خمسون عاما أو يزيد من ممارسة الفن، من الخروج علي ثوابته، وتحطيم صناديقه محكمة الغلق، فقد كانت محاولاته كلها تشير إلي تميز هذا الفتي جميل الخلقة، فمن لم يقترب من هذا الفتي الوسيم، فقد خسر كثيرا من الاجتراء علي السكونية والنمذجة، إنه مثال حي للخروج علي كل مستقر في الفن، إنه عبد الرحمن عرنوس المتوج بالجنون الواعي، يروضه فيصبح حصانه الذي يسبق الجميع، فيلهثون وراءه، فلم يكن جموحه في فراغ، لكنه كان مؤسسا علي معرفة الناس وثقافتهم مدركا أنه لا مسرح دون النزول للشارع، ومن هنا كان منطلقه وحكاياته التي ستظل معينا ثرياً يستقي منه كل عاشق للتجديد . إنه عرنوس الذي كان تميمة عند عشاقه من تلاميذه وزملائه المحبين سواء في مصر أو الأردن أو في البلاد العربية، حيث جمع بين عدة مواهب لا تجتمع إلا لعبقري مخلص لفنه، فهو المدرس النابه المجدد، وهو عراب فن الناس، وهو قائد لفرقة شعبية تقاوم المحتل بالغناء الشعبي، والممثل الذي يعرف كيف يجمع خيوط شخصياته ممسكا بتفاصيلها عائشا فيها ناسيا ذاته لصالحها، وهو المخرج المسرحي صاحب التجارب المسرحية الفارقة في تاريخ المسرح المصري . مسرح الحياة وبداية التأسيس الإبداعي ينتمي عرنوس بجذوره إلي المطرية، دقهلية، لكنه بورسعيدي النشأة والهوي، فعلي نغمات السمسمية بدأت أذنه تستقي التمتمات الموسيقية الأولي، كانت هذه الموسيقي تجمع بين الرقة والحيوية، تلتحم بالناس وتأخذهم إليها، ومنها كانت ذائقته تتشكل وتتكون مدرسته التي عنيت بالناس فيما بعد، حيث كان طليعيا ممارسا للمعرفة لا مقتنيا لها ليتجاذب بها أطراف الحديث علي المقاهي، فمن يتأمل حياته سيجدها غنية كمصر، فمن جذوره المطراوية وميلاده عام 1934 بالأسكندرية ونشأته ببورسعيد وحياته بالقاهرة تشكلت خريطته الروحية لكن أبرز إحداثياتها كانت بورسعيد المناضلة، وكيف لا يكون منها وهو المناضل الحقيقي الذي لم يرتزق بالنضال، فقد عمل مدرسا بإحدي المدارس الابتدائية بحي المناخ في بداية الستينات وساهم خلال هذه الفترة في إثراء تلاميذه ببث روح الحرية ومبادئ الاشتراكية والوحدة العربية في نفوسهم وقد تخرج في معهد الفنون المسرحية عام 1965 حيث كان مدرسا فيه حتي رحيله، ولم ينقطع عن التدريس في مصر إلا حين عمل بكلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك بالأردن، وهناك أنشأ مختبر اليرموك المسرحي داخل الجامعة حيث عمل هناك في الفترة من (1983 : 1987) وتجلت موهبته الفذة هناك ليتسع بالمسرح ومفهومه فيعشق تلاميذه المسرح، ويتحول عرنوس إلي مدرسة يأتيها طلاب الفن من كل صوب، وبدأ تأثيره يتسع وبدأ تلاميذه في التكاثر حتي أن البعض ينسب إليه نهضة المسرح الأردني الحديث وما قدمه إليه من مفاهيم جديدة ساهمت في موجات التجديد المتلاحقة التي زرع أشجارها عبد الرحمن عرنوس، لقد ترك كتبا في وعي المهتمين بالمسرح يتحركون بها ويهتدون بما ورد فيها من إشارات دالة، لذا ستظل مدرسته المسرحية مفتوحة بتلاميذه ممن تلقوا خبرته