إن تشخيص الإصابة بمرض الهيموفيليا أو أي مرض مزمن آخر هي الخطوة الأولى في بداية هذه الرحلة التي يمكن أن تأخذك عبر عدة مشاعر وانفعالات وتشمل: الصبر والأيمان بما كتب الله الصدمة الإنكار الحزن القلق الغضب الأباء دائما يبحثون عن الدعم والمساندة ، ويبدأ الوالدان بالحصول على المعلومات من عدة مصادر منها ما يلي: الأصدقاء وأعضاء من العائلة الكتب الأطباء المحليون الذين يمكن الاتصال بهم الإنترنت إن مثل هذه المعلومات والدعم الأولي يساعد الوالدين كلما قابلوا موظفي فريق مركز علاج الهيموفيليا ويبدأوا التعلم عن مرض الهيموفيليا، وبشكل تدريجي تزداد معلوماتهم ومهاراتهم الضرورية لمساعدة الطفل كي يتعامل مع هذا المرض وينمو ويصبح شخصا قادرا وواثقا من نفسه ، والكثير من الآباء والأمهات يتعرفون على آباء وأمهات أطفال آخرين مصابين بالهيموفيليا، أن التشجيع والصداقة التي يجدونها يمكن أن تكون لها فوائد عظيمة. إن إصابة الطفل بمرض الهيموفيليا تؤثر على جميع أفراد العائلة وعلى عدة نواحي من حياتهم والقصص التالية يرويها آباء وأمهات تبين لنا كيف أنهم واجهوا تلك التحديات. وجهة نظر أب يسكن في قريه صغيره : ولد أحمد وكان بصحة جيدة وحجمه كبير، وبينما كان ينمو كنا نلاحظ حدوث كدمات صغيرة في ضلوعه وجسمه من وقت لآخر، وكان هذا الأمر يثير القلق ولكن لم تجر له الفحوصات لمعرفة السبب إلا بعد أن بلغ 9 شهور من عمره. وأخذنا أحمد إلى أقرب مستشفى كبير، والذي كان يبعد عن بيتنا مسافة غير قليلة ، وقد أجريت له عدة فحوصات للدم ، ولكن وخزة إبرة بسيطة لأخذ عينة دم لإجراء أحد الاختبارات تسببت له في نزيف من الأنسجة في ذراعه، وتورم ذراعه ليصل إلى 3 أضعاف حجمه الطبيعي تقريبا ، وقد فقد تقريبا ثلث كمية الدم التي في جسمه واحتاج إلى نقل دم وأمضى مدة أسبوع في وحدة العناية المركزة. التعامل مع التشخيص: أخيرا أخبرنا الأطباء أن ابننا الرائع لديه مرض يدعى الهيموفيليا نوع-أ ( نقص عامل التخثر 8) وكنا بعيدان عن البيت وخائفين ولا نعرف إلا القليل عن هذا المرض، وقد أخبرونا بأن علينا أن نأخذه لأقرب مركز علاج للهيموفيليا حيث يبعد 500 كم عن بيتنا، ومنذ تلك اللحظة تغيرت حياتنا. وفي مركز علاج الهيموفيليا واجهت أنا وزوجتي مشاعر الخوف والقلق والغضب، ولكننا أيضا وجدنا أصدقاء وأملا في رحمه الله وفضله ، وكان هذا في أوائل التسعينات ، عندما كانت كل المشاكل المتعلقة بالدم تسمع في الأخبار. وكنا قلقنا ليس فقط من مرض الهيموفيليا بل من الإصابة بعدوى فيروسية مثل فيروس التهاب الكبد الوبائي وفيروس فقد المناعة المكتسبة (ألأيدز) ، والتي لم نفكر بهما من قبل ، ولكن فجأة وبينما كنا نتعرف على المستحضرات الدموية التي يحتاجها طفلنا للسيطرة على نوبات النزيف مرت في خاطرتنا فكرة التعرض لالتهاب الكبد الوبائي والإيدز وهي حقيقة مرعبة ومخيفة. ولحسن الحظ أننا قابلنا أطباء مختصين وآباء وأمهات آخرين، وهذا جعلنا نشعر بأننا لسنا وحدنا في هذه المحنه . ولكن يجب أن أذكر القصة التي حدثت عندما كنا نستعد للعودة إلى البيت ، كان أحمد ينزف للمره الثانية من كاحله، وكنا واثقين بأننا في مدينة كبيرة قريبين من مستشفى الأطفال وقلنا في أنفسنا الحمدلله اننا مازلنا في المدينه فهو على الأقل قد حدث قبل عودتنا للبيت ، وقامت العيادة بالترتيبات لعرض أحمد على الطبيب حالا ، ومنذ تلك اللحظة لم تسر الأمور كما تم التخطيط لها، ولم يستطع الطبيب في غرفة الطوارئ أن يضع الإبرة في وريد الطفل ، وحاول عدة أشخاص آخرين ولم ينجحوا مما أدى الى تألم الطفل وإثارة غضبي وغضب زوجتي . هذا ما حصل من الخبراء! فكيف سنتعايش مع ذلك في قريه صغيره تبعد 500 كم عن مستشفى الأطفال، و قد تم استدعاء أخصائي أمراض الدم ووضع الإبرة في وريد في الرأس ، وفي هذه الأثناء كنت مستاء من مراقبة ذلك ولكني أخيرا تماسكت وتخلصت من اليأس والغضب والخوف ، لقد أدركت أن رعاية أحمد وعلاجه كانت بأيدينا نحن ، ويمكن لمركز علاج الهيموفيليا والمهنيين المحترفين أن يخبرونا ماذا يتوجب