لايختلف اثنان علي أن الإنترنت اصبح لغة العصر ويعتبر من اهم وسائل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات التي يعتمد عليها الانسان كفرد او كشركات اعتمادا كليا وتعتبر مصر من اكبر مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي حيث يستخدمة 16 مليون مواطن في استخدامات عدة منها العمل والترفية والتعليم والتجارة والخدمات لكن لكل اختراع جديد ايجابياته وسلبياته وحتي نتعرف علي اثاره علي المجتمع لابد من التعمق في دراسته والتعرف علي آراء العلماء والمتخصصين والمستخدمين في هذا المجال إحصائيات ذكرت وسائل اعلام امريكية وكندية أن الإنترنت في مصر ظهر في مطلع التسعينات من خلال شبكة الجامعات المصرية وابتداء من عام 1996 بدأ الاقبال عليه من قبل المواطنين وسرعان ماانتشر استخدامه في كل البلاد عام 2008 حتي اصبح من كل 100 مصري هناك 25 مستخدما للإنترنت واشار احدث تقرير للاتحاد الدولي للاتصالات عام 2010 الي أن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بلغ 16 مليونا اي مايوازي 21% من تعداد السكان . وتوقع تقرير صادر عن مؤسسة رانكوس الهندية لبحوث السوق أن يصل عدد مستخدمي الإنترنت في مصر عام 2012 الي 22 مليون مستخدم كما توقع أن يسجل مشتركو المحمول معدل اختراق بنسبة 100% بمعني امتلاك كل المصريين لهواتف محمولة وارجع ذلك الي التطور السريع في البنية التحتية الذي تشهده صناعة تكنولوجيا المعلومات في مصر واكد التقرير علي أن مصر احد اهم اسواق تكنولوجيا المعلومات في افريقيا من حيث قاعدة المشتركين والخدمات المتاحة ومعدل نقل البيانات الدولي . وقدرت دراسة حديثة لمجموعة المرشدين العرب المتخصصة في اسواق الاتصالات والاعلام العربية حجم انفاق مستخدمي الإنترنت في مصر علي انشطة التجارة الالكترونية خلال العام الماضي بنحو 2,1 مليار دولار وقالت الدراسة إن 34,6% من مستخدمي الإنترنت في مصر قاموا بمعاملات تجارية علي الإنترنت خلال العام الماضي حيث تشمل هذه التجارة خدمات دفع الفواتير عبر الإنترنت موضحة أن عدد مستخدمي الإنترنت فيما يخص الانشطة التجارية الالكترونية يقدر بأكثر من 2,6 مليون مستخدم اي ما يعادل 3% من اجمالي عدد السكان في مصر قاموا بانفاق 2,1 مليار دولار خلال عام 2009 واشارت الدراسة الي أن نسبة استخدام خدمة الصوت أو اجراء المكالمات عبر بروتوكول الإنترنت بلغت 46,3% . وفي سياق آخر اشارت دراسة حديثة اجريت لصالح شركة سيمانتيك لأمن تكنولوجيا المعلومات إلي أن 65% من مستخدمي الإنترنت في العالم كانوا ضحايا لجرائم الإنترنت ولو لمرة واحدة علي الاقل وفي أحد التقارير جاءت دولة الإمارات في المرتبة 18 علي مستوي الشرق الاوسط وفي المرتبة 36 علي مستوي العالم خلال عام 2009 من حيث الانشطة الالكترونية الخبيثة بينما جاءت مصر في المرتبة 15 علي مستوي الشرق الاوسط وشمال افريقيا و31 علي مستوي العالم وقد احتلت مصر وتركيا والسعودية المراتب الاولي من حيث الهجمات الفيروسية المحتملة علي الترتيب. كما اشارت التقارير الي أن التوغل في عالم الإنترنت يعطي للمستخدم حرية التجول في مواقعه دون الافصاح عن هويته الحقيقية للآخرين فهم يختبئون وراء اسماء مستعارة وهذا ماشجع بعض المستخدمين علي ممارسة انماط من الجرائم الإلكترونية من بينها الابتزاز والارهاب الالكترونيان والنصب والغش والانتحال الالكتروني هذا الي جانب إصابة الشباب بادمان الإنترنت والعزلة الاجتماعية حيث انهم يقضون اوقاتا كبيرة امام شاشات الكمبيوتر ويلجأون الي غرف الدردشة الغير هادفة ويتراوح متوسط أعمار المترددين علي هذه الغرف مابين 15 الي 45 سنة . وقد تحول الإنترنت الي مساحة تعبير تتناول قضايا دينية وسياسية واجتماعية خاضعة لرقابة مكثفة من النظام الحاكم حيث انه يمثل لهم مساحة واسعة من حرية التعبير ويحتشد فيه كل المتمردين من الشباب وقد ظهر ذلك من خلال الاقبال علي استخدام المدونات ففي شهر ابريل عام 2008 بلغت عدد المدونات في مصر 160 الف مدونة اي مايقارب 30,7% من مجموع المدونات العربية وتعني نسبة 19% من هذه المدونات بالشأن السياسي وتتراوح اعمار المدونين المصريين بين 20 الي 30 عاما كذلك سجل المصريون حضورا واسعا علي شبكة الفيس بوك والذي خرجت من خلاله حركة شباب 6 ابريل عام 2008 وهي حركة تنادي بمطالب سياسية وتتبني خطابا شديد