كان الإقبال الشعبي الكبير على التصويت، والذي فاق كل التوقعات، هو السمة الأبرز التي ميَّزت انتخابات الأحد. افاد مسؤول في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس بأن نسبة المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي فاقت ال 90% من الناخبين المسجلين في السجلات الانتخابية. ونقلت وكالة رويترز عن الامين العام للهيئة بوبكر بنصابر قوله ان من بين ال 4.1 مليون ناخب المسجلين في السجلات الانتخابية ادلى ما يربو على 90% منهم باصواتهم في الانتخابات، مضيفا ان كثيرا ممن لم يسجلوا انفسهم مسبقا تمكنوا من التسجيل والتصويت ايضا. ووصف كمال الجندوبي رئيس هيئة الانتخابات العملية الانتخابية بأنها كانت "يوما رائعا" و "يوم احتفال بالثورة التونسية" موضحا ان التونسيين لم يتمكنوا من الاحتفال بثورتهم في الايام السابقة الا انهم احتفلوا بها في يوم الانتخابات. واعترف رئيس هيئة الانتخابات بوجود "بعض الخروقات والصعوبات" بيد انه اشار الى أنها "عموما لم تمس من العملية الانتخابية كما أن تاثيرها على النتائج ضعيف جدا". ويقول موفد بي بي سي الى تونس مكي هلال ان الإقبال الشعبي الكبير على التصويت، والذي فاق كل التوقعات، كان السمة الأبرز التي ميَّزت انتخابات الأحد. وكانت صناديق الاقتراع اغلقت أبوابها في الساعة 19.00 بالتوقيت المحلي التونسي مساء الأحد، و بدأت عملية عد وفرز الأصوات فور إغلاق مراكز الاقتراع، إذ ينتظر التونسيون بفارغ الصبر معرفة نتائج أول انتخابات تشهدها البلاد بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في السابع عشر من شهر يناير الماضي. وكان كمال الجندوبي، قد قال في مؤتمر صحفي سابق "سنحاول جمع النتائج اعتبارا من الاثنين لكن النتائج الرسمية سيتم الاعلان عنها بعد ظهر يوم الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي". "أرقام قياسية" وفي لقاءات اجراها موفد بي بي سي، قال مراقبون للانتخابات من جنسيات مختلفة "إن نسبة المشاركة مرشحة لتحقيق أرقام قياسية". اصطفَّ الناخبون في طوابير طويلة منذ الصباح للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تشهدها البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. وقال بعضهم إنهم وقفوا على "رغبة قوية لدي كل فئات المجتمع التونسي بالمشاركة في الانتخابات، وبالتالي المساهمة في الحياة العامة". وفي لقاء مع بي بي سي، قال الدكتور رضا بوكراع، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية: "إن نسبة المشاركة المرتفعة تعبِّر عن إرادة الشعب التونسي في القطع مع المرحلة الوقتية، والتسريع بعودة الشرعية لكافة مؤسسات الدولة". وأضاف: "إن الوعي السياسي لدي التونسيين يرجع إلى ارتفاع نسبة التمدرس، ووجود طبقة وسطى مؤثرة وفاعلة، وتراث إصلاحي وتحديثي يعود إلى بداية القرن العشرين، وكل هذه العوامل ترشِّح تونس لبناء تجربة ديمقراطية نموذجية، وهذا ما لمسنا ملامحه في انتخابات اليوم". روح احتفالية وتجدر الإشارة إلى أن الانتخابات لم تشهد حصول أي أعمال عنف، إذ جرت وسط إجراءات أمنية مشدَّدة، مما شجع الناخبين على الإقبال والمواكبة في أجواء تطغى عليها روح الاحتفالية، ولوحظ تسجيل نسبة قليلة من المخالفات الانتخابية في بعض المحافظات. جرى تأمين وحماية مراكز الاقتراع، والبالغ عددها أكثر من 4500 مركز، بعناصر عسكرية مسلحة. وتم نشر 22 ألف عسكري وحوالي 20 ألفا من رجال الأمن الداخلي، وذلك لتأمين حسن سير الانتخابات. وقد جرى تأمين وحماية مراكز الاقتراع، والبالغ عددها أكثر من 4500 مركز، بعناصر عسكرية مسلحة و بأفراد من قوات الأمن والشرطة. كما عرفت "انضباطا " كبيرا من قبل المواطنين الذين حرصوا على المشاركة في إنجاح هذا "العرس الديمقراطي"، كما يطلق عليه التونسيون. كما تم تخصيص 2500 وسيلة نقل بري و14 وسيلة نقل جوي وقارب بحري لنقل صناديق الاقتراع وكل متطلبات العملية الانتخابية من المخازن المركزية إلى المخازن المحلية، ومنها إلى مقرَّات اللجان الانتخابية. ولقيت الانتخابات التونسية أيضا متابعة كبيرة من قبل المراقبين والإعلاميين الذين توافدوا على تونس منذ عدة أيام، إذ شهد المركز الإعلامي بقصر المؤتمرات بالعاصمة تونس حضورا إعلاميا مكثفا لممثلي العديد من المؤسسات الإعلامية الوطنية والعربية والأجنبية.