«دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات» هو عنوان الورقة التي أعدها د. محمد شومان عميد المعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق، وتم مناقشتها أثناء الندوة التي نظمها مؤخرا مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حول المجتمع المدني والمشاركة السياسية. أشارت الورقة إلي التطور الملحوظ لدور الإعلام منذ الانتخابات البرلمانية عام 2000 في الكشف عن بعض الممارسات والظواهر السلبية التي تقع أثناء عملية الانتخابات، ولكن في الوقت ذاته بعض وسائل الإعلام قد تمارس تجاوزات ضد حق الجمهور في معرفة الحقائق، أو تقوم علي نحو منهجي بتضليل الرأي العام وخداع الناخبين. يؤكد شومان أن صحف المعارضة وقفت بقوة أمام الانتهاكات والتجاوزات وسجلتها بالتفصيل، وببعض الصور الصحفية، لكن المشكلة أن تأثير الصحف الحزبية وهي أسبوعية ظل محدودا ومحصورا في نطاق النخب، لكن مع الوقت حدث تقدم ملحوظ ومطرد في أدوار الإعلام المصري في التصدي للظواهر السلبية في العملية الانتخابية ساعد علي ذلك ظهور عدد من الصحف والفضائيات الخاصة، وشهدت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2005 بعض الظواهر الإيجابية في أداء الإعلام لم نعتدها من قبل، لكن هذا لا يمنع الأداء المنحاز للإعلام المصري، وعانت مصر كما هو الحال في فلسطين ولبنان وتونس من غياب الإطار التشريعي لتنظيم دور الإعلام أثناء الانتخابات، وعلي الرغم من التوازن الكمي في تقديم المرشحين في تليفزيون الدولة، فإنه علي المستوي النوعي اتسمت التغطية بالجفاف والتكرار، والتجنب المتعمد للقضايا الخلافية، سمة أخري اتسم بها الإطار القانوني الحاكم للإعلام في البلدان الأربعة، وهي عدم تقنين الإعلانات مدفوعة الأجر، عبر غياب الرقابة علي الإنفاق علي هذه الإعلانات، أو عدم وجود سعر موحد للإعلانات الانتخابية في وسائل الإعلام المختلفة. ويشار هنا إلي التطور الكمي والنوعي الذي لحق بجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية التي تراقب الانتخابات، وقيام هذه الجمعيات بتدريب عشرات من الإعلاميين علي تغطية الانتخابات وفق القواعد المهنية والأخلاقية المتفق عليها دوليا، مما وسع من دائرة الوعي بهذه الموضوعات التي كانت غائبة عن الأداء المهني في الإعلام المصري ربما نتيجة عدم اهتمام كلية الإعلام وأقسام الإعلام في الجامعات المصرية بتدريسها، وربما بسبب السياسات التحريرية المتبعة والتي تسمح بممارسة أشكال متنوعة من الضغوط علي الإعلاميين، وتدفعهم لانتهاك كثير من القواعد المهنية في تغطية الانتخابات لدواعي ومصالح سياسية تخدم الجهة التي تمول أو تصدر الوسيلة الإعلامية. يضيف شومان: إن الأدوار السابقة التي قام بها الإعلام المصري خاصة الصحف الحزبية والخاصة وبعض الفضائيات للتصدي للظواهر السلبية في الانتخابات تكشف بوضوح عن تراكم خبرات وتوافر كوادر إعلامية اكتسبت قدرا معقولا من التدريب والخبرات علي تغطية الانتخابات، مما مكن الصحف الخاصة وبعض الفضائيات من لعب دور المراقب المحايد، الذي يعتمد في كثير من مواقفه علي الأداء الفاعل والدور المتنامي لجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية التي تراقب الانتخابات، فضلا عما يوفره الإعلام الجديد والقدرة الحركية لشباب المدونين. في الختام توصي الورقة باستحداث أشكال تنظيمية مستقلة للإعلاميين في الإذاعة والتليفزيون الحكومي والفضائيات الخاصة وإصدار قانون جديد للنقابة يلزم الإعلاميين بالحوار للاتفاق علي ميثاق شرف إعلامي ينظم أداء الإعلام المصري ويضع ضوابط مهنية وأخلاقية وجزاءات رادعة تطبق بحزم وبمساواة علي كل المخالفين، فليس من المقبول أن يتطور الإعلام المصري وتتسع جماعة الإعلاميين دون أن يكون لهم تنظيمات نقابية فعالة للعاملين في الإذاعة والتليفزيون، أو مواثيق مهنية.