اللهجة في وجه السلطة وقد ادي احتشاد المواطنين علي تلك الشبكة في بعض الاحيان الي تراجع الحكومة عن بعض قراراتها وخاصة تراجع وزارة الاتصالات عن سياسة الاستخدام العادل الذي يهدف الي تقليص حجم التنزيل الشهري الي 2 جيجا بايت وتحديد سرعة التنزيل ب 264 كيلوبايت في الثانية التي اثارت موجة استنكار عارمة عرفت انذاك بثورة مستخدمي الإنترنت . وارجعت الصحف الغربية ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت الي السياسة الحكومية التي ركزت علي اضفاء الطابع الديموقراطي في الاعلام والاتصالات كتخفيض الرسوم وزيادة عدد موفري الخدمات الالكترونية وتسهيل شراء الحاسوب للمواطنين بالاضافة الي ارتفاع نسبة البطالة والعجز والاحباط وفقدان الأمل في مستقبل افضل بين الشباب . وقد صرح دكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بان زيادة مستخدمي الإنترنت يضع الوزارة امام تحديات في مجال تنمية الكوادر البشرية المؤهلة في التأمين الالكتروني . من جانبه أوضح المهندس أيمن عبد اللطيف، مدير عام شركة مايكروسوفت مصر أهمية الأمان للشباب والأطفال علي الإنترنت، مشيرا إلي أن مايكروسوفت أنفقت 8 مليارات دولار في الإبداع التكنولوجي لإنتاج وتطوير منتجات، ليستطيع الفرد علي مستوي العالم التحكم في أدوات الإنترنت. وحول سمعة الشباب علي الإنترنت أوضح عبد اللطيف أنه تم عمل تجربة عالمية علي 177 شخصاً من الشباب، وتم سؤالهم عن مدي حمايته لخصوصيتهم علي الإنترنت، وكانت الإجابة أن 28% أجابوا بأنها تؤثر في حياتهم الشخصية 47% تأثير متوسط و18%غير مدركين. وحول تأثير الإنترنت علي سمعة الشباب قال عبد اللطيف إن 41 % أجابوا بأن له تأثيرا كبيرا، و39 % قالوا إن له تأثيرا متوسطا، 16% مهتم، وأشار المهندس أيمن إلي أن الجامعة الآن تأخذ الشخص ذا السمعة الجيدة من "الفيس بوك"، لذلك يجب علي الأفراد توخي الحذر من وضع متعلقاتهم علي الإنترنت، لأنه من الممكن أن يفقد وظيفته. ويقول الدكتور "صالح الرقب" المحاضر بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية إن الإنترنت من انجازات التقدم العلمي التي تساعد الإنسان علي تحسين حياته للوصول إلي الشكل الأمثل مؤكداً علي أن انعدام الوازع الديني وغياب المنهج التربوي الصحيح من أهم الأسباب التي تدفع الشباب والفتيات لاستخدامها سلباً والوقوع في الخطأ، وعن الحكم الشرعي في الوضع القائم في مقاهي الإنترنت قال الرقب: إن الاختلاط والاستخدام السيء للإنترنت بالطريقة التي نراها اليوم حرام شرعاً، لأن الوسيلة يجب أن تدار بطريقة شرعية، لا أن تكون مدمرة للإنسان في صحته وعقله ودينه وأخلاقه وثقافته.. وذكر طارق مصطفي طالب جامعي أن للإنترنت فوائد كثيره فهو يستخدم للتثقيف والارشاد مشيرا الي أن الحرية فيه بلا حدود وان بعض الدول تفرض رقابة علي بعض المواقع وتحجبها عن مواطنيها في حين اشار محمود علي 25 سنة الي أن مقاهي الإنترنت دائما مزدحمة وان الاقبال عليها كبير جدا وفي الغالب تستخدم لفتح المواقع الاباحية دون رقابة . ويستنتج الخبراء وعلماء النفس والاجتماع من كل ذلك بان هناك اجماعا علي أن الإنترنت اصبح من اهم الاستخدامات التي دخلت حياة الانسان في العصر الحديث الي درجة جعلته من الصعب الاستغناء عنها لكن مالم يتم الاتفاق عليه هو أن يكون هذا الاهتمام مفرطا ويصل الي حد الادمان ويؤثر سلبا علي مستخدميه ويجعلهم في عزلة عن المجتمع حيث يرابط بعضهم امام الجهاز بالساعات المتواصلة التي تزيد احيانا علي 10 ساعات في اليوم الواحد ويصيبهم بحالات الارهاق والاكتئاب واضطرابات في النوم وتأخر دراسي وعدم القدرة علي التحصيل الجيد أما بالنسبة للكبار سنا فهي قد تؤدي الي مشاكل اسرية نتيجة جلوسهم امام الجهاز فترات طويلة واهمالهم لاسرتهم وقد تؤدي كذلك الي مشاكل في العمل ونجد أن الاطفال هم الاكثر تأثرا من غيرهم بما يشاهدونه في الإنترنت وربما تؤثر علي سلوكياتهم لتبنيهم امورا غريبة عن مجتمعهم ودينهم وهويتهم وقد يتم استغلالهم اباحيا من خلال تلك الشبكة حيث إن هناك اكثر من 100 الف موقع اباحي يدخله الاطفال وهناك اكثر من 3900 موقع اباحي جديد يوميا ولذلك يجب تثقيف الاطفال بحسن التعامل مع الإنترنت وتعريفهم طبيعة المخاطر التي ربما تواجههم اثناء استخدامه وان نجعل الرادع من داخلهم من خلال تقربهم الي الله عز وجل.