سامي يوسف أحد أشهر مطربي العالم الإسلامي فنان شامل موهوب يكتب أغاني ويلحن ويوزع ويجيد العزف على عدد من الآلات الموسيقية بالإضافة إلى إنتاجه الفني لعدد من أعماله. والأغنية موضوع مقالتنا هي إحدى إنتاجاته الشاملة ( كتابةً، لحناً، توزيعاً وإنتاجاً). منذ أسبوع تقريباً صدر لسامي يوسف أغنية جديدة هدفها الرد على المسيئين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وترسيخ رسالة فحواها أن الإسلام دين السلام وهذا ما تجلى أيضاً باسم ألبومه.ومثل هذا الفنان وهذه الإعمال واجب علينا تقديرها وتثمينها خاصة مع تدني المستوىين الموسيقي والفني الحاليين لكن يجب أن نعلم علم اليقين أنه لايوجد عمل أو فنان إسلاميين فوق النقد لأنه ببساطة لاعمل بشري كامل كما أننا لا نريد أن نصنع دكاترة فنيين لذلك وجبت المناقشة من أجل الرقي الفكري والمهني. وتم إنتاج هذه الأغنية مرتين:الأولى كانت باسم (صلوا Sallou ) وتم تأليفها وتوزيعها عام 2007 وكانت ضمن أغاني ألبوم Without you الصادر عام 2009 وأنتجته شركة أويكنينج Awakening وهو إنتاجها الأخير له. أما الثانية كانت منذ أسبوع – كما ذكرت لاحقاً- وقدمها سامي تحت اسم جديد (إنها لعبة it's a game ) وستصدر في نوفمبر المقبل ضمن ألبوم (سلام Salaam)، وظهرت الأغنية في نسختيها بنفس الكلمات واللحن والتوزيع لكن الثانية جودتها الصوتية أنقى وأفضل… وأكثر كلمة هزتني – سلباً – بالأغنية هي كلمة "شتموه"،لم أكن أتوقعها تخرج منه بل ويكررها مرات ومرات بالأغنية لأن بكل بساطة جُبلت فطرتنا الإنسانية السليمة على عدم استخدام عموم الألفاظ والكلمات البشرية مع شخص سيد الخلق صلى الله عليه وسلم،فإذا قلنا شاتم فلان علان،فإننا من باب الحب والحياء نستحي أن نتلفظ بمثل ذلك على رسول الله، وأظن أن الله سبحانه وتعالى برحمته قد رفع عنا عناء البحث عن وصف لكل من آذى رسول الله مادياً ومعنوياً وأوجزه في "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ" (سورة الحجر:95) لذلك أرى أن استهلال سامي يوسف أغنيته بتكرار هذه الكلمة مرتين كان كنقطة زيت بثوب ناصع البياض، فعندما دخلت الأذان كادت تبني حائط صد فوري بين النفس والقلب من ناحية وبين صوت المطرب وأغنيته من ناحية أخرى وستتخيل أن المطرب يتحدث عن شخص آخر فتسير في هذا الطريق حتى تصتدم بالحقيقة مع نهاية المطلع الأول تحديداً عند كلمات( أغلاه…أعلاه) لتكتشف أن المُتحدث عنه هو سيدنا محمد. ويأتي اللحن والتوزيع دائماً ليخدما ويدعما الفكرة والكلمات…وفي هذه الأغنية استخدم يوسف ثلاثة أنواع من الموسيقى : Rock – Ray – Modern Disco، بدا الإيقاع الموسيقي – وحده – منضبطاً لكن ما لم يكن منضبطاً نهائياً هو التوظيف السليم للموسيقى مع الكلمات…فعلى سبيل المثال لا الحصر بدأ سامي يوسف الأغنية بكلمة " شتموه… شتموه " مستخدماً الModern Disco وهو ريتم إيقاعي سريع يعكس دائما hyper attitude عكس ما كان مطلوب أو متصور من سامي فعله أن تعطي لحنا إما يعكس حزناً أو غضبا أو اعتزازاُ برسول الله لكن الModern Disco أعطي إحساساً للمستمع أن المطرب قد لايكون متهماً أصلا بوقع كلمة " شتموه " وهذا بكل تأكيد ليس سليماً. أما عن الفيديو الكليب فهو عادة ينقلك من عالم الخيال الذهني والحسي إلى عالم الواقع المرئي. وأهم ما يميز الرسوم المتحركة animation - وهو ما استخدمه المخرج بالأغنية – أنها تأخذك إلى اللامعتاد واللانمطي واللاشخصي وتحطم كل أطر التقييد والتقليد. لكنني أرى أن المخرج ومصمم الرسوم المتحركة قد غالا في كسرهما لأطُر التقليد والتقييد عند تمثيل الشخصيات حتى تحولت إلى رسوم كاريكاتورية تثير ابتسامتك وأحيانا ضحكك. فنرى مطرباً رأسه أكبر من جسده وكما تم تجسيد الشخصيات التي ظهرت معه في الكليب والتعبير عن ردود أفعالها وحركاتها ومشيها ورقصها بطريقة ساخرة لانراها إلا في الأفلام الكوميدية والرسوم المتحركة الخاصة بالأطفال. كما أن هناك سؤال مُلح ببالي لم أجد له إجابة في الكليب: لما شعرت أن الكليب تحول من أغنية عن رسول ورسالة إلى كليب عن نجم البوب سامي يوسف؟ أثُمن لسامي يوسف كل أعماله السابقة التي أثرت الساحة الفنية الإسلامية والعالمية وأثمن له أيضاً جهده بهذه الأغنية لكني أرى أن سامي يوسف كان يمسك بأربعة خيوط نحو عمل رسالي هادف: خيط الفكرة وخيط الكلمات وخيط الموسيقى ( لحن –توزيع) وأخيراً خيط التصوير والعمل المرئي، لكنه لم يستطع الجمع بينهم فظلت الأربعة خيوط تسير في مسارات متوازية مع بعضها منفصلة دون نقطة الالتقاء. لكل محبي سامي يوسف أو نوعية الفن الذي يقدمه سامي، النقد المحترم البناء بناء فلا تقذفوا من ينقدكم حباً بحجر زاوية من البناء فيسقط على رؤوسنا جميعاً…