تتبنى الحكومات العربية خدمات مبتكرة من أجل الدفع قدماً بالمدن الذكية والتنافسية العالمية في هذا المجال، وفقاً لتقارير حديثة صادرة عن كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية وشركة "إس إيه بي". وتعمل كل من كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية وشركة إس إيه بي معا في ثلاثة مجالات استراتيجية، هي الإعلام الاجتماعي والتوظيف والتمكين الاقتصادي والريادي للشباب العربي، فضلاً عن سلسلة دراسات أعدتها هاتان الجهتان، تتناول "نظرة على الخدمات الحكومية العربية 2014" و"ابتكارات من أنحاء العالم العربي"، ونشرت تحت رعاية مكتب رئاسة مجلس الوزراء بدولة الإمارات خلال القمة الحكومية التي انعقدت في وقت سابق من هذا العام. وقد تعاونت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية وشركة إس إيه بي لاستضافة "منتدى المدن الذكية"، الذي نظمته كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية في يونيو الماضي.
ويزداد الوعي بالنموذج التقني للمدن الذكية في أنحاء العالم العربي، في مواجهة تحديات التحضر، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية، وفي ظل تقليص الميزانيات، والتغير التقني. وفي هذا السياق تتوقع شركة "ناڤيغنت" للأبحاث أن تنمو سوق تقنيات المدن الذكية من 6.1 مليار دولار في العام 2012 إلى 20.2 مليار دولار في العام 2020.
وبدأت الحكومات العربية في إعادة ابتكار الخدمات العامة، مدفوعة بستة محركات للابتكار التقني هي القدرات التنقلية، والبيانات الكبيرة، والتطبيقات المتنقلة، والحوسبة السحابية، وتحليلات البيانات، والإعلام الاجتماعي، وفقاً لتقرير "ابتكارات من أنحاء العالم العربي".
وقال سامر الخراط، رئيس شركة "إس إيه بي" الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن قادة الفكر أصبحوا يبتكرون أفضل الخدمات الحكومية الموجهة نحو المواطنين عبر تشجيع التعاون بين الدوائر والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، في وقت بدأت فيه مدن العالم العربي الذكية بالبزوغ على الإنترنت، وأضاف: "يتعين على الحكومات على الصعيد الداخلي أن تراقب باستمرار وتحلل وتراجع حوكمتها فيما يتعلق بهذه الخدمات، ما سوف يؤدي إلى التميّز والكفاءة في الادخار على هذا الصعيد، وفي الوقت نفسه، فإن هذه الخدمات ستساعد على تمكين أصحاب المصلحة ومنهم المؤسسات والمواطنون والمجتمعات" .
من جهته، نوّه فادي سالم، مدير إدارة برنامج الحوكمة والابتكار بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، بأن القطاع العام العربي "يعاني من جوانب قصور متزايد فيما يتعلق بالجودة والكفاءة وسهولة الوصول، وفي الوقت نفسه، نجد أن التوقعات المرتفعة للمواطن أدّت إلى خدمات حكومية ذات جودة وكفاءة ونوعية". ويضيف سالم، "نحن نعيش في عصر تساعد فيه التقنية على نحو متزايد في تمكين المواطنين وتمهد الطريق لصياغة نماذج حقيقية بالتعاون مع الجهات الحكومية، ومع الاعتماد المتزايد على المدن الذكية ومبادرات الحكومة الذكية أصبحت الخدمات الحكومية في العالم العربي مخصصة لاحتياجات الفرد، ما جعل من الممكن تعزيز عملية صنع القرار، وإشراك المواطنين وزيادة مستويات الرضا".
وبفضل الترابط التقني المتزايد، احتلت العديد من البلدان العربية مواقع متقدمة في مؤشر الجاهزية الشبكية للعام 2014، التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، إذ احتلت قطر المرتبة 23، ودولة الإمارات المرتبة 24، فيما حلّت البحرين في المركز 29، وجاءت المملكة العربية السعودية بالمرتبة 32، وجميع هذه التراتيب حلّ في الربع الأول من المؤشر الذي يضم 148 بلداً.
وجاءت معظم دول الخليج من ضمن الدول العشر الأفضل في تطوير الحكومة الإلكترونية في آسيا وإفريقيا، وفقاً لدراسة مسحية بشأن الحكومات الإلكترونية أجرتها الأممالمتحدة في 2014.
خدمات معززة في مجال التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل والسفر والسياحة تم تعزيز الخدمات الحكومية المبتكرة تعزيزاً فعالاً في العالم العربي في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية وخلق فرص العمل والسفر، بحسب ما جاء في التقرير.
وعزّزت الخدمات الحكومية المقدمة في ألف مدرسة في سلطنة عُمان و700 أخرى في الأردن، على سبيل المثال، التعليم العام بتكلفة مخفضة، وزادت مستوى الشفافية والإتاحة.
ومن جهة أخرى، مكّنت خدمات الرعاية الصحية المبتكرة البحرين من تخفيض مدة إصدار شهادة الميلاد من أربعة أسابيع إلى خمسة أيام، وفي لبنان ساعدت الحكومة في تبسيط الحصول على الترخيص المهني الطبي مع خلال تخصيص موقع على الإنترنت لهذا الغرض، وفي المغرب، جرى خفض مدة انتظار المواعيد الطبية من عدة أسابيع إلى بضعة أيام.
أما في مصر، فقد دعمت الحكومة 21 شركة ناشئة ذات صلة بتقنية المعلومات والاتصالات عبر تقديم الحكومة ما قيمته 120 ألف جنيه من خدمات الاستشارات والتسويق، والبرمجيات والأجهزة ومساحات العمل، والدعم الفني والتوجيه.
وفي قطاع السفر، تهدف الخدمات الإلكترونية المقدمة في مطارات دبي وأبوظبي إلى تحسين تكاليف التشغيل السنوية بنسبة 54 بالمائة، وخفض وقت التشغيل بنسبة 68 بالمائة، والمساعدة في تنفيذ خطط التوسع في المطارات.
وتحتاج الحكومات العربية من أجل تقديم أفضل الخدمات المبتكرة، بحسب التقرير المصاحب "نظرة على الخدمات الحكومية العربية 2014"، إلى تحسين تقييم العملاء، وتسهيل الوصول التقني، ورفع كفاءة تقديم الخدمات، وزيادة تبنّي ثقافة تتمحور حول العملاء، وتسهيل الإجراءات والروتين، وتيسير الوصول الى المناطق الريفية، وتقييم أداء الخدمة.