عمله ولكن نحن الوالدان علينا أن نتأكد بأن الأمور تمت بأفضل طريقة بالنسبة لأحمد مع أقل ما يمكن من الأذى والألم. الآباء والأمهات يتولون زمام الأمور: لقد عملنا مع مستشفى بلدتنا المحلي لنتأكد من توفير مستحضر عامل التخثر المركز الصحيح ، والجرعات الصحيحة والأشخاص المناسبين لعلاج ابننا. وكنا نزور مركز علاج الهيموفيليا مرتين في السنة لمراجعة وإجراءات العناية بأحمد ،وهناك تلقينا النصائح حول صحته الجسمية والنفسيه وقد قابلنا طبيب أمراض القلب وممرضة العيادة وأخصائي العلاج الطبيعي وطبيب الأسنان. وفي مركز علاج الهيموفيليا تعلمنا كيف نقوم بعملية الحقن في البيت ، وبعد أن دربتنا الممرضة بدأنا بحقن احمد في البيت ، ولم يكن ذلك بالأمر السهل ولكنه كان اقل إزعاجا لأحمد من رحلات العلاج التي كنا نقوم بها إلى المستشفى ، وفي تلك الأوقات كان يدرك أننا ذاهبون إلى المستشفى وكان يعاني من القلق والخوف الشديد. ووجدنا أن إعطاء الدواء في البيت قد غير حياتنا حيث لم نعد بحاجة لأن نسرع إلى المستشفى عند أول دلائل لوجود نزيف ونكون قلقين حول كم من الوقت سوف ننتظر أو من الذي سيقوم بإعطاء الطفل الإبرة ، وكنا نسيطر على الوضع. منذ 6 سنوات مضت وفي إحدى زياراتنا لمركز علاج الهيموفيليا تحدثنا حول صعوبة إعطاء أحمد الإبرة في الوريد ، وقد أوصى الفريق الطبي بجهاز خاص يدعى قسطرة وريدية ، يتم تركيبها لابننا وهذا الجهاز يوضع تحت الجلد في الجزء العلوي من الصدر، وهو عبارة عن خزان صغير يكون متصل بوريد رئيسي ، ويتم إرواء ( حقن ) الطفل بمستحضر عامل التخثر المركز من خلال هذا الجهاز . وكان علينا أن نتعلم في المستشفى كيفية استخدام القسطرة الوريدية والاعتناء بها ، وكما في حالة الإرواء في البيت عرفنا أن ذلك شيء يتوجب علينا القيام به للتأكد بأن طفلنا يتلقى أفضل عناية. والحدث الكبير التالي في رعاية مرض الهيموفيليا لدى طفلنا هو البدء في العلاج الوقائي وقبل أن نبدأ بهذا النوع من العلاج كنا نقوم بإرواء الطفل 70 مرة أو أكثر في السنة كي نعالج حالات النزيف التي تحدث ، ولكن بعدما بدأنا بالعلاج الوقائي توقف النزيف تقريبا. والآن يتلقى أحمد علاجه 3 مرات في الأسبوع ، أحيانا نغير أيام وأوقات الأرواء كي يتناسب مع الأيام التي يمارس فيها الألعاب أو الأنشطة. الوصول إلى المعلومات: إن علاج ومنع النزيف هو من اسهل الأمور في هذه الأيام ، كان احمد يعاني من صعوبات في الكاحل وكانت أول مرة يتم ملاحظتها عندما كان احمد طفلا صغيرا (1-2 سنة) ، وقد أوصي له بإجراء عملية ولكننا لم نستطع إيجاد من يقوم بإجراء هذه الجراحة ، وكان صعبا أن نحصل على المعلومات ، واستخدمنا شبكة الإنترنت كي نتعرف على طبيعة العملية، وكيف يجب أن تتم ومن سيقوم بإجراء العملية على أحسن وجه. وبعد أن اتصلنا بأخصائي الطب الرياضي الذين تعرفنا عليه عن طريق الإنترنت قررنا أنه من الأفضل أن لا نقوم بإجراء العملية. ونحن نواصل استخدام الإنترنت للحصول على المعلومات وكي نبقى على اتصال مع مجتمع الهيموفيليا ، وطبعا ينصح دائما بأن تناقش الأمور المقلقة مع طبيبك أو مع موظفي مركز علاج الهيموفيليا ، ولكن بالنسبة لنا لأننا نعيش في منطقة قروية فإن الدخول إلى الإنترنت والموارد الأخرى فيه مساعدة كبيرة لنا. ومع إننا نكافح يوما بيوم تحديات إجراء العلاج الطبيعي واتباع روتين العلاج والواجبات المنزلية، إلا أن الأمور عموما تسير بشكل جيد . الأم والابن – تحديات وجود أحد الوالدين فقط كنت وحيدة منذ ولادة سامي وكنت أشعر دائما بأنني يجب أن أنجح، وعندما تم تشخيص إصابة سامي بمرض الهيموفيليا وكان عمره آنذاك 3 أيام لم أتقبل الأمر واستنكرت ذلك حتى أصبح عمره 6شهور، ولا يوجد أحد بين أفراد عائلتي مصاب بالهيموفيليا وأنا لا أعرف أي شيء عن هذا المرض، وفكرت بأن سامي لن يستطيع أن يلعب رياضة أو يركب دراجة طوال حياته، وكنت أخشى أنه سينزف حتى الموت إذا أصيب بأي جرح ، وحتى ذلك الوقت لم أكن قد سمعت من قبل عن نزيف المفاصل والعضلات، وكنت مكتئبة جدا. أنواع