سعر صرف العملات العربية والأجنبية مقابل الجنيه ب المركزى المصرى اليوم (آخر تحديث)    محافظ مطروح: إقالة نائب مدينة برانى وإحالة مدير النظافة للتحقيق لسوء حالة النظافة    «الزراعة» تتابع برامجها البحثية على مستوى الجمهورية في إجازة العيد (تفاصيل)    سرايا القدس تبث مشاهد لكمين استهدف قوة إسرائيلية شرق جباليا    محافظ الدقهلية ينعي شهيد الشهامة السائق خالد عبد العال ابن مركز بني عبيد    القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي دوري الأمم الأوروبية    إمام عاشور: زيزو عقلية احترافية.. وأحلامي مع الأهلي لا تتوقف    تقارير: أحد أندية الدوري القطري يرغب في التعاقد مع لاعب باريس سان جيرمان    ريندرز: سأسافر إلى مانشستر سيتي لإجراء الفحص الطبي    الوطني للأرصاد: منى ومكة المكرمة ومزدلفة تسجل 45 درجة    غدًا، استئناف امتحانات الدبلومات الفنية لنظام العمال والمهنى والطاقة الشمسية بالوادي الجديد    باسل محارب ضيف برنامج سعد الصغير اليوم    صحة أسيوط تكثف حملاتها لمكافحة ناقلات الأمراض لمواجهة بؤر توالد الحشرات    حالة الطقس غدا الإثنين 9-6-2025 في محافظة الفيوم    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    قصور الثقافة تطلق احتفالات عيد الأضحى في شرم الشيخ والطور وأبوزنيمة    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    فرحة العيد جوه النيل.. إقبال على الرحلات النيلية بكفر الشيخ ثالث أيام العيد    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    عمال الشيوخ: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع "مؤشر ممتاز"    "الوطني الفلسطيني" يدعو المجتمع الدولي إلى ترجمة مواقفه لإجراءات لوقف الحرب على غزة    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    إيرادات السينما السبت 7 يونيو: "المشروع X" يكتسح شباك التذاكر و"ريستارت" يلاحقه    المتحف المصري بالقاهرة يحتفي بزوار عيد الأضحى المبارك |صور    مى عز الدين تتألق في جلسة تصوير جديدة وتعلن عودتها للتفاعل مع جمهورها    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    طريقة عمل كفتة الحاتى بتتبيلة مميزة    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    خلال احتفالات العيد.. 3 جرائم قتل في مغاغة وملوي بالمنيا    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    اللواء الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك الملقب ب"نبي الغضب" يحذر من وصول إسرائيل إلى نقطة اللاعودة وخسارة حروب المستقبل!.. كيف ولماذا؟    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالنور خليل..واحد من جيل لا يعرف المستحيل
نشر في القاهرة يوم 24 - 05 - 2011


كان ذلك عام 1949. كنا خمسة أصدقاء يتلقون تعليمهم بمدرسة شبرا الثانوية، وقد كان قصر الأمير طوسون. أولنا يهوي الموسيقي، «ينط السور» حسب تعبير ذلك الوقت ويهرع إلي محطة الترام، لينتهي به المطاف في معهد الموسيقي العربية، حيث يتلقي دروس العزف علي العود. اسمه بليغ حمدي. أما الثاني فكان من هواة التمثيل ينط السور معنا ويذهب إلي فرقة هواة تمثيل ملحقة بمصنع اسمه أبوالفتوح عمارة. أما الثالث فكان أكثرنا صرامة ينظر إلينا نظرة الحكيم توت أيام الفراعنة، وكأننا من المارقين، أما هو فكان عاكفا علي كتب النحو والعروض