«التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل    محافظ مطروح يلتقي قيادات المعهد التكنولوجي لمتابعة عمليات التطوير    تعرف على طقس غسل الأرجل في أسبوع الألم    تنفيذ 3 قرارات إزالة لحالات بناء مخالف خارج الحيز العمراني في دمياط    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    بايدن: الحق في الاحتجاجات الطلابية لا يