إقبال الناخبين على لجان 15 مايو للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات النواب 2025    محافظ القليوبية يتابع انطلاق اليوم الأول من جولة الإعادة بانتخابات النواب    رئيس مجلس الشيوخ يدلى بصوته فى إعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    معًا لمدينة آمنة    تحصين البرلمان المقبل    محافظ القاهرة يترأس اجتماع غرفة عمليات متابعة إعادة انتخابات النواب 2025    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي لمدينتي القرين والسنبلاوين بمحافظتي الشرقية والدقهلية    المرأة والشباب.. رواد أعمال    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025    «متبقيات المبيدات» يستقبل وفدا صينيا لزيادة الصادرات الزراعية المصرية    رئيس وزراء المجر: لن نتعاون بعد الآن مع الاتحاد الأوروبى بشأن الأصول الروسية    رسل الموت تنزل فى سراييفو    دعم مؤسسات الدولة الليبية    بعثة منتخب مصر تغادر إلى المغرب اليوم للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية    موعد مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا.. والقنوات الناقلة    قبل المغادرة لأمم إفريقيا بالمغرب.. وزير الرياضة يؤازر المنتخب الوطني ويحفز اللاعبين    موعد مباراة باريس سان جيرمان وفلامينجو اليوم في نهائي كأس إنتركونتيننتال    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    الأرصاد تُُحذر: سقوط أمطار متوسطة على شمال البلاد تمتد للقاهرة    4 شباب.. أسماء ضحايا الحادث المروع بكورنيش الإسكندرية| صور    عاجل.. وفاة الفنانة نيفين مندور إثر اندلاع حريق في شقتها بالإسكندرية    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    محمد رمضان: "كنت عارف إن مسلسل "موسى" مش لجمهوري"    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    مي عز الدين تبدأ تصوير «قبل وبعد» وتعلن خروجه من السباق الرمضاني 2026    «المفتي» يؤكد أهمية بناء شراكات فاعلة بين دور وهيئات الإفتاء في العالم    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    مستقبل أفضل    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بدء التصويت في أول أيام جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    السيطرة على حريق شب داخل مصنع فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مواعيد قطارات المتجهة من أسوان إلى القاهرة اليوم 17 ديسمبر 2025    واشنطن تؤكد: ترامب لن يسمح بضم أي جزء من الضفة الغربية إلى إسرائيل    إحباط مخطط لهجوم في نيو أورليانز الأمريكية واعتقال جندي سابق بحوزته أسلحة ودرع واق    أمريكا: هزة أرضية بقوة 5 درجات تضرب ألاسكا    أستراليا تستعد لإقامة جنازات لعدد من ضحايا هجوم سيدني    "رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي": نستهدف بناء أكثر من 68 ألف وحدة سكنية بالإسكان الأخضر بمواصفات صديقة للبيئة    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    «كان مجرد حادث» لجعفر بناهي في القائمة المختصرة لأوسكار أفضل فيلم دولي    مصدر مقرب من أحمد حمدى يكشف كواليس أزمته مع أحمد عبد الرؤوف    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بيت العنكبوت» يكسر حالة الصمت والتسليم بالصحة المطلقة التي أحاطت بكتب «الصحاح»
نشر في القاهرة يوم 06 - 07 - 2010

بيت العنكبوت .. دراسة في تطور علوم النقل عن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) هو كتاب جديد للدكتور أحمد راسم النفيس صدر مؤخراً في قطع متوسط ومؤلف من 375 صفحة.
صحة النقل عن الرسول هي من العلوم التي شغلت المسلمين قديما وحديثا ودار بين المدارس الاسلامية منذ القدم جدل بشأن قبول الرواية والرواة وتعديلهم أو جرحهم، حيث نذكر في هذا الصدد ثلاثة اعمال كان لها أثر ملموس في هذا المجال، اولها كتاب الشيخ محمود أبو رية " أضواء علي السنة المحمدية "، والكتاب الثاني للاستاذ جمال البنا "جريمة قبيلة حدثنا" ، والكتاب الثالث للاستاذ زكريا أوزون (جناية البخاري .. إنقاذ الدين من إمام المحدثين).
يختلف هذا الكتاب في منهجه عما طرحه كل من البنا واوزون ، فالنفيس يؤكد في مقدمة كتابه: «أننا لا ننكر صحة ما ورد في هذه الكتب بصورة مطلقة بل نؤكد أن هذه الكتب بها الصحيح والضعيف وبها خلط متعمد أو عشوائي بين ما له أصل وما ليس له أصل وأن عملية الخلط هذه جاءت في إطار خطة أموية ما زالت متواصلة حتي الآن هدفت إلي إقصاء أئمة أهل البيت عليهم السلام وتقديم (تصور إسلامي بديل) يفسح المجال لهيمنة القوي المتسلطة علي رقاب الناس باسم الدين والدين منهم ومن خلطهم وتلبيسهم براء».
إذا الكتاب يدور حول اهمية السنة الصادرة عن المعصوم وهو مفهوم سعي النفيس لتأسيسه تحت عنوان (معني السنة) بعد إن اورد كل التعاريف اللغوية والاصطلاحية.
وفي سجال مع من يرفعون راية القرآن وفقط قال: "المعني الذي يتعين علينا استخلاصه أن الفصل بين الإلهي (القرآن) والبشري (السنة) أمر مستحيل ولا يحقق الغرض المزعوم أو الشعار الذي يرفعه البعض من العودة المباشرة إلي النص ونبذ ما أدخله البشر في دين الله.
العودة المباشرة إلي النص القرآني المجتزيء بعيدا عن النصوص الأخري دون علم أو معرفة بالسنة النبوية التطبيقية لا يمكن اعتباره اجتهادا بل تخبط يمكن أن يقود أصحابه إلي الضلال".
وقد قدم الكتاب الحل لفهم أو للتزاوج بين النص الالهي والنص النبوي: ".. ان الأدوات اللازمة لفهم القرآن مباشرة أو من خلال العلماء الذين هم ورثة الأنبياء واستنزال الهداية الإلهية وطلب الشفاء من الأمراض الاجتماعية والأخلاقية لا بد أن تبقي وتتواجد وتستمر حتي يرث الله الأرض ومن عليها.
بهذه الطريقة نفهم الحديث النبوي الشريف الذي يوصي باتباع الثقلين كتاب الله والعترة الطاهرة والارتباط الدائم المتواصل بينهما وهو ما رواه النسائي في خصائص".
تقديس كتب الصحاح
وكما انتقد النفيس من يقدسون تلك الكتب المسماة بالصحاح ، مشيرا إلي سيل الابحاث والكتب التي تناولت مدي قدسية هذه الكتب حيث يقول: "خرج النقاش حول ما يسمي بالصحاح إلي العلن ولم يعد بوسع القوم اعادته مرة اخري داخل العلبة"!!
وقد أخذ الكاتب نموذجا من هذه الصحاح وهو (البخاري) ورصد عدة امور بديهية ، يقول الكاتب إن القوم جعلوا (البخاري) اصح كتابا بعد كتاب الله ، رغم أن البخاري قد توفي بعد 250ه، فكيف عاش المسلمون كل هذه الاعوام بلا صحاح؟
كما ان المذاهب الاربعة وضعت واستقرت واصبح لها مقلدون قبل ان يكتب البخاري صحيحه، فمن اين جاءت الروايات التي اعتمدت عليها هذه المذاهب ومن اين جاءت روايات البخاري نفسه؟ والسؤال الاهم الذي طرحه الكاتب: إن كانت المذاهب استقرت فما هي قيمة البخاري وغيره؟
ولماذا جري تقديسها ووضعها في مقارنة مع القرآن الكريم ؟!
ومن خلال عنوان " البخاري معصوم وكتابه مقدس" نستنتج ان السلطة قامت بعملية تزييف وعي الناس حيث تحول البخاري إلي "تعويذة" يلجأ اليها العباد عند نزول الملمات وذكر النفيس عدة وقائع تشير إلي لجوء العامة والخاصة لقراءة البخاري لتنفيس الكروب ورفع النوازل، حدث ذلك وقت طاعون الشام 748ه، وابان دخول الحملة الفرنسية مصر 1798م، ولعبت الامبراطورية العثمانية دورا كبيرا في ترسيخ هذه الظاهرة حين خصصت للبخاري قارئاً في الجيش والاسطول .. الخ.
أما سبب الخوض في هذه القضية حسب الكاتب فهي "الرغبة في إزالة هذه الغشاوة التي وضعها تجار الدين القدامي والمحدثون علي أعين جمهورهم المضلل ليتمكنوا من سوقهم حيث شاءوا وكيفما شاءوا وشاء لهم الهوي السلطوي أو التطلع الخوراجي المهلك والمضل!!.
انقسام المعسكر السني
وتحت عنوان "انقسام المعسكر السني" يتحدث الكاتب عن الصراع الذي دار بين المعتزلة والحنابلة حول خلق القرآن والذات والصفات، ويشير النفيس بان السلطة كانت حاضرة وراء هذه المعارك وأن انتصار الحنابلة في هذه المعركة قاد إلي تسيد مدرسة حشد النصوص كيفما اتفق ومهما كانت درجة تناقضها مع القرآن أو مع العقل.
