ارتفاع جماعي بمؤشرات البورصة في ختام التعاملات    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    عاجل| تعرض زورق للهجوم بالبحر الأحمر وتلفه بأضرار جسيمة    حزب الله: استهدفنا مواقع مدفعية جيش الاحتلال وتنفيذ 17 عملية من جنوب لبنان تجاه إسرائيل    أوكرانيا تصد هجمات جوية روسية شديدة على كييف    عاجل.. إصابة قوية تضرب بيرسي تاو مع منتخب جنوب إفريقيا (تفاصيل)    حقيقة اقتراب اتحاد جدة من ضم إيدرسون    وصول مبابي ألمانيا رفقة المنتخب الفرنسي استعدادًا لليورو    سارة خليفة تعلن عن تصالح عصام صاصا مع أسرة الشاب المتوفي    كشف غموض مقتل سيدة مسنة داخل شقتها بشبرا الخيمة    الكويت.. ارتفاع عدد ضحايا حريق الأحمدي إلى 49    أحمد عز يشوق الجمهور لفيلم "ولاد رزق 3"    أحمد حلمي ينعي وفاة المنتج فاروق صبري    أفضل الأدعية وتكبيرات العيد مكتوبة.. أدعية يوم عرفة 2024    خالد الجندي للمصريين: اغتنموا فضل ثواب يوم عرفة بهذه الأمور (فيديو)    لطلاب الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بالكلية العسكرية التكنولوجية ونظام الدراسة    أبو الغيط يدعو إلى هدنة فورية في السودان خلال عيد الأضحى المبارك    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    دخول جامعة العريش لأول مرة تصنيف THE العالمي لمؤسسات التعليم العالي    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    ضبط تشكيل عصابي انتحل صفة ضباط شرطة بأكتوبر    اتحاد الكرة يرد على تصريحات رئيس إنبي    وزارة الصحة تتابع مشروع تطوير مستشفى معهد ناصر وتوجه بتسريع وتيرة العمل    يورو 2024| ألمانيا يبدأ المغامرة وصراع ثلاثي لخطف وصافة المجموعة الأولى.. فيديوجراف    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 37 ألفًا و202 أشخاص    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    مجدي البدوي: «التنسيقية» نجحت في وضع قواعد جديدة للعمل السياسي    اتحاد الكرة يترقب رد ليفربول بشأن مشاركة محمد صلاح فى الأولمبياد    المدارس المصرية اليابانية: تحديد موعد المقابلات الشخصية خلال أيام    حملات مكثفة بالإسكندرية لمنع إقامة شوادر لذبح الأضاحي في الشوارع    7 نصائح للوقاية من مشاكل الهضم في الطقس الحار    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    "سيبوني أشوف حالي".. شوبير يكشف قرارا صادما ضد محترف الأهلي    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    إصابة 3 طلاب في الثانوية العامة بكفرالشيخ بارتفاع في درجة الحرارة والإغماء    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    وفاة الطفل يحي: قصة ونصائح للوقاية    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    مسؤول إسرائيلى: تلقينا رد حماس على مقترح بايدن والحركة غيرت معالمه الرئيسية    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أبوبكر حميد: باكثير طمع في إمارة الشعر بعد شوقي.. لكنه اتجه للمسرح
نشر في القاهرة يوم 24 - 08 - 2010

(إنهم يحسبون أنهم يقتلونني عندما يمنعون الأخبار عني أو يحاربون كتبي ومسرحياتي. إني علي يقين بأن أعمالي ستظهر وتأخذ مكانها اللائق بين الناس في حين تطمس أعمالهم وأسماؤهم في بحر النسيان. لهذا فأنا لن أتوقف عن الكتابة ولا يهمني أن ينشر ما أكتب في حياتي.. إني أري جيلا قادما يرحب بأعمالي)
اليوم وبعد مرور أربعين عاما علي وفاته تتحقق نبوءة علي أحمد باكثير، علي يد الدكتور محمد أبو بكر حميد الرجل الذي أمضي ثلاثين عاما في خدمة أدب وتراث باكثير اكتشافا وتحقيقا ونشرا حتي انتهي به جهده الي الجمع بين أكبر مؤسستين أدبيتين في العالم العربي والاسلامي في لقاء نادر المثيل، فكان مؤتمر علي أحمد باكثير الذي عقده مؤخرا اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
بعد وفاة باكثير بحوالي خمسة عشر عاما اكتشف د.حميد وثائق عن تفاصيل حياة باكثير ومخطوطات أعماله المجهولة ومذكراته ومراسلاته وكل ما تركه ضمن محتويات مكتبه بمنزله في القاهرة، وأصبح د.محمد أبوبكر حميد -كما قال محمد سلماوي عنه في المؤتمر- منذ ذلك التاريخ مرجعا للباحثين والدارسين في كل ما يتصل بحياة باكثير وتراثه الأدبي الذي وجد معظمه مخطوطا وعكف منذ ثلاثين عاما علي جمعه وتحقيقه وإصداره، علي بعد خطوات من منزل باكثير، وكان هذا الحوار..