الدعم: بعض الأصدقاء والعائلات قدموا لي المساعدة حيث كانوا يذهبون معي إلى موعد العيادات وإلى غرفة الطوارئ، وإنني ممتنة لذلك الدعم. وبدأت أقرأ عن مرض الهيموفيليا في الموسوعات والكتب الطبية، وكانت المعلومات ممتعة ولكنها كانت قديمة. وعندما بلغ سامي شهر واحد من العمر تلقيت مكالمة من مركز علاج الهيموفيليا وذهبنا في أول زيارة له ، لقد قدموا لنا موارد جيدة وقرأت الكثير عبر هذه السنوات ، وكان موظفي العيادة رائعين في الإجابة على أسئلتي ومساعدتي في تنظيم مشاكلي، ومجرد معرفتك أنهم متواجدين لمساعدتك فهذا أمر مطمئن. منذ قبل 4 سنوات تقريبا، قامت الأخصائية الاجتماعية في عيادتنا بتكوين مجموعة من أمهات أطفال مصابين بمرض الهيموفيليا، ونحن نتقابل بين وقت وآخر في بيوتنا ونتبادل المعلومات حول كيفية التعايش مع مرض الهيموفيليا. وأبناءنا أعمارهم مختلفة ولكن لا يزال لدينا كثير من الأشياء المشتركة. الفهم المتزايد: اعتقد إنني كنت مفرطة في حماية سامي عند بداية تعلمه المشي، لقد تركته يكتشف ولكني كنت دائما خلفه لحمايته. وأخيرا قررت أن تَلقّي سامي لبعض الضربات الخفيفة أمر مقبول ، وإذا أصابه أذى يمكن أن يعالج. وقد نما سامي وزاد فهمه لحالته الصحية، فعندما كان صغيرا كان منظر المستشفى يجعله يبكي، وعندما أصبح عمره 3- 4 سنوات عرف أن حدوث النزيف يعني الذهاب إلى المستشفى لتلقي الإرواء لذلك كان يخفي أمر حدوث النزيف، وفي الوقت الذي بدأ فيه الذهاب إلى المدرسة أدرك أنه يجب أن يخبرني عند حدوث نزيف، ولكنه لا يزال غير متأكد مما كان يحدث. قرار الإرواء ( الحقن الوريدي ) : يبلغ سامي الآن من العمر 11 عاما وعنده فكرة جيدة عن معنى إصابته بمرض الهيموفيليا، ولكنه لا زال بحاجة لأن يتعلم الإرواء ، إنه فعلا يقوم ببعض الأعمال مثل خلط عوامل التخثر . وكان سامي دائما متعاونا وكان يشاهد الفيديو بينما كانت تتم عملية الإرواء له ، ومن الممكن أن عملية الإرواء أسهل بكثير في البداية لو كان هناك أب يساعد في عملية الإرواء في البيت ولكن في الحقيقة لم تكن صعبة جدا ، وقد نصحنا موظفو العيادة استخدام القسطرة الوريدية ولكن قررنا أن لا نستخدم هذه الطريقة. وقبل عامين جربنا استخدام العلاج الوقائي لمدة شهرين ، ولكن لم نستمر بالعلاج لأنه كان من الصعب جدا أن نجد أوردة سامي، ولقد أعطيت سامي الارواء قبل مناسبات خاصة مثل الرحلات ، أو الذهاب إلى معرض، وطبعا عندما يكون عنده نزيف ، وكان يتلقى الأرواء بمعدل مرتين في الأسبوع، وكنت آخذه إلى قسم الطوارئ إذا لم أستطع أن أجد الوريد بنفسي. اختيار النشاطات الرياضيه: سامي فتى يتمتع بنشاط كبير، ورياضته المفضلة التزلج على الألواح (مرتديا خوذة) والسباحة ، ومع أنني أخبرت أمهات أصدقائه بأنه مصاب بمرض الهيموفيليا وأخبرتهم ماذا يعني ذلك، إلا أنه اختار عدم إبلاغ أصدقائه، فهو لا يريد أن يفكر أصحابه بأنه لديه مشكلة ما، وحتى ذلك الوقت لم تكن هناك مشاكل لأنه كان يخبرني عند إصابته بالنزيف ولا يمكن يجازف كثيرا. وشعرت بأنه لو كنا عائلة من أب وأم سيكون من الصعب علينا أن نتفق على نوع الأنشطة التي يجب أن يمارسها سامي. لقد تناقشت مع طبيبه عن موضع التزلج على الألواح وكنت أشعر بأن سامي يسمح له بتجربة الأنشطة التي يقوم بها أصدقائه. المدرسة كانت عظمية ، لقد ظل في نفس المدرسة منذ أن كان في الصف الأول ، وأنا أقابل المدرسين الجدد كل عام وأقدم لهم بعض المعلومات عن مرض الهيموفيليا وكانوا دائما يتصلون بي عندما يصاب بأذى ، وكنت لا أقدم له الإرواء دائما ولكني كنت سعيدة لاتصالهم بي ، وفي غرفة الموظفين هناك "لوحة طبية" عليها معلومات عن جميع الطلاب الذين لديهم مشاكل صحية. وهذا يسهل الأمور على المدرسين لكي يصلوا بسرعة إلى المعلومات في حالة الطوارئ. لا أعتقد أن تحملي مسئولية الأمومة لسامي المصاب بمرض الهيموفيليا سيكون أصعب كثيرا منه لو لم يكن مصابا بهذا المرض ،نحن الاثنان لدينا الكثير لنتعلمه ولكن بمساعدة العائلة والأصدقاء والموظفين في العيادة فنحن الآن بحالة