تدور أحداث الأوبرا في فصلين مكونين من مشاهد سريعة كثر عددها حول، شخصية "نيمورينو" الفلاح البسيط الذي يقع في حب "أدينا" الجميلة والتي لا تعيره بالا لإيمانها بأنها تستحق شاباً يتمتع بالسلطة والثروة وهذا ما وجدته في "بلكوري" الضابط الذي وقع في جمالها وطلبها للزواج ووافقت، وقبل اتمام الزواج يظهر في البلدة رجل دجال يدعي أنه طبيب وهو "دولكامارا" ولديه علاجات لجميع الأمراض والآلام، فيطلب منه العاشق والهان "نيمورينو" أن يأتي له بإكسير يجعل من محبوبته "أدينا" تقع في غرامه وتقبل بالزواج منه، وتستمر الأحداث في أجواء كوميدية ميلودرامية وتحدث المفارقة بأن تقع "أدينا" في حب "نيمورينو" الذي أعتقد بأن اكسير الحب كما أسماه الدجال هو السبب في تحقق حلمه. تبدأ الأوبرا بمقدمة موسيقية استهلالية قصيرة تعتمد علي لحن وتنويعاته، أي فكرة موسيقية لها لحن مميز يتم التغيير في بعض أجزائه اما بتغيير زمن اللحن أو ايقاعه أو السلم الذي يعزف منه، ولم يتكرر هذا اللحن مرة أخري داخل مشاهد الأوبرا. يدخل بعد المقدمة الكورال الذي يمثل مجموعة من سكان البلدة ليقوم بدور الراوي فيعرف المشاهد بأبطال الأوبرا، ويبدأ أبطال العرض في الغناء الفردي وأولهم شخصية "نيمورينو" الذي غني آريا "كيف أتودد لها"، وتناوب في تقديم هذه الشخصية كل من التينور الإيطالي ماريو ألفيس، والمصري هشام الجندي والجدير بالذكر أن صوت هشام الجندي أفضل في خامته من الإيطالي ماريو، من حيث فخامة وعرض الصوت، أما من ناحية التقنية في الغناء فكلاهما يمتلك نفس المهارة . ثم تدخل شخصية "أرينا" في الغناء التبادلي بينها وبين المجموعة في ميزان ثلاثي رشيق، وقد تناوب في تقديم هذه الشخصية كل من السوبرانو كلوراتورا، مني رفلة، وأميرة سليم، وقد سبق وشاهدت مني رفلة في عروض كثيرة أخري وهي من الأصوات الجميلة، ولكن هذه المرة الأولي التي أشاهد فيها أميرة سليم وقد أستمتعت كثيرا بصوتها وآدائها الغنائي والتمثيلي الرائع، ويبقي أن أتساءل أين هي من الأوبرات التي تقدم علي خشبة مسرح الأوبرا؟ يدخل بعد ذلك لحن صارم من آلات النفخ النحاسي علي ايقاع مارشي مع تقدم مجموعة من الجنود يتبعهم دخول شخصية "بلكوري"، الذي قدمه كل من الباريتون مصطفي محمد، والهامي أمين، ومصطفي محمد من الأصوات المتمكنة في طبقتها ويتمتع بحضور جماهيري وله مفاتيحه الخاصة به في تجسيد الشخصيات التي يقدمها في الأوبرات. وفي المشهد الخامس من الفصل الأول تظهر شخصية "دولكامارا" الذي جسدها الباريتون الايطالي جيانكارلوتسي في جميع الحفلات، وهو يتمتع بصوت ممتلئ متمكن وان كان أداؤه الغنائي سريعا قليلا عن سرعة الأوركسترا في أول ظهور له، وربما يعود ذلك الي أن نوتات هذا المشهد - حيث ينادي دولكامارا علي عقاقيره التي تشفي الأمراض والآلام- كانت متقطعة ومتقافزة، وقد اتسم دوره بخفة الظل المغلفة بالصرامة . ولم يتبق من فريق العمل سوي شخصية "جيانيتا" وهي صديقة "أدينا" وتناوب في تقديمها كل من السوبرانو جيهان الناصر، وسارة عناني وهو دور غنائي صغير الا أن مخرج العرض أقحم هذه الشخصية من أول العرض الي آخره، وقد لعبته سارة عناني بخفة ظل شديدة مما نال استحسان الجمهور. غناء دون مصاحبة آلية كانت سمة من سمات العصر الرومانتيكي الذي ألفت فيه هذه الأوبرا أن يظهر المؤلف الموسيقي المهارات الصوتية للمغني، وهذا ما أعتمد عليه دونتزيتي المؤلف الموسيقي لهذه الأوبرا حيث ترك مساحات