تقع في قلب القاهرة في منطقة من أهم المناطق الاثرية التاريخية في مصر حيث يوجد مجمع الاديان التي تزدخر بالعديد من الكنائس المهمة وعلي رأسها الكنيسة المعلقة ومعبد بن عزرا اليهودي وجامع عمروبن العاص أول مسجد بُني في مصر..بالاضافة إلي وجودها بجوار أهم مشروع ثقافي سوف يُرفع الستار عنه قريبا ألا وهومتحف الحضارة العالمي.... وسط كل هذا وأكثر تقع مدينة الفسطاط الاثرية عاصمة مصر الأولي وأقدم العواصم الإسلامية في إفريقيا.. والتي باتت تهدد أطلالها القمامة والعشوائيات. بداية يوضح إبراهيم عبد الرحمن مدير عام منطقة الفسطاط فيقول: لم يوجد اهمال من قبل المجلس الأعلي للآثار فقد سارع بتطوير المنطقة والدليل علي ذلك قيامه بتنفيذ خطة متكاملة من أجل إعادة احياء آثار المنطقة بالكامل ولكن من خلال عدد من المراحل بدأت بتطوير كنائس المنطقة كلها وترميم المعبد اليهودي وترميم وتطوير جامع عمروبن العاص بالاضافة للتطوير الذي شهده المتحف القبطي أحد آثار المنطقة المهم وحاليا الدور علي مدينة الفسطاط حيث يتم إعداد الدراسات اللازمة لتحديد كيفية الحفاظ علي المنطقة واعداد خطة كاملة لتطوير منطقة الفسطاط وفقا لأهميتها التاريخية كأولي عواصم افريقيا الاسلامية وأحد آثار قائمة التراث العالمي لليونسكو.. ولكن خطوات الخطر المتمثل في العشوائيات والقمامة أسرع بكثير من خطوات الترميم والتطوير مما يهدد المنطقة كلها للخطر والفناء. أبعاد المشكلة يوضح ممدوح السيد محمد المفتش الاثري بالمنطقة أن منطقة مدينة الفسطاط يحدها من الجنوب طريق أثر النبي المعروف بالاتوستراد وشمالا عزبة أبوقرن العشوائية وشرقا أرض آلت ملكيها لمحافظة القاهرة بجوارحديقة الفسطاط وغربا شارع الإمام ومنطقة مجمع الكنائس وتعاني المنطقة مشكلتين مهمتين الاولي عزبة أبوقرن العشوائية والثانية الارض الفضاء التابعة للمحافظة بالنسبة لعزبة أبوقرن فهي عزبة عشوائية شديدة التلاصق بالمنطقة الاثرية ومن أجل الحد من مخاطرها تم بناء سور فاصل بينها وبين المنطقة الاثرية للحد من التوسعات التي يقوم بها أهل المنطقة علي نفقة المجلس الأعلي للآثار إلا أن هذا الحل لم يقلل من مخاطرها علي المنطقة الاثرية بل يعتبرها أهل المنطقة مكانا لإلقاء القمامة بالاضافة إلي تسرب مياه الصرف الصحي لأرض الآثار التي تعاني أساسا ارتفاعًا شديدًا في منسوب المياه الجوفية ورغم قيام محافظة القاهرة منذ عام 1992 بعمل حصر للمناطق العشوائية بالقاهرة لنقلها وتطويرها والتي ضمت من بينها المناطق العشوائية المحيطة لمدينة الفسطاط وهي عزبة أبوقرن وبحر البقر وعزبة خير الله إلا أنه مازالت المشكلة قائمة حتي الآن ولم يتغير ساكنا. أما عن المشكلة الثانية فيوضح مدير عام المنطقة تلال القمامة الموجودة بجوار عزبة ابوقرن مشكلة رهيبة تتفاقم وتتضخم يوما بعد يوم حتي ستصل يوما ما وليس بالبعيد لقلب المنطقة الأثرية. وهي مشكلة صعبة الحل لانها ستكلف أموالا طائلة لحلها فتلال القمامة هذه زادت بشكل مخيف واصبحت الآن تتعدي علي أرض المدينة التاريخية الفسطاط ويختفي أسفلها آثار المنطقة. وعن ملكية الأرض التي يوجد بها تلال القمامة هذه يروي عبد الرحمن المشكلة فيقول: سبق وقدمت محافظة القاهرة للمجلس الأعلي للآثار طلبا من أجل استلام قطعة أرض بالفسطاط التي يبلغ مساحتها 30 فدانا المحيطة بأرض شركة السباخ المصرية "التي تم الانتهاء من التنقيب بها عن الاثار من عام 1975 حتي عام 1994 وثبت نهائيا عدم وجود آثار بها لذلك اعتبرت هذه الارض ملكية عامة وآلت ملكيتها لمحافظة القاهرة وفقا للقانون "لتنفيذ مشروعات سكنية وترفيهية متطورة لخدمة المنطقة "خدمات ترفيهية وسياحية وتجارية تخدم المنطقة الأثرية " واظهارها في أفضل مظهر لها يليق بتاريخ المنطقة وخصوصا مع ما يشهده هذا العام من اضافه جديد لاثار المنطقة بافتتاح متحف الحضارة ومن هذا المنطلق