افتتح صالون فن الرسم بالأسود والأبيض في دورته الثانية ليرسخ فن الرسم كمفهوم مستقل ومختلف عما يكون عنصرًا أساسيا في أي عمل فني يسبق عملية التصوير أو النحت أو الجرافيك. وقد تم ترشيح مائة فنان تنوعت أعمالهم ما بين الرسم بخامة الرصاص والحبر واللون المائي والقلم الجاف الأسود والخامات السابقة تلعب دورًا دراميا عندما تسقط علي سطح الورق الأبيض بأنامل الفنان المتمكن حيث تتطلب طبيعة الرسم بالأسود علي الأبيض مهارة خاصة وحبا وقد استخدم فنانو عصر النهضة الرسوم التحضيرية التي كانت تسبق أعمالهم خاصة فن التصوير بجانب فن الاسكتش المنفرد بذاته فليس هناك فنان لا يجيد الرسم وكلمة رسم هنا تعني تحديد الشكل بواسطة الخط سواء كان هذا الخط بالقلم الرصاص أو الفحم أو اللون أو حتي أصابع الفنان بعد أن يغمسها في اللون. ومن الفنانين المصريين الذين اشتهروا بممارسة فن الرسم بشكل مستقل المرحوم الفنان رءوف رأفت، والفنانون د.أحمد نوار، حمدي عبدالله، حمدي أبوالمعاطي، جميل شف، سيد سعد الدين، رباب نمر، فاطمة عبدالرحمن، هيثم نوار، مصطفي يحيي، مصطفي الرزاز الزعيم أحمد، مجدي عبدالعزيز، أسامة ناشد، وقد فرض الطابع الدراسي (وهو التخصص في فن الجرافيك) علي هؤلاء الفنانين عشق الأسود والأبيض ويتضح فرق الخبرة والدراسة بينهم وبين المصورين الذين يعتبرون اللون من أولوياتهم في العمل الفني فنري أو نلاحظ تأثير الفورم أو التصوير والتأكيد علي عملية الظل والنور أحيانًا مثل عمر الفيومي وأشرف رسلان وفتحي عفيفي وهناك فنانون معروفون كمصورين رغم أن دراستهم الأساسية هي الحفر مثل الفنان عمر عبدالظاهر والفنان السيد القماش والفنانة ميرفت عطا الله. ومن هنا نجد أن مسألة تصنيف الفنون المرئية بأنواعها المختلفة قد يحتاج لوضع معايير خاصة أيضًا لتصنيف الفنانين أنفسهم ووضعهم في إطار تخصصهم ويسأل الفنان محمد رزق قوميسير الصالون: هل في إمكاننا اليوم الأخذ ببعض المعايير التصنيفية إزاء الرسم والنحت والتصوير والجرافيك والفوتوغرافيا وغيرها ذلك إن بقيت فيها بعض السمات والخصائص الثابتة وشبه الثابتة؟حيث إن هذا اللقاء النوعي يفتح مسارات فنية جديدة تضمن استمرار التوهج وتضع يدها علي مفاتيح حوار من داخل تلك التجربة النوعية.. ذلك أن هذا التحدي يواجهه الفنانون ليطرح قضية انمحاء الحدود (أو بالأحري آثارها) بين الرسم وبقية الفنون. والفنانون المرشحون كل بعمل واحد فقط بإطار خشبي ومقاس يكاد يكون موحدًا.. باستثناء بعض الفنانين أو قليل منهم ذوي الأسماء والذين يشاركون بأعمال صغيرة وإطار مختلف. ومسألة الترشيح هذه لم تطبق علي الدورة السابقة للصالون.. التي خضعت لعملية المشاركة والاختيار. وفي هذه الدورة أبدي كثير من الفنانين استياءهم من فكرة الترشيح التي قد تحرم كثيرًا من الفنانين أو حرمتهم فعلاً من حق المشاركة في هذا الصالون والبعض يتساءل عن الأسباب أو الدوافع التي أدت إلي اتباع هذه السياسة؟ وهل سياسة الاحتكار أصابت الفن أيضًا؟ وهل ستظل نفس الأسماء ثابتة في الأعوام أو الدورات المقبلة؟ ومن المعروف أن قاعات الدولة التابعة لوزارة الثقافة تتيح حرية المشاركة للفنانين الأكاديميين وغيرهم من الهواة حيث يكون العمل الفني هو المعيار الحقيقي باستثناء بعض الفنانين الكبار الذين قد تعيقهم ظروفهم الصحية أو عزلتهم الفنية من معرفة موعد المعرض أو موعد سحب الاستمارات كما في حالة المعرض العام فيتم الاتصال كنوع من الاحترام والتقدير لعطائهم الفني.. وأنا لا أعتبره ترشيحًا بمعني الكلمة لكن قد أطبق هذه الكلمة علي ترشيح بعض أسماء الفنانين للمشاركة في بينالي دولي أو أسبوع ثقافي ليأخذ كل فنان فرصته عن طريق اللجنة العليا للفنون التشكيلية وبالرغم من أن صالون فن الرسم يأتي متوازيا مع مهرجان الإبداع التشكيلي الرابع في هذا التوقيت الصيفي الخامل إلا أنني أشعر بانفصال تام بين قاعات المؤسسة الثقافية الرسمية رغم أن كل قاعة تنفرد بأهدافها الخاصة والتي تعمل بآلية واحدة تتنافي مع ما تحمله كلمة مهرجان من معني ينطوي علي مفهوم التفعيل والتفاعل بالتواصل مع الآخر وإسعاده لنظل داخل الدائرة مرة أخري نري أنفسنا فقط ونحمل كتالوج المعرض لنقرأ أسماءنا من جديد.