وإنسانيته ودربته المسرحية، ويشهد علي نبوغه ما قدمه من نجوم عرب ومصريين نذكر منهم : الرحل أحمد زكي، إلهام شاهين، محمد صبحي، أحمد السقا، نشوي مصطفي مسرحة الأحداث كان عرنوس مؤمنا بالدور الذي يمكن أن يلعبه المسرح، لذا فقد امتلك موهبة نقل المعرفة والخبرة لتلاميذه، وعبر معايشته للأحداث الجسام كان ينقلها بأسلوب مسرحي لأبنائه من التلاميذ، فمشاهد حفر القناة وما فيها من سخرة وعبودية كانت علي قائمة ما ينقله للأجيال التي لا تعرف كم عاني الأجداد، وكذا قيام مصر بثورتها، وتأميم القناة، ويذكر أحمد حسين أحد تلاميذه في مدرسة الفاتح الابتدائية شهادة بديعة علي قدرة استاذه في نقل المشاعر الوطنية عبر الأداء المسرحي قائلا : " كان استاذي نشطا في ترجمة افتخارنا بالحدث الي نشيد حفظناه معه في الفصل، وكنا نخرج الي فناء المدرسة ننشده بصوت قوي ونمثل قصته بحركات تعبيرية كان يعلمها لنا مع كل مقطع من النشيد، كنا ننشد معه من قلوبنا : " قنااااااال السويس ... قنااااااال السويس .. حفرها جدي ... عيسي وعويس .. آم جه ديليسبس .. آل لنا هس .. انتو النص .. وأنا النص .. سبعين سنة ارص .. ولاباخد النص .. آم جاله جمال أبو الاحرار.. طرده وطرد الاستعمار " ويكمل شهادته التي تحمل قدرا من الوفاء الجميل الذي ندر أن نجده في هذه الأيام " كانت طرقات وفناء مدرسة الفاتح الابتدائية ترتج يوميا ونحن نردد نشيدنا الحبيب، وكانت شوارع بورسعيد تمتلئ بنا نهتف به أثناء عودتنا الي منازلنا بعد الدراسة، بل بدأ الناس يرددونه معنا يوميا في الشارع وفي شرفات المنازل، لقد اصبح النشيد ملازما للناس في كل مكان، وتعلمنا منذ ذلك الوقت اول دروس فن مخاطبة الجماهير وقيادتهم والتأثير فيه من خلال ما بثه فينا الأستاذ عبد الرحمن عرنوس، وتمثل هذه الشهادة تأريخا مهما لذكري الراحل، حيث يؤكد أنه أول من ابتكر وأبدع " مسرحة المناهج " قبل أن تدرجها الوزارة في مناهجها التربوية حيث كنا نعيش حصص القراءة والأناشيد نتلقي الدرس بشغف وكأن علي رؤوسنا الطير، نمشي خلفه، ونغني ونفرح ونبتهج لأننا لن نذاكر بعد أن حفظنا الدرس عن ظهر قلب، فقد كان عرنوس سباقاً وصاحب يد طولي وأبعد نظراً من كثير من المتقعرين بفكره ورؤيته وعبقريته، فشكرا لهذا الوفاء، وياليت كل تلاميذه يدلون بشهاداتهم حول هذا الرجل الذي كان ملكا لتلاميذه الذين اعتبرهم أبناءه حيث لم يتزوج ولم ينجب فمارس عاطفة الأبوة مع كل من تلقي عنه العلم . هدير الغناء الشعبي يقوده للشارع (افرطي البيوت حجارة وامزجيها بالقنابل) لم يكن نخبويا يمارس الترف العقلي، مازحا بالجدل علي المقاهي، لكنه كان مهموما بوطنه، حين كانت المفردة لها معني، فكون فرقة شباب البحر، ليقاوم بالغناء متناغما مع عدد من الفرق الرائدة التي تأسست لنفس الغرض، مثل أولاد الأرض بالسويس بقيادة الكابتن غزالي، وشباب النصر ببورسعيد بقيادة الشاعر كامل عيد، شباب المهجر برأس البر بقيادة الشاعر إبراهيم الباني، وفرقة الصامدين