جيدة. قصة إحدى العائلات مع تحديات المثبطات : ولد طفلنا الجميل وائل وكان تقرير طبيب الأطفال أنه يتمتع بصحة جيدة ولا يوجد لديه أي مرض ، ثم خلال الأسبوعالأول من عمره تحول شعورنا من البهجة والسرور إلى الخوف، لقد حدث عنده نزيف غير مفهوم جراء عملية الختان ووخزة في كعبه عند إجراء فحص الدم له ، ونقل مولودنا الصغير من حضانة المواليد الجدد إلى البيت وثم إلى مركز الرعاية المركزة وإرواء الدم. لقد تم تشخيص حالة وائل بأنه مصاب بنقص شديد في عامل التخثر-9 بعد عده أيام من ولادته، وقد شعرنا بنوع من الارتياح بفعل هذا التشخيص حيث عرفنا الآن أن أحدا ما قد فهم مشكلة طفلنا الصغير وهو قادر على علاجه، وكان طبيب الأطفال المسئول في وحدة العناية المركزية للمواليد الجدد على درجة عالية من المعرفة ، وكان صبورا جدا في شرح حالة وائل لنا. لقد شعرنا ولأول مرة بأنه يوجد لدينا شخص نثق به ، وحتى اللحظة التي قابلناه فيها كنا غير محظوظين في مقابلة أفراد متعاطفين معنا، فقد كانوا غير مهتمين بمخاوفنا واعتبروا أننا والدان للمرة الأولى ليس لديهما الخبرة ، ولحسن الحظ فإن الوالدين للمرة الأولى يكون لديهما قدر كبير من البديهة فيما يتعلق بصحة وسلامة طفلهما. وكنا مصممين على اتباع مشاعرنا الخاصة والاستماع لبعضنا البعض، وكانت هذه البديهة هي التي أوصلتنا بأمان إلى هذا اليوم بعد مرور 8 سنوات . كانت السنوات الثمانية التي تلت الأسبوع الأول من الإحباط ، والخوف وعدم اليقين مليئة بالتحديات ، ولكنها كانت أيضا ثماني سنوات مليئة بالحب لولدنا وابنتنا ليلى التي ولدت بعد سنتين من ولادة وائل ولدينا شعور قوي بالفخر لأن وائل قد أصبح يفهم حالته تماما ومحاولاته في التحلي بالشجاعة عندما يواجه مواقف مخيفة وفي القوة والصفات الجيدة التي نمت لديه وساعدته في مواجهة العديد من التحديات. الهيموفيليا مع الاختلاف وبعد مدة قصيرة من تشخيص حالة وائل في الأشهر الأولى اتصلت بنا ممرضة التنسيق في المستشفى وبدأت بالتعاون مع الأعضاء الآخرين من البرنامج بتعليمنا ومساندتنا ،وهذه حالة لم نكن نعرف عنها إلا القليل. لم يكن هناك في أسرتنا تاريخ لإصابات بهذا المرض، وقد تعلمنا كيف نقوم بالإرواء في البيت وكيف نكتشف النزيف بسرعة وطرق التعايش مع الألم. كما تعلمنا الكثير عن مرض الهيموفيليا وعن المثبطات أيضا، ومع ذلك لم نكن قلقين لأنه تم إخبارنا بأن الأطفال المصابين بنقص عامل التخثر-9 نادرا ما تظهر عندهم المثبطات وعندما كان عمر وائل 30 شهرا تم تشخيصه بأن لديه مثبطات وأن جسمه قد كوّن أجسام مضادة تزيل عوامل التخثر، ولم نعد مطمئنين بأن ولدنا يحصل على علاج آمن وموثوق و أدركنا بسرعة أن الطريق أمامنا سوف يكون صعبا . البحث عن علاج فعال: أول علاج طبي بعد تكوّن المثبطات عند وائل كان علاج التحمل المناعي والهدف من هذا العلاج هو أن يتعود الجهاز المناعي في الجسم على عامل التخثر-9 وان لا يرفضه بعد ذلك، وقد تم إعطاء وائل جرعات كبيرة من عامل التخثر المركز-9 مرة أو مرتين في اليوم ليحاول التغلب على الدفاعات المناعية ويتوقف الجسم عن إنتاج الأجسام المضادة ، وهذا العلاج كان ناجحا لمدة قصيرة من الوقت، ولكن في كل مرة كانت المثبطات تعود بشكل أكبر وأقوى. ثم بدأ العلاج الثاني، واشتمل ذلك علاجات لمدة سنة باستعمال خافضات المناعة مع الكورتيزونات ، ولم ينجح هذا العلاج ، ثم بدأت تظهر علامات رد فعل حساسية لدى وائل من استخدام عامل التخثر-9، والارواء باستخدام عامل التخثر-9 ولم يعد آمنا استخدامه. في هذا الوقت كان يستخدم منتج جديد للمثبطات اسمه عامل 7 وهو منتج مصنع يساعد في عملية التخثر عند الناس الذين عندهم مثبطات لعامل التخثر 8 أو 9 ، وبدأنا استخدام عامل 7 كعلاج للنزيف وللأسف فإن عامل 7 لا يستخدم في العلاج الوقائي، وينبغي وجود نزيف نشط لكي يعطي مفعوله. إدارة الأمور التي تتعلق بالصحة والمدرسة والترفيه عندما ما كان عمر وائل 5 سنوات انتقلنا الى العاصمه حيث مكان وجود مركز علاج الهيموفيليا ، وقد ساعدنا ذلك من ضغوط