أثار حوار إلهام شاهين الذي أجرته صحيفة الوفد معها منذ عدة ايام، ردود فعل غاضبة، ليس بين ابناء ثورة يناير ومؤيديها فقط، بل بين اتجاهات عدة رأت فيما قالته إلهام عدم إحساس بالمسئولية، فقد شاطت في شخصيات سياسية لها وزنها دون أن تمتلك المعلومات الكافية، أو الوعي السياسي الذي يؤهلها للحكم علي مواقف وشخصيات مؤثرة في حياتنا السياسية سواء قبل الثورة أو بعدها، وحاولت "إلهام" ان تتدارك الأمر وتؤكد أن ماقالته مجرد رأي شخصي، وهي لها الحرية المطلقة في أن تقول ما تعتقده، وألقت الكرة الساخنة في حجر من آمنوا بالثورة، وقالت مامعناه نحن في زمن الحرية وكل واحد يقول اللي هو عايزة أمال تبقي حرية وديمقراطية إزاي؟ ويبدو أن الأمور قد اختلطت لدي إلهام شاهين التي اعتادت أن تتكلم دون أن تفكر فيما تقوله او تعمل له حساب، فهي شخصية مندفعة وصادقة مع نفسها ولكنها تحتاج الي ضبط زوايا العجل والفرامل، لأن هناك فرقا بين سيدة منزل تثرثر مع جارتها عند الكوافير أو في التليفون وبين نجمة ذائعة الصيت، منحها هذا الشعب الشهرة والثراء والاحترام، فأصبحت من الشخصيات العامة التي يمكن ان ينتظر الناس رأيها في المسائل والموضوعات التي تؤثر إيجاباً أو سلبا في حركة المجتمع، وخاصة ما يتعلق منها بالأحداث الجاريه! وعي سياسي وسألتني مذيعة شابة "هل من الضروري أن يكون لدي الفنان وعي سياسي، واضافت كثير من نجوم الفن يؤكدون إن مالهمش في السياسية هربا من الاسئلة أو خوفاً من التورط " وأجبتها أن الفنان مش ضروري يشتغل بالعمل السياسي، يعني من حقه الا ينتمي الي أحزاب سياسية أو يكون له ايديولوجية ومن حقه ألا يشارك في الخروج في مظاهرات تطالب بحقوق للجميع، ولكنه مثل أي مواطن لابد وان يكون لديه الوعي بما يجري علي أرض الوطن، خاصة وأننا في زمن يسهل فيه الحصول علي المعلومات من مصادر متعددة، ولا اتصور أن شخصا ما يعيش في مصر و لايعرف ان الثورة قد قامت للقضاء علي نظام حكم فاسد، وأن أركان هذا النظام وأعوانه كانوا متورطين في سرقة الشعب وإذلاله طوال ثلاثين عاماً، وان معظمهم اصبح الآن داخل السجون ويحاكم علي تهم نهب الأموال العامة، والتآمر علي قتل المتظاهرين الذين استشهد منهم 866 شابا في عمر الزهور، بينما أصيب الآلاف غيرهم بعاهات مستديمة! وفي مثل هذه الظروف عندما يصرح فنان أنه بيحب رأس هذا النظام لانه كان لطيفا معه، يبقي بالتأكيد هذا الفنان إنحاز للقاتل الفاسد الذي ينتظره حكم الاعدام او علي الاقل المؤبد ! والغريب أن إلهام شاهين لم تكن يوما من المقربين الي الرئيس السابق، وليس له عليها اي افضال، وكل الحكاية كما ترويها هي أنها التقته في مناسبة عامة وشكت اليه تعسف أحد رؤساء تحرير الصحف ضدها، ونشره لأخبار وشائعات تسيء الي سمعتها في صحيفته التي كان يرأس تحريرها، فماذا فعل حسني مبارك؟؟ ولا أي حاجة، بالعكس استمر رئيس التحرير المذكور في الهجوم عليها في جريدته، وعندما اصبح رئيسا لمجلس الادارة منع أخبارها من كل مطبوعات المؤسسة، كما فعل مع عادل إمام ونور الشريف، لأسباب مختلفة وغامضة ! ولم يتدخل الرئيس لحماية اي من هؤلاء فقد كان يؤمن بمقولة جحا "طالما الموضوع بعيد عني يبقي ماليش دعوة". العبيد وجلاديهم ومع ذلك تعتبر إلهام شاهين أن الرئيس السابق عمل فيها جميلا ومعروفا ولذلك فهي تدين له بالولاء، وتؤكد حبها له، إذن الحكاية مش رأي شخصي ووجهة نظر ولكنها تنحاز الي حاكم جائر قتل شعبه وسرق ونهب وسهل لمعاونيه اغتصاب حقوق الناس ونشر الفساد الذي نعاني منه الآن! باختصار أن الذي تعجز إلهام شاهين عن إدراكه أنها وغيرها ممن وضعهم الناس في قائمة سوداء لم يكتفوا بالصمت، والالتزام بالسلبية تجاه ثورة يناير وشبابها، بل وقفت إلي جانب أعداء الشعب المصري، وهم الرئيس السابق وعائلته وحاشيته !