النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    تعرف على خريطة ما تبقى من انتخابات مجلس النواب 2025    مدبولي: مصر تمتلك خبراة واسعة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة    وزير الخارجية يلتقى نظيره الجزائري لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    مصر ترحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين    اتحاد الكرة يعلن نهاية رحلة علاء نبيل بالجبلاية    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    ضبط 15 طن دقيق مدعم خلال حملات و4 ملايين جنيه حصيلة قضايا النقد الأجنبي    أحمد شيبة ينتهي من تسجيل أغنية جديدة لطرحها في رأس السنة    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    عبد الغفار يبحث مع وزير الصحة الموريتاني نقل التجربة المصرية في التأمين الشامل    رئيس الإنجيلية: ميلاد السيد المسيح يحمل رجاء يغيّر العالم ويمنح الأمل لجميع البشر    عاجل- نواف سلام يؤكد: العلاقة مع مصر تتجاوز تبادل المصالح    عاجل مدبولي يصل بيروت لبدء مباحثات رسمية مع الحكومة اللبنانية    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    ضبط 99530 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 116 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    العوضى فى برومو حلقة صاحبة السعادة: ما بحترمش اللى بيتكلم عن علاقة خلصت    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية غرب جرجا ويزورن مصنع الكومبريسور    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    رسائل السيسي لقادة فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية تتصدر نشاط الرئيس الأسبوعي    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    جهود متسارعة لإنقاذ اتفاق دمج «قسد» مع الحكومة السورية قبل نهاية العام    بدر الرفاعي: شعرت بألفة خاصة تجاه كتاب «إعلام الجماهير»    إسرائيل تقيّم تداعيات اغتيال رائد سعد على حماس ومستقبل المرحلة الثانية من اتفاق غزة    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ قنا يشهدون احتفالية بقصر الثقافة    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أفضل أوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة – اغتنم الساعة المباركة    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم سيد حنفي في دائرة الخليفة    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوميديا الأحزان .. عرض مسرحي يعزف سيمفونية الثورة
نشر في القاهرة يوم 26 - 07 - 2011


عندما تدلف قدماك مسرح الغد وتجلس علي أحد المقاعد تشعر بأن شيئاً ما يحاصرك مع بداية الأحداث الأولي التي تخطف عيناك، الديكور البسيط للفنانة «مها عبدالرحمن» يحيط بك من كل جوانب المسرح، رغم بساطته إلا أنه يحمل بعدا رمزيا تعقيديا. أيضا إيحائيا أثناء ما تغمرك الأضواء الخافتة، وهي تتسرب إلي وجدانك، فتشعر بالرهبة أحيانا وبالغربة أحيان أخري، فتكتمل اللوحة التي تقودك إلي واقع افتراضي خيالي، يحمل بداخله أحداثا قادمة تؤكد المخاض الذي لابد وان يأتي بكل قوته، في هذا الجو المشحون بالمشاعر المضطربة يتسلل إلي أسماعك صوت حزين يدفعك إلي الفعل القادم مع موسيقي وألحان الفنان «أحمد حجازي» ومسحة الشجن التي تتحلي، بها