أكد الدكتور " عمرو الشوبكي " مقرر لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور والباحث السياسي المصري، خلال الندوة التى نظمها المعهد الوطنى للدراسات الاستراتيجة الشاملة فى الجزائر بعنوان ( الوضع الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط )، اليوم الاثنين، أن تعامل الإخوان المسلمين مع مصر كان بمنطق الغنيمة أو الهيمنة والسيطرة أو ما يطلق عليه ( أخونة الدولةّ ) وذلك بهدف السيطرة على مؤسساتها . وأشار إلى أنه خلال عام واحد من حكم مرسى استقدم الإخوان المسلمون 13 ألفا من أنصارهم وزرعوهم في مفاصل الدولة وذلك ليس بهدف الإصلاح ولكن بهدف بسط سيطرتهم الكاملة. وأكد الشوبكى أن ما فاقم الوضع في مصر خطورة هو ما حدث قبل شهرين من سقوط محمد مرسى وتحديدا في محافظة أسيوط حيث انتشرت لجان شعبية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وبدأت تستعد للقيام بدور الشرطة وهذا يعنى عمليا اننا بصدد ميليشيات في ثوب لجان شعبية ، ومن هناك جاءت انتفاضة 30 يونيو التى دعمها الجيش . وأوضح قائلًا: " وضع الإخوان المسلمين في مصر يختلف عن بقية الأقطار العربية، ففي كل بلد عربى يوجد حزب سياسى تابع للإخوان المسلمين يتولى الحكم، أما في مصر فلم يكن الحزب السياسي هو الذى يحكم ولكن جماعة الإخوان السرية التى رفضت تقنين أوضاعها حتى بعد وصولها للسلطة وهو حدث غير مسبوق في أية دولة، وهنا شعر المصريون أن المرشد العام ونائبه هما اللذان يقرران نيابة عن الرئيس ، مما جعل قطاع عريض من الشعب يشعر بالغضب الشديد ويفقد الثقة في الجماعة". وأكد أن مشهد سقوط الإخوان كان مشهدا فريدا من نوعه حيث حالة التضامن والاتحاد غير المسبوقين بين أفراد الشعب وهى مشاهد لا نراها سوى في حالات الاتحاد ضد الغزو الخارجى ، وفق وصفه. ونقلًا عن "وكالة أنباء الشرق الأوسط" فقد قال الشوبكي إن المتغيرات التى شهدها العالم العربي أو ما يسمى بالربيع العربى كانت مختلفة المستويات .. فهناك دول مثل مصر وتونس التى شهدت تحركات شعبية لإسقاط رأس النظام مع الحفاظ على مؤسسات الدولة .. وهناك دول أخرى مثل ليبيا التى أدى سقوط النظام فيها إلى إسقاط مؤسسات الدولة وإن كان البعض لا يلقى باللوم في إسقاط مؤسسات الدولة على الحركة الشعبية ولكن على النظام الليبى السابق الذى لم يعمل طيلة حكمة على إقامة دولة مؤسسات … وهناك مستوى ثالث وهو قدرة النظام السياسي على إجراء إصلاحات سياسية داخله مثل الجزائر والمغرب . وأكد أهمية إعادة قراءة المشهد العربى على ضوء إستراتيجية أن وسيلة التغيير سواء كانت إصلاحية أو ثورية هى وسيلة وليست هدفا، قائلًا: " فالثورة وسيلة لتحقيق تقدم المجتمع وإذا كان بالإمكان تحقيق ذلك بوسائل غير ثورية فهذا أفضل مثل اسبانيا والبرتغال وغيرها من الدول التى حدثت فيها تغييرات عميقة دون أن نشاهد الملايين في الشوارع وكذلك الحال في أوروبا الشرقية". وتابع: " أن تقدم الشعوب لا يقاس بحجم الضحايا .. وإذا سلمنا بأن دور الانتفاضات مهم فإنه يظل وسيلة لتحقيق هدف وهو بناء نظام ديمقراطي فيه قيم عدالة ". وأضاف الشوبكي: " الإصلاح دون ثورة كان أمرا غير ممكن في مصر ، فقد ظل رئيس يحكمها طيلة 30 عاما وبالتالي شعر الشعب أن فرض عمليات الإصلاح باتت مستحيلة … وسقط النظام ولم تسقط مصر لأن مصر هى دولة وطنية وهى الفكرة التى لم تلق استحسانا من جانب الأمريكيين ليست في مصر بل في كل الدول الوطنية في العالم العربي .. وهنا كان سبب غزوها للعراق ليس فقط لإسقاط نظام صدام حسين ولكن لإسقاط الدولة العراقية بأكملها … والنتيجة أنه تم تفكيك الجيش العراقى وتم هدم الدولة العراقية ومؤسساتها وبنيت دولة دفع الشعب العراقي ثمنها مليون قتيل على مدار 15 عاما .. والدولة العراقية التى بنيت على أنقاض الدولة القديمة هي دولة فاشلة ". واختتم الشوبكى كلمته بالتأكيد على ضرورة أن ننطلق من أهمية التمسك بالدولة الوطنية في هذه البلدان والعمل على إصلاح المؤسسات حتى نستطيع أن نبنى غدا أفضل.