و"نتنياهو".. و"بيريز" يدير مفاوضات سرية في لندن كشفت مصادر إسرائيلية ان البيت الأبيض بدأ استعدادات سرية لترتيب لقاء ثلاثي في وقت قريب، يجمع الرئيس الأمريكي باراك اوباما، والفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، للإعلان عن إعادة تدشين مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو الأمر الذي اكده مسئولون إسرائيليون وفي السلطة الفلسطينية، وان ثمة استعدادات مشابهة لهذا اللقاء تجري في تل ابيب ورام الله. ونقلت مصادر إسرائيلية عن مسئول أمريكي رفيع المستوي قوله إن ما حدث في الفترة الاخيرة هو عرض للمواقف الأمريكيةوالفلسطينية والإسرائيلية، والمرحلة التالية هي التفاوض حول هذه المواقف، وأشاد بجولة الاحاديث العلنية التي جرت بين اوباما ونتنياهو خلال 8 ايام، من 19 الي 26 مايو، تحدث خلالها الاثنان عن عملية السلام ست مرات، كان آخرها حديث اوباما في لندن. وقال المسئول الأمريكي ان اوباما راض جدا عن نجاح هذه الجولة، "التي توهم الرأي العام في أمريكا وإسرائيل انها تعبر عن مواجهة بين الجانبين"، لانه استطاع ان ينتزع 3 تنازلات كبيرة من نتنياهو في اسبوع واحد فقط. واوضح ان التنازل الاول يكمن في ان نتنياهو كان اول رئيس حكومة إسرائيلية يعلن انه ستظل هناك مستوطنات إسرائيلية داخل حدود الدولة الفلسطينية عند اقامتها، وهو - برأي المسئول الأمريكي - انجاز كبير للغاية للتعاون السياسي بين اوباما ونتنياهو، وهي خطوة في نفس الوقت تعفي نتنياهو من الاضطرار الي اخلاء المستوطنات، وهي العملية التي تبدو صعبة عقب الاخلاء الكبير لمستوطنات غزة عام 2005، إذ اصبح بوسع نتنياهو الان أن يخير 120 الف مستوطن يهودي بالاراضي الفلسطينية بين العودة الي إسرائيل أو البقاء في الضفة الغربية تحت الحكم الفلسطيني. ويقول المسئول الأمريكي ان واشنطن تري ان عملية كهذه تفتح الطريق امام القول بان تبادل الاراضي، الذي تحدث عنه اوباما، لا يرتبط بالضرورة باخلاء عدد كبير من المستوطنات والمستوطنين، وإن بؤر ومواقع بعينها، إسرائيلية وفلسطينية أيضا، ستبقي في مكانها عندما تسري عليها علامات السيادة والحكم الفلسطيني أو الإسرائيلي. وابدي المسئول نفسه تفهما لنشوء خلافات وازمات كثيرة بين واشنطن وتل ابيب حول تحديد المستوطنات التي سيجري التعامل معها بهذه الطريقة، "ولكن عندما تقر إسرائيل - بدون ازمات سياسية - مبدأ ابقاء المستوطنات اليهودية خارج الحدود الإسرائيلية، نكون إزاء شق طريق باتجاه المفاوضات". وقال المسئول الأمريكي ان واشنطن تضع في اعتبارها موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اكد علي انه لن تكون هناك مستوطنات إسرائيلية في الدولة الفلسطينية، لكن الأمريكيين يعتقدون ان موقف ابو مازن سوف يتغير خلال المفاوضات! واضاف الأمريكي انه اذا نجحت ادارة اوباما في دفع الإسرائيليين والفلسطينيين الي احراز تقدم في ملف مظاهر السيادة في الجيوب التي سيتم تبادلها بين الجانبين، فان ذلك يعني ان الأمريكيين نجحوا في الصعود الي بداية الطريق لحل اشكالية القدس، حيث توجد امكانية لتطبيق سيادة "فلسطينية- إسرائيلية" مشتركة، او بسيادة مع تعاون جهات دولية علي مناطق محددة، دون ان يتنازل أي من الطرفين عن سيادته، وهو ما يعتبره هذا الأمريكي انجازا ثانيا لأوباما. اما الانجاز الثالث فيشرحه قائلا: "عند إمعان النظر في تعامل اوباما ونتنياهو مع مصطلح "حدود 1967" سوف نكتشف انه لا توجد اختلافات كبيرة بين الاثنين، فبينما يقول نتنياهو انها حدود لا يمكن الدفاع عنها، قال اوباما ان هذه الحدود ينبغي ان تكون اساسا للمفاوضات، حيث يتحدد خلالها طبيعة التغيرات التي ستحدث علي تلك الحدود، بما يضمن الأمن للإسرائيليين! وبذلك يدشن اوباما ونتنياهو الطريق نحو تغييرات ممكنة علي حدود 1967، من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ايضا. واكد المسئول الأمريكي ان نتنياهو وابو مازن علي علم دقيق بحقيقة المواقف الأمريكية، ولذلك يستعد الاثنان لعقد القمة الثلاثية مع اوباما، رغم انهما يتصرفان في العلن كأنهما خصمين لدودين من خلال حرب تصريحات شرسة! في المقابل تتهم مصادر إسرائيلية الرئيس الأمريكي بالانحياز