بالإسماعيلية بقيادة الراحل حافظ الصادق، وقد تجلت قدرة عرنوس في تأليف الأغاني وتحفيظ الفرقة والتلحين والقيادة وهو ما يؤكد إدراكه لأهمية الغناء المقاوم أثناء وبعد النكسة حتي تحقق النصر، فشكل فرقة من مجموعة من الفنانين العاشقين الذين نسيهم التاريخ كعادته حين يتنكر للفنانين الشعبيين الذين حملوا القضية تاركين النخبة تمارس أنانيتها وصراعاتها البائسة، وقد أحسن الفنان المناضل كامل عيد زميل رحلة عرنوس في المقاومة بالغناء الشعبي حين وثق هذه الأغاني في كتاب مهم هو "بورسعيد علم ونغم"، كما لم ينس توثيق أسماء المشاركين في فرقة شباب البحر وهم: أمير العتمه، حمادة الجابري، أحمد محمد عسل، محمد عنتر سعد، عبد المنعم، أحمد الحطاب، حاتم محجوب، رجب الشناوي، جمال عبده صالح، محمد خلف، حاتم زهران، مصطفي شرارة، ممدوح الجابري، صلاح كراويه، محمد وصفي، عبده السيد خليل أبو عميرة، محمد المصري، السيد الشناوي، أحمد كذلك، العربي شرارة، وبعد أن تشكلت الفرقة بدأت في لعب دور مهم في إدخال الجماهير في قلب الأحداث وتشعرهم أن هناك عدوا يواجههم ولا بد من حمل السلاح للقضاء عليه، وهنا سنلمح أغنيته: كتفا سلاح كتفا سلاح ياولاد كتفا سلاح /كتفا سلاح ياولاد كتفا سلاح اجمع علي كل البلاد السائرة كتفا سلاح/ اجمع وقيد منها الوقيد علي الأعادي الغادرة/ اجمع وزيت المدافع ودافع قوم عن بلادي العامرة/ اجمع وفوت علي البيوت اللي هجرها أهلها/ وقول لهم وقول لهم هاترجعوالأ ماتخافوش ها ترجعوا/ بس الرجوع عايز عمل لاجل الأمل علشان بلدنا طاهرة/ كتفا سلاح كتفا سلاح ياولاد كتفا سلاح كتفا سلاح كتفا سلاح كتفا سلاح ياولاد كتفا سلاح كتفا سلاح ورغم أن كلماتها تحفل بالمباشرة إلا أنها لا تريد إلا أن تصل لهدفها بعيدا عن الزخارف اللغوية، إنها الأغنية الشعار حيث لا وقت للمراوغة ولا للاستعارات، فلم يكن عرنوس شاعرا عبقريا، لكنه كان يدرك بوعي شديد أثر الكلمات علي الناس في الزمان والمكان، من هنا سنلمح بساطة كلماته التي تتوجها جماعية الأداء، والموسيقي التي يصاحبها التصفيق، ومن أغنية لأخري تلتف الجموع حول "شباب البحر" ليرددوا معها : يا طيرة النورس يا طيرة .. يا طيرة النورس .. يا حلوة يا مبدرة يا طيرة .. يا بيضا يا منورة يا طيرة .. والسعد ماليكي.. واللي علي الساحل .. يتبشروا بيكي يا طيرة .. يا طيرة النورس يا طيرة، ولا تغرنك الرقة التي يستهل بها الأغنية لأنه سيجمع كل المدن علي خط المواجهة مع العدو لتشارك في القتال : واقفين قصاد القنطرة وآدي السويس متصدرة .. واسماعيلية مشمرة وبورسعيد متحضرة .. روحي اجمعي اخواتك يا طيرة ورفرفي معاهم يا طيرة .. ومن أغنية تلو أخري يعلو الغناء تحت قصف المدافع، وعبد الرحمن عرنوس يقود معركته بالغناء لينادي علي مدن الكنال كي تدافع حتي أخر حجر في كل بيت، مازجة الحجارة بالقنابل لتواجه الصهاينة : يا مداين الكنال يا مداين الكنال .. افرطي البيوت حجارة وامزجيها بالقنابل .. وازقليها ع اللي