[بقلم ماكس شولتز : زميل وباحث مرموق في معهد مانهاتن لبحوث السياسات] في ساعات الصباح الباكر من يوم 28 مارس 1979 ، تعطلت المضخة التي تقوم بتزويد ماء التبريد للوحدة رقم 2 في المحطة النووية لتوليد الكهرباء في ثري مايل آيلاند بشكل مفاجئ. وكان المفاعل ذو القدرة التي تساوي 880 ميجاوات الذي يقع على جزيرة في نهر ساسا كويهانا على بعد 10 أميال ( حوالي 16 كيلومتر من مدينة هاري سبيرغ عاصمة ولاية بنسلفانيا، يعمل قريبا من طاقته القصوى. وعندما تعطلت مضخة التبريد، توقف كل من التوربين والمفاعل بشكل أوتوماتيكي ،كما كان مبرمجا للعمل, لكن محطة للطاقة النووية برمتها لا تتوقف بالسهولة نفسها التي يقلب المرء بها مفتاحا كهربيا. فالأجزاء الأخرى من المحطة التي تدور بكامل قدرتها في حاجة لأن تتباطأ تتدريجيا ،أيضا من خلال عملية برمجة بدقة. وتعتمد عملية التوقف الآمن لمحطة نووية بشكل جزئي على الأتمتة – وهي عملية تتكون من سلسلة من الحاسبات المحكمة والمعقدة ، والمضخات ، والصمامات ، ومن المراقبة والموازنة الميكانيكية – وبشكل جزئي آخر تعتمد على إشراف الإنسان. وفي الوقت الذي توقف فيه المفاعل والتوربين في الوحدة رقم [ 2 ] عن العمgل، بدأ الضغط في الجزء النووي من المحطة بالارتفاع على نحو مفرط، وفي مثل هذه الحالات، هنالك صمام يجب أن يفتح بسرعة، مطلقا مادة التبريد، وبذلك يخفف من الضغط وفي هذه الحالة قام الصمام بذلك لكنه أخفق في أن ينغلق عندما انخفض الضغط لأنه كان عالقا. والأسوأ من ذلك وفقا لتحقيق قامت به الحكومة الفيدرالية لاحقا، (الإشارات المتاحة لمن يقوم بالتشغيل أخفقت في أن تظهر أن الصمام لازال مفتوحا ), ونتيجة لذلك، ( تدفق ماء التبريد خارجا من الصمام الذي لازال مفتوحا ), وعندما استمر ماء التبريد بالهرب، وهو ما لم يكن معلوما للمهندسين في غرفة السيطرة، بدأ المفاعل بالسخونة المفرطة, لقد كان ينصهر وعلى نحو مرعب ولم يعلم المشرفون على ثري مايل آيلاند بذلك. خلال الفترة التي تلت ذلك الحادث مباشرة ظهر إجماع على أن الطاقة النووية خطيرة بطبيعتها بشكل لا يسمح للولايات المتحدة بمتابعة توليد الكهرباء مستقبلا عن طريق إنشطار الذرة, فألغى أكثر من 60 مفاعلا نوويا في مختلف مراحل التأسيس بدءا من الحصول على التراخيص ولغاية المحطات التي كانت لا تزال تحت الإنشاء في أعقاب ما حدث في ثري مايل آيلاند. لقد كانت هذه النكسة منكرة لدرجة أنه لم يحصل أن تقدم أحد بطلب واحد لبناء مفاعل في ذلك التاريخ, ويبدو أن كارثة تشيرنوبل في الإتحاد السوفيتي بعد ذلك بسبع سنوات أكدت ان الطاقة النووية قد ماتت. ورغم ذلك فقد كانت كلمات النعي التي كتبت للطاقة النووية في الولاياتالمتحدة في أعقاب حادث ثري مايل آيلاند سابقة لأوانها, صحيح لقد عانت الصناعة على نحو كبير، لكنها لم تمت بشكل كامل. وفي الواقع ، لقد ازداد إنتاج الطاقة النووية بشكل حقيقي دون أن يلاحظ ذلك أحد ففي عام 2005، قامت مفاعلات الولاياتالمتحدة التجارية وعددها 103 والتي تعمل في 31 ولاية بتوليد 782 مليا ر كيلووات / ساعة ، ثلاثة أضعاف الطاقة التي أنتجتها في عام الكارثة 1979. لم تلغ جميع المحطات النووية التي كانت على وشك الإنشاء بعد هذه النكسة . في الواقع حدثت زيادة بنسبة 50 % في عدد المفاعلات النووية التجارية العاملة في هذه الأيام . والأهم من ذلك ، هنالك مكاسب هائلة في كفاءة التشغيل ساعدت في زيادة العائد من المحطات النووية. ففي الوقت الذي وقع فيه الحادث كانت المحطات النووية تعمل بمعدل 60 % من طاقتها, وكانت تتوقف لبضعة أشهر سنويا لأجل الصيانة والتزود بالوقود, في هذه الأيام يتم هذا العمل في أسابيع وليس شهورا، وتستطيع أن تعمل المحطات بما يقرب من 90 % من طاقتها. ومنذ العام 1990 وحتى العام 2002 ساعدت هذه المكاسب على إضافة ما يعادل 26 محطة طلقة نووية جديدة ذات حجم قياسي وهو 1000 ميجاوات إلي منظومة إمداد الولاياتالمتحدة بالكهرباء . في الوقت الذي كانت الولاياتالمتحدة تعاني فيه من أزمة ثقة بخصوص الطاقة النووية، لم يلق معظم دول العالم بالا لمثل هذا القلق . وفي هذه الأيام ،هنالك ما يزيد على 300 مفاعل نووي تقوم بتوليد الكهرباء فيما يقرب من 30 دولة أخرى .ولقد تم إنشاء الأ غلبية العظمى منها بعد حادث ثري مايل آيلاند .وهناك أكثر من130 محطة جديدة تحت الإنشاء على نطاق العالم .