اكثر من أي وقت مضي الي الجانب الفلسطيني، وان خطابه الاخير اشتمل علي موقفين لا يمكن ان تقبل بهما إسرائيل ابدا، علي حد قوله، ويتعلق الاول بعدم وجود قوات الاحتلال الإسرائيلية خلف الحدود التي سيتفق عليها الفلسطينيون مع إسرائيل، بما يعني من وجهة نظر إسرائيلية عدم ضمان ترتيبات أمنية لإسرائيل. اما الامر الثاني فهو ان اوباما يطالب إسرائيل بالانسحاب الي ما وراء حدود 1967، وليس الي الحدود ذاتها، في اطار ما يعرف بتبادل الاراضي، الذي يعني ان إسرائيل ستتنازل عن اراضي داخل الخط الاخضر. وتوقعت المصادر الإسرائيلية انهيار المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بعد فترة قصيرة اذا ما استؤنفت الآن، مع تعميق الخلاف بين واشنطن وتل ابيب. قناة سرية يتزامن الحديث عن القمة الثلاثية مع ما كشفت عنه صحيفة معاريف الإسرائيلية بشأن وجود قناة سرية للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل في بريطانيا، فذكرت الصحيفة ان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز يقيم قناة حوار سرية مع أبو مازن، وان الاثنين التقيا مؤخرا في لندن سرا، عندما زار بيريز العاصمة البريطانية قبل بضعة أسابيع. واوضحت الصحيفة ان الاتصالات بين الرجلين تتضمن مكالمات هاتفية ونقل رسائل عبر مبعوثين ومحادثات بين مقربين. ونقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بانه "كبير ومقرب من الرئيس الإسرائيلي"، قوله انه "مصدوم من تسريب اللقاء في لندن، وان بيريز هو الإسرائيلي الاخير الذي تمتع بقناة حوار مباشرة مع الفلسطينيين، ولشدة الأسف سيتم سد هذه القناة بعد النشر". وأشارت الصحيفة الي ان اللقاء بين بيريز وأبو مازن جري قبل سفر الرئيس الإسرائيلي الي البيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي. وفي ذلك اللقاء، أغلق بيريز واوباما الباب علي نفسيهما في حديث ثنائي، بلا مقربين أو مساعدين، علي مدي نحو ساعة، وتعتقد محافل رفيعة المستوي في واشنطن ومصادر في إسرائيل أن خطاب اوباما عن الشرق الاوسط تضمن الكثير من أفكار الرئيس الإسرائيلي. معركة الأممالمتحدة من حق الكثيرين أن يتساءلوا عن اخلاقية وشرعية الفيتو الأمريكي المنتظر، الذي اعلن عنه اوباما، إذا ما طلب الفلسطينيون من الأممالمتحدة ومجلس الامن الاعتراف بدولتهم الفلسطينية، التي من المفترض أساسا أنها الدولة الاساسية والأصلية والشرعية والتاريخية علي أرض فلسطين. فلم يتردد اوباما في التأكيد علي ان الولاياتالمتحدة ستمنع اعتراف مجلس الامن بالدولة الفلسطينية. وجاء الرئيس الحالي للجمعية العامة للأمم المتحدة، السويسري جوزيف ديس، ليثبت انه موظف مثالي يلتزم بحرفية التعليمات الأمريكية، حين قال إنه ليس بوسع الفلسطينيين ان يتجاوزوا مجلس الامن إذا ارادوا الانضمام الي الأممالمتحدة كدولة مستقلة، مؤكدا ان رفض الولاياتالمتحدة أمر كاف لمنع عضوية الدولة الفلسطينيةبالأممالمتحدة، لكنه قال، وكأنه يواري عورته، ان الامر لن ينتهي علي هذا الحال، لأن عددا كبيرا من الدول الاعضاء يعترف بدولة فلسطين، اضافة الي قرار الجمعية العامة عام 1947 الذي قال ايضا بوجوب وجود دولة عربية أو دولة فلسطينية. وزادت وعورة المعركة المنتظرة عقب قرار الجامعة العربية التوجه الي الأممالمتحدة للحصول علي اعتراف بالدولة الفلسطينية علي حدود 1967، وهو ما أتمني الا يكون الهدف اضاعة الوقت فقط، وان يكون موقف الجامعة العربية متسقا مع انتفاضة الشعوب العربية، التي تحركها بوصلة مختلفة عن تلك التي كانت تحرك الانظمة في السابق، بما يعني ان الجامعة العربية عليها ان تدرك حجم الانحياز الأمريكي لإسرائيل، بما يستلزم تحديدا عربيا لمصالح أمريكا بالمنطقة، حتي يكون الأمريكيون امام خيارين واضحين: الانحياز الي العدالة والتاريخ والحرية والحقوق والقضية العربية مع الحفاظ علي المصالح الأمريكية في المنطقة، أو الاستمرار في الانحياز الي إسرائيل، بما يعنيه ذلك من معاداة للشعوب العربية وخسارة فادحة للاقتصاد الأمريكي. واعيدها للمرة الثانية: ألا يستحق هذا الموقف الأمريكي المخزي مظاهرات مليونية في العواصم العربية للتنديد بالانحياز الأمريكي والصلف الإسرائيلي؟!