دخلت العلاقات الإيرانية الخليجية نفقاً مظلما وذلك بعدما اعلن وفي خلال ايام قليلة عن مؤامرتين كبيرتين في البحرين والكويت كانتا تستهدفان امن دول مجلس التعاون الخليجي ككل خاصة بعدما فشلت إيران في اقامة النموذج الموالي لها في البحرين لاختراق دول الخليج فسعت الي اختراقه من خلال الكويت والتي يوجد بها نحو 45 الف ايراني يعملون بها وهو ما يوفر بيئة خصبة للاختراق الامني فضلا عن كون ثلث سكان الكويت من الشيعة فما طبيعة الاهداف التي تسعي إيران الي تحقيقها بالمنطقة الغنية بالنفط ؟ وهل تسعي إيران الي تطبيق النموذج الامامي في المنطقة ؟ والي اين تتجه العلاقات الإيرانية الخليجية في المرحلة الحالية ؟ كان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسي آل خليفة قد اعلن عن إفشال مخطط خارجي يحاك منذ ثلاثين عاما ضد البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي. قال الملك حمد خلال زيارته لقوات درع الجزيرة والتقائه ضباطا من الإمارات والبحرين والسعودية وقطر والكويت وعمان: إن الذي شهدته البحرين هو امتحان من رب العالمين، ولكن هناك مخططاً والمخطط خارجي وعمل عليه لمدة لا تقل عن ثلاثين أو عشرين عاما بحيث تكون الأرضية جاهزة للأمر، فإن نجح هذا في إحدي دول مجلس التعاون فقد يعم وهذا ليس بالسهل أن يمر في البحرين أو في أي دولة من دول مجلس التعاون ولله الحمد. وأعلن أمامكم اليوم أن هذا المخطط فشل». تأتي تصريحات الملك البحريني في الوقت الذي دخلت فيه العلاقات البحرينية - الإيرانية منعطفاً غامضًا إثر طلب السلطات البحرينية من القائم بأعمال السفارة الإيرانية محمد فضلي مغادرة البلاد في غضون 24 ساعة، وفقا لقيامه بممارسات وأنشطة مشبوهة وتخابر مع منظمة إرهابية فسرها مسئول في وزارة الخارجية البحرينية بأن سبب الإبعاد هو سوء استخدام الدبلوماسي الإيراني لصلاحياته الدبلوماسية. وجاء طرد المسئول الإيراني بعد يوم واحد من تقديم البحرين لمذكرة احتجاج لدي هيئة الأممالمتحدة بشأن التدخل الإيراني في الشئون الداخلية ومحاولاتها تأجيج الأوضاع في البحرين. واكد الشيخ عبد اللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية (الجمعيات السنية في البحرين) إن الجهات الأمنية كشفت الممارسات غير المسئولة للقائم بأعمال السفارة الإيرانية خلال وجوده في مستشفي السلمانية خلال احتلاله من قبل المحتجين الشيعة، ونشاطه في مهام غير دبلوماسية ولا تتعلق بعمله، وأضاف المحمود أن الدبلوماسي الإيراني حاول أن يخرج مجموعة من الأسلحة التي قام بإدخالها، كما عثر علي معدات استخباراتية في المستشفي، وآخر في دوار اللؤلؤة وتبلغ قيمة كل منهما نحو 52 ألف دينار وحاول تفكيكه قبل وصول الجهات الأمنية ولكن تمت مصادرته. أشار المحمود إلي أن البحرين حاولت سحب السفير لعدم تأجيج الأوضاع، ولكن ظهر بجلاء تورط إيران في أزمة البحرين، سواء كان ذلك من خلال بيانات الساسة الإيرانيين أو من التصعيد الذي تشنه قنوات التلفزة الإيرانية الناطقة بالعربية، مما يؤكد أنهم شركاء في تأجيج الأوضاع في البحرين. قال الشيخ المحمود سمعت ان بعضا من تلك القنوات تبنت دعم وفتح الباب للشباب الاستشهاديين من المتطوعين، لإرسالهم إلي البحرين. وهو ما يؤكد أن إيران تسير سيرا حثيثا علي طريق ما يحدث في البحرين، كما أن المعارضة التي أججت الأزمة تستمد دعمها من إيران. قال إن إيران لن تراجع مواقفها المسيئة للعرب