هذه اللوحة أمامنا رسمها الفنان المستشرق لودفيج دوتش بعنوان «فناء الجامع الأزهر» والجامع الأزهر روح القاهرة وريحانتها وتاريخ القاهرة كله منذ إنشائه حتي اليوم مرتبط بالأزهر فهو مسجدها الكبير وجامعتها العتيدة وجزء من مجدها وتاريخها وهو أقدم الجامعات الإسلامية وأعرقها. وهذا المسجد والجامعة تخرج فيه آلاف وآلاف من رجال الدين في مصر والعالم الإسلامي شرقه وغربه وأدي رسالة ومازال يؤديها لأكثر من ألف عام، وقد كتبت دائرة معارف القرن العشرين: «إن الجامع الأزهر هو أقدم جامعة علمية في العالم وهو يعتبر مركزا لنشر علوم القرآن عبر التاريخ». وتاريخ الأزهر الشريف بدأ كما جاء في الخطط المقريزية: «إنه عام 359ه «971م» وضع جوهر الصقلي أساس الجامع الأزهر وتم بناؤه في عامين تقريبا». وبدأت فيه أول صلاة لأول مرة في 7 رمضان عام 361ه «972م» أي منذ حوالي عشرة قرون وأربعين عاما. يقول المقريزي في خططه: «كان عدد الأروقة في عهده في القرن التاسع الهجري خمسة وعشرين رواقا.. كل رواق يحمل اسم ساكنيه من الأغراب أو من أهل الريف أو الصعيد وكانوا أكثرية وكان لكل رواق شيخ وجراية من الخبز يعطاها الطالب كل يوم». ويقول: ولم يزل في هذا الجامع منذ بني عدة من الفقراء يلازمون الإقامة فيه وبلغت عدتهم في هذه الأيام سبعمائة وخمسين رجلا ما بين عجم وزيالعه ومن أهل ريف مصر ومغاربه.. فلا يزال الجامع عامرا بتلاوة القرآن ودراسته وتلقينه والاشتغال بأنواع العلوم: الفقه والحديث والتفسير والنحو ومجالس الوعظ وحلقة الذكر فيجد الإنسان إذا دخل هذا الجامع من الأنس بالله والارتياح وترويح النفس ما لا يجده في غيره». وقد ظل الأثرياء يقصدون الجامع الأزهر بأنواع البر من الأموال والأطعمة لا سيما في المواسم وذلك إعانة للمجاورين.. كذلك دأب بعض الناس علي المبيت بالأزهر في ذلك العصر طلبا للبركة ولا سيما في الصيف وليالي رمضان واستمر ذلك حتي 818ه حتي مُنع الناس من المبيت فيه. وكانت المنافسة شديدة خاصة في شهر رمضان بإقامة اسمطة الإفطار وكانت تذهب إلي المجاورين في المسجد قبل كل غروب من شهر رمضان في عشرات من القصاع الكبار يحملها الرجال الشداد لإفطار فقراء الجامع الأزهر من ثريدها ولحمها.