نبرات هذا الصوت المسرحي القوي، رغم ما يحمل بداخله من ثورية ان جاز التعبير لأنك تشعر شيئاً فشيئا بأنه يناديك إلي الفعل الدرامي داخل هذه السيمفونية التي عرت هذا الواقع الجاثم علي صدورنا إلا من الإيمان بالحق والعدل والحرية. صرخة كاتب هكذا كانت صرخة الكاتب المسرحي «إبراهيم الحسيني» علي خشبة مسرح الغد التي أحتضنها المخرج المبدع «سامح مجاهد» ليجسدها فعلا محمودا مشهديا تجريبيا أحيانا من خلال استغلاله لخشبة المسرح بالتأمل من بداية الخطوة الأولي داخل المسرح إلي أقصي خشبة المسرح، فالقاعة رغم ضيق مساحتها الجغرافية إلا أنها كانت رحبة برؤية المخرج الدرامية وتفسيره لأبعاد الخطوة والإيماءة والحركة ودلالتها المسرحية الزمنية والمكانية، فكانت المعالجة لحدث آن هو ثورة 25 يناير، رغم ان المؤلف كان دائماً داخل الميدان ليسجل اللحظة ويتعايش إلا ان الحدث يتنامي بداخله كي يصبح مولودا عزيزا قادرا علي التعبير بما كان يدور من أحداث ويؤكد تلاحم القوي الوطنية داخل نسيج من الكوميديا الساخرة والدراما الماثلة في أيام الثورة، وما أعظمها التي اتشحت بخضرة الوطن ودب جسدها روح النصر عندما تضافرت جموع الشعب القادر علي تحطيم تابوهات السلطة التي كانت تعيش في وهم ارتدته طيلة أعوام كانت بمثابة البير الذي غرق فيه صاحبه، بل ألتهم كل الذين نهبوا ثرواته من أفواه الشعب الذي صمت علي الظلم ثم صار المارد الذي حطم القمقم وفرد ذراعيه محلقا في سماء الوطن ينادي أبناءه الشرفاء من أعماق التاريخ. تفاوت درامي الحدوتة التي يجلس علي خشبة المسرح المؤلف متواربا متخفيا لا يراه المتلقي إلا من خلال شخصياته التي تتفاوت في بناء درامي هرمي من شخصية لأخري، أو من واقع متجزأ مقابل واقع مقاوم، فأول من يلفت انتباهك شخصية «نقرزان/ الكلب» الفنان «وائل أبو السعود» وهي يجتر لحظات الظلم التي داهمته عبر حياة بائسة يائسة يعيش علي أكوام الزبالة التي يحاول جاهدا ان ينتقي منها طعامه الذي يعيش عليه، هذه الشخصية بكل ما تحمل من مأساة صاغها المخرج علي خشبة المسرح «الركح» برؤية تكاد تطعن جسدنا، بل تجعلنا نحن المجتمع جميعا مدينين لهذه الشخصية المسرحية التي مزجت بين الضحك والبكاء بل والصراخ المكتوم بداخلنا تجاهه، عندما يحيلنا إلي عمدان نور تكسرت لمباتها، فأصبح الدرب مظلما لا يري أحد وجه الآخر، بل يسمع صرخاته واستغاثته، وهو غير قادر علي مساعدته أو الوقوف بجانبه يمسح دمعته التي روت أرض الوطن وما أكثر هذه الشخصيات بين دهاليز المجتمع التي تقتات طعامها من أكوام الزبالة وترتوي من مياه المجاري فالصورة علي خشبة المسرح تماثل صورة الواقع التي تسكر وجدان المشاهد، وكأن المخرج يحفرها بداخلنا بسكين فقد حموته، علي الجانب الآخر تمتد وتقوي الضفيرة، عندما تمتزج الشخصيات تتحاكي وهي تنفض غبار السنين من علي كاهلها، «حافظ» الفنان «عبدالرحيم حسن» ذاكرة الوطن يجمع ملفات الفساد بكل أنواعها، يعيش بين القبور يحاول أن يحمي هذه الملفات بين طيات جنباته، لا يمتلك إلا قلباً ضعيفاً يتنفس الصعداء بين أزهاره التي ينثرها علي المقابر، كأنها نسمات الحياة التي تحييه دائماً من جديد، هو يقاتل من أجل هذه الملفات، يعيش علي أمل ان تظهر علي سطح المجتمع، يحلم بأن كل فرد زرع خيرا سوف يحصد خيرا وكل من زرع شرا لابد وأن يحصد شرا، شعارات الفساد يؤكد عليها العرض عندما تتناثر علي حيطان