كبيرة من الغناء سواء الفردي أو الثنائي أو الثلاثي دون مصاحبة آلية، وأقتصر دور الآلة أو المجموعة الموسيقية علي عزف نوتات بسيطة بين مقاطع الغناء. كما أنه أعتمد في تأليفه علي نوعية الغناء المتعارف عليه بالغناء الجميل "بل كانتو" حيث يختار المؤلف الجملة اللحنية الطويلة التي تتناسب مع المضمون الشعري والموقف الدرامي للعمل. وقد ظهر طابع هذا النوع من الغناء في الفصل الثاني أكثر منه في الأول خاصة في آريا "من يستطيع خداع قلب يحب" التي غناها "نيمورينو" في السلم الصغير وعلي ميزان ثلاثي . وآريا "ابق هنا وعش حرا سعيدا" والتي غنتها "أدينا" في ميزان ثنائي، وكلا الأريتين أبرزت مهارات المغني من خلال النغمات الصاعدة والهابطة المتتابعة والتي تحتاج الي تدريب كبير لأدائها. حرص قائد الأوركسترا ناير ناجي علي أن يستعين بآلة الهاربسكورد لعزف بعض النغمات المنفردة بين مقاطع الأغنيات. آلات الأوركسترا تم توظيفها للتعبير عن شخصيات العرض فمثلا آلات النفخ النحاسي كانت عنصراً ملازماً لشخصية "بلكوري"، وآلات النفخ الخشبي ومجموعة الكمان لشخصيتي " أدينا" و "نيمورينو"، والأداء المتقطع سواء الغنائي أو الآلي ارتبط الي حد كبير بشخصية "دولكامارا"، ولم يكن لآلة الهارب دور الا في بداية الفصل الثاني من العرض. أما الموازين التي تم استخدامها في موسيقي وأغنيات الأوبرا فكانت الميزان الثنائي، والرباعي، والثلاثي، والثنائي ذو التقسيم الثلاثي، وتنوعت سرعاتهم بين البطئ والمتوسط والسريع. إخراج دون استعراض مخرج الأوبرا هو عبد الله سعد وقد قسم خشبة عرضه الي مستويين يفصل بينهما أربع درجات سلمية، باستثناء المشهد الأول في الفصل الثاني الذي ظهر فيه مستو ثالث قبع فيه مجموعة من العازفين . ديكور وملابس العرض صممتها فيرا برتينتي، وقد اعتمد الديكور علي عناصر ثابتة شغلت الخشبة حتي منتصفها تقريبا وهي ثنائي من البانوهات بنية اللون، خلفهما عمودان، ودرجات السلم، ومنظر طبيعي لمجموعة من الأشجار في نهاية عمق الخشبة،أما الأجزاء المتغيرة في الديكور فكانت في عمق الخشبة فقط، أما الملابس فكانت رائعة ومتوافقة مع الحقبة الزمنية التي تدور فيها أحداث الأوبرا . والغريب أن مخرج العرض لم يستغل المستوي الثاني من خشبته الا في أضيق الحدود واعتمدت خطته الحركية للمؤديين في الثلث الأول من الخشبة فقط، وكان الأجدر أن يوظف المستوي الثاني بالرقصات التي لم تظهر إلا في افتتاح الفصل الثاني فقط وصممتها أرمينيا كامل، وقد أدي تجاهل دور الرقصات في أوبرا "اكسير الحب" الي خلق نوع من الملل البصري، حيث كان التركيز فقط علي المغني أو المغنية أو المجموعة التي تغني علي الخشبة، مع الأخذ في الاعتبار أن مؤدي الأوبرا حركاته تكون بطيئة أو في وضع ثبات لأنه يبذل مجهوداً في الغناء ولا يمكنه من المبالغة في الأداء الحركي حتي لا يتأثر صوته بذلك، ولذلك فإن دور الرقصات في عروض الأوبرا ضرورية لكسر ملل المشهد البصري. ومن ناحية أخري فقد تساوت المشاهد التي استخدم فيها المخرج الانارة مع المشاهد التي استخدم فيها الاضاءة التي صممها علاء الدين مصطفي واعتمدت ألوان اضاءاته علي الأصفر والأزرق غالبا، ولعبت الإضاءة الموجهة (الزوم) دوراً رئيسياً في العرض. والجدير بالذكر أن جمهور فن الأوبرا في مصر أصبح في ازدياد نتيجة تزويد صالة العرض بشاشات مترجم عليها النص المغني للأوبرات، مما جعل الجمهور يفهم ويستوعب العمل الأوبرالي الذي يشاهده.