«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعدام «صالح سرية» يطوي صفحة من تاريخ أول تنظيم إسلامي جهادي انقلابي في مصر
نشر في القاهرة يوم 21 - 12 - 2010

السلفية تيار إسلامي ومدرسة فكرية سنية تدعو للعودة إلي "نهج السلف الصالح" كما يرونه والتمسك به باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ويبتعد عن كل الُمدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف وأبرز ممثلي هذا الالتزام بآراء السلف في العصر الحديث الحركة الوهابية. ومن أهم أعلامهم: محمد بن عبد الوهاب، وعبد العزيز بن باز، وابن عثيمين. وللتيار السلفي التقليدي في مصر المعاصرة تاريخ حافل. فقد تغلغل في الأزهر الذي شهدت أروقته منذ مطلع القرن الماضي صراعًا فكرىًا بينه وبين التيار الإصلاحي العقلاني الذي بدأه الإمام محمد عبده.
ظل السلفيون يعملون كأفراد ومجموعات صغيرة بشكل غير مؤسسي حتي عام 1912 عندما أسس بعضهم "الجمعية الشرعية" التي تعتبر أول منظمة كبيرة تعبر عنهم. وتبعتها جمعيات ومنظمات شتي أهمها "جماعة أنصار السنة المحمدية" التي أنشئت عام 1926، فضلاً عن جمعية التبليغ والدعوة التي تعد امتدادًا لنشاط أوسع في عدد من البلاد العربية والإسلامية. ومؤسس أول جماعة إسلامية منظمة في مصر "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة" وهو الشيخ محمود خطاب السبكي أحد علماء الأزهر الشريف هو من أشهر تلاميذ الشيخ محمد عليش شيخ المالكية بالأزهر الشريف الذي قيل إن الإنجليز قد قتلوه في المستشفي عقب احتلالهم مصر بسبب مساندته للثورة العرابية ومعارضته للاحتلال الإنجليزي، وكانت بداية تأسيس ونشاط "الجمعية الشرعية" في نهايات القرن ال19 الميلادي لكنها لم تسجل قانونىًّا إلا بعد ذلك بنحو عشرين عامًا (أي في 1912م) عندما صدر قانون ينظم تأسيس وإدارة الجمعيات.
ومن الملاحظ أن خلط التيار السلفي بغيره من التنظيمات الحركية مرجعه التداخل الكبير بين هذه التنظيمات الحركية والسلفيين الذين شكلوا دعمًا لكل الحركات الجهادية سواء بالمرجعية المشتركة مع ابن تيمية الفقيه الحنبلي أو مؤسس الدولة السعودية فكريا الإمام محمد بن عبد الوهاب. والمدهش أن البعض يربط بين حركات المرابطين والتي شُكلت للدفاع عن الدولة الإسلامية المنحلة بسقوط الخلافة العثمانية وبين البناء التنظيري للتيار السلفي المعاصر!!
احتكار ساحة العمل التنظيمي
يرجع د. عمرو الشوبكي الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية عدم وجود تنظيمات سلفية في مصر إلي أن السلفية ظهرت بينما كانت هناك تنظيمات عديدة مؤثرة موجودة علي الساحة كالإخوان والجهاد والجماعة الإسلامية، بما يشبه حالة احتكارية لساحة العمل التنظيمي، ومع فشل التنظيمات الجهادية بشكل أساسي رأت السلفية أن هناك مساحات دعوية وفكرية لم تُستغل بعد، وأن هناك مجالاً للدعوة الفكرية والانتشار التربوي عبر المساجد بما لا تستفز معه الدولة وأجهزتها الأمنية. ولكنه لا يناقش التنظيمات المتحولة من السلفية إلي الجهادية!!