المسرح بل تقع بين أيدي المتلقي في نهاية العرض كأن المؤلف والمخرج يؤكدان ان الثورة مازالت حية وان النظام لم يسقط بعد، فيجب ان نحتاط لفلوله والمستفيدين من وجوده يزداد الجانب المضيء بل تتأكد الصورة إشراقا مع «ضحي» الفنانة «وفاء الحكيم» التي تحمل بداخلها ثورة كائنة تزداد شراسة وقوة يوما بعد الآخر، فهي تأتي من الميدان ثم تعود إليه محملة بموجات الغضب والحب لتراب الوطن والحرية، تحتضن الجميع عندما تختلط الذكري بالواقع وتتماثل الرؤي بين يوسف الفنان «محمود الزيات» و«ضحي» التي كان يعشقها رغم رفضها لشخصه إلا أن صورتها تسكن وجدانه قبل عيناه باستثناء رمزية «ضحي» بالوطن، تؤكد الصورة المشهدية علي أنها الرؤية الفاعلة للواقع المتناقض بين ما نتمني من حياة جميلة وأناس يحاولون التمسك بتلابيب ما نرتدي من ملابس وقوة قاهرة، كأننا نعيش معركة المصير التحرر من جلباب العبودية والقهر والظلم إلي عالم الحرية والعدل والجمال. بين الفينة والأخري والمشهد والآخر لا يجب ان نغفل فعل القصيدة الشعرية التي تحاول دائماً ان تبصرنا بالقوة التي تحاصرنا وأيضا بالقوي الخفية التي بداخلنا فهي تتمثل كما يشير المؤلف في مقدمته بفكرة المخلص الفرد ذلك المعني الذي كان!! أما القوة الحقيقية هي التي تسود بين أفراد الشعب التلاحم الثوري بين العامل وبين الفلاح وبين المفكر والثائر طبقات الشعب الجموع بالمعني الصحيح فئات الشعب بأكمله دون الآخر هي الخلاص الحقيقي من الظلم والقهر. إضاءات توجد هناك بعض الشخصيات التي تمثل بعض الإضاءات التي لا يجب ان نغفلها في سياق الأحداث، فنري «راندا إبراهيم» الفتاة التي فقدت خطيبها، وهي تحاول ان تؤكد علي وجودها ولا تري بديلا عن انتصار الإرادة، تزداد الرؤية ثورية من خلال شباب الثورة فشخصية منصور الفنان «حسن عبدالله» الذي يرفض تعليمات والده بأن يبتعد عن الثورة، بل يذهب إلي الميدان مع كل المتظاهرين، والمعتصمين في مقابل هذا الاتجاه نجد الجانب المظلم والظالم، أيضا الشويش سليمان الفنان «معتز السويفي» بكل ما يحمل من قسوة ضد الثوار الذي يتلقي الأوامر من مرءوسيه بالتنكيل بشباب المتظاهرين وغيرهم دون امعان العقل في حقيقة الواقع بكل تناقضاته، هو لا يدرك ان هؤلاء يريدون خلاصه أولا من براثن البيروقراطية والديكتاتورية الذي يعيش سجينا في ثوبهما، لكنه يضع قماشة سوداء علي عينه، فلا يري الحقيقة، بل التلذذ في عذاب الآخرين..!! إلي أن يفاجأ بابنه فلذة كبده يدخل ضمن مجموعة جديدة من المقبوض عليهم داخل المظاهرات لتأديبهم وتعذيبهم وتدور الدائرة لتقف بكل قسوتها أمام الشويش سليمان صامتة صامدة وعندما يري ابنه أمام عينيه جاء ليذوق كأس العذاب الذي يذيقه والده لكل وطني يرفض الظلم والقهر والعبودية بدون وعي يصرخ يرفض ضرب ابنه يتوسل إلي قائده لدرجة ان ينحني يقبل قدميه لكي يفرج عنه ويعود لمنزله، هكذا أراد المخرج ان يتقابل الخير أمام الشر ليصطدما الاثنان بالواقع الصعب وينصهر كل منهما في بوتقة الحياة ليبقي في النهاية المعدن الحقيقي للإنسان الوطني الذي يسعي لتحقيق الحرية والعدل، فالثورة كائنة مازالت تجاهد حتي يتحقق الانتصار الكامل لها، فروح الثورة مازالت تهيمن علي العرض الجميل «كوميديا الأحزان» التي كانت بمثابة سيمفونية عزفت لحن الوطن علي وجدان الشعب الصامد في الميدان.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.