وتحت عنوان "كيف جري صناعة الخلطة" يقول الكاتب: يبدو واضحا من خلال العرض السابق أنه كانت هناك ثمة خلطة جاهزة تجمع الحق بالباطل والصدق بالكذب والحقيقة بالخرافة وهي الحالة التي بدأت بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله مباشرة وبدت واضحة في زمن الإمام علي بن أبي طالب عندما سئل عن سبب اختلاف الناس فقال مقولته: (إنَّ فِي أَيدِي النَّاسِ حَقّاً وَبَاطِلاً، وَصِدْقاً وَكَذِباً، وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً، وَعَامّاً وَخَاصّاً، وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَحِفْظاً وَوَهْماً)...
فالقوم لم يكن لديهم إلا خيارات محدودة للغاية وأولها مسايرة المناخ الفكري السائد وانتقاء الروايات التي تتوافق مع الممارسات الدينية وفقا للصياغة الأموية للإسلام إذ إن البديل الآخر هو ما جري للإمام النسائي وهو سحق الخصيتين حتي الموت!!.
برع معاوية مؤسس النظام في استخدام فنون الدعاية والتضليل، وبدأت خطة الاعلام الاموي بسب امير المؤمنين ومنع الرواية عنه وعن فضائله ثم تكوين كيان سياسي عرف بالعثمانية والذي تطور بعد ذلك بما يعرف بالنواصب وقد رصد النفيس اسماء الرواة النواصب الذين اعتمدت عليهم سلطة بني امية وبعد ذلك البخاري وقد سماهم المؤلف ب" نجوم الرواية" وهم :النعمان بن بشير وسمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة وعروة بن الزبير ، وهؤلاء جميعا وغيرهم اشتركوا في تبديل السنة وتزويرها ومحاصرة الصحابة إلي أن وصلنا إلي مرحلة التزوير الفج وهي مرحلة التدوين المرواني، وهنا يذكر رجالا آخرين من رواة البخاري ايضا وهؤلاء جمعوا مع النصب وكراهية ال البيت وشرب الخمر واقتراف الموبقات ويأتي علي رأسهم المجوسي ابو الزناد (ابن شقيق أبي لؤلؤ المجوسي) صاحب الابتكارات المهمة مثل قول امين في الصلاة وصراط الشيطان وقت الاذان واحراق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة ....
لم يكن المنهج الأموي يهدف إلي مجرد الحفاظ علي السلطة بل كان يذهب أبعد من هذا تخريبا للدين وحرفا له عن مساره من أجل تأسيس إسلام أموي بديل, ويمكننا أن نزعم أن خطتهم ما زالت فاعلة حتي الآن وأن التصدي لها أشبه ما يكون بمحاولة نقل الجبال من أماكنها!!.
وبالعودة إلي البخاري مقارنة مع عبد الرزاق الصنعاني صاحب المصنف الأكثر الماما واتساعا يتساءل الكاتب عن سبب تجاهل القوم لمصنف عبد الرزاق وتقديمهم للبخاري؟!.
يمكننا القول إن الكتاب في أغلب موضوعاته يصدم عقل القارئ خاصة أن الكاتب قد غاص في بطون كتب الرواية والجرح والتعديل كاشفا عن حجم التناقض بين الشعارات المرفوعة عن عدالة الرواة وواقعهم وكيف أن أحدهم كان يحمل إلي بيته كل ليلة بسبب إفراطه في الشراب وأن البخاري روي لعنبسة بن خالد الذي كان علي خراج مصر، وكان يعلق النساء بثديهن رغم أن يحيي بن بكير قال عنه: إنما يحدث عن عنبسة مجنون أحمق.
أراد الكاتب من خلال هذا الكتاب أن يكسر حالة الصمت والتسليم بالصحة المطلقة التي أحاطت بكتب "الصحاح" وشمولها للسنة النبوية وإحاطتها بقداسة مشابهة لقداسة النص القرآني وما يستتبع ذلك من فتح باب النقاش حول بعض ما جاء بها من مفاهيم لا يجوز أن تبقي في إطار المسلمات شريطة أن تكون نقطة البدء هي النص القرآني المحكم.
تأتي أهمية هذا الكتاب أيضا من كونه ينسف ادعاءات من يريدون (إلقاء كل كتب التراث في مزبلة التاريخ) رافعين شعار (القرآن وكفي) وهي الدعوة التي بدأت تلقي رواجا وربما دعما من بعض الأطراف الذين لا يريدون بذل جهد في التحقيق والتمحيص وهي دعوة تعد تطرفا لا يقل سوءا عن تطرف من يقرون بصحة هذه الكتب جملة وتفصيلا.
وما بين استسهال القبول والتمادي في الرفض يمكن أن يضيع الإسلام والمسلمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.