مشهد ملتبس .. ومستقبل غامض للآسف اصبح هذا هو حال مصر حاليا ، فبرغم ظن البعض أن الحكم علي مبارك سيكون لحظة فارقة في مسيرة تسليم السلطة لرئيس منتخب بإرادة شعبية حرة وانتخابات نزيهة ، فجأة رأينا انفسنا امام مشهد ملتبس وغامض حاولنا أن نقرأه بعين مجردة فعدنا قليلا للحظات اصدار الحكم علي الرئيس السابق وباقي المتهمين حيث كانت ردود الافعال الاولية من أهالي الشهداء – وردود الفعل الاولية دوما تكون عفوية صادقة – تغلفها سعادة بالحكم المؤبد علي مبارك والعادلي فوجدنا البعض منهم يسجد لله شكراً والبعض الاخر اطلق الالعاب النارية خارج قاعة المحكمة فرحا وسروراً بهذا الحكم التاريخي فما الذي تغير بعد ذلك ؟! لا ندري سببا لدعوة بعض القوي والفصائل السياسية للتظاهر ووصل بعضها حد الدعوة للاعتصام ، فهل اصبحت المصالح الضيقة لبعض القوي السياسية هي التي تقود مصر لسيناريو اعد لها بليل ؟ لم تأتي الدعوة من اسر الشهداء بل جاءت من قوي نراها قد استغلت الحكم لتحقيق مصالحها دونما النظر لمصلحة الوطن ، مستخدمين فيها دماء من ضحوا لأجل مستقبل وطن دونما النظر لمصلحة أو مطلب شخصي بل سقطوا فداء مستقبل وطن لا من أجل أن يستغل البعض دمائهم الذكية لحاجة في نفس يعقوب ، ولم تكن تلك الحاجة يقينا ضمن نوايا الثوار الشهداء فحين خرج الثوار بصدور عارية وقلوب صافية خرجوا من أجل الوطن ولم يخرجوا طمعا في السيطرة علي كل سلطات الدولة مثلما يحاول أن يوصلنا اليه بعض من قفزوا علي الثورة حاليا . لماذا كانت أول ردود فعل غاضبة داخل القاعة من محاميي المدعين بالحق المدني ؟ وكأنهم فوجئوا بهذا الحكم ، ولماذا كانت الدعوة للتظاهر والاعتصام من قوي سياسية وبعض مرشحي الرئاسة ممن خرجوا من السباق في جولته الاولي ؟ أليس من بين هؤلاء جميعا من اطلع علي اوراق ومستندات ووقائع القضية وتوقع الحكم فيها اذ اجمع كثير من فقهاء القانون ان الادلة بالقضية لا تكفي لصدور احكام مشددة فيها ، هل فوجئ من نادوا للتظاهر والاعتصام بأن القضية قد حولت للقضاء الجنائي الأن ؟ رغم احالة القضية للقضاء منذ ما يقرب من عام وتداولت جلساتها علي الهواء تارة ومغلقة تارة اخري ، فلماذا صمتوا كل هذا الوقت ؟ وبعد صدور حكم قضائي لا يرضيهم – رغم ان احكام القضاء لا يجوز التعقيب عليها – يطالبون الأن والأن فقط بمحاكمة ثورية ، بل ووصل الأمر بأحد مرشحي الرئاسة بالوعد بإعادة المحاكمة مرة اخري بأدلة قوية اذا ما كتب له النجاح في جولة الاعادة ، فأين كان هذا المرشح وأين كانت أدلته القوية طوال فترة المحاكمة لماذا لم يعلن من قبل عن هذا أم أن الصراع علي كرسي الرئاسة يستحق دغدغة المشاعر وخطب ود الناخبين واظهار ما قد يكون لديه من ادلة ، فلم السكوت علي أدلة قوية تلف حبل المشنقة حول رقبة مبارك وبطانته ؟ وهل سيكون اظهار تلك الأدلة مقابل الحصول علي كرسي الرئاسة أي تكون هذه مقابل تلك ؟ لكن ماذا سيكون مصير تلك الأدلة في حالة عدم الفوز بكرسي الرئاسة ؟ هل ستظل حبيسة الادراج !!!. هل الرغبة في الوصول لكرسي الرئاسة يمكن أن تصل بالبعض لوضع مستقبل الوطن بكامله علي المحك حتي أصبحنا أمام مستقبل أراه للأسف يزداد غموضا بعد أن رأينا مصالح بعض القوي تتصالح ، وأصبح فرقاء الأمس أصدقاء اليوم يصمتون صمت القبور حين تسير الأمور في اتجاه بوصلتهم ووفق السيناريو الخاص بهم – ألم يصمتوا علي كل من قتل في عهد عصام شرف - أما ان جاءت الرياح بما لا تشتهي سفنهم فمرفأهم معروف مرفأ الدعوة للتظاهر والاعتصام فأصبحوا كمن يريدون قانونا علي مقاسهم وقضاءاً وفق هواهم وصندوقا انتخابيا لا يفرز الا واحداً منهم فإما هذا واما لا ، ليست هكذا اصول الديموقراطية وليست هكذا تدار دولة المؤسسات ، فأي سيناريو أعد لمصر ان لم تكن هذه ولا تلك ؟ فلو نظرنا لأعداد من خرجوا للتظاهر فسنراهم لم يخرجوا عن اعضاء القوي والحركات والفصائل السياسية تلك القوي التي دعت للتظاهر من وجهة نظرها فقط ، أما الشعب فان بحثت عنه فستراه واقفا في طوابير البنزين والسولار وطوابير العيش بعد أن انصرف ساسته الجدد عن هموم الشعب وانشغلوا بهمهم الخاص ، فألي اين تسيرين يا مصر في وجود كل هذه المصالح التي تتصالح احيانا وتختلف أحايين أخري ؟ الي أين ؟ ألي أين ؟ نرجو أن يكون سيرك لمستقبل اكثر اشراقا وتقدما نطوي به حقبة من الزمن ثرنا عليها حتي سقطت ونتمنى ألا نعيش في توابعها كثيرا حتي لا تفسد علينا ما هو قادم وفي الأخير ودوما لك الله يا مصر .