وكيل تعليم البحيرة يتابع أعمال إنشاء مدرسة ستيم للعلوم والتكنولوجيا بدمنهور    البترول" توقيع اتفاق تعاون مع "سنتامين" لتسريع اكتشافات الذهب في مصر    الريف المصرى: مشروع 1.5 مليون فدان يمثل حجر الزاوية للتنمية المستدامة فى مصر    إسرائيل تستهدف آليات الجيش السورى فى السويداء بعد إعلان وقف إطلاق النار    انفجار يوقف إنتاج النفط فى حقل سرسنك بكردستان العراق    عراقجى ل"نتنياهو": انت بتدخن إية؟.. حرب كلامية بين وزير خارجية إيران ورئيس وزراء إسرائيل    الشباب والرياضة تحيل لاعبة المشروع القومي شيماء عاطف للتحقيق وتوضح تفاصيل حالتها الطبية    "قانونية" الأهلى تستعد لإخطار مصطفى يونس بموعد التحقيق بعد قرار المجلس    محمد شكرى: المقارنة مع معلول ما تشغلنيش.. ورفضت العودة للأهلى الموسم الماضى    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات بالدرجات عبر الرابط    طقس حار بكفر الشيخ وارتفاع نسب الرطوبة اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025    "أنا شهاب من عند الجمعية".. الاتهامات التى تواجه سائق "التوك توك" أمام النيابة    انطلاق احتفالية علاء الدين ال32 .. حسين الزناتي: "أحلى مجلة للأطفال في مصر"    محافظ الجيزة يدشن حملة 100 يوم صحة من مركز ميت عقبة بالعجوزة    قافلة تنموية شاملة لحياة كريمة بالتعاون مع جامعتي المنوفية والسادات    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    مها عبد الناصر تطالب بالكشف عن أسباب وفاة 4 أطفال أشقاء في المنيا    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    خبر في الجول – قرار من أوسكار رويز بشأن الحكام فوق ال 45 عاما    المفتي الأسبق: يوضح عورة المرأة أمام زوج أختها    116 ندوة علمية في حب الجار.. الأوقاف تضيء منابر المساجد بحقوق الجوار في الإسلام    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الموقف المصري من نهر النيل يعكس حكمة القيادة السياسية وإدراكها لطبيعة القضية الوجودية    كريم الدبيس: "كولر" مراوغ وقطعت عقود بلجيكا للانتقال للأهلي    أضرار استخدام الهاتف المحمول قبل النوم على المخ والنوم العميق    برينتفورد يضم جوردان هندرسون في صفقة انتقال حر لمدة عامين    نائب رئيس جامعة بنها تواصل تفقد اختبارات القدرات    عماد حمدي: تطوير سيناء للمنجنيز يساهم في توطين الصناعة ودعم الصادرات    تكنولوجيا الأغذية ينظم برامج تدريبية للنهوض بقطاع التصنيع الغذائي    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    مدير أعمال رحمة محسن يكشف تفاصيل أزمتها الصحية | خاص    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    وزير خارجية تركيا: كل محاولة لإلحاق الضرر بتركيا محكومة بالفشل    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    محافظ أسيوط يعقد اجتماعا مع اهالى عرب الكلابات بمركز الفتح لحل مشاكلهم    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن دون تفعيل صفارات الإنذار    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة «سحب الأدوية» (تفاصيل)    ب31 رحلة يومية.. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» الثلاثاء 15 يوليو 2025    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي بمالابو تؤكد دعم مصر لأمن واستقرار القارة    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    القانون يحدد عقوبة إقامة محجر على أراض زراعية.. إليك التفاصيل    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أكثر أنواع السرطان شيوعًا.. تعرف على أبرز علامات سرطان القولون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بيت العنكبوت» يكسر حالة الصمت والتسليم بالصحة المطلقة التي أحاطت بكتب «الصحاح»
نشر في القاهرة يوم 06 - 07 - 2010

بيت العنكبوت .. دراسة في تطور علوم النقل عن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) هو كتاب جديد للدكتور أحمد راسم النفيس صدر مؤخراً في قطع متوسط ومؤلف من 375 صفحة.
صحة النقل عن الرسول هي من العلوم التي شغلت المسلمين قديما وحديثا ودار بين المدارس الاسلامية منذ القدم جدل بشأن قبول الرواية والرواة وتعديلهم أو جرحهم، حيث نذكر في هذا الصدد ثلاثة اعمال كان لها أثر ملموس في هذا المجال، اولها كتاب الشيخ محمود أبو رية " أضواء علي السنة المحمدية "، والكتاب الثاني للاستاذ جمال البنا "جريمة قبيلة حدثنا" ، والكتاب الثالث للاستاذ زكريا أوزون (جناية البخاري .. إنقاذ الدين من إمام المحدثين).