ً وقديما قال أحد الحكماء "الأحرار يبكون شهداءهم والعبيد يبكون جلاديهم " أما عن رأي إلهام في البرادعي فهي حرة أن تؤيده أوتراه غير مناسب، ولكن ليس من حقها أن تنشر عنه اكاذيب ملفقة، كان يرددها الاعلام المصري الكاذب المنافق، فالبرادعي لم يسلم العراق للأمريكان كما ذكرت في حوارها في جريدة «الوفد»، ولم يتقاعس عن مهاجمة الغزو الامريكي للعراق كما أكدت في تصحيح الخبر، والواضح أنها لاتتابع كل القنوات الفضائية ولاتقرأ مايكتب في هذا الشأن، لأنها لو فعلت لأدركت ان البرادعي أدان الغزو الامريكي علي العراق في كل المحافل العالمية! وكان من الممكن لإلهام شاهين ان تخرج عن كبرها وتتنازل وتتواضع وتسأل صديقتها المخرجة كاملة ابو ذكري عن السبب الذي دفعها للخروج مع المتظاهرين في الخامس والعشرين من يناير، وكان يمكن ان تسأل بعض أصدقائها من الفنانين الذين كانت لهم إسهامات إيجابية طوال ايام الثورة، هل فعلوا ذلك من أجل المنظرة؟ أو أملا في مكاسب شخصية؟ أم انحازوا لرغبة الشعب المصري في إسقاط نظام فاسد وسافل؟ وأحب أن أطمئن إلهام شاهين أن أحدا لايهددها أو يتربص بها، ولكن الناس الذين صنعوا شعبيتها ونجوميتها لهم عليها حق، علي الاقل تحترم دم الشهداء ولاتنحاز لقاتلهم، حتي لاتبدوا منفصلة عن العالم الذي تعيشه، فماذا يفيد الانسان لو كسب الدنيا وخسر نفسه! وعلي النقيض من هؤلاء هناك جيهان فاضل التي ظهر وعيها الوطني والسياسي أثناء الثورة وبعدها، وقد استضافتها مني الشاذلي في برنامج العاشرة مساء لتدلي برأيها مع غيرها من الشخصيات العامة حول تصورها للرئيس القادم فقالت لانريده إلاهاً أونصف إله، ولانريده أبا، ولاكبير عيلة، نريده مواطناً صالحا يسعي لخدمة الوطن نستطيع ان ننتقد أداءه الوظيفي، دون خوف أو حساسية لا يهمني إن كان يتمتع بكاريزما مثل عبد الناصر، ولا اريده أن يثير عاطفتي، فلايهم أن احبه ولكن يكفي ان نحترمه لانه يسعي لان تكون مصر محترمة بين دول العالم، واضافت جيهان فاضل لانريد أن تتصدر صور الرئيس القادم واخباره الصفحات الاولي من الصحف، ونشرات الاخبار، لانريده أن يكون محور اهتمامنا بشخصه، ولكن نريد ان تكون افعاله هي محور إهتمامنا ونقدنا إذا لز م الأمر، وبيننا وبينه ميدان التحرير، فيجب أن يضع في اعتباره أن رضاء الشعب عليه، هو الضمان لبقائه واستمراره في الحكم! ولكن فات جيهان فاضل أن الرئيس القادم الذي سوف يأتي لاول مرة بانتخاب حقيقي من الشعب، لن يكون بيننا وبينه ميدان التحرير ولكن صندوق الانتخابات، فالشعوب لاتبقي في حالة ثورة دائمة وإلا كانت هذه هي الفوضي بعينها، فالشعب الامريكي لم يخرج في مظاهرات للاطاحة بجورج بوش الابن، رغم وصفهم إياه بالغباء، بعد أن ورط امريكا في حرب علي العراق، لانه رئيس جاء للبيت الابيض عن طريق صناديق الاقتراع، ولم يكن يحكم وحده ولكن من خلال مؤسسات راسخة مثل الكونجرس والبنتاجون، وكان يحكم من خلال مستشاريه ويتلقي النقد اللاذع كلما اساء التقدير، أما الرئيس الوحيد الذي خرج من البيت الابيض قبل ان يكمل مدة رئاسته فكان ريتشارد نيكسون الذي اطاحت به فضيحة ووترجيت، التي اكتشفها اثنان من صحفيي الواشنطون بوست، ولم يكن الامر في حاجة الي مظاهرات مليونية لاخراجه من البيت الابيض، فالرجل اعترف بخطئه، وأدرك ان عليه الرحيل وهذه هي الديمقراطية التي نريدها، ونتمني أن ننعم بها ونطبقها في مصر!