هل قصدت أن تنزل في نفس المكان الذي عاش فيه باكثير، أم أنها مجرد مصادفة ؟
- طبعا لم تكن مصادفة فأنا أسكن في هذا المكان منذ خطت قدماي مصر لأول مرة، حيث عبق المكان الذي عاش فيه هذا الرجل، فأطل منه علي نيل مصر العظيم الذي أعشقه، من نفس الزاوية التي كان يطل منها باكثير.
لماذا اخترت باكثير بالذات موضعا لاهتمامك وإنصافك علي كثرة المظلومين في الحياة الأدبية؟
- في هذا الرجل اجتمعت كل الاهتمامات فقد عبر من خلال أدبه عن قضايا وهموم الأمة العربية الإسلامية كلها باعتبارها وطنا واحدا، منذ بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939، مرورا بقيام دولة إسرائيل وسقوط فلسطين عام 1948، إلي قيام الثورة المصرية عام 1952، حمل علي باكثير عبء التعبير عن الأوطان العربية والإسلامية من أجل الحرية والاستقلال، إذ لا يوجد وطن من هذه الأوطان إلا وله في أدب باكثير نصيب، فكتب عن مصر أكثر من عشرين مسرحية بين قصيرة وطويلة، وعن فلسطين أكثر من خمسين مسرحية قصيرة وطويلة، ثم بعد ذلك غطي كل الاوطان العربية، وباكثير هو الأديب الذي عاني بسبب التزامه في الأوطان العربية وتجسدت فيه ملامح الشخصية العربية الجامعة للعروبة والإسلام بكل معانيها، بحيث إنه من الصعوبة نسبه إلي وطن واحد قياسا بإنتاجه الكثير والمتعدد.
كيف استطعت العثور علي مقتنيات باكثير ووثائقه، خاصة بعد رحيله بفترة طويلة ؟
- عثرت علي هذه الأشياء عام 1991، من ابنته الروحية وربيبته السيدة إجلال محمد لطفي ابنة زوجته، وزوجها الأستاذ عمر عثمان العمودي اللذان فتحا لي كنوز مكتبته بكل محتوياتها فعثرت علي مذكراته، رسائله، مفكرات الجيب، والمخطوطات، حيث إنني توصلت إلي نتيجة أن هذا الرجل لم تكن لديه سلة مهملات، فكل أوراقه التي كانت معه في كل رحلاته وأسفاره حتي المسودات الأولي لأعماله اصطحبها معه إلي مصر واحتفظ بها، فلا أعرف أديبا عربيا غيره ترك لنا مثل هذا التراث الشخصي الضخم الذي مكنني من كتابة سيرة حياته بتفاصيل لم تعرفها حياة أي أديب آخر.
هل أنت مازلت علي صلة بالسيدة إجلال وزوجها حتي الآن ؟
- نعم إنها سيدة الوفاء العظيم فقد ضربت المثل الأعلي في وفاء الابنة لأبيها وأكملت الرسالة بعد وفاة زوجها عمر عثمان العمودي ربيب باكثير وتلميذه.