يختلف هذا الكتاب في منهجه عما طرحه كل من البنا واوزون ، فالنفيس يؤكد في مقدمة كتابه: «أننا لا ننكر صحة ما ورد في هذه الكتب بصورة مطلقة بل نؤكد أن هذه الكتب بها الصحيح والضعيف وبها خلط متعمد أو عشوائي بين ما له أصل وما ليس له أصل وأن عملية الخلط هذه جاءت في إطار خطة أموية ما زالت متواصلة حتي الآن هدفت إلي إقصاء أئمة أهل البيت عليهم السلام وتقديم (تصور إسلامي بديل) يفسح المجال لهيمنة القوي المتسلطة علي رقاب الناس باسم الدين والدين منهم ومن خلطهم وتلبيسهم براء».
إذا الكتاب يدور حول اهمية السنة الصادرة عن المعصوم وهو مفهوم سعي النفيس لتأسيسه تحت عنوان (معني السنة) بعد إن اورد كل التعاريف اللغوية والاصطلاحية.
وفي سجال مع من يرفعون راية القرآن وفقط قال: "المعني الذي يتعين علينا استخلاصه أن الفصل بين الإلهي (القرآن) والبشري (السنة) أمر مستحيل ولا يحقق الغرض المزعوم أو الشعار الذي يرفعه البعض من العودة المباشرة إلي النص ونبذ ما أدخله البشر في دين الله.
العودة المباشرة إلي النص القرآني المجتزيء بعيدا عن النصوص الأخري دون علم أو معرفة بالسنة النبوية التطبيقية لا يمكن اعتباره اجتهادا بل تخبط يمكن أن يقود أصحابه إلي الضلال".
وقد قدم الكتاب الحل لفهم أو للتزاوج بين النص الالهي والنص النبوي: ".. ان الأدوات اللازمة لفهم القرآن مباشرة أو من خلال العلماء الذين هم ورثة الأنبياء واستنزال الهداية الإلهية وطلب الشفاء من الأمراض الاجتماعية والأخلاقية لا بد أن تبقي وتتواجد وتستمر حتي يرث الله الأرض ومن عليها.
بهذه الطريقة نفهم الحديث النبوي الشريف الذي يوصي باتباع الثقلين كتاب الله والعترة الطاهرة والارتباط الدائم المتواصل بينهما وهو ما رواه النسائي في خصائص".
تقديس كتب الصحاح
وكما انتقد النفيس من يقدسون تلك الكتب المسماة بالصحاح ، مشيرا إلي سيل الابحاث والكتب التي تناولت مدي قدسية هذه الكتب حيث يقول: "خرج النقاش حول ما يسمي بالصحاح إلي العلن ولم يعد بوسع القوم اعادته مرة اخري داخل العلبة"!!
وقد أخذ الكاتب نموذجا من هذه الصحاح وهو (البخاري) ورصد عدة امور بديهية ، يقول الكاتب إن القوم جعلوا (البخاري) اصح كتابا بعد كتاب الله ، رغم أن البخاري قد توفي بعد 250ه، فكيف عاش المسلمون كل هذه الاعوام بلا صحاح؟
كما ان المذاهب الاربعة وضعت واستقرت واصبح لها مقلدون قبل ان يكتب البخاري صحيحه، فمن اين جاءت الروايات التي اعتمدت عليها هذه المذاهب ومن اين جاءت روايات البخاري نفسه؟ والسؤال الاهم الذي طرحه الكاتب: إن كانت المذاهب استقرت فما هي قيمة البخاري وغيره؟
ولماذا جري تقديسها ووضعها في مقارنة مع القرآن الكريم ؟!
ومن خلال عنوان " البخاري معصوم وكتابه مقدس" نستنتج ان السلطة قامت بعملية تزييف وعي الناس حيث تحول البخاري إلي "تعويذة" يلجأ اليها العباد عند نزول الملمات وذكر النفيس عدة وقائع تشير إلي لجوء العامة والخاصة لقراءة البخاري لتنفيس الكروب ورفع النوازل، حدث ذلك وقت طاعون الشام 748ه، وابان دخول الحملة الفرنسية مصر 1798م، ولعبت الامبراطورية العثمانية دورا كبيرا في ترسيخ هذه الظاهرة حين خصصت للبخاري قارئاً في الجيش والاسطول .. الخ.
أما سبب الخوض في هذه القضية حسب الكاتب فهي "الرغبة في إزالة هذه الغشاوة التي وضعها تجار الدين القدامي والمحدثون علي أعين جمهورهم المضلل ليتمكنوا من سوقهم حيث شاءوا وكيفما شاءوا وشاء لهم الهوي السلطوي أو التطلع الخوراجي المهلك والمضل!!.
انقسام المعسكر السني
وتحت عنوان "انقسام المعسكر السني" يتحدث الكاتب عن الصراع الذي دار بين المعتزلة والحنابلة حول خلق القرآن والذات والصفات، ويشير النفيس بان السلطة كانت حاضرة وراء هذه المعارك وأن انتصار الحنابلة في هذه المعركة قاد إلي تسيد مدرسة حشد النصوص كيفما اتفق ومهما كانت درجة تناقضها مع القرآن أو مع العقل.