بيد أن تحولات جذرية أصابت التيار السلفي في مصر جعلته يتخلي عن المنهج العلمي الدعوي وينخرط في تنظيمات حركية، وعليه يمكن اعتبار أن التنظيم الأخير المنتمي إلي أفكار جهادية سلفية والمعروف إعلاميا ب"خلية قناة السويس" والذي حملته تحقيقات وزارة الداخلية المصرية مسئولية حادثة الزيتون واتهمته بتبني أفكار جهادية سلفية قد فتح الباب لمناقشة قضية التحول من تيار سلفي علمي إلي تنظيم جهادي، فالمعروف أن فكرة التنظيم لم تكن قائمة علي أجندة التيار السلفي التقليدي، بل وكانت غير مرغوب فيها، فمتي وكيف ولماذا تحول بعض قادة التيار السلفي من التفكير إلي التكفير؟
التحول الكبير
المراجع للسير الذاتية المعلنة لقادة التنظيمات الجهادية سيكتشف بسهولة أن مرجعيات فكرية عميقة الصلة بالتيارات السلفية قد أثرت بشكل بالغ في تكوينهم، ولأن السلفية في الأصل "حالة دينية" لا تحتاج إلي تنظيم فقد استثمروا الخلفية الفقهية الثقيلة للسلفيين في دعم مطالب سياسية تحررية فيما يزعمون للتحول من التفكير العلمي ومحاربة الخرافات والالتزام المظهري، وغيرها من السمات المميزة للسلفية كتيار علمي توحيدي (يعد كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب من الأصول الكلامية المُعتمدة لدي كل قادة الحركات الجهادية - يليه الفتاوي الكبري لابن تيمية) والتحول إلي تنظيمات تكفيرية للمجتمع والدولة علي السواء!!
كان التأويل الأكثر انفتاحًا لنمو التيار الحركي غير المنظم للتيار السلفي السلمي يجد تجليه الأول في سليمان الحلبي (1777-1801م) الذي جاء من حلب قاصدًا الجامع الأزهر وقام بقتل كليبر قائد الحملة الفرنسية، لم تكن القضية مقاومة محتل لوطن لا ينتمي إليه الطالب السوري قدر ما يمكن فهمها بحسبها إعلان موقف من الغرب الموصوف بالكفر من قبل الجميع!!
نموذج سليمان الحلبي متوفر بشدة في المخيلة السلفية، ولذلك لم يكن مدهشًا أن تتلقي السلفية جهود التجديد الإسلامي من محمد عبده (1866-1905م) ممثلة في الشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935م) الذي حول جريدة المنار من جريدة إصلاحية إلي توجه سلفي حاد تأثر به مؤسس الإخوان المسلمين الداعية الأفندي حسن البنا (1906-1949م)، وبالتالي كان التأسيس السلفي ذو الميول الصوفية للإخوان في الرعيل الأول متشبعًا بجهود السلفية العلمية!!
التحول إلي العنف من السلفية يمثل نقطة حاسمة فبين التنظيمات الحركية الكبري في مصر توجد خلايا تنظيمية ذات بنية سلفية أصيلة بحيث يمكن اعتبار التيار السلفي هو المنظِّر أو المقدمة المنطقية للتحول إلي العنف لأسباب متعددة، منها أن علاقة رموز التيار السلفي بالأمن، علاقة تفتح باب الشك في التواطؤ أحيانًا، ذلك أن الموقف السلفي من الدولة موقف مراوحة بين الحياد والتكفير، إلا أن تنظيمات حركية إسلامية مبادرة إلي العنف كانت من مظاهر التحول إلي السلفية التنظيمية بديلاً عن السلفية العلمية.
1- تنظيم صالح سرية
تبدأ نشأة تنظيم صالح سرية، بهزيمة 1967 إذ نشط التيار الديني سريعًا بعد النكسة مرجعًا أسباب الهزيمة إلي البعد عن الدين، وفشل الحلول العلمانية والقومية، والاستعانة بقوي الشرك، طارحًا الحل ببساطة في إقامة الدولة الإسلامية، متخذًا من منابر المساجد طريقًا للدعوة إلي أفكاره، ومن تجمعات الطرق الصوفية، والجمعيات الشرعية، والقوي السلفية، ميدانًا خصبًا لتجنيد الشباب.
كما نشطت مجموعة من خطباء التيار السلفي المتشدد، من أمثال الشيخ محمود عيد وأحمد المحلاوي بالإسكندرية، والشيخ عبد الحميد كشك بالقاهرة، والشيخ حافظ سلامة بالسويس، وغيرهم، ليجتمع حولهم آلاف من الشباب المتحمسين، وتبدأ مجموعة معينة من الكتب في التداول بينهم سرًّا وعلنًا، منها كتابات سيد ومحمد قطب، وابن تيمية، وأبو الأعلي المودودي وغيرهم.
تلقت الحركة الإسلامية دعمًا مميزًا بعد وفاة جمال عبد الناصر وتولي السادات ليبدأ عهدًا جديدًا في التعامل مع الإخوان المسلمين، بالإفراج عنهم، وإعادتهم إلي وظائفهم، وتمكينهم من الخطابة علي المنابر، فكان ذلك عاملاً حاسمًا في سرعة نشر الأفكار السلفية في المجتمع عمومًا، وبين شباب الجامعات علي وجه الخصوص.