وتكرار الرحلات من أجل أن يتلقى وائل العناية الخاصة التي يحتاجها كمريض منوم في المستشفى أو في العيادات الخارجية، وكما أن الرحيل يعني أنه يجب أن أترك عملي . وفي السنة الثانية للمدرسة في العاصمه تم تسجيله في مركز للتقويه حتى يعوض الأيام التي غابها عن المدرسة في السنة الماضية لقد ، ضاع عليه تقريبا نصف العام بسبب نوبات النزيف التي يليها وقت طويل للشفاء ، وفي الصف الثاني أي بعد سنة واحدة من ابتداء العلاج بعامل 7 ، قمنا بإجراء بعض التغييرات لتتلائم مع دوامه في المدرسة ، وتقدمنا بطلبات للحصول على مساعدات مالية خاصة كي نتأكد من أنه يستطيع الذهاب إلى المدرسة عندما يكون ملازما لكرسي العجلات ووفرت هذه المساعدة أيضا مساهمة مالية في تعليم وائل ، وهذا الخريف قد تغيب وائل أقل من 10أيام عن المدرسة وقد وجد وائل أن الوقت الذي يقضيه في المدرسة ينطوي على تحديات اجتماعية كبيرة ، فتجربته مع النزيف كانت تتكرر على الأقل مرة الى مرتين وأحيانا 3 مرات في الأسبوع ، لقد كان يقضي 75% تقريبا من أيام المدرسة على كرسي العجلات ليتعافى من حدوث نزيف في رجله ، وممرضة التنسيق من فريق الهيموفيليا قامت بعمل ممتاز بإخبار المدرسة عن حالة وائل وألقت محاضرة عن ذلك في فصله ، ولكنه تعرض للمضايقة وكان يشعر بأنه منبوذ من بعض الأطفال ، ففي الثامنة من العمر زاد استمتاع وائل بالرياضة لقد كان متفرجا ممتازا ولكنه كان يحب أن يشارك ، لقد أدرك مدى إمكانياته وقدراته على اللعب واستمر بالتعليم حتى كان بمقدرته أن يعرف متى يجب أن يغادر اللعب أو الفريق إذا كان فيه خشونة ، لقد شجعناه على أن يقوم بالأنشطة الآمنة، مثل السباحة ويحاول أن يقوم بالرياضات الأخرى بطريقة آمنة وذلك باستخدام اللبادات والأجهزة المناسبة. لقد وجدنا إننا إذا لم نشجعه على القيام بالأنشطة سيقوم بها بنفسه ، والتوصل لتسوية جيدة جعلت الأنشطة آمنة بقدر الإمكان في وقتنا الحاضر ، إنه عضو في نادي الكشافة المحلي ويستمتع بجميع الأنشطة بما فيها التخييم. وفي إحدى مقابلاتنا الأولى نصحنا طبيب أمراض الدم للأطفال في مستشفى الأطفال بأن نستمتع بطفلنا كما يفعل أي أب أو أم وأن نعامله بشكل طبيعي قدر الإمكان ، ومع أن المثبطات جعلت هذه المهمة صعبة إلا أننا كنا دائما نستمع ونعتمد على تلك النصيحة ، وباستخدام بديهتنا سوف نواجه تحدياتنا ونصبح أقوى كعائلة وكلما شجعنا وائل على تجربة هذه الأشياء في حياته سوف يستمتع ويكون سعيدا. يمكن التغلب على المثبطات كانت الحياة بالتأكيد ممتعة في ال18 سنة الماضية ، وعندما أنظر للماضي أستطيع أن أتذكر السنين الماضية قبل أن تتغير الأمور عندي ، وقبل عده سنوات كنت أعيش مع المثبطات التي كانت تشكل عبئا توجب علي أن أتحمله ، وأتذكر أنني عرضت نفسي على أطباء وممرضات وطلبة جدد بصفتي مصابا بالهيموفيليا الشديدة مع تكون المثبطات ، وعندما طُلب مني أن أشرح عن هذا المثبط كنت دائما أراه كشيء يأكل عامل التخثر قبل أن تتاح له الفرصة ليؤدي عمله وهكذا فإن مستحضرات التخثر المركز لم تكن تستطيع السيطرة على النزيف ، وكانت الأمور صعبة بالنسبة لي وأتذكر أنني كنت غير قادر على القيام بأي مجهود جسماني وكان يبدو لي أنني في كل مرة أنهض فيها من سقطة أعود للسقوط مرة ثانية بصورة أصعب من التي قبلها. علاج التحمل المناعي : لقد وجدت أنه من الصعب جدا التعامل مع الهيموفيليا والمثبط في آن واحد ولكني عندما نضجت تحسنت الأمور بسرعة، فقد بدأت أخضع لبرنامج علاج التحمل المناعي، وكنت أتلقى حقنة كل يوم على أمل أن يزول المثبط من جسمي ، وبعد ستة شهور عدت إلى المستشفى وأجري لي الاختبار وأظهرت النتائج أن عامل لتخثر -8 كان في الواقع يتغلب على المثبط وأن ذلك المثبط قد هزم تقريبا ، وواصلت علاج التحمل المناعي لأننا كنا نريد التأكد بنسبة 100% بأن الأجسام المضادة قد اختفت وأهم من ذلك أن تبقى مختفية ولن تعود ، ولحسن الحظ فإن العلاج قد نجح وهذه كانت نقطة البداية للتحول . من فرد في مخيم إلى مستشار في المخيم: في هذه المرحلة من