والبلاغة، كي يصبح فيما بعد الدكتور عبدالمحسن طه بدر. أما الرابع فكان مثلي مولعا بالأفلام الأوروبية وكانت القاهرة تعرض نفس الأفلام التي تعرض في باريس أو روما أو أي عاصمة أوروبية، سينما بيجال تعرض الأفلام الفرنسية ، بينما ميامي تعرض الأفلام الإيطالية وفي الصيف تحتل الأخيرة مركز الصدارة. ثم بين الحين والآخر يمكننا مشاهدة فيلم أمريكي لا أفلام الكاوبوي ولا المشاجرات داخل البار لتنتهي بخطف غادة حسناء مثيرة للحواس كلا، بل أروع ما أخرجه أدرسون ويلز أو إيليا كازان. كان هذا الولد الشقي كما كان صديقنا ورفيق رحلة العمر محمود السعدني، يطلق هذا اللقب علي نفسه: «الولد الشقي» كان زميلي هو أول ولد شقي، اسمه: «عبدالنور خليل». لا هو، ولا أنا تعلمنا السينما في معاهد أو جامعات، حتي عندما اضطررت للهجرة إلي فرنسا، ونصحتني الصديقة كاترين تاسكا وزيرة الإعلام عام 1977 نصحتني بأن أسجل موضوعا بقسم الدكتوراه بالسربون، والقانون لا يبيح تسليم شخص إذا كان يواصل بحثا علميا، أقول حتي في فرنسا كان أساس كل العلوم المتعلقة بالإخراج السينمائي قد تمثلناه قبل أي جامعة، عبدالنور خليل وكاتب هذه السطور. الواقعية الجديدة عرفنا أفلام الواقعية الجديدة الإيطالية من خلال مشاهدتنا للفيلم الواحد عدة مرات، دموعنا كانت تسيل ونحن نشاهد رائعة ليتوادا «الأرز المر» Rezzo Ameno وكنا ننتفض ثورة علي النظم السياسية والاجتماعية في أوروبا التي تسحق الطبقة العاملة، والحافز هنا أفلام مثل: «سارق الدراجات» لفيتوريو دي سيكا. أيضا كنا نعرف الطريق إلي تكوين جبهة وطنية مناهضة للاستعمار البريطاني، وذلك من خلال أفلام بروسيلليني الأولي «روما مدينة مفتوحة» و«رحلة في إيطاليا» و«الأرض تزلزل». في الوقت ذاته تفتح وجداننا علي الموسيقي الأوروبية وخاصة تلك القائمة علي النظام السيمفوني، تعلمنا ذلك من خلال أفلام مثل: «ليست، وشوبان، وأوبرات مثل قوة القدر» لفيردي، وتنويعات علي هارمونيات النغم، مثل توكاتا باخ أو البيانو الناعم تماما، وأيضا العديد من أنواع الباليه الكلاسيكي، أو الأمريكي المودرن، مثل: «السابحات الفاتنات» كان عالم السينما كله يتفاعل في كياننا. وكنا عبدالنور وأنا نتوق لنعبر عما يجيش في صدورنا ليشاركنا الآخرون حب السينما وما يصاحب ذلك من تذوق للموسيقي أو للوحات الفنانين التشكيليين. نط السور ذات يوم ونحن «ننط سور» المدرسة وكنا في السنة الرابعة التي تنتهي بشهادة «الثقافة» وبعدها بعام واحد نحصل علي شهادة التوجيهية، تماما مثل نظام التعليم الفرنسي. أقول: ذات يوم ونحن ننط السور عرض علي عبدالنور أن نذهب إلي صحيفة المصري، ليقدمني إلي صديقه الناقد عثمان العنتبلي. وصحبته ومن خلال المناقشات تعرف عثمان علي ما في رصيدنا الثقافي من وعي بمفردات العمل السينمائي، وكان وقتذاك قد وقع عقدا مع صاحب دار مسامرات الجيب وروايات الجيب، ليرأس تحرير مجلة «الاستديو»، ودعانا عثمان للمشاركة في تحرير الاستديو. تولي عبدالنور تقديم وتحليل الأفلام الأجنبية وترك لي عثمان مهمة سكرتارية التحرير، ونقل التيارات الفنية في أوروبا فكان كل عدد يقدم ملخصا لأهم مسرحية تعرض في فرنسا، أو إنجلترا أو أمريكا، قدمنا العادلون لالبير كامو والذباب لسارتر، وقام عبدالنور بخبطات صحفية رائعة، إذ انتهز فرصة زيارة ريتا هيوراث للقاهرة، فأجري معها حديثا طويلا لم يكن مجرد تعريف بالممثلة الأمريكية الكبيرة، بل