هذه اللوحة أمامنا للفنان المستشرق جون فريدريك لويس بعنوان «مشهد داخلي من مدرسة في القاهرة» رسمها عام 1890 وفيها يبدو شيخ الكتاب وأمامه تلاميذه الصغار.. وهذه اللوحة لمدرس القرآن وتلامذته ليست تسجيلا لمجرد مشهد وإنما هي حالة.. تماماً مثل رسم من يقرأ القرآن وحافظه هو أيضا رسم لحالة خاصة نستشعر فيها بسمو مادية الإنسان إلي الروحانية كاشفا عن صفاء وحالة خشوع كأنهم علي وشك الانطلاق إلي عوالم أخري رغم أنهم يبدون جالسون ثابتون وذلك بفعل الطاقة المستمدة من قراءة الكلمات الشريفة السماوية التي لا يستشعرها أو يستمتع بها إلا من يداوم علي قراءة كلمات الله. وهذه اللوحة رسمها مستشرق ربما لم يقرأ القرآن ا لكريم لكنه استطاع أن يستشف من حالة الاستسلام الخاشع من أطفال ليس من طباعهم السكون والاستكانة لكنهم أمام معلم القرآن هم ربما دون إدراك منهم قد لمستهم تلك الطاقة الفياضة التي يعيشونها مع حفظ كلمات الله.. فنراهم في حالة تركيز وراحة أيضا بألوان دافئة يكسوها دفء روحاني ناعم أمام كلمات الله تغلف أرواح طفولية بريئة، كان من رقة اللوحة وحالة الشفافية نكاد نسمع همهمات الأطفال.. ونلاحظ ذلك الإقبال علي تعلم القرآن الكريم من هذين الطفلين الواقفين بالباب في انتظار ميعاد درسهما أو زحمة المكان وربما وهما واقفان تشوقا للتعلم من الصغار داخل الكتاب، وآخر وقف إلي يمين الشيخ نلاحظ حالة السكينة داخل الكتاب بوجود عدد من طيور الحمام الآمن يلتقط من الأرض أمام التلاميذ والشيخ حبوبه وحتي القطة قد رقدت إلي اليمين آمنة، وقد اهتم الفنان بالإضاءة المنعكسة علي جانب وجه الشيخ ووجوه التلاميذ الصغار وبدت ناعمة دافئة كشف بها الفنان عن المشربية وجمالها الفائض خلف الشيخ وكذلك شغل الأرابيسك علي منضضة الشيخ الوقور المظهر وقد امسك في يده بعصا رفيعة وتألق وجهه اشراقا كاشفا عن حالة من الحب تجاه تلامذته في أبوة وقدرة المعلم أن يكون أبا ومرشدا وهادياً ليس منا خلال درس أو كلمات لكن عبر كتاب الله الذي هو مدرسة للحياة روحيا وماديا. وقد رسم كثير من المستشرقين لوحات لدروس تحفيظ القرآن ولقارئيه ومعلميه مثل لوحة «درس القرآن للأطفال» للفنان توما بيلوتشي.. و«طالب أزهري يحفظ القرآن» للفنان الأرمني يرفان دمرجيان.. و«تدارس القرآن في المنزل للأب وابنه» للفنان لود فيج دوتشي.. «وحفظ القرآن مساء في المسجد للفنان رودلف أرنست.. و«مدرسة القرآن» للفنان النمساوي لودفيج دوتشي».. «وقراءة القرآن من المنزل للفنان الألماني رودلف ارنست و«قارئ القرآن في المسجد» لنفس الفنان السابق.. و«درس القرآن» للفنان بيت جولز استارك.. و«المفتي يقرأ لطلابه للفنان جون ليون جيروم.. ثم هذه اللوحة أمامنا، حيث نشهد مشهداً حقيقياً لمدرسة الحياة علي ضوء كلمات الله المحفوظة في القلوب منذ الصغر.