وتحت عنوان "كيف جري صناعة الخلطة" يقول الكاتب: يبدو واضحا من خلال العرض السابق أنه كانت هناك ثمة خلطة جاهزة تجمع الحق بالباطل والصدق بالكذب والحقيقة بالخرافة وهي الحالة التي بدأت بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله مباشرة وبدت واضحة في زمن الإمام علي بن أبي طالب عندما سئل عن سبب اختلاف الناس فقال مقولته: (إنَّ فِي أَيدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلاً، وَصِدْقاً وَكَذِباً، وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً، وَعَامّاً وَخَاصّاً، وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَحِفْظاً وَوَهْماً)...
فالقوم لم يكن لديهم إلا خيارات محدودة للغاية وأولها مسايرة المناخ الفكري السائد وانتقاء الروايات التي تتوافق مع الممارسات الدينية وفقا للصياغة الأموية للإسلام إذ إن البديل الآخر هو ما جري للإمام النسائي وهو سحق الخصيتين حتي الموت!!.
برع معاوية مؤسس النظام في استخدام فنون الدعاية والتضليل، وبدأت خطة الاعلام الاموي بسب امير المؤمنين ومنع الرواية عنه وعن فضائله ثم تكوين كيان سياسي عرف بالعثمانية والذي تطور بعد ذلك بما يعرف بالنواصب وقد رصد النفيس اسماء الرواة النواصب الذين اعتمدت عليهم سلطة بني امية وبعد ذلك البخاري وقد سماهم المؤلف ب" نجوم الرواية" وهم :النعمان بن بشير وسمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة وعروة بن الزبير ، وهؤلاء جميعا وغيرهم اشتركوا في تبديل السنة وتزويرها ومحاصرة الصحابة إلي أن وصلنا إلي مرحلة التزوير الفج وهي مرحلة التدوين المرواني، وهنا يذكر رجالا آخرين من رواة البخاري ايضا وهؤلاء جمعوا مع النصب وكراهية ال البيت وشرب الخمر واقتراف الموبقات ويأتي علي رأسهم المجوسي ابو الزناد (ابن شقيق أبي لؤلؤ المجوسي) صاحب الابتكارات المهمة مثل قول امين في الصلاة وصراط الشيطان وقت الاذان واحراق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة ....
لم يكن المنهج الأموي يهدف إلي مجرد الحفاظ علي السلطة بل كان يذهب أبعد من هذا تخريبا للدين وحرفا له عن مساره من أجل تأسيس إسلام أموي بديل, ويمكننا أن نزعم أن خطتهم ما زالت فاعلة حتي الآن وأن التصدي لها أشبه ما يكون بمحاولة نقل الجبال من أماكنها!!.
وبالعودة إلي البخاري مقارنة مع عبد الرزاق الصنعاني صاحب المصنف الأكثر الماما واتساعا يتساءل الكاتب عن سبب تجاهل القوم لمصنف عبد الرزاق وتقديمهم للبخاري؟!.
يمكننا القول إن الكتاب في أغلب موضوعاته يصدم عقل القارئ خاصة أن الكاتب قد غاص في بطون كتب الرواية والجرح والتعديل كاشفا عن حجم التناقض بين الشعارات المرفوعة عن عدالة الرواة وواقعهم وكيف أن أحدهم كان يحمل إلي بيته كل ليلة بسبب إفراطه في الشراب وأن البخاري روي لعنبسة بن خالد الذي كان علي خراج مصر، وكان يعلق النساء بثديهن رغم أن يحيي بن بكير قال عنه: إنما يحدث عن عنبسة مجنون أحمق.
أراد الكاتب من خلال هذا الكتاب أن يكسر حالة الصمت والتسليم بالصحة المطلقة التي أحاطت بكتب "الصحاح" وشمولها للسنة النبوية وإحاطتها بقداسة مشابهة لقداسة النص القرآني وما يستتبع ذلك من فتح باب النقاش حول بعض ما جاء بها من مفاهيم لا يجوز أن تبقي في إطار المسلمات شريطة أن تكون نقطة البدء هي النص القرآني المحكم.
تأتي أهمية هذا الكتاب أيضا من كونه ينسف ادعاءات من يريدون (إلقاء كل كتب التراث في مزبلة التاريخ) رافعين شعار (القرآن وكفي) وهي الدعوة التي بدأت تلقي رواجا وربما دعما من بعض الأطراف الذين لا يريدون بذل جهد في التحقيق والتمحيص وهي دعوة تعد تطرفا لا يقل سوءا عن تطرف من يقرون بصحة هذه الكتب جملة وتفصيلا.
وما بين استسهال القبول والتمادي في الرفض يمكن أن يضيع الإسلام والمسلمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.