وماذا عن باقي أقاربه ؟
- بعد وفاة زوجته الأولي نور، رحل إلي القاهرة تاركا ابنته الوحيدة خديجة -علي اسم زوجة أبيه- التي لم ينجب غيرها مع جدتها لأمها، وفي عام 1936 أثناء وجوده في مصر توفيت ابنته غرقا، بعد ذلك لم يبق له سوي زوجته المصرية وابنتها التي قام بتربيتها ورعايتها.
لماذا سمي ابنته باسم زوجة أبيه ولم يسمها باسم أمه؟
- فارق باكثير أمه وكان عمره عشر سنوات، فكان يعيش مع أمه وأبيه بإندونيسيا حيث كان يعمل والده بالتجارة، ومن عادات أهل حضرموت أن يرسل الابن إلي موطنه الأصلي ليتعلم اللغة العربية، فصحبه أبوه إلي حضرموت، كما أن إبعاده عن أمه كان لحكمة أخري هي ألا يكون مدللا، لكنه وجد في زوجة أبيه أمًا حقيقية، أحبها حبا شديدا لدرجة أن أول قصيدة نظمها كانت في رثائها، وكان عمره ثلاثة عشر عاما، كما أن أمه كان اسمها نور أي نفس اسم زوجته التي رحلت، وربما لم يرد أن يكرر هذا الاسم.
وماذا عن علاقته بأمه ؟
- بعد أن ترك اندونيسيا في عام 1920، عاد إليها عام 1927 لزيارة أمه وقضي معها عاما، وكان من أسباب تلك الزيارة أن تتوسط له أمه في الزواج من محبوبته لدي والدها الذي كان يقيم أيضا في إندونيسيا. وبعد أن تم له ما كان يريد من الزواج في حضرموت من الفتاة التي شغفته حبا وهي نور سعيد عوض ، لم ير باكثير أمه ثانية حيث رحل من حضرموت بعد وفاة زوجته، ولم يستجب لنداء أمه ولبي نداء مصر ورحل إليها دون عودة، حتي فارقت أمه الحياة.في 18 يناير 1951م وقد أورثه وفاتها حزنا مقيما عرفته من خلال رسائله التي كان يرسلها لأخيه حسن في إندونيسيا والحقيقة ان ظروف الحرب العالمية الثانية ثم ظروفه المادية قد حالت دون تمكنه من العودة لوطن مولده لرؤية أمه وإذا تأملنا نشيد الأم الذي كتبه لطلاب المدارس الابتدائية في مصر بنهاية الحرب سنة 1945م نجد ملامح الحزن والشوق والحب لأمه التي فقدها بالحياة قبل أن يفقدها بالموت.
وماذا عن قصته مع زوجته نور ؟
- بعد أن تحقق حلمه بالزواج من محبوبته وملهمته، هذا الزواج التي وقفت أمامه عقبات كثيرة، ما كادت تمر علي هذه السعادة سوي ثلاث سنوات حتي أصيبت زوجته الحبيبة بمرض عضال أقعدها لما يزيد علي ستة أشهر، حزن عليها حزنا عميقا لدرجة أنه مرض أيضا وشارف علي الموت فأبعدته عائلته عن البلدة خوفا عليه لأن حالته كانت تتدهور وهو يراها أمامه هكذا، ثم تلقي خبر وفاتها وهو بعيد عن حضرموت، فقرر الهجرة وعدم العودة إلي حضرموت ، فوصل عدن قادما من ميناء المكلا عبر البحر، وغادرها بعد تسعة أشهر إلي الحجاز التي أقام بها أحد عشر شهرا ليلقي بعصا التسيار في مصر.
وقد كتب في حب زوجته قصائد كثيرة جدا، وقد وجدت ضمن وثائقه خطابا لأخيه يقول له فيه: لو تركت نفسي لأنظم الشعر في هذه المرأة لنظمت ما لم تنظمه الأجيال من قبل في امرأة.