كان أيضا دراسة لأهم ما يتميز به الإنتاج الأمريكي ألا وهو «الكوميديا الموسيقية»، وهو نوع خاص يجد تحقيقاته في أفلام مثل: «صوت الموسيقي». هذا بالإضافة إلي النقد السينمائي الموضوعي. اجتزنا معا نحن الخمسة: بليغ، أبوالفتوح، عبدالمحسن، عبدالنور، وكاتب هذه السطور، اجتزنا التوجيهية بتفوق، وكنت قد قدمت بحثا عن هنري برجون الفيلسوف الفرنسي صاحب نظرية التطور الخلاق فقرر مجلس كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليا» منحي مجانية التعليم طوال دراستي بالكلية، ولم اختر الفلسفة، بل الأدب واللغة الفرنسية، أما عبدالنور فإن لم تخني الذاكرة اختار قسم الأدب الإنجليزي. في مجلة الاستديو قمنا بمسح شامل للحركات والتيارات الفنية الجديدة في مصر وفي العالم. في مجال الفن التشكيلي قدمنا أعمال عبدالهادي الجزار وزينب السجيني وحسن فؤاد وغيرهم وغيرهم، وقدم عبدالنور المخرجين والممثلين الجدد وقتذاك، موريس الذي أصبح عمر الشريف، ومخرج باب الحديد الذي نعرفه باسم يوسف شاهين، كما قدم فيما بعد مخرج «درب المهابيل» توفيق صالح. السهل الممتنع كانت تلك «نواة» منهج عبدالنور، السهل الممتنع، إلقاء الضوء علي سينمائيين جدد، ثم تملكته الرغبة في أن يشاهد من يتحدث عنهم شخصيا كيف؟ من خلال مهرجانات السينما العالمية. ظل عبدالنور يقتصد من مصروفه عاما بأكمله حتي استطاع أن يدفع ثمن التذكرة ذهابا وإيابا من القاهرة إلي نيس، ثم يعبر إلي مهرجان كان السينمائي الدولي. كان ذلك عام 1950 ومن وقتها وحتي لفظ أنفاسه الأخيرة لم ينقطع عبدالنور خليل عن التواجد في كبريات مهرجانات السينما الدولية: كان فينسيا كارلوثي فاري وغيرها وغيرها. لم يكن التعرف علي الطفرات التي تحدث عاما بعد عام في لغة التعبير البصري السمعي هي شغفه الوحيد، بل دفع أكبر عدد من قراء الصحف إلي متابعة تلك المهرجانات من خلال نقل صورة متكاملة عنها. وتنقل عبدالنور من مجلة إلي صحيفة، حتي استقر في دار الهلال محررا فنيا للمصور الأسبوعية ومن وقتها وحتي أسبوع واحد فقط لم ينقطع عبدالنور خليل عن ربط المصريين بعالم الإبداع السينمائي. الأداء التمثيلي في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي العام الماضي كنا نلتقي عدة مرات يوميا في المطعم في مشاهدة العروض وعندما يختفي عبدالنور عن بصري أعرف أين أجده: في أسفل الفندق بكافيتيريا الخديو وقد أحاط به عشرات من الشبان والفتيات، يريدون معرفة فن الأداء التمثيلي أو التصوير أو الإخراج، من خلال ما شاهدوه من أفلام طوال ثمانية أيام هي مدة المهرجان. كان يؤمن بأن اللقاء الحي والحوار أهم بكثير من كتابة مقال لكنه في الوقت ذاته كان يجمع من كل أرشيفات العالم ما يريده لكتابة مقال هنا أو هناك، والأهم من ذلك كتابته كتابا بأكمله عن شخصية سينمائية، يعرفها الجمهور من خلال نتاجها الكامل لكنه لا يعرف كيف تحقق ذلك النتاج. عبدالحليم، ثم سيندريللا الشاشة المصرية سعاد حسني ثم.. ثم.. ثم العشرات من نجوم السينما، أنه يدخلنا إلي عالم مسحور، لكنه يزيح القناع عما بداخله من صعوبات وإرهاق وحقد وفرح وكراهية وتعاطف، يزيح القناع عن حياة العمل الفني ثمرة عشرات الجهود تنتهي كلها بفيلم. لدي الكثير أقوله عن عبدالنور إلا أنني لم أستطع أن أحبس دمعة لا تكاد تجف بين الجفن والمقل. وداعًا رفيق رحلة العمر

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.