لماذا صالح سرية؟
يقول عنه "أيمن الظواهري" في كتابه "فرسان تحت راية النبي":
"إن صالح سرية كان محدثًا جذابًا ومثقفًا علي درجة عالية من الاطلاع والمعرفة، وكان حاصلاً علي درجة الدكتوراه في التربية من جامعة عين شمس، كما كان متضلعًا في عدد من العلوم الشرعية"، وأنه التقاه مرة واحدة أثناء أحد المعسكرات الإسلامية في كلية الطب حين دعاه أحد المشاركين في المعسكر إلي إلقاء كلمة في الشباب. و"بمجرد استماعي لكلمة هذا الزائر أدركت أن لكلامه وقعًا آخر، وأنه يحمل معاني أوسع في وجوب نصرة الإسلام. وقررت أن أسعي للقاء هذا الزائر، ولكن كل محاولاتي للقائه لم تفلح".
كما يقول عنه "طلال الأنصاري" في كتابه "صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة":
"كان صالح سرية شخصية كاريزمية، لا يملك من يقابله فكاكًا من أن ينبهر به.. خلقه.. شخصيته.. علمه.. قدرته الفائقة علي الإقناع بأبسط الطرق وأيسرها، وقدرته علي صياغة أعقد القضايا وعرضها في كلمات بسيطة وموجزة".
نجح سرىّة في تكوين تنظيم واسع ومتنوع جغرافىًّا من مجموعة متحمسة من الشباب، قسمهم إلي مجموعات صغيرة علي رأس مجموعة "الإسكندرية" كامل عبد القادر (طب) وطلال الأنصاري (هندسة)، ومجموعة "بور سعيد" بقيادة أحمد صالح، ومجموعة "القاهرة والجيزة" وعلي رأسها حسن الهلاوي ومصطفي يسري، ومجموعة "قنا" بقيادة محمد شاكر الشريف، وأبقي مجموعة "الفنية العسكرية" بقيادة كارم الأناضولي وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.
أمام ضغط الشباب المتحمس المتكرر والمستمر علي سرعة التحرك، واستعجال العمل، والإلحاح الدائم، اضطر إلي التسرع بوضع الخطة الأولي لاغتيال الرئيس السادات مع كبار قياداته بالمطار عند عودته من زيارة خارجية ليوغوسلافيا، وتم تكليف مجموعة القاهرة والجيزة بقيادة "حسن الهلاوي" برسم خريطة تفصيلية للمطار، ولكن لعدم قيام المجموعة بما كُلفت به تم إلغاء الخطة.
تم تكليف مجموعة الإسكندرية بإعداد رسم كروكي عن مكانين محتملين للهجوم: الأول مجلس الشعب والثاني مبني الاتحاد الاشتراكي علي "كورنيش النيل"، وقد حضرت مجموعة من ستة أفراد من الإسكندرية منهم: محمد علي خليفة وهاني الفرانوني وأنجزوا المطلوب، ثم قام سرية وكارم الأناضولي بوضع الخطة البديلة، وتعتمد علي الاستيلاء علي الفنية العسكرية بمهاجمة حرس بوابة الكلية في صمت لإدخال عدد كبير من الشباب إلي الكلية، ثم الاستيلاء علي الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية بمساعدة إخوانهم الطلبة داخل الكلية مستغلين صلاحياتهم كقادة مناوبين في أثناء الليل، ثم التوجه بما حصلوا عليه إلي مقر الاتحاد الاشتراكي لمهاجمة السادات وأركان حكمه في أثناء اجتماعهم.
وكبروفة للأحداث طلب سرية من مجموعة الإسكندرية الحضور إلي القاهرة، والتوجه إلي موقع العملية قبل بدء التحرك بيوم واحد وبعد حضورهم طلب منهم العودة والحضور في اليوم التالي.
وأعد صالح سرية بيان الانقلاب بخطه، ويدعو إلي قيام نظام جديد في مصر يقضي علي الفساد، ويدعم الإيمان والأخلاق والفضيلة، ويضمن الحرىّات، وتم تذييل البيان بتوقيع د. صالح سرىّة رئيس الجمهورية.
