عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعدام «صالح سرية» يطوي صفحة من تاريخ أول تنظيم إسلامي جهادي انقلابي في مصر
نشر في القاهرة يوم 21 - 12 - 2010

السلفية تيار إسلامي ومدرسة فكرية سنية تدعو للعودة إلي "نهج السلف الصالح" كما يرونه والتمسك به باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ويبتعد عن كل الُمدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف وأبرز ممثلي هذا الالتزام بآراء السلف في العصر الحديث الحركة الوهابية. ومن أهم أعلامهم: محمد بن عبد الوهاب، وعبد العزيز بن باز، وابن عثيمين. وللتيار السلفي التقليدي في مصر المعاصرة تاريخ حافل. فقد تغلغل في الأزهر الذي شهدت أروقته منذ مطلع القرن الماضي صراعًا فكرىًا بينه وبين التيار الإصلاحي العقلاني الذي بدأه الإمام محمد عبده.
ظل السلفيون يعملون كأفراد ومجموعات صغيرة بشكل غير مؤسسي حتي عام 1912 عندما أسس بعضهم "الجمعية الشرعية" التي تعتبر أول منظمة كبيرة تعبر عنهم. وتبعتها جمعيات ومنظمات شتي أهمها "جماعة أنصار السنة المحمدية" التي أنشئت عام 1926، فضلاً عن جمعية التبليغ والدعوة التي تعد امتدادًا لنشاط أوسع في عدد من البلاد العربية والإسلامية. ومؤسس أول جماعة إسلامية منظمة في مصر "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة" وهو الشيخ محمود خطاب السبكي أحد علماء الأزهر الشريف هو من أشهر تلاميذ الشيخ محمد عليش شيخ المالكية بالأزهر الشريف الذي قيل إن الإنجليز قد قتلوه في المستشفي عقب احتلالهم مصر بسبب مساندته للثورة العرابية ومعارضته للاحتلال الإنجليزي، وكانت بداية تأسيس ونشاط "الجمعية الشرعية" في نهايات القرن ال19 الميلادي لكنها لم تسجل قانونىًّا إلا بعد ذلك بنحو عشرين عامًا (أي في 1912م) عندما صدر قانون ينظم تأسيس وإدارة الجمعيات.
ومن الملاحظ أن خلط التيار السلفي بغيره من التنظيمات الحركية مرجعه التداخل الكبير بين هذه التنظيمات الحركية والسلفيين الذين شكلوا دعمًا لكل الحركات الجهادية سواء بالمرجعية المشتركة مع ابن تيمية الفقيه الحنبلي أو مؤسس الدولة السعودية فكريا الإمام محمد بن عبد الوهاب. والمدهش أن البعض يربط بين حركات المرابطين والتي شُكلت للدفاع عن الدولة الإسلامية المنحلة بسقوط الخلافة العثمانية وبين البناء التنظيري للتيار السلفي المعاصر!!
احتكار ساحة العمل التنظيمي
يرجع د. عمرو الشوبكي الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية عدم وجود تنظيمات سلفية في مصر إلي أن السلفية ظهرت بينما كانت هناك تنظيمات عديدة مؤثرة موجودة علي الساحة كالإخوان والجهاد والجماعة الإسلامية، بما يشبه حالة احتكارية لساحة العمل التنظيمي، ومع فشل التنظيمات الجهادية بشكل أساسي رأت السلفية أن هناك مساحات دعوية وفكرية لم تُستغل بعد، وأن هناك مجالاً للدعوة الفكرية والانتشار التربوي عبر المساجد بما لا تستفز معه الدولة وأجهزتها الأمنية. ولكنه لا يناقش التنظيمات المتحولة من السلفية إلي الجهادية!!
بيد أن تحولات جذرية أصابت التيار السلفي في مصر جعلته يتخلي عن المنهج العلمي الدعوي وينخرط في تنظيمات حركية، وعليه يمكن اعتبار أن التنظيم الأخير المنتمي إلي أفكار جهادية سلفية والمعروف إعلاميا ب"خلية قناة السويس" والذي حملته تحقيقات وزارة الداخلية المصرية مسئولية حادثة الزيتون واتهمته بتبني أفكار جهادية سلفية قد فتح الباب لمناقشة قضية التحول من تيار سلفي علمي إلي تنظيم جهادي، فالمعروف أن فكرة التنظيم لم تكن قائمة علي أجندة التيار السلفي التقليدي، بل وكانت غير مرغوب فيها، فمتي وكيف ولماذا تحول بعض قادة التيار السلفي من التفكير إلي التكفير؟
التحول الكبير
المراجع للسير الذاتية المعلنة لقادة التنظيمات الجهادية سيكتشف بسهولة أن مرجعيات فكرية عميقة الصلة بالتيارات السلفية قد أثرت بشكل بالغ في تكوينهم، ولأن السلفية في الأصل "حالة دينية" لا تحتاج إلي تنظيم فقد استثمروا الخلفية الفقهية الثقيلة للسلفيين في دعم مطالب سياسية تحررية فيما يزعمون للتحول من التفكير العلمي ومحاربة الخرافات والالتزام المظهري، وغيرها من السمات المميزة للسلفية كتيار علمي توحيدي (يعد كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب من الأصول الكلامية المُعتمدة لدي كل قادة الحركات الجهادية - يليه الفتاوي الكبري لابن تيمية) والتحول إلي تنظيمات تكفيرية للمجتمع والدولة علي السواء!!
كان التأويل الأكثر انفتاحًا لنمو التيار الحركي غير المنظم للتيار السلفي السلمي يجد تجليه الأول في سليمان الحلبي (1777-1801م) الذي جاء من حلب قاصدًا الجامع الأزهر وقام بقتل كليبر قائد الحملة الفرنسية، لم تكن القضية مقاومة محتل لوطن لا ينتمي إليه الطالب السوري قدر ما يمكن فهمها بحسبها إعلان موقف من الغرب الموصوف بالكفر من قبل الجميع!!
نموذج سليمان الحلبي متوفر بشدة في المخيلة السلفية، ولذلك لم يكن مدهشًا أن تتلقي السلفية جهود التجديد الإسلامي من محمد عبده (1866-1905م) ممثلة في الشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935م) الذي حول جريدة المنار من جريدة إصلاحية إلي توجه سلفي حاد تأثر به مؤسس الإخوان المسلمين الداعية الأفندي حسن البنا (1906-1949م)، وبالتالي كان التأسيس السلفي ذو الميول الصوفية للإخوان في الرعيل الأول متشبعًا بجهود السلفية العلمية!!
التحول إلي العنف من السلفية يمثل نقطة حاسمة فبين التنظيمات الحركية الكبري في مصر توجد خلايا تنظيمية ذات بنية سلفية أصيلة بحيث يمكن اعتبار التيار السلفي هو المنظِّر أو المقدمة المنطقية للتحول إلي العنف لأسباب متعددة، منها أن علاقة رموز التيار السلفي بالأمن، علاقة تفتح باب الشك في التواطؤ أحيانًا، ذلك أن الموقف السلفي من الدولة موقف مراوحة بين الحياد والتكفير، إلا أن تنظيمات حركية إسلامية مبادرة إلي العنف كانت من مظاهر التحول إلي السلفية التنظيمية بديلاً عن السلفية العلمية.
1- تنظيم صالح سرية
تبدأ نشأة تنظيم صالح سرية، بهزيمة 1967 إذ نشط التيار الديني سريعًا بعد النكسة مرجعًا أسباب الهزيمة إلي البعد عن الدين، وفشل الحلول العلمانية والقومية، والاستعانة بقوي الشرك، طارحًا الحل ببساطة في إقامة الدولة الإسلامية، متخذًا من منابر المساجد طريقًا للدعوة إلي أفكاره، ومن تجمعات الطرق الصوفية، والجمعيات الشرعية، والقوي السلفية، ميدانًا خصبًا لتجنيد الشباب.
كما نشطت مجموعة من خطباء التيار السلفي المتشدد، من أمثال الشيخ محمود عيد وأحمد المحلاوي بالإسكندرية، والشيخ عبد الحميد كشك بالقاهرة، والشيخ حافظ سلامة بالسويس، وغيرهم، ليجتمع حولهم آلاف من الشباب المتحمسين، وتبدأ مجموعة معينة من الكتب في التداول بينهم سرًّا وعلنًا، منها كتابات سيد ومحمد قطب، وابن تيمية، وأبو الأعلي المودودي وغيرهم.
تلقت الحركة الإسلامية دعمًا مميزًا بعد وفاة جمال عبد الناصر وتولي السادات ليبدأ عهدًا جديدًا في التعامل مع الإخوان المسلمين، بالإفراج عنهم، وإعادتهم إلي وظائفهم، وتمكينهم من الخطابة علي المنابر، فكان ذلك عاملاً حاسمًا في سرعة نشر الأفكار السلفية في المجتمع عمومًا، وبين شباب الجامعات علي وجه الخصوص.
لماذا صالح سرية؟
يقول عنه "أيمن الظواهري" في كتابه "فرسان تحت راية النبي":
"إن صالح سرية كان محدثًا جذابًا ومثقفًا علي درجة عالية من الاطلاع والمعرفة، وكان حاصلاً علي درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس، كما كان متضلعًا في عدد من العلوم الشرعية"، وأنه التقاه مرة واحدة أثناء أحد المعسكرات الإسلامية في كلية الطب حين دعاه أحد المشاركين في المعسكر إلي إلقاء كلمة في الشباب. و"بمجرد استماعي لكلمة هذا الزائر أدركت أن لكلامه وقعًا آخر، وأنه يحمل معاني أوسع في وجوب نصرة الإسلام. وقررت أن أسعي للقاء هذا الزائر، ولكن كل محاولاتي للقائه لم تفلح".
كما يقول عنه "طلال الأنصاري" في كتابه "صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة":
"كان صالح سرية شخصية كاريزمية، لا يملك من يقابله فكاكًا من أن ينبهر به.. خلقه.. شخصيته.. علمه.. قدرته الفائقة علي الإقناع بأبسط الطرق وأيسرها، وقدرته علي صياغة أعقد القضايا وعرضها في كلمات بسيطة وموجزة".
نجح سرىّة في تكوين تنظيم واسع ومتنوع جغرافىًّا من مجموعة متحمسة من الشباب، قسمهم إلي مجموعات صغيرة علي رأس مجموعة "الإسكندرية" كامل عبد القادر (طب) وطلال الأنصاري (هندسة)، ومجموعة "بور سعيد" بقيادة أحمد صالح، ومجموعة "القاهرة والجيزة" وعلي رأسها حسن الهلاوي ومصطفي يسري، ومجموعة "قنا" بقيادة محمد شاكر الشريف، وأبقي مجموعة "الفنية العسكرية" بقيادة كارم الأناضولي وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.
أمام ضغط الشباب المتحمس المتكرر والمستمر علي سرعة التحرك، واستعجال العمل، والإلحاح الدائم، اضطر إلي التسرع بوضع الخطة الأولي لاغتيال الرئيس السادات مع كبار قياداته بالمطار عند عودته من زيارة خارجية ليوغوسلافيا، وتم تكليف مجموعة القاهرة والجيزة بقيادة "حسن الهلاوي" برسم خريطة تفصيلية للمطار، ولكن لعدم قيام المجموعة بما كُلفت به تم إلغاء الخطة.
تم تكليف مجموعة الإسكندرية بإعداد رسم كروكي عن مكانين محتملين للهجوم: الأول مجلس الشعب والثاني مبني الاتحاد الاشتراكي علي "كورنيش النيل"، وقد حضرت مجموعة من ستة أفراد من الإسكندرية منهم: محمد علي خليفة وهاني الفرانوني وأنجزوا المطلوب، ثم قام سرية وكارم الأناضولي بوضع الخطة البديلة، وتعتمد علي الاستيلاء علي الفنية العسكرية بمهاجمة حرس بوابة الكلية في صمت لإدخال عدد كبير من الشباب إلي الكلية، ثم الاستيلاء علي الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية بمساعدة إخوانهم الطلبة داخل الكلية مستغلين صلاحياتهم كقادة مناوبين في أثناء الليل، ثم التوجه بما حصلوا عليه إلي مقر الاتحاد الاشتراكي لمهاجمة السادات وأركان حكمه في أثناء اجتماعهم.
وكبروفة للأحداث طلب سرية من مجموعة الإسكندرية الحضور إلي القاهرة، والتوجه إلي موقع العملية قبل بدء التحرك بيوم واحد وبعد حضورهم طلب منهم العودة والحضور في اليوم التالي.
وأعد صالح سرية بيان الانقلاب بخطه، ويدعو إلي قيام نظام جديد في مصر يقضي علي الفساد، ويدعم الإيمان والأخلاق والفضيلة، ويضمن الحرىّات، وتم تذييل البيان بتوقيع د. صالح سرىّة رئيس الجمهورية.
ومع بداية التحرك تسلل اثنان من التنظيم، أحدهما توجه إلي وزارة الداخلية والثاني إلي رئاسة الجمهورية، وقاما بالإبلاغ عن الخطة، وبعد مرور وقت طويل من عدم التصديق والتحقيق معهم، توجهت قوة صغيرة من الأمن المركزي إلي كلية الفنية العسكرية، ليتم إجهاض الهجوم في بدايته، ويتم القبض علي قياداته، وعلي رأسهم صالح سرية الفلسطيني من أصل أردني، وأجريت لهم محاكمة سريعة، حاولت السلطات الأمنية إثبات تورط النظام الليبي في العملية، وحاولت النيابة أن تزج باسم "حسين الشافعي" نائب رئيس الجمهورية فيها، ولكن ربط الحركة بأية قوي خارجية أو داخلية باءت بالفشل.
إعدام صالح سرية
صدر الحكم بإعدام صالح سرية، وكارم الأناضولي، وطلال الأنصاري (قرر السادات تخفيف الحكم الصادر عليه بالإعدام إلي المؤبد، نتيجة وساطة والده الشاعر السكندري عبد المنعم الأنصاري)، وبأحكام بالسجن علي عشرات منهم، وطويت صفحة من تاريخ أول تنظيم إسلامي جهادي انقلابي في مصر.
مع انتهاء العملية بالفشل، وإعدام القيادات، حاول أحد قيادات التنظيم "أحمد صالح" والذي صدر حكم ببراءته، إعادة تجميع من تبقي والاستمرار في الحركة، ولكن تم القبض علي معظم من تبقي منهم عام 1977 فيما عرف بتنظيم الجهاد، ليعود مرة أخري "د. مصطفي يسري" إلي محاولة الاستمرار بالباقين منهم.
اعتمد التنظيم في أدبياته الرئيسية علي أفكار صالح سرية مؤسس التنظيم وفيلسوفه، والذي خلّف مجموعة من الكتابات، أهمها "رسالة الإيمان" التي أعاد طباعتها عدة مرات اتحاد طلاب مصر في نهاية السبعينات.
ومن أهم الأفكار الواردة في هذه الوثيقة:
- الجهاد هو الطريق إلي إقامة الدول الإسلامية.
- لا يجوز موالاة الكفار والأنظمة الكافرة ومن فعل ذلك فهو كافر. من مات دفاعًا عن حكومة كافرة ضد من قاموا لإقامة الدولة الإسلامية فهو كافر إلا إذا كان مكرهًا فإنه يبعث علي نيته. من اشترك في حزب عقائدي غير إسلامي فهو كافر، كذلك من اشترك في جمعية عالمية كالماسونية أو اعتنق فلسفة مخالفة كالوجودية أو البراجماتية كافر.
- الحكم بتكفير الحكام وجاهلية المجتمع واعتباره دار حرب.
- جواز العمل الحزبي الإسلامي والمساهمة من خلاله في الانتخابات ودخول البرلمان والمشاركة في الوزارات إذا كان صريحًا بأنه يسعي عن هذا الطريق للوصول إلي السلطة وتحويل الدولة إلي دولة إسلامية.
- يجوز للمسلم أن يدخل في مختلف اختصاصات الدولة بأمر من الجماعة الإسلامية ويستغل منصبه لمساعدة الجماعة للحصول علي السلطة أو التخفيف عنها في حالة المحنة أو إفادتها بأي طريق ولا مانع أن يصبح وزيرًا حتي مع حاكم طاغية إذا كان بهذه النية.
- كل من ينفذ أوامر الدولة الكافرة ضد الإسلام والحركة الإسلامية فهو كافر.
في حالة وجود مرشح إسلامي وأمامه مرشح اشتراكي أو قومي أو شيوعي وانتخب الفرد غير الإسلامي فإنه يكون كافرًا بهذا الموقف.
- الذين يحاربون دعاة الإسلام لأنهم يمزجون الدين بالسياسة كفار لأنهم قصروا الإسلام علي جانب وكفروا بالجوانب الأخري.
- المعارضون لأحكام الإسلام الذين يتهمون الدين بالتخلف والرجعية كفار، كذلك الذين يعترضون علي حكم من أحكام الله ولا يرضون عنها مثل الذين يعترضون علي الإسلام ويتهمونه بالتخلف فإن هؤلاء غير راضين عن الإسلام أصلاً.
- التفريق بين الامتناع الجماعي والامتناع الفردي بمعني أن التَّرك الجماعي لأي ركن من أركان الإسلام كفر.
- كل القوانين المخالفة للإسلام في الدولة هي قوانين كفر وكل من أعدها أو ساهم في إعدادها أو جعلها تشريعات ملزمة فهو كافر، كذلك من طبقها دون اعتراض عليها أو إنكار لها.
- تحية العلم والجندي المجهول والسلام الجمهوري من طقوس الجاهلية وهي صورة من صور الشرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.