نظمت فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان "القومي للمسرح المصري" خلال الفترة من 17 إلي 28 يوليو تحت رعاية السيد وزير الثقافة الفنان فاروق حسني وبرئاسة د. أشرف زكي، وقد تضمنت فعاليات هذه الدورة مشاركة ستة وثلاثين فرقة مسرحية تمثل مختلف مسارح المحترفين والهواة، كما تضمنت تنظيم عدة ندوات تطبيقية لمناقشة وتحليل العروض وكذلك إصدار بعض المطبوعات ومن أهمها النشرة اليومية وأربعة كتب عن المكرمين الأربعة، واستمرارية دورات "المهرجان القومي للمسرح المصري" والوصول بانتظام إلي دورته الخامسة تأكيدا قطعيا علي استمرارية الدور المسرحي الريادي لمصر، وتمتعها وحدها بتحقيق تكامل عناصر الظاهرة المسرحية، فقد تنجح بعض الدول العربية الشقيقة في تقديم عروض مسرحية بأرقي مستوي فكري وأعلي مستوي فني وتقني ولكن تبقي "مصر" بجمهورها المسرحي الكبير هي وحدها القادرة علي تنظيم مهرجان كبير يضم هذا العدد الكبير من العروض، خاصة أن كل عرض من هذه العروض طبقا للائحة قد سبق تقديمه - في المتوسط - لمدة لا تقل عن ثلاثين ليلة. قائمة التكريم هذه الدورة تضمنت أسماء الناقد الكبير الراحل فاروق عبد القادر، والفنان الكبير سعيد صالح، والنجمة القديرة كريمة مختار، وأستاذة الباليه د. ماجدة عز، وهذا التكريم يعد بلا شك ليس فقط اعترافا بفضلهم وإسهاماتهم الأدبية والفنية المتعددة ولكنه أيضا إعلاء لقيم الجدية والموضوعية والنزاهة والعطاء. وفيما يلي بعض الومضات النقدية لفعاليات هذه الدورة، والتي حرصت من خلالها علي نقل نبض المسرحيين المتخصصين وكذلك نبض الجمهور المتابع لفعاليات المهرجان، وتسجيل أهم إيجابيات وسلبيات هذه الدورة. ومضات نقدية - حرص جميع المسرحيين - وخاصة أعضاء فرق الهواة المختلفة - علي المشاركة بعروضهم بفعاليات المهرجان خير دليل علي أهمية هذا المهرجان وخير شاهد علي نجاح دوراته المتعاقبة، ولا أعتقد أن الهدف من المشاركة يعود إلي قيمة الجوائز الكبيرة - قد يصبح ذلك هدفا ثانويا - حيث يظل الهدف الأساسي هو الحصول علي شرف لمشاركة وتمثيل بعض الجهات الإنتاجية، وكذلك الحصول علي فرصة العرض بمسرح كبير مجهز فنيا وأمام جمهور جديد خاصة مع تعاظم فرصة العرض أمام نخبة من النقاد والمتخصصين سواء بلجنة التحكيم أو لجنة النقاد بالندوات. تخبط المسار - للأسف مازال القطاع الخاص يتخبط في مساره خلال السنوات الماضية، وبالتالي فقد تقلصت أو كادت تختفي مشاركاته بالدورات المختلفة للمهرجان، ولعل الذاكرة تسجل مشاركة فرقة "أحمد الإبياري" بعرض "دو ري مي فاصوليا" علي هامش المهرجان بالدورة الأولي، وفرقة "شباب مسرح الفن" بعرض "تاجر البندقية بالدورة الثانية، والتي حصلت مجموعة العرض به علي جائزة خاصة (مبلغ خمسة الآف جنيه وشهادة تقدير)، وهذا العام تشارك فرقة "روانا للإنتاج الفني" بعرض "وطن الجنون" وهو عرض متميز لا يمكن تصنيفه أو إدراجه تحت مسمي العروض التجارية، بل هو عرض جيد ويتسم بالتجريب ويقدم في إطار غنائي استعراضي ويشارك ببطولته نخبة من أفضل عناصر الهواة. - غياب مشاركة "نجوم المسرح" عن المشاركة بفعاليات "الدورة الخامسة للمهرجان" ظاهرة أتمني أن تختفي خلال الدورات القادمة، خاصة وقد سبق لعدد كبير من النجوم المشاركة ببعض فعاليات الدورات السابقة ونذكر من بينهم علي سبيل المثال كل من الفنانين: عايدة عبد العزيز، عزت العلايلي، حسين فهمي، ماجدة الخطيب، وللأسف فإن مشاركات النجوم بهذه الدورة لا تتعدي كل من الفنانين: سمير صبري، دوللي شاهين، سامح يسري، غادة إبراهيم وجميعهم لا يمكن اعتبارهم من نجوم المسرح المصري بالدرجة الأولي، ومما لا شك فيه أن مشاركة نجوم المسرح بفعاليات هذا المهرجان القومي إثراء له وللحركة المسرحية وعامل جذب للجمهور، وذلك بخلاف تحقيق هدف تواصل الأجيال لتبادل الخبرات. جيل الرواد بخلاف المخرج الكبير محمود الألفي - الذي يمثل جيل الرواد حاليا - والمخرجين: عاصم رأفت وناصر عبد المنعم وسعيد سليمان - اللذان يمثلان جيل الوسط، لم يشارك في التنافس علي جائزة الإخراج الأولي من المخرجين المحترفين سوي نخبة من المخرجين الشباب الذين تحملوا مسئولية إخراج عروض جديدة خلال دورة العام الحالي (للعام 1009/2010). يبذل أعضاء لجنة التحكيم مجهودا كبيرا بهذه الدورة، حيث يضطرون إلي مشاهدة ثلاثة عروض يومية - ولمدة أحد عشر يوما متواصلة - لذلك فأنا مع الاقتراح بضرورة تخفيض عدد العروض المشاركة بالمسابقة الرسمية أو إطالة فترة المهرجان حتي يتسني لأعضاء لجنة التحكيم مشاهدة عرضين فقط يوميا علي أقصي تقدير. غياب عربي هذا العام لم يشارك أحد المبدعين العرب بلجنة التحكيم هذا العام، حيث تنص اللائحة الأساسية للمهرجان علي إمكانية مشاركة اثنين من الخبراء الدوليين في المسرح العربي أو العالمي بلجنة تحكيم كل دورة، وبالفعل فقد سبق مشاركة كل من الفنانين السوريين: دريد لحام، وجمال سليمان، والفنان التونسي المنصف السويسي بالدورات السابقة، وأتمني أن تتم المحافظة علي هذا التقليد الرائع وتطبيقه بالدورة القادمة - إن شاء الله - لما يحققه من إيجابيات ومن أهمها توثيق الروابط العربية وتحقيق تواصل الإبداعات وتبادل الخبرات. افتقدنا هذا العام - وكذلك بالدورة الرابعة - لحفل الافتتاح، ونتمني ألا يصبح ذلك تقليدا مستمرا خلال الدورات القادمة، وإذا كنا بالتأكيد مع خفض التكاليف وترشيد الإنفاق وتعظيم قيمة الجوائز إلا أننا يمكننا ومنذ الآن البحث عن مصادر للتمويل (بالتعاون مع بعض الرعاة مثلا) والتخطيط لتنظيم حفل بأقل التكاليف، حيث يظل حفل الافتتاح فرصة رائعة للقاء الفنانين من مختلف الأجيال وكذلك فرصة ذهبية للإعلان عن تفاصيل جميع فعاليات المهرجان وتوزيع برامج العروض. ندوات العروض إصرار إدارة المهرجان علي تنظيم الندوات التطبيقية لمناقشة وتحليل العروض بحضور نخبة من النقاد والمتخصصين تقليد جيد ومهم وأرجو أن يستمر، والتحية واجبة للزميل والصديق الناقد المسرحي/ عبد الرازق حسين المسئول عن لجنة الندوات، فهو بما يمتلك من موضوعية وقدرة علي العطاء في صمت قد حرص علي تكامل الخبرات وتمثيل جميع الأجيال بالندوات المختلفة، وذلك حتي يمكن عرض جميع وجهات النظر المتباينة بصدق. التقليد الجديد الذي اتخذته لجنة الندوات بهذه الدورة لأول مرة بتسجيل جميع وقائع الندوات التطبيقية كاملة ونشرها علي الشبكة الإلكترونية (شبكة الإنترنت) - بالإضافة إلي تسجيلها بالنشرة اليومية أسوة بالدورات السابقة - تقليد رائع ومتميز، فهو يتيح الفرصة لأكبر عدد من المهتمين بمتابعة وقائع الندوات الثلاث التي يتم تنظيمها في نفس اليوم بثلاثة مسارح مختلفة)، كما أن الندوات بهذا الشكل أصبحت موثقة ويمكن استرجاعها في أي وقت. تخوف مثير عبر أكثر من مخرج عن تخوفه من نتائج لجنة التحكيم واختلافه مع نتائج بعض الدورات السابقة، والحقيقة أن لجنة التحكيم هذه الدورة لا يختلف مسرحي علي التوفيق الكبير في تشكيلها، حيث تضم نخبة من كبار المسرحيين ويكفي أن نذكر أنها تضم ثلاثة مخرجين من كبار فناني المسرح المصري وهم الأساتذة: د. هاني مطاوع (رئيسا للجنة) أحمد عبد الحليم، فهمي الخولي، بالإضافة إلي المبدعة القديرة سهير المرشدي، والفنان والأستاذ الأكاديمي د. سيد خاطر والناقد المسرحي محمد الرفاعي، كما تضم في عضويتها أيضا أستاذ الديكور الفنان د. سمير أحمد، والكاتب الساخر محمود الطوخي، وذلك بالإضافة إلي مشاركة مفكرين من أكبر مثقفينا وهما الأديب الكبير خيري شلبي، والصحفي والإعلامي القدير لويس جريس، وجميعهم يتمتعون بالنزاهة والسيرة العطرة، ولذا فنحن لا نأمل فقط في نتيجة موضوعية ترضي الجميع ولكن أيضا في توصيات حقيقية ترصد أهم الظواهر المسرحية خلال هذه الدورة. اللجنة القومية أتفق بشدة - وليست المرة الأولي كما يظن البعض - مع د. هدي وصفي في اقتراحها بضرورة إعادة تشكيل اللجنة القومية للمسرح لتمارس عملها طوال العام وتحمل مسئولية متابعة جميع العروض المنتجة (خلال العام) في أماكن عرضها بمختلف الأقاليم، علي أن تقوم اللجنة بعد ذلك باختيار أفضل العروض وترشيحها للمشاركة بفعاليات "المهرجان القومي"، وأرجو بالفعل تنفيذ هذا الاقتراح في أقرب فرصة ممكنة، فبتطبيقه سوف تتحقق العدالة وتمنح الفرص المتكافئة لجميع الفرق والتجمعات المسرحية، مما سيكون له أكبر الأثر في ارتقاء مستوي عروض المهرجان وكذلك إثراء حركة المسرح المصري بصفة عامة. ظاهرة سلبية أرجو أن تختفي خلال الدورات القادمة وهي غياب كثير من المسرحيين عن متابعة فعاليات المهرجان، فللأسف غاب عن متابعة عروض المهرجان كبار النجوم وأعضاء فرق مسارح الدولة وكذلك أساتذة المعاهد الفنية وبالتالي طلابها أيضا!!، لذلك فإن التحية واجبة لكل من الأساتذة: د. نهاد صليحة، د. حمدي الجابري، د. عايدة علام، والفنانة المتميزة عايدة فهمي، حيث حرص كل منهم علي مشاهدة العروض وحضور الندوات النقدية أيضا.