وصول جثمان السباح يوسف محمد لمسجد الكريم ببورسعيد لأداء صلاة الجنازة.. فيديو    استشهاد 5 فلسطينيين في غارات الاحتلال على خيام النازحين في خان يونس    حظر النشر في مقتل القاضى "سمير بدر" يفتح باب الشكوك: لماذا تُفرض السرية إذا كانت واقعة "انتحار" عادية؟    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    الصحف المصرية.. حضور كثيف لناخبى الدوائر الملغاة من المرحلة الأولى فى 7 محافظات    أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    بعد هجوم رفح، أول تعليق من ترامب بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة    اللقاء المرتقب يجمع مبعوث ترامب وكوشنر بوسيط أوكرانيا    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    "المجلس الأيرلندي للحريات المدنية" يتهم "مايكروسوفت" بمساعدة إسرائيل في إخفاء أدلة تتبع الفلسطينيين    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    خبر في الجول - انتهاء مهلة عبد الحميد معالي ل الزمالك في "فيفا" ويحق له فسخ التعاقد    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    ظهور تماسيح في رشاح قرية الزوامل بالشرقية.. وتحرك عاجل من الجهات المختصة    تواصل عمليات البحث عن 3 صغار بعد العثور على جثامين الأب وشقيقتهم في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    محافظة الجيزة يتفقد أعمال إصلاح الكسر المفاجئ لخط المياه الرئيسي بشارع ربيع الجيزي    القانون يحدد عقوبة صيد المراكب الأجنبية في المياه الإقليمية.. تعرف عليها    حلمي عبد الباقي يكشف تدهور حالة ناصر صقر الصحية    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    «يوميات ممثل مهزوم» يمثل مصر في المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    محمد رجاء: أراجع كتاباتي مع خبراء نفسيين.. والورد والشيكولاتة ليست نقاط ضعف النساء فقط    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    وزير الأوقاف ناعيًا الحاجة سبيلة عجيزة: رمز للعطاء والوطنية الصادقة    النيابة الإدارية يعلن فتح باب التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية لخريجي دفعة 2024    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    رويترز: طائرة قادمة من الولايات المتحدة تقل مهاجرين فنزويليين تصل إلى فنزويلا    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    الطب البيطري: ماتشتريش لحمة غير من مصدر موثوق وتكون مختومة    ضياء رشوان: موقف مصر لم يتغير مللي متر واحد منذ بداية حرب الإبادة    محافظ سوهاج يشيد بما حققه الأشخاص ذوي الهمم في يومهم العالمي    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    أزمة مياه بالجيزة.. سيارات شرب لإنقاذ الأهالي    استشاري يحذر: الشيبسي والكولا يسببان الإدمان    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    ألمانيا والنقابات العمالية تبدأ مفاوضات شاقة حول أجور القطاع العام    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    هيئة قضايا الدولة تُنظم محاضرات للتوعية بمناهضة العنف ضد المرأة    أسامة كمال عن حريق سوق الخواجات في المنصورة: مانبتعلمش من الماضي.. ولا يوجد إجراءات سلامة أو أمن صناعي    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تولستوي الشخصية الأكثر تأثيراً وإلهاماً في التاريخ الإنساني
نشر في القاهرة يوم 03 - 08 - 2010

إن تولستوي «82» عاماً والذي وافته المنية في 7 نوفمبر عام 1910 شخصية فذة وروائي عالمي نتذكره بمناسبة مرور 182 عاماً علي ميلاده في 28 أغسطس 1828 وبمناسبة مرور 100 عام علي وفاته في نوفمبر وكذا مرور أكثر من 150 عاماً علي صدور أول رواية له كانت البداية لتطوره كأديب أصبح بعدها أعظم كتاب الرواية في العالم القديم والحديث حتي الآن..
يعتبر الأديب العالمي الروسي من أعظم كتاب الرواية في العالم بأسره حتي الآن عاش 82 عاماً «1828-1910» قضي منها 58 عاماً في الكتابة الإبداعية صدر له خلالها أكثر من مائة كتاب أهمها في مجال الرواية وأهمها علي الإطلاق رواية «أنا كارنينا» و«الحرب والسلام».. ويليها في الأهمية رواية «البعث» التي كتبها في أخريات حياته.
نشأ «ليوتولستوي» أرستقراطياً يحمل لقب الكونت وتقلب منذ نعومة أظفاره في أعطاف النعيم والدعة والجاه ثم نأي عن طبيعة طبقته وعشق المعرفة والثقافة ووهب الإحساس الرحيم والشعور النبيل فانقلب إلي زاهد مصلح واقترب بمبادئه من الأنبياء إذ تنازل عن ضياعه الشاسعة لعبيد الأرض وعاش عيشة الفلاح المسكين الزاهد القانع.
في طفولته المبكرة دخل يوماً علي العمة «تانيانا» يشكو إليها انه رأي منظراً كدره وآلمه وذلك بأنه شاهد أحد الفلاحين يساق إلي حظيرة حيث أوثقه رئيسه وضربه ولما سألته عمته لم يحل بينه وبين الضرب أطرف في خجل ولم يحر جواباً.
لقد أحب الفتي وهو مازال غضاً في الثامنة من عمره حباً كذلك الحب الذي قلما خلا منه قلب فتي أو فتاة في ربيع العمر ويميل علماء النفس إلي أن وجود هذه العاطفة في هذا السن الباكرة دليلاً علي الموهبة الفنية ولذلك يرجي لصاحبها أن يكون في غده من الأفذاذ.
في السادسة عشرة من عمره يمتلئ ذهنه بكثير من مسائل الفلسفة بل إنه ليطمع أن يحل ألغاز الوجود فيشغل نفسه بالنظر في خلود الروح ووظيفة الإنسان في هذا الكون وإمكان وجود حياة أخري إلي أمثالها من المعضلات والمسائل.
في عام 1851 لمحت للفتي بارقة أمل. لم لا يجعل الأدب حرفة له؟ ألم تكن عمته «تاتيانا» علي حق حين قالت له ذات يوم «إني أعجب يا عزيزي ليو كيف لا تكتب رواية ولك مثل ما لك من خيال».
كان الفتي يقرأ القصص أكثر مما يقرأ، ولم ينقطع عن القراءة مهما شغله الشاغل أوملأ حياته اللهو ولا يزال إعجابه بروسو عظيماً وكذلك لا يزال إعجابه بديكنز حيث أنزله منزلة عظيمة في نفسه أما الكتاب الروس فقد كان يقبل منهم علي بوشكين وجوجول إقبالا شديداً وكان لثانيهما تأثير قوي في خياله وعقله. في هذه الأيام بدأ يلمع اسم ترجنيف وكان أكبر من «توليستوي» بعشر سنوات وقد نشر أول كتبه سنة 1847 وهو «مذكرات رجل صيد» وكان لهذا الكتاب كذلك تأثير عميق في خياله ووجدانه وتصادف أن كتاب قصة ديكنز العظيم «دافيد كوبر فيلد» ينشر يومئذ تباعاً في إحدي المجلات فأحدثت في نفسه أثراً لم تحدث مثلها قصة غيرها وظلت في نفسه لها المكانة الأولي حتي آخر حياته.
يقول: «ليوتولستوي» في دفتره «إن الوصف ليس كل شيء.. كيف ينقل الكاتب إلي القارئ شعوره؟ قال: ذلك لأنه كان قد اعتزم أن يجعل الوصف غايته من الكتابة فيصف كل ما تقع عليه عيناه ثم بدأ له وكان أثر «دافيد كوبر فيلد» قوياً في نفسه فلما لا يكتب أيام طفولته.. انكب علي الكتابة كل صباح من الساعة الخامسة إلي الحادية عشرة حتي أتم باكورة قصته التي كتب لها الخلود وأخذ يكتب منذ سنة 1851 وفي شهر يوليو سنة 1852 أتم كتابة «عهد الطفولة» باكورة فنه وخطوته الأولي صوب المجد وذهاب الصيت وأرسله بإمضاء ل. ن إلي مجلة شهيرة كانت تسمي «المعاصر» وظل ليو شهرين ينتظر رداً من المجلة وهو يسلم نفسه إلي الأمل الحلو تارة وإلي اليأس المرير تارة أخري حتي جاءه الرد ينبئه بقبول القصة للنشر وفرح «تولستوي» فرحاً عظيماً بالنشر في ذاته فهذه أمنيته وازداد فرحاً حين جاءه كتاب ثان يبدي فيه صاحب المجلة انه ازداد رضاء عن القصة وهو يصححها للطبع وانه يعتقد أن مؤلفها ممن وهبوا المقدرة وأنه لأمر ذي أهمية أن يعلم المؤلف ذلك في بداية عهده بالكتابة
نشرت القصة في عدد أكتوبر وسرعان ما حظيت بثناء أهل الفن جميعاً وفي مقدمتهم ترجنيف ذلك الذي بدأ يلمع يومئذ في فن القصة ومنهم دستويفسكي وكان في منفاه بسيبريا فكتب إلي أحد أصدقائه يسأله من يكون ل. ن هذا صاحب هذه القصة.
.. وطابت نفس الفتي «ليو نيقولا تولستوي» 23 عاما وابتهج فؤاده بهذا النجاح فلم يكن بالأمر الهين أن يلتفت ترجنيف ودستويفسكي إلي هذا الكتاب فقد خلف هذان الكاتبان جوجول في زعامة القصة وأصبح أسماهما من أرفع الأسماء في الجيل الذي أعقب جوجول.
.. أخذت تتفتح الأكمام في هذا الكتاب عن عبقرية الكاتب الناشئ الذي لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره وبدأت تنجلي خصائص فنية وتتفتح مواهبه وفي مقدمة تلك المواهب إحساسه المرهف وقلبه الشاعر وذكاؤه الحاد وبصيرته النافذة إلي أعماق الأشياء.. أما فنه فكان قوامه الأصالة والصدق والسمو.
.. لقد وفق تولستوي توفيقا كبيرا في تصوير الخلجات النفسية في كتابه هذا حتي يظن قارؤه إن لم يكن يعرف أنه عمل مبتدئ.. هذا إلي دقة اللمسة الفنية والبراعة في عرض الصور مع وضوحها وخلق المناسبات واختيار ما يحتاج إليه السياق في غير استطراد ممل أو علي حد تعبيره استبعاد كل ما لا ضرورة له أو كل ما هو سطحي وللكتاب «باكورة إنتاجه الأدبي» «عهد الطفولة» أهمية من ناحية أخري إذ هو يرينا تأثره إلي حد ما بروسو واستندال وديكنز.
.. جعله نجاحه في كتابه الأول إلي أن يكتب «عهد اليفاعة» فأقبل علي ذلك في نشاط أمل وغبطة وكان أثناء كتابته «عهد الطفولة» قد بدأ يكتب بعض الأقاصيص عن حياته في الجندية ومنها «قطع الغابة» و«الفارة» وقد أرسل هذه الأخيرة إلي مجلة المعاصر فنشرتها وقد اطمأنت إلي القاص الشاب.. وبدأ القاص الشاب يعكف علي مذكراته يثبت فيها ما يعتزم كتابته من قصص وكلما طرأ علي خاطره موضوع يصلح لقصة عجل بإثباته ودون ما يعن له من ملاحظات ليعود إليها في حينه وكلما أعجبته حادثة أو شخصية ممن يحيطون به كتبها مخافة أن ينساها ليجدها فيما بعد حين يأخذ في بناء قصصه وهكذا بث نجاحه الأول في نفسه كثيرا من الأمل والنشوة.
.. يكتب تولستوي في كراس سنة 1852 عندما كان عمره 23 عاما..
«إني أؤمن بإله واحد لا تدركه الأبصار وأؤمن بخلود الروح وأؤمن بالجزاء علي أعمالنا».
.. يتأمل الفتي في أمر يتصل بالأخلاق فيكتب «إن الضمير خير رائد لنا وخير ما نعول عليه من هاد، ولكن ما هي الشواهد التي نميز بها صوت الضمير من الأصوات الكثيرة التي تنبعث في أنفسنا علي أنه الصوت الحق الوحيد، ذلك لأن الغرور يتكلم بنفس القوة إن الرجل الذي يكون غرضه في الحياة سعادة نفسه هو رجل سوء وان الذي يكون غرضه إسعاد الآخرين رجل خير ولكن الذي جعل غرضه وجه الله العظيم هو رجل عظيم.. ان النشر في رأيي يكون من اتباع السوء تجاه الآخرين والخير كامن في محبة الخير لهم بهذا يتحدث الضمير أبداً.. وأن غرض الحياة هو الخير ورأيي أن وسيلتنا لنعيش عيشة طيبة هي معرفة الخير والشر وأننا لن نكون أخياراً إلا عندما نوجه جميع قوانا نحو هذا الغرض.
مما يذكر عن تولستوي أن ما رآه من مجازر تعرض لها شعب الشيشان وما قام به الروس في جرزوني من حرق للبيوت والمزارع والأجساد كان وراء كراهيته للحروب.
في عام 1886 عندما بلغ تولستوي «58» عاماً بدأ علي الفور يتجه بعمق نحو الدين مما جعله يتخذ لنفسه عقيدة خاصة عرفت «بالتولوستويه» وبدأ يدعو الناس إلي اعتناقها وهي تعني مبدأ المقاومة السلبية للشر وعدم رد الاعتداء بمثله فكان من آرائه أن أساليب العنف إجرامية ولذلك كان يدفع اتباعه إلي عدم التجنيد وتأدية الخدمة العسكرية كما حرم علي نفسه أكل اللحوم والمشروبات الروحية وأخذ يتنازل عن أراضيه للفلاحين ويصنع حذاءه بيديه محاولاً أن يكون مستكفياً بنفسه وفي هذا كان أستاذا لغاندي حيث سبقه للدعوة إلي المقاومة السلبية للشر وكراهية العنف.. وقبل رحيله في 7 نوفمبر 1910 بسبع سنوات حرمته الكنيسة من حقوقه الدينية لاتجاهه إلي الاشتراكية وكان قد أتم توزيع جميع أراضيه علي الفلاحين من منطق انهم أولي بها لأنهم هم الذين يزرعونها.. وقد أدي تنازله عن جميع ممتلكاته إلي نشوب خلاف بينه وبين زوجته وانضم إليها أولاده وكانوا 11 ابناً وابنة فيما عدا ابنته الصغري «إلكسندرا» التي صاحبته حين ترك بيته ليتوفي مصابا بالتهاب رئوي في مصحة السكك الحديدية قريباً من القضبان التي انتهت عليه حياة بطلة «آنا كارنينا» ويدفن تولستوي بلا طقوس ليصبح فيما بعد الشخصية الأكثر تأثيراً وإلهاماً في التاريخ الإنساني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.