حياتي كنت قد بلغت من العمر 11 عاما وكنت أمتلئ بالحيوية والنشاط وعلى استعداد أن أطوف العالم ولكني كنت مقيدا بشيء صغير يسمى الهيموفيليا بدون مثبط ، وتدريجيا بدأت أشارك في برامج التمارين الرياضية التي تقام في المدرسة وبدأت أخرج في نزهات واستمتع بها، وفي كل صيف كان يأتي التحدي الكبير وأعني به المخيم وكانت المخيمات تعني درجة عالية من النشاط طوال اليوم وقد تطلب ذلك قدرا كبيرا من ضبط النفس ، فقد كنت بحاجة إلى إدراك إمكانياتي وحدودي وأن أكيف أنشطتي لتناسب البرنامج العلاجي ، وعلى سبيل المثال في تلك الأيام التي كنت أتلقي فيها الإرواء كنت أسمح لنفسي بأن ألعب بجهد أكبر من تلك الأيام التي لا أتلقى بها الإرواء، ومع مرور السنين أصبحت أدرك حدودي ولكن أهم من ذلك أصبحت أدرك قدراتي وإمكانياتي الجديدة ، ونظرا لأني كنت أشارك في الأنشطة الجسمانية داخل وخارج المدرسة فقد أصبحت أقوى ومع هذه القوة المكتسبة انخفضت حالات الإصابة بالنزيف عندي. وفي الوقت الحاضر إنني أنظر إلى مرض الهيموفيليا كمجرد شيء علمي وبدلا من أن أدعه يتحكم في حياتي فقد قررت أن اقلب الوضع وأتولى زمام الأمور، إن التعايش مع مثبط أمر صعب ولكن هناك دائما طرق للارتقاء بحدودك وإمكانياتك وعندها فليس هناك من طريق إلا أن تصبح الأمور أفضل ، لقد تحولت من شخص يطارده المختصون والمستشارون طوال الأسبوع إلى شخص يلاحق ويطارد الأولاد طوال الصيف كعضو في الفريق الصيفي، إنني لن أنسى أبدا ما كنت أمر فيه لأنني أعرف أنه ساعدني في الوصول إلى ما أنا عليه هذه الأيام ، ومع المعاناة الكبيرة جاءت صداقات أعظم فعلى طول هذا المسار الذي مشيته تمكنت من الحصول على أصدقاء رائعين. وجهة نظرة حاملة للمرض عادة أقرأ عن آباء وأمهات لطفل مصاب بالهيموفيليا لا يعرفون أي شيء عن هذا المرض ، ولكن لم تكن الحالة كذلك بالنسبة لي فقد كنت أعرف إنني حاملة للمرض عندما قررت أن أنجب أطفالا ، واخترت عدم إجراء الاختبار عندما كنت حاملا وقررت أن أجازف. الخبرة السابقة مع الهيموفيليا : كان أبي مصابا بالهيموفيليا وعاش حتى بلغ ال60عاما من العمر وكان ذلك في عصر لا يعرف فيه إلا القليل عن العناية بالمصابين بهذا المرض ، وكثيرون يمكن أن يقولوا بأن نوعية حياته لم تكن جيدة حيث كان يصاب بنوبات كثيرة من النزيف ويمكث في المستشفى فترات طويلة وقد أجريت له عملية دمج بمفصل المرفق وركبت له رجل صناعية وكان يعاني من ألم متواصل ولكن مع كل هذه المشاكل لم أسمع والدي أبدا يشتكي وقد كان أطيب وأحسن رجل عرفته على الإطلاق ولكن الجزء الحزين في وفاة والدي أنه لم يعش ليرى أحفاده ينمون ويكبرون كأولاد سعداء نشطين ، والحمد لله أن الأمور قد تغيرت، فمن خلال البحث يمكن لولدي أن يعيش حياة جيدة ، وقد تم تشخيص ولدي بأنه يعاني من الهيموفيليا-ب الشديدة (نقص العامل-9) عندما كان عمره 6 أسابيع، وبالطبع لقد صدمنا وفوجئنا وجزعنا ولكننا كنا نعلم أنه يتوجب علينا القيام بأفضل ما نستطيع ، وقد استفدت أيضا من حكمة أختي فقد كان ابنها مصابا بالهيموفيليا وكان عمره 8 سنوات عندما ولد طفلي ، ومع أن هذين الولدين لم يصابا بنفس أنواع نوبات النزيف إلا أنه كان من المفيد جدا تبادل الأفكار مع شخص يعاني من نفس المخاوف ويعيش نفس نوعية الحياة. اختيارات ترفيهية: عندما كان ياسر في مرحلة الطفولة الأولى (1-2 سنوات) كان يرتدي الخوذة وقد أدى ذلك إلى راحة بالنا والآن في معظم أنشطته الرياضية يرتدي الواقيات الملائمة مثل الخوذة وواقيات الرسغ ولبادات المرفقين وقد كنت دائما منفتحة مع الناس حتى الغرباء منهم حول موضوع الهيموفيليا وإنني أعتقد أن التعليم يمحو الجهل وبالنسبة للأطفال فهو يقلل ويمنع المضايقات. الآن بلغ ابني الحادية عشر من العمر وهو الأول في فصله ومشهور بين أقرانه في المدرسة ويعتبر من الرياضيين ، وهو يلعب كرة القدم بشكل جيد وبدرجة أهلته لدخول فريق المدرسة وهو يستعمل أيضا الزلاجات ذات العجلات في الشوارع وكذلك كرة السلة. في السنة الماضية خلال موسم كرة القدم كان من الضروري