يجي ويعاديكي يا مداين .. يا مداين الكنال يا مداين الكنال .. الشباب ها يعمروكي .. بعد ما أهلك يا حلوة ودعوكي .. بكره يجوا ينقشوكي.. ويزفوكي للسلام ياسلام .. إنما طعم السلام .. يبقي زي الشهد واحلي .. لما ناخد تار ابوكي ويا اخوكي .. جوه بحر من الضلام، كما شارك في كتابة لوحة العبور الكبير التي قدمتها الفرقة القومية للفنون الشعبية وكتب كلماتها مجموعة من الشعراء هم : عبد الرحمن الأبنودي، الدمرداش عبد السلام، الشهير ب "الداش"، كامل عيد، ومن أغانيه التي كانت ذات أثر بالغ في شحذ الهمم قبل العبور "ها نخطي ها نعدي وهانرجع للبلد ياسلام، وها نفرش رمل سينا بالخضرة وبالأمل ياسلام "، فضلا عن أغنيته التي كتبها بعد العودة لبورسعيد، والتي يعلن فيها الفرحة باحتضان الأرض "أغنية فرحة العودة" التي يقول فيها : "يابورسعيد جاي ضميني .. هاتي جناحك غطيني .. أحسن حبيبي مستنيني "، ومن أغانيه ذات الشهرة الطاغية "الوداع ياحبيب الملايين" حيث لاقت هوي في نفوس جميع المصريين والعرب، فقد كانت عدودة آسيانة وصادقة في وداع الزعيم جمال عبد الناصر، حيث انطلقت من أكثر مناطق المأثور الشعبي شجنا فجاءت علي لحن العديد المصري الشعبي الذي يبكينا حين نودع راحلا عزيزا وقد وصف مشهد غنائها الشاعر كامل عيد، حيث يقول "في تجمع لفرقة شباب البحر حيث ظهرت من مبني الاتحاد الاشتراكي بقسم قصر النيل وأدت الأغنية تحت قاعدة تمثال سليمان باشا وجاء الناس للصوت من شارع سليمان باشا وقصر النيل والأنتكخانة ليتجمعوا علي الصوت من ميدان العتبة والتحرير وسرعان ما التقطت الجماهير الأغنية وسرت كالنار في الهشيم وسجلت علي اسطوانات ووزع لحنها المايسترو شعبان أبو السعد، ونظرنا لتاريخية وأهمية هذه الأغنية نذكرها كاملة : الوداع يا جمال يا حبيب الملايين/ ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنين انت عايش في قلوبنا يا جمال الملايين/ انت ثورة انت جمرة لأجل كل الشقيانين/ انت نوارة بلدنا واحنا لوعنا الحنين انت أنهار مية صافيه تسقي كل العطشانين/ انت قنديل الغلابه تهدي كل الحيرانين/ انت ريحانة زكية في قلوب الفلاحين انت جمعت بعزيمتك النفوس الغضبانين/يا حبيب الإنسانية لاجل كل المحتاجين لقد قرأ مشاعر الجماهير من خلال قراءته لنفسه بوصفه واحدا ممن عاشوا القضية الوطنية، وربما كانت جرأته هذه هي التي مكنت من الخروج بعد ذلك علي نمط المسرح السائد، حيث رأي ومارس التفاعل مع الناس حين يخرج إليهم، وما قد يقدم إشارة مهمة لشخصيته وكيفية تكونها وقدرتها علي اقتحام الثوابت بممارسة التجريب في المسرح ليشكل بصمته التي تخصه وحده. أشكال جديدة إن ملامح التفرد تكمن في أنه الأول في أشياء كثيرة، وهو ما يشير إلي حيويته وموهبته الفياضة التي لم تكن تكف عن التنقيب عن كل جديد، فهو رائد مسرحة المناهج، وهو صاحب «مسرح المقهي» و«مسرح العربة» و«مسرح الشارع»، أكان عرنوس طليعيا مجددا وهو يختار هذه الطرائق والأساليب؟ أم أنه كان مفرطا في واقعيته؟، أم أن هذه الواقعية هي ما جعلته مجربا عظيما حين خرج علي السائد فذهب للناس في حاراتهم وعلي مقاهيهم لبثهم الفن والمعرفة مؤمنا بالدور الذي يمكن أن يلعبه المسرح في تغيير وعيهم؟!، فعلي مقاهي استرا وسوق الحميدية قدم تجارب مهمة موقنا بدور المثقف في التنوير من خلال الفن، كما قدم مسرح البواخر في بداياته ببورسعيد ومسرح الصيادين، كما كان صاحب رؤية في المختبرات المسرحية حيث مارس مغامرته من خلال الأساليب الحديثة في مجال المسرح التجريبي رابطا إياه بجذوره الشعبية ليخلق أساليب مسرحية متجاوزة للسائد، وكما خرج بالمسرح للشارع في مصر، فعلها في الأردن، حيث وصلت تجاربه إلي المقاهي والشوارع، وواصل مفارقاته المسرحية ليقوم بتأسيس مسرح السيارة في إربد، كما عرض عددا من المسرحيات التي قام بتأليفها فلاقت إعجاب المسرحيين والجمهور العام معا. ويؤكد بعض المسرحيين أنه أول من قدم المونودراما في مصر، وأنه الذي استحدث ما يسمي مسرح المناقشة. ولم يقتصر دوره علي الظهور بوصفه قائدا لفرقة غناء مقاوم ولا علي كونه مدرسا بارعا، ناقلا للمعرفة، لكنه اشتهر بتقديم الأدوار الصعبة في المسرح والتلفزيون، فقد مثل عدة أدوار منها دوره في مسرحية البؤساء، وتمثيله لدور ريتشارد الثالث، وكذا الصعلوك في مسرحية "زيارة السيدة العجوز"، فضلا عن أدواره المهمة في عدة مسلسلات نذكر منها دور الأخرس في مسلسل "أغراب"، و الميكانيكي في "الناس والفلوس" و وحشي قاتل حمزة في مسلسل "آية وقصة" و الجنرال كليبير في مسرحية "حياتي والزمن" المختبرات المسرحية لم تكن المختبرات المسرحية ذائعة الصيت كاصطلاح وممارسة، إلا أن عرنوس آثر الطريق الصعب حين توجه لدراسة المختبرات من خلال رسالته العلمية لنيل الدكتوراه وكانت بعنوان "المختبرات المسرحية وتطور حرفية الممثل، دراسة تحليلية لبعض النماذج الغربية والعربية في الفترة 1960 حتي 1980، وقد انطلق فيها ليقف علي إشكالية الموضوع الذي يمثل موضوعا جديدا لذا فإن ندرة الدراسات الأكاديمية فيه كانت عائقا، لكنه المغامر الذي لا يخشي العوائق ويقبل التحدي خاصة لو انتج فنا جادا أو معرفة جديدة،وهنا بدأ في طرح الأسئلة ليبحث في ظاهرة المختبرات المسرحية، ومختبرات تدريب الممثل محاولا الإجابة عن سؤاله الرئيسي: هل هناك علاقة بين المختبرات المسرحية وتطور حرفية الممثل وهل يمكن الاستفادة منها؟ إننا بحاجة إلي استعادة هذا الرجل من خلال شهادات زملائه وجمع محاضراته وتوثيق مسرحه واتجاهاته ورؤاه التي ستمنحنا كلما قرأناها شذرات جديدة عن واحد من العباقرة الذين أهلناهم، وأدعو أكاديمية الفنون للقيام بإعداد كتاب توثيقي يضم سيرته وتجاربه ودوره الحيوي والمهم في المسرح المصري والعربي، إضافة لشهادات من تلاميذه الذين أصبح معظمهم نجوما يشار إليهم، وقراءات وشهادات لزملائه ممن عايشوه وعاصروا تجربته الموحية والغنية والتي ستزداد غني إذا وثقناها ووضعنا فصولها أمام محبي المسرح من الأجيال الجديدة .