قامت الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بإصدار بيان شديد اللهجة، أعلنت فيه أنهما مستاءة من الحملة الإعلامية المنظمة التى تهدف إلى النيل من المحكمة وقضاتها، وآخر هذه التصريحات هو التصريح المنسوب لوزير العدل المستشار "أحمد مكى"، حيث أبدى رفضه تدخل القضاة فى العملية السياسية أو التصدى لمعارك سياسية، وتعرض فى تلك التصريحات لحكمى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون مجلس الشعب وقانون مباشرة الحقوق السياسية، معلقًا على أحكام قضائية صادرة بأنه كان يجب على القضاة تأجيل حسم ملف حل البرلمان، ووضع حل لفراغ السلطة التشريعية، وفى الوقت ذاته تطبيق قانون العزل السياسى لأن البلاد فى حالة ثورة. وأشار بيان "الدستورية العليا" أن ما نسب إلى وزير العدل يشكل تدخلاً سافرًا فى قضائها، لأن ما صدر منها من أحكام سواء تلك التى أشار إليها أو ما تعمد أن يتجاهله، إنما كان فى حدود ولايتها الدستورية، وقد تجلى فى أحكامها انحياز المحكمة المطلق للشرعية الدستورية، ولمبادئ الحرية والديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة وحماية حقوق المواطن وحرياته، وكان دافعها الوحيد هو تحقيق العدالة وإرساء مبدأ سيادة الدستور والقانون، مع النأى عن الانخراط فى أى توجهات سياسية أو الانحياز لفصيل دون آخر، ولم تخضع فيما أصدرته من أحكام إلا لضمائر قضاتها. وأوضح البيان أن ما ذهب إليه وزير العدل هو بصريح اللفظ توجيه بمراعاة الاعتبارات السياسية قبل إصدار الأحكام القضائية، وهو الأمر الذى لا يمكن قبوله، بل يشكل تناقضًا بينًا بين أقوال سيادته، إذ بينما يؤكد على ضرورة عدم تدخل القضاة فى السياسة، فإنه يطالب فى الوقت ذاته المحكمة بمراعاة الظروف السياسية المواكبة، وإعمال المتغيرات المستجدة فى المناخ السياسى، وهو جوهر تسييس القضاء بما يناقض المعايير الدولية لاستقلاله، ويحمل شبهة التأثير على العدالة. وترى الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا أنه إذا كان يمكن النظر إلى آراء المستشار " مكى" خلال الفترة الماضية وقبل تعيينه وزيرًا للعدل، باعتبارها تعبر عن وجهة نظر فردية تحتمل الصواب أو الخطأ، فإنه يتعين عليه مراجعة تصريحاته بعد توليه المنصب الوزارى، لأن ما يصدر عنه إنما ينسحب إلى السلطة التنفيذية بكاملها التى يشارك فى عضويتها، ويؤثر فى جلال وحيدة المنصب الذى تبوأه، ويهدر مبدأى استقلال القضاء والفصل بين السلطات، ويتناقض مع ما سبق أن ادعى نضاله من أجله.