ماذا كنت تقصد بقولك ( باكثير مات مقهورا وعاد اليوم منتصرا)؟
- علي أحمد باكثير ظهر في مصر، ولو لم يظهر في مصر لما ظهر مهما كانت عبقريته، لأن مصر حاضنة النوابغ، وباكثير تألق بعد وصوله مصر وحقق فيها رياداته المعروفة في الشعر والمسرح والرواية ، وأصبح رائدا للشعر التفعيلي، وثاني أكبر كاتب مسرح بعد توفيق الحكيم، كما أصبح أيضا رائدا في الرواية التاريخية، فهو صاحب وا إسلاماه الشهيرة، سلامة القس، كفاح طيبة.
وفي الفترة من 1947 إلي 1956 أصبحت مسرحيات باكثير تتصدر المواسم المسرحية التي تقدمها الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقي للأوبرا الملكية قبل الثورة، ثم المسرح القومي بعد الثورة، وكانت مسرحياته مثل: مسمار جحا، سر الحاكم بأمر الله، سر شهرزاد، جولفدان هانم، تعرض في عدة مواسم مسرحية لعدة مرات، وفي سنة 1956 أبعد باكثير عن عرشه المسرحي عندما عُين الشيوعي المعروف أحمد حمروش مديرا عاما للمسرح القومي، فأبعد الكتاب الذين لا يتوافقون مع لونه الفكري، وكان علي أحمد باكثير في مقدمة الذين طالتهم يد هذا الظلم، وقد فصّلت هذا الأمر في كتابي الوثائقي (علي أحمد باكثير سنوات الإبداع والمجد والصراع) بالوثائق التي تكشف أسرار هذه المرحلة المجهولة من تاريخ المسرح المصري، وكلها للأسف تدين الأستاذ أحمد حمروش، وهي شهادات شهود العصر الذين أوردتهم، وقد أوردت في وثائق الكتاب ردود الأستاذ أحمد حمروش علي عندما نشرت بعض أجزاء هذا الكتاب في صحيفة الشرق الأوسط، ومنها ما نشرته مجلة المسرح في عدد يوليو 1966، من أحاديث نادرة مع ثلاثة من الكتاب الكبار الذين طالهم العزل والإبعاد، وهم: محمود تيمور، أمين يوسف غراب، وعلي أحمد باكثير الذي قال من خلال حديثه: (لم تقابلني عقبات في العمل الفني كما قابلني أشخاص في الحقل المسرحي اكتشفت أنهم يضحون بمثل كثيرة في سبيل مصالح خاصة، لكنني ماض في طريقي أكتب، وسيأتي الوقت الذي تظهر فيه هذه الأعمال وفقا لمنطق البقاء للأصلح) ، كذلك ما نشرته الأخبار 1969 بعنوان (باكثير المفتري عليه) بقلم فاروق خورشيد، كما كتب أنيس منصور ويحيي حقي وغيرهم، وكلها وثائق موجودة تثبت مدي الظلم الذي تعرض له باكثير من حمروش، كما توجد سلسلة من المقالات لحمروش نفسه يرد فيها علي من يدافعون عن باكثير ويبرر موقفه منه.
الغريب أنه رغم هذه المعاناة ظل يعشق مصر حتي آخر نفس في حياته، وتمني أن يموت فيها وتحققت أمنيته فقد كتب عن مصر عام 1929 إحدي قصائده ،أي قبل مجيئه إليها بخمس سنوات. كما كتب قصائد عدة في حبه لها. وأخيرا يأتي هذا المؤتمر بعد أربعين عاما من وفاته، ليعود باكثير منتصرا.
هل أتي باكثير فعلا إلي مصر طمعا في إمارة الشعر بعد أن خلت الساحة بوفاة أمير الشعراء أحمد شوقي ؟
- جاء باكثير إلي مصر بهدف منافسة الشعراء الكبار في عصره والالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، لكنه وصل مصر بعد رحيل شوقي وحافظ في عام 1932، وهو الذي تمني لقاءهما، فحزن عليهما حزنا عميقا لضياع فرصة اللقاء بهما، وتراكمت عليه الأحزان بعد مصيبته في وفاة زوجته فكتب قصائد رثاء فيهما وفي زوجته، لكنه بعد ذلك شعر أن الفرصة متاحة لإمارته للشعر بعد أن أصبحت الساحة خالية. لكنه بعد التحاقه بقسم اللغة الإنجليزية وتعرفه علي أدب شكسبير حول وجهته إلي المسرح.