وافق المجلس الأعلي بقرار اللجنة الدائمة للآثارالاسلامية في جلسة 20 / 7/2008 علي تسليم الارض المحيطة بشركة السباخ المصرية لملكية المحافظة بعرض تنفيذ المشروع ولكن بشروط أهمها الحفاظ علي بقايا سور صلاح الدين دون الاقتراب منه بمسافة 20 م للحفاظ علي الأجزاء الظاهرة منه أومساره غير الظاهر. وبعد ذلك تكونت لجنة تشمل أعضاء من الطرفين المجلس الأعلي للآثار والمحافظة والاملاك للمعاينه علي الطبيعة لموقع الارض واستلام الارض ولكن اشترط أعضاء لجنة محافظة القاهرة قيام المجلس الأعلي للآثار ببناء سور بمسافة ثلاثة كيلومترات علي حدود الأرض المتبقية من قرار الاخضاع قبل استلام الأرض المجاورة والملاصقة لأرض السباخ وهذا ما يخالف قرار اللجنة الدائمة ويكلف المجلس الأعلي للآثار مبالغ طائلة دون جدوي بالاضافة إلي انه يخالف الاجراءات المعمول بها حيث يلزم إدارتي المساحة والأملاك بمحافظة القاهرة وهيئة الآثار بوضع نقاط لحدود الأرض وامتلاكها ثم قيام كل طرف بتسوية أرضه وفصلها. ويضيف عبد الرحمن: انه ما بين هذه النزاعات والمفاوضات في كيفية استلام هذه الأرض وقعت الارض في أيدي الإهمال وتحولت من حلم لإقامة مشروع خدمي ترفيهي يخدم أهل المنطقة وزوارها من السائحين إلي مقلب للقمامة أدي لتشويه المنطقة بشكل خطير والتعدي علي المنطقة الأثرية ناهيك عما ينبعث منها من روائح كريهة وحرق مستمر للقمامة تؤثر بشكل كبير علي ما يتبقي من أطلال أثرية وفي وسط هذا حاولنا كثيرا كمسئولين عن آثار المنطقة بمخاطبة الجهات المختصة للإسراع بانقاذ المنطقة ولكن لا حياة لمن ينادي. أهمية الفسطاط وعن مدينة الفسطاط يحدثنا مصطفي عبد الحليم مدير المنطقة: مدينة الفسطاط هي أولي عواصم مصر الإسلامية أسسها القائد عمروبن العاص عام 21ه 642م وهوالعام الذي فُتحت فيه مصر علي يد القائد الإسلامي عمروبن العاص وكان من الطبيعي أن يفكر في ضرورة أن يكون لهم مركز رئيسي بعيد عن البحر من ناحية ويتوسط أرض مصر مما يمكنهم إحكام السيطرة عليها من ناحية آخري ومن هنا جاء التفكير في إنشاء مدينة الفسطاط في ذلك المكان المهم بين الوجهين البحري والقبلي ولموقع الفسطاط أهمية كبيرة تاريخية فهو المكان الذي شهد منف ورأي حصن بابليون، ويضيف بأن كلمة الفسطاط شهدت العديد من المناقشات حول أصل هذه الكلمة فالبعض يقول إن أصل اللفظ يوناني والرأي الآخر يقول لاتيني ولكن كلمة الفسطاط كلمة عربية تعني خيمة مصنوعة من الوبر "شعر الجمل" وعندما بناها العرب قسموها إلي خطط عديدة سكنت في كل خطة منها قبيلة من قبائل العرب ومن الطبيعي أن يكون إقامة جامع في هذه المدينة العربية الإسلامية أول ما يفكر فيه عمروبن العاص فوضع أساس جامعه العتيق عند تخطيط الفسطاط وهوأول جامع شهدته أرض مصر في عصرها الجديد ولم تلبث أن أخذت الفسطاط تتسع وترقي تدريجيا لتتحول من مدينة بدائية صغيرة إلي حاضرة كبيرة تنبض بالحياة وادخل عليها العديد من التغيرات عبر العصور المختلفة وأخذت تتحول من قاعدة عسكرية لمدينة حضارية ونتيجة لهذا التطور كست بها الدور والقصور والأسواق والحمامات العامة وأصبحت المدينة مصدرا للتجارة والصناعة وحدثت بها تنمية حضارية ومعمارية بالكامل في عصر العصر الفاطمي ولكن في عهد الخليفة العاضد 565ه - 1168م أصبحت المدينة خرابا بعد الحريق الذي أحدثه الوزير شاور. نظرا لأهمية الفسطاط من الناحية التاريخية والأثرية فقد قام العديد من العلماء منذ عام 1920 بأعمال التنقيب والبحث لمعرفة أسرارها علي رأسهم عالم الآثار علي بهجت وألبير جبريل وحسن الهواري وعالم الآثار الاسلامي عبد الرحمن عبد التواب ومازال التنقيب مستمرا للكشف عن العديد من آثار المدينة غير المكتشف بعد ولكن ما تعانيه المدينة من مشكلات كالقمامة والتعديات وارتفاع منسوب المياه الجوفية جعل في الوقت الحاضر من الصعب الاستمرار في أعمال الحفائر.