري، التليفزيوني الذي تسلل إلي غرف النوم، وتمكن من ان تكون شاشته مكونا اساسيا من مكونات الثقافة المصرية، باتباعه طريقة تجعل من المادة المقدمة، مزيج يجمع بين المعلومة والرأي والترفيه في وجبة سامة في الغالب، بدون رؤية وطنية، او قومية. فإجراء تحليل مضمون بسيط للإعلانات، نجدها تنطوي علي توجهات ورسائل سلبية، تصل في بعض الأحيان إلي حد الجرائم، وهدم قيم مجتمعية، وتشجع علي ثقافة الاستهلاك فقط، واذا كان مبرر ظهور الاعلان هو حل مشاكل التسويق، فيتراء لي رجل الاعلانات، مثل عامل لا يوجد في حوزته سوي مطرقة لذا يحلو له أن يري كل المشاكل علي أنها مسامير. بل ان وكلاء الإعلان قلما يتجهون لحل أزماتهم هم بالإعلان عن أنفسهم. الملابس الداخلية لكن الاعلان المرئي، هذا العام في رمضان، بلغت سطوته انه اصبح الأساس، بينما المواد الاعلامية والدرامية، هي الاستثناء، فهل «زجزجت النهارده»، كما يقول الاعلان، وهل اخترت الذي تقدر تعتمد عليه، بعد ان كشف الممثلين الشباب ملابسهم الداخلية، في اعلان، رغم ان الاعلان عن سلعة وطنية، كانت مصر تمتلك فيها ميزة نسبية، وحدث ولا حرج عن اللغة المستخدمة، فهي.. اختراع يا كوتش، لكن اللي جنن ميدو انه كسب جهاز لعبة، انه عالم الاعلانات، سراميك، سيارات، مشروبات غازية، وتبرعات كمان. وعلي الرغم الاشهار وسيلة قديمة، وفن الاعلان ليس من الفنون المستحدثة وإنما يرجع إلي اوقات مبكرة من التاريخ، فقد بدأ الاعلان علي أشكال تطورت بمرور القرون حتي أصبح فن الاعلان كما نعرفه الآن، والآن ساهم الكمبيوتر، في تطور الاعلان تطوراً ذاتياً بالتطور التقني، فقد أصبح تصميم الاعلانات وإخراجها به من التطور والجاذبية الشيء الكثير، لكن المدهش هو الإعلانات علي شبكة إنترنت، (مسموع، مرئي، تفاعلي) بعد ان زادت أهمية شبكة المعلومات العالمية كوسيط إعلامي هائل وتطورت اعلانتها حتي وصلت إلي المستوي المتقدم الذي نراه اليوم، والإعلانات علي شاشة الهاتف الجوال بعد ازدياد عدد مستخدميه حول العالم فأصبح وسيلة إعلانية مهمة. كل ذلك يصب فوق دماغ مستهلك، عاني من اوضاع اقتصادية دفعته للثورة، فماذا يفعل في مواجهة هذا السونامي الإعلاني، اظن ان تكلفة الاعلان واضافته إلي سعر السلعة يحتاج إلي مراجعة، بما يرفع عن كاهل المستهلك عبء تكلفته.