أري من ضمن المقتنيات صورة لباكثير مع جمال عبد الناصر، فماذا عن علاقتهما؟
- عرف باكثير عبد الناصر وهو في سن الرابعة والعشرين عندما كان يتردد علي دار الإخوان المسلمين فالتقي به أكثر من مرة هناك، وعندما وقعت الفتنة بين رجال الثورة وجماعة الإخوان المسلمين بصدور قرار حل الجماعة في 15 يناير 1954، كان اسم باكثير من الأسماء الكبيرة التي لا يمكن اعتقالها إلا بموافقة عبد الناصر، وكان طلب اعتقاله بحجة أنه ينشر بعض مسرحياته في صحيفة (الإخوان المسلمين)، وتربطه علاقة قوية بالإخوان، فقال عبد الناصر: باكثير لم يكن عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، وكلنا نعرف قادتهم، وباكثير مواطن عربي، وحسبه أنه مؤلف (واإسلاماه) التي قرأتها قبل الثورة، وأعجبت بتصويره لحاجة العرب إلي زعيم يوحدهم.
ورواية (وا إسلاماه) هي التي أوحت للزعيم عبد الناصر بفكرة الوحدة العربية. وبعد تسع سنوات، وفي عام 1963 قال الرئيس جمال عبد الناصر لباكثير وهو يمنحه ( وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي ): كانت وا إسلاماه أكثر عمل أدبي تأثرت به قبل الثورة، بعد (عودة الروح) لتوفيق الحكيم. كما كرمه في نفس السنة بمنحه وسام عيد العلم، ثم تم تحويل (وا إسلاماه) إلي فيلم سينمائي عالمي عرض باللغتين العربية والإنجليزية.
ويقول أمين هويدي وزير المخابرات المصري الأسبق: إن هذه العبارة أنقذت باكثير من السجن مرة أخري، فبعد إعدام سيد قطب في 29/8/1967 رشحته المخابرات للاعتقال بسبب صلته بسيد قطب، لكن جمال عبد الناصر رفض ذلك، بحجة أن باكثير لم يكن عضوا في جماعة الإخوان المسلمين ولم يكن مرتبطا بأي تنظيم سياسي، وكانت صلته بسيد قطب صلة أدبية، بدأت قبل أن يتجه الأخير إلي العمل السياسي. وعدّ باكثير هذه المواقف التي اتخذها معه عبدالناصر أرقي درجات المروءة والنبل.
من أصدقاء باكثير المقربون ؟
- أصدقاؤه هم: عبد الحميد جودة السحار ونجيب محفوظ. ولم تكن مجرد صداقة عادية فقد جمعهم مشروع واحد، وقد تعاهد الثلاثة بعد أن تخرجوا في الجامعة علي نشر أعمال أدبية ترتقي بمستوي الرواية العربية فنيا وفكريا، فاتجه الأدباء الشبان الثلاثة إلي كتابة الرواية التاريخية برؤية جديدة تجعل من أعمالهم الامتداد المتطور لما كتبه أبناء الجيل السابق، هذه الرؤية هي توظيف موضوعات التاريخ لخدمة الواقع المعاصر الذي تعيشه مصر والأمة العربية، ونتيجة لهذا الطرح حققت الروايات الثلاث الأولي : (أحمس بطل الاستقلال) للسحار، (رادوبيس) لنجيب محفوظ، (سلامة القس) لباكثير، ترحيبا نقديا وثقافيا ممتازا، وفازت روايتا باكثير ونجيب محفوظ بجائزة السيدة قوت القلوب الدمرداشية ، فاقتسما قيمة الجائزة وحصل كل منهما علي أربعين جنيها، كما حصلا بعد ذلك علي جائزة وزارة المعارف مناصفة أيضا عام 1945 عن رواية (واإسلاماه) لباكثير، ورواية (كفاح طيبة لمحفوظ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.