أن أعطيه العلاج 3 مرات في الأسبوع حيث كان يصاب بالنزيف بمعدل أكبر وكانت نوبات النزيف تجعله غير قادر على ممارسة أنشطته. لا تخطئوا الظن فقد كان ياسر يصاب بنوبات نزيف مدمرة من نوع تلك النوبات التي تجعلك تتساءل هل سيستطيع المشي بعد ذلك بدون عرج أو هل سيتمكن من ثني ذراعه بشكل طبيعي مرة أخرى ، ولكن على أي حال فقد استطعت تربيته وتنشئته مع الاعتقاد بالفلسفة القائلة أن هناك أشياء في الحياة تتوق إلى عملها لدرجة أنها تستحق النزيف. الهيموفيليا: شأن عائلي تم تشخيص حالة سعيد بأنه مصاب بنقص شديد في عامل التخثر 8 عندما كان عمره 8 شهور وكانت تلك مفاجئة كبيرة لنا وشعرنا بعدم التصديق أولا وطغى علنيا شعور بالحزن ولا أستطيع أن أفكر في مصطلح أفضل في وصف ذلك الشعور عندما تجد أن هناك يؤثر على صحه أحد أطفالك الأعزاء على قلبك. لقد جاء تشخيصه بعد أن تعرض لكدمات غير عادية ولم يكن نزيفا كبيرا من أحد المفاصل أو حادث عارض ومن هذا المنطلق كنا محظوظين لأن في هذا الوقت كان عمر ابننا الأكبر سنتين وكنا نعرف كيف يكون شكل الكدمات ولكن كدمات سمير كانت مختلفة: التشخيص: قام طبيب الأسرة بتحويلنا إلى مركز علاج الهيموفيليا لإجراء بعض الاختبارات وقابلتنا الممرضة المسئولة وقدمت لنا معلومات كافية لإعدادنا نفسيا لاحتمال تشخيص الهيموفيليا وماذا يعني هذا المرض . وبعد أن أكد لنا طبيب الدم تلك المعلومات قابلنا تلك الممرضة مرة أخرى وقدمت لنا المزيد من التعليم والمعرفة، وعرضت علينا أيضا عدة خيارات علاجية ، وقد كانت المصدر الرئيسي للمعلومات التي حصلنا عليها ، وفي ذلك الوقت طرحنا السؤال "ماذا ينبغي أن نعرف عن الاعتناء بطفلنا ؟" وفي الشهور الثلاثة التالية انتقلنا من علمية التأقلم من تشخيص سمير إلى إعطائه الإرواء في المنزل وإلى تركيب القسطرة ، ومن خلال عملية البحث واتخاذ القرارات كان لدينا مردود عائلي أيضا فقد كانت اختي ممرضة وقد كانت تؤيد الخيار الطبي الموصى به ، وكان والداي لديهما خبرة جيدة بالطب الطبيعي وقد شجعونا على النظر في كافة الخيارات وفي نفس الوقت تعرفنا على آباء وأمهات أطفال آخرين مصابين بالهيموفيليا وتحدثت مع احد الأمهات كثيرا حول الوقاية وماذا تعني ، وعند سماعي لأقوالها عن تجاربها وخبراتها مع ابنها طوال السنين كان ذلك شيئا يدعو للاطمئنان فقد تلقيت معلومات كانت نابعة من القلب. وفي نفس الفترة تقريبا التي شخص فيها سمير بأنه مصاب بهذا المرض كنا نتأقلم مع الموضوع وانتقلنا من مكان إلى آخر وكنا نراهن على منزلنا الجديد الذي كان قريبا من قسم الطوارئ وأدركنا أنه حتى لو أجبرتنا الهيموفيليا عن التخلي عن كل شيء فإنه يتوجب علينا أن نحاول أن نحيا حياة طبيعية. الهيموفيليا من وجهة نظر شاب صغير: اسمي اسامه وعمري 16 سنة وأنا مصاب بنقص عامل التخثر-8 الشديد ، وأنا مصاب بالهيموفيليا طوال حياتي، ومع أن والداي يتذكران الوقت قبل أن يتم تشخيص إصابتي بالمرض ولكن أنا لا أتذكره ، وفي الحقيقة أنا لا أتذكر شيئا عن الشهور التسعة الأولى من حياتي ، وبالتالي لا أدري كيف تكون الأمور لدى طفل ينمو وهو مصاب بالهيموفيليا وسأكون كاذبا لو قلت أن ذلك لم يؤثر في مسار الأمور وأنا متأكد أنه قد أثر ولكن حياتي كانت طبيعية معظم الوقت. عندما شخصت للمرة الأولى بأني مصاب بالهيموفيليا وتعرضت لنوبة نزيف أخذني والداي إلى قسم الطوارئ للعلاج ، وأصبحت بعدها أتردد على ذلك القسم 3 أو 4 مرات في الأسبوع ، ورغم الألعاب الرائعة والحلوى الملونة كنت أواصل الصراخ ومحاولة التملص من كل إبرة ، ولكني أفاخر بالقول أنه في إحدى المرات احتاج ل3 أطباء متدربين وممرضة قاسية جدا لتثبيتي ، لقد كنت متعبا للفريق الطبي لذلك فقد علموا والداي كيف يعطونني عامل التخثر عبر القسطرة المغروزة في صدري ، وهذا لم يجعل الحياة أبسط بالنسبة لعائلتي فحسب ولكن أيضا جعلني أنتظم في المدرسة. المدرسة والألعاب الرياضية: معظم المدرسين كانوا حريصين على الاحتفاظ بعامل التخثر وأكياس الثلج وأتذكر أحد المدرسين الذين تسبب لي في المتاعب وأعتقد أنه كان يفكر بأنني سوف أنزف حتى الموت لو لعبت كرة السلة في المدرسة وقد تمكن من إبقائي خارج فريق المدرسة ما عدا في الأوقات التي نخرج فيها إلى الريف وكنت أركض كل يوم بعد المدرسة مع باقي الطلبة وكنا نتمرن معا ولم أتخلف عن أي تمرين حتى عندما كانت مفاصلي تؤلمني وتمكنت من مواكبة باقي الفريق، وقد تمكنت في النهاية من تلبية معايير الانضمام للفريق ولكن المدرسة حاولت إخبار والدتي بأن المدرسة ليس لديها الأجهزة والمعدات الكافية للتعامل مع حالات النزيف إذا حدثت لي أي إصابة أثناء المباريات ومن حسن حظي أن والدتي كانت لا تحب سماع كلمة لا ولا تتقبلها وأشارت إلى أن كل المدارس يتوجب أن يحتفظوا بكل ما يلزمهم ليكونوا مستعدين لمثل هذه الحالات وتقديم الإسعاف الأولى لكل متسابق أو مشارك في نشاط رياضي ولم يقدروا على المناقشة لذلك وجدت نفسي أدخل الفريق وأركض والعب وأحيانا أعاني من آلام في المفاصل، وقد مرضت مرتين مرضا شديدا مما تطلب إدخالي إلى وحدة العناية الفائقة ولكن ذلك لم يكن بسبب مباشر من مرض الهيموفيليا ولكن الهيموفيليا ساعدت في زيادة المضاعفات، وقد عملوا على أن لا يفوتني شيء من أنشطة المدرسة في ذلك الوقت وقد جاء أساتذتي من المدرسة إلى المستشفى وعرض زملائي علي إحضار واجباتي المنزلية إلى المستشفى أيضا أثناء فترة علاجي وفي تلك الأوقات كنت أمارس كافة الألعاب الرياضية وتمكنت من النجاح في مشروعي المدرسي وكنت أشاهد مباريات المصارعة مع زملائي. وأخيرا تمكنت من إقناع والدي وأطبائي بأنني كنت على درجة عالية من النضوج وكنت جاهزا لتحمل المسؤوليات وقاموا بنزع القسطرة وعلموني كيف أقوم بالإرواء بنفسي وأنت تعرف أن ذلك ليس بالمهمة الصعبة خاصة بعد أن قام أحد أصدقائي الأكبر سنا بتعليمي بعض الحيل حول استخدام الإبرة بيد واحدة للحقن في الوريد ، وقد أدت العلاجات الوقائية المنتظمة إلى تخفيف النزيف لدي وكنت أقترب من ضرب الرقم القياسي في الانتظام في الدوام بالمدرسة وكنت أتلقى دروسا في السباحه وتعلمت كيفية الإبحار بالقوارب الشراعية وكانت حالتي متوترة لان والداي لم يسمحا لي بالمشاركة في فريق المصارعة بالمدرسة، ولكن حسب وجهة نظرهما فإن مساعدة المدرب هي على نفس الدرجة من اللعب في الفريق ولكن ذلك لم يكن صحيحا وقد أفهمتهما ذلك وتأكدت أنهما يفهمان وجهة نظري ، ثم كان ذلك الشخص المتزوج الذي عرفته وهو مصاب بالهيموفيليا أيضا وكان يذكرني دائما بأنني قد أريد إنجاب أولاد في المستقبل ، وربما كان ذلك قرارا جيدا. - الهيموفيليا لها فوائدها : بشكل ما فإن الإصابة بالهيموفيليا كانت لها بعض المميزات والفوائد، فقد كونت الكثير من الأصدقاء المصابين بالهيموفيليا وفي العيادات والحفلات ، وهذه المناسبات أتاحت لي الفرصة لأتحدث مع أشخاص آخرين وأطرح الأسئلة حول هذه الحالة ، وبعض الأشخاص الأكبر سنا في شكلوا نماذج رائعة لي وأنا صغير وأصدقائي المصابين بالهيموفيليا هم من أفضل الأصدقاء الذين عرفتهم لأننا لدينا شيء مشترك وكنا نفهم ما الذي يمر به الشخص الآخر وماذا يعاني. إن الإصابة بالهيموفيليا تعني أنك لن تكون في المستقبل لاعب كرة قدم محترف ولكنني كنت نشطا في ممارسة أنواع الرياضة فقد كنت اسبح كل يوم تقريبا وأتزلج وأبحر في المركب الشراعي والعب كرة السلة ، وكان والداي يعتقدان أن درجاتي في المدرسة يمكن أن تكون افضل ولكنني كنت على ما يرام في المدرسة "حسنا يمكن أن تكون علاماتي أفضل إذا قدمت واجباتي العلمية في الوقت المناسب" وكنت أعمل بدوام جزئي في مطاعم كودو وسوف أحصل على رخصة قيادة بعد 6 أشهر، ، وقد دخلت المرحلة 11 في المدرسة الثانوية . اعتقد أن الأطفال هذه الأيام أحسن حظا من الأطفال المصابين بالهيموفيليا في أي وقت مضى لأن هناك الكثير من منتجات الدم متوفرة، والمعرفة بهذا المرض وعلاجه تزداد، وليس الأمر سهلا على الدوام للأبوين أو للأولاد للتعامل مع مرض الهيموفيليا ولكني أود أن أخبر الوالدان الجدد وأقول لهم أن لا تقلقوا فإن ابنكما سوف يحظى بحياة جيدة.