وأبناء الخليج ما لم يتخذ حيالها موقف موحد ومعلن من الجميع. كان الشيخ عادل المعاودة نائب رئيس البرلمان البحريني قد كشف عن تحرك لمجموعة من النواب للمطالبة بإغلاق السفارة الإيرانية كون نشاطها أصبح مشبوها مضيفا أن طرد القائم بالأعمال هو أقل ما يمكن أن يتخذ في هذا الشأن لوقف النشاط الإيراني الذي يضر بمصلحة البحرين. وقال المعاودة إن هناك أنباء تتردد عن كشف خيوط وممارسات غير مصرح بها للقائم بالأعمال واستمرار وجوده قد يصل بنا إلي قضايا خطيرة، مضيفا أن تدخل إيران في الشئون الداخلية للبحرين وتحركاتها علي مختلف الأصعدة أصبحت معلنة إلي الحد الذي وصل بها إلي تقديم شكوي ضد البحرين في أوضاع داخلية لا شأن لها بها. أضاف أنه أصبح من المألوف الممارسات غير النظامية لكثير من السفراء الإيرانيين والجرأة التي يتصفون بها للتدخل في الشئون الداخلية. مبينا أن رصد ممارسات السفارة الإيرانية سيتبعها كشف حقائق جديدة بعد اكتمال التحقيقات والمتابعة من السلطات الأمنية البحرينية التي تحرص دائما علي عدم الاستعجال في كشف القضية إلي أن تتمكن من جمع المعلومات والوصول إلي الحقيقة، كما ستكون الأيام المقبلة حبلي بكثير من المعلومات والحقائق حول تورط القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية. بينما دعت كتلة المستقلين في البرلمان البحريني إلي اجتماع مشترك لوزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي لبحث اتخاذ الإجراءات اللازمة إزاء التهديدات الإيرانية المتواصلة للأمن والاستقرار الخليجي، في ظل تدخلها في الشأن البحريني واستمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وتسمية الخليج العربي ب«الفارسي»، وغيرها من الأطماع التوسعية التي تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، آملة التوصل إلي قرار خليجي جماعي بطرد السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الإيرانية المعتمدة لدي دول المجلس ما لم تتوقف إيران عن سياساتها العدائية والاستفزازية، وتحترم قواعد العلاقات الودية وحُسن الجوار. وأكدت الكتلة أن «قيام الخارجية الإيرانية بتوجيه رسائل استفزازية إلي المنظمات الإقليمية والدولية واعتراض عدد من كبار المسئولين في طهران علي الإجراءات البحرينية لحفظ الأمن والاستقرار الداخلي، يمثل انتهاكا لسيادة الدولة، ويكشف عن حقيقة النوايا الإيرانية العدوانية إزاء دول المنطقة العربية بما يخالف مبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية». واستنكرت كتلة المستقلين البرلمانية التدخل الإيراني السافر في الشئون الداخلية لمملكة البحرين سياسيا وإعلاميا، باعتباره يتنافي مع ميثاقي الأممالمتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجميع الاتفاقيات الدبلوماسية والمواثيق الدولية، التي تفترض إقامة العلاقات بين دول العالم علي أساس قواعد حُسن الجوار والاحترام المتبادل ورفض المساس بسيادة الدول واستقلالها السياسي، وعدم التدخل بتهديد أمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها. فرض الهيمنة يبدو ان ما حدث بالبحرين ما كان سوي بداية لمؤامرة كبيرة خططت لها إيران لفرض سيطرتها علي دول اخليج ككل وليس البحرين فقط وهذا ما كشفه الاعلان عن شبكة تجسس إيرانية بالكويت ووفقا لصحيفة السياسة الكويتية فقد كشفت مصادر أمنية خليجية للجريدة مفاصل مهمة من المخطط الإيراني الذي كان يستهدف دول الخليج العربية كافة, وليس مملكة البحرين فقط وقالت: "إن فصلاً مهماً منه يستهدف دولة الكويت وما شبكة التجسس إلا رأس جبل الجليد, إذ كان الهدف احتلال بعض الجزر الكويتية في سياق التدخل البحري الإيراني تحت ستار حماية الشيعة في البحرين, واحتلال بعض الجزر الخليجية". أشارت الصحيفة الي ان اجتماع وزراء خارجية دول"مجلس التعاون" الذي عقد الاسبوع الماضي في الرياض اطلع كلا من وزيري خارجيتي الكويت والبحرين علي المعلومات التي وفرتها الأجهزة الأمنية في الدولتين, وكل المخطط التآمري وفي ضوء ذلك وضعت التوصيات التي ستتحول في المرحلة المقبلة الي قرارات تنفيذية, كما أن دول الخليج ستطلع عليها دول العالم". وأوضحت المصادر الامنية للصحيفة الكويتية أن "تنفيذ المخطط بدأ منذ أشهر عدة, وكانت الفوضي واعمال الشغب التي شهدتها البحرين بداية السيناريو العدواني الهادف إلي إثارة زعزعة الجبهة الداخلية البحرينية, وكان مخططاً لها أن تستمر ما بين أسبوعين إلي ثلاثة أسابيع تكون خلالها كل محطات التلفزة الفضائية الإيرانية ووسائل إعلام عربية ودولية أخري قد أظهرت ان ما يجري هو إبادة للشيعة في المملكة, من خلال أعمال قتل مصطنعة يمارسها عملاء إيران ضد المتظاهرين الذين تبينهم تلك الوسائل أنهم الشيعة كلهم, ومحاولة إقناع العالم بأن ما يجري هو ممارسة تفرقة عنصرية ودينية ضد فئة من الفئات ترتكبها الحكومة البحرينية وآل خليفة, لتبرير طلب حماية إيرانية من بعض "البرامكة الجدد" في البحرين, فتسارع قوات الحرس الثوري الإيراني إلي فرض حصار بحري علي المملكة ودول الخليج واحتلال بعض الجزر لفرض أمر واقع جديد في المنطقة". اشارت الصحيفة الي أن نحو ألفي شخص من المشتبه بأنهم أعضاء في الحرس الثوري الإيراني دخلوا تسللا وبطرق غير مشروعة إلي دول المجلس, ومن دون معرفة أجهزتها الأمنية, كما أن هناك متنفذين من الشيعة اللبنانيين سيجري إبعادهم إلي وطنهم لارتباطهم بالمخطط الإيراني وهو ما يفسر توقف الرحلات الجوية بين البحرين ولبنان لفترة من الوقت ". وكانت الكويت قد اعلنت قبل ايام أنها قررت طرد مجموعة من الدبلوماسيين الإيرانيين المتهمين بالتورط في قضية تجسس ووجهت في الوقت نفسه تحذيرا إلي طهران حيال «التداعيات الخطيرة» لهذه القضية علي العلاقات الثنائية. قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح، للصحفيين عقب جلسة برلمانية للجنة الشئون الخارجية «سيكون هناك إجراء ضد مجموعة من الدبلوماسيين الإيرانيين وسيتم التعامل معهم حسب الأصول الدبلوماسية، وهي أنهم أشخاص غير مرغوب فيهم ويجب طردهم من الكويت». وأكد أنه ثبت ارتباط هؤلاء الدبلوماسيين بالفعل بشبكة التجسس. وجاءت هذه الخطوة بعدما حكمت محكمة في الكويت الاسبوع الماضي علي إيرانيين وكويتي بالإعدام بتهمة الانتماء إلي شبكة تجسس إيرانية، كما حكمت علي اثنين آخرين بالسجن المؤبد في القضية ذاتها. وقد خضع هؤلاء إلي المحاكمة بتهمة التجسس ونقل معلومات حول الجيشين الكويتي والأمريكي المنتشر في البلاد إلي الحرس الثوري الإيراني وهو ما سبق أن نفته طهران. قال الشيخ محمد الصباح إن الأحكام القضائية «تبين أن هناك مؤامرة علي أمن الكويت السياسي والاقتصادي والعسكري حيكت من قبل إيران». وأضاف «هناك شيء صعقنا في هذا الحكم، وهو أن تكون هذه الشبكة التآمرية مرتبطة بعناصر رسمية من الجمهورية الإسلامية، ولذلك شكلنا خلية أزمة في وزارة الخارجية وتم استدعاء السفير الكويتي من طهران». وذكر أيضا أنه «تم استدعاء القائم بالأعمال الإيراني (سيد محمد الشهابي) وجري تسليمه مذكرة احتجاج». حيث تم التأكيد للدبلوماسي الإيراني أن «أمن البلاد واستقرارها خط أحمر ولا يسمح لأي من كان بأن يقترب أو يعبث بهذا الملف». وطلبوا منه «نقل هذا الاحتجاج الشديد إلي عاصمة بلاده لتكون علي بينة من هذا الأمر وتوضيح مدي تداعياته الخطيرة علي العلاقات الثنائية بين البلدين». ونفت طهران مجددا علاقتها بالشبكة، مؤكدة علي لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، أن «هذا الموضوع لا يمت بصلة إطلاقا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية أو أعضاء السفارة الإيرانية». واعتبر أن «توجيه مثل هذا الادعاء إلي إيران من قبل الجهاز القضائي الكويتي هو ادعاء غير مسئول». ورأي أن طرح هذا الموضوع مجددا «أمر يثير التساؤل وينطوي علي أهداف خاصة ». وفي أغسطس 2010 وجهت محكمة كويتية رسميا تهما بالتجسس إلي سبعة أشخاص لصالح إيران إلا أن المتهمين نفوا ذلك، مؤكدين أنهم أدلوا باعترافاتهم تحت الضغط. وجري تفكيك الشبكة في مايو من العام 2010 وأشارت الصحافة الكويتية حينها إلي أن عناصرها يعملون لصالح الحرس الثوري الإيراني. وطالب نواب كويتيون بطرد السفير الإيراني بعد المعلومات التي نشرت عن تفكيك شبكة التجسس. سياسات نجاد ويؤكد سياسيون وخبراء إيرانيون أن الرئيس محمود أحمدي نجاد اتخذ سلوكا منحرفا عن نظيريه السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي في علاقته مع الدول العربية والإسلامية، خاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي. مشيرين الي ان نجاد دمر جسور الصداقة مع دول مجلس التعاون التي أرساها سلفه خاتمي حيث ترك التدخل الإيراني في شئون الخليج ترك بصمات سلبية علي العلاقات العربية الإيرانية. كما أن إقحام حكومة نجاد نفسها في أتون التوترات العربية الحالية تصرف غير عقلاني، لأن ما يحدث في هذه الدول ليس له علاقة بإيران، وهو شأن داخلي لا ينبغي لها أو لأي جهة أخري التدخل فيه. ,وكان مساعد وزير الخارجية الإيراني الأسبق صادق خرازي قد عبر عن امتعاضه من سياسة بلاده الخارجية خاصة العربية والإسلامية، داعيا نجاد إلي إعادة النظر في مسيرة العلاقات مع دول الجوار، ومشددا علي أن إيران ستخسر الكثير إن واصلت سياسة القطيعة مع العالم. ومشيرا الي أن الرئيس محمود أحمدي نجاد اتخذ سلوكا منحرفا عن سلوكيات الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي في علاقته مع الدول العربية والإسلامية خاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ويري هؤلاء أن خاتمي كان أكثر انفتاحا في علاقته الدبلوماسية مع الدول المجاورة لإيران، حيث شهدت العلاقات الإيرانية الخليجية في عهده فصلا ربيعيا. اضاف أن سياسة نجاد الخارجية خاصة في العلاقات مع الخليج أضرت كثيرا بقيم الثورة. وقارن بين الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة الإيرانية، إذ أكد أن الرئيس خاتمي بعد توليه الحكم عام 1997 بدأت إيران في اتخاذ مسار أكثراعتدالا من المسار الرفسنجاني وما قبله، حيث أبدي رغبته بشكل عملي متصاعد في عودة العلاقات الإيرانية العربية بشكل متطور من خلال قيامه بزيارات إلي جميع الدول العربية وعلي رأسها الدول الخليجية ومصر والسودان والجزائر. كما عقد اتفاقيات لتوطيد هذه العلاقات وتوثيقها.