ومع بداية التحرك تسلل اثنان من التنظيم، أحدهما توجه إلي وزارة الداخلية والثاني إلي رئاسة الجمهورية، وقاما بالإبلاغ عن الخطة، وبعد مرور وقت طويل من عدم التصديق والتحقيق معهم، توجهت قوة صغيرة من الأمن المركزي إلي كلية الفنية العسكرية، ليتم إجهاض الهجوم في بدايته، ويتم القبض علي قياداته، وعلي رأسهم صالح سرية الفلسطيني من أصل أردني، وأجريت لهم محاكمة سريعة، حاولت السلطات الأمنية إثبات تورط النظام الليبي في العملية، وحاولت النيابة أن تزج باسم "حسين الشافعي" نائب رئيس الجمهورية فيها، ولكن ربط الحركة بأية قوي خارجية أو داخلية باءت بالفشل.
إعدام صالح سرية
صدر الحكم بإعدام صالح سرية، وكارم الأناضولي، وطلال الأنصاري (قرر السادات تخفيف الحكم الصادر عليه بالإعدام إلي المؤبد، نتيجة وساطة والده الشاعر السكندري عبد المنعم الأنصاري)، وبأحكام بالسجن علي عشرات منهم، وطويت صفحة من تاريخ أول تنظيم إسلامي جهادي انقلابي في مصر.
مع انتهاء العملية بالفشل، وإعدام القيادات، حاول أحد قيادات التنظيم "أحمد صالح" والذي صدر حكم ببراءته، إعادة تجميع من تبقي والاستمرار في الحركة، ولكن تم القبض علي معظم من تبقي منهم عام 1977 فيما عرف بتنظيم الجهاد، ليعود مرة أخري "د. مصطفي يسري" إلي محاولة الاستمرار بالباقين منهم.
اعتمد التنظيم في أدبياته الرئيسية علي أفكار صالح سرية مؤسس التنظيم وفيلسوفه، والذي خلّف مجموعة من الكتابات، أهمها "رسالة الإيمان" التي أعاد طباعتها عدة مرات اتحاد طلاب مصر في نهاية السبعينات.
ومن أهم الأفكار الواردة في هذه الوثيقة:
- الجهاد هو الطريق إلي إقامة الدول الإسلامية.
- لا يجوز موالاة الكفار والأنظمة الكافرة ومن فعل ذلك فهو كافر. من مات دفاعًا عن حكومة كافرة ضد من قاموا لإقامة الدولة الإسلامية فهو كافر إلا إذا كان مكرهًا فإنه يبعث علي نيته. من اشترك في حزب عقائدي غير إسلامي فهو كافر، كذلك من اشترك في جمعية عالمية كالماسونية أو اعتنق فلسفة مخالفة كالوجودية أو البراجماتية كافر.
- الحكم بتكفير الحكام وجاهلية المجتمع واعتباره دار حرب.
- جواز العمل الحزبي الإسلامي والمساهمة من خلاله في الانتخابات ودخول البرلمان والمشاركة في الوزارات إذا كان صريحًا بأنه يسعي عن هذا الطريق للوصول إلي السلطة وتحويل الدولة إلي دولة إسلامية.
- يجوز للمسلم أن يدخل في مختلف اختصاصات الدولة بأمر من الجماعة الإسلامية ويستغل منصبه لمساعدة الجماعة للحصول علي السلطة أو التخفيف عنها في حالة المحنة أو إفادتها بأي طريق ولا مانع أن يصبح وزيرًا حتي مع حاكم طاغية إذا كان بهذه النية.
- كل من ينفذ أوامر الدولة الكافرة ضد الإسلام والحركة الإسلامية فهو كافر.
في حالة وجود مرشح إسلامي وأمامه مرشح اشتراكي أو قومي أو شيوعي وانتخب الفرد غير الإسلامي فإنه يكون كافرًا بهذا الموقف.
- الذين يحاربون دعاة الإسلام لأنهم يمزجون الدين بالسياسة كفار لأنهم قصروا الإسلام علي جانب وكفروا بالجوانب الأخري.
- المعارضون لأحكام الإسلام الذين يتهمون الدين بالتخلف والرجعية كفار، كذلك الذين يعترضون علي حكم من أحكام الله ولا يرضون عنها مثل الذين يعترضون علي الإسلام ويتهمونه بالتخلف فإن هؤلاء غير راضين عن الإسلام أصلاً.
- التفريق بين الامتناع الجماعي والامتناع الفردي بمعني أن التَّرك الجماعي لأي ركن من أركان الإسلام كفر.
- كل القوانين المخالفة للإسلام في الدولة هي قوانين كفر وكل من أعدها أو ساهم في إعدادها أو جعلها تشريعات ملزمة فهو كافر، كذلك من طبقها دون اعتراض عليها أو إنكار لها.
- تحية العلم والجندي المجهول والسلام الجمهوري من طقوس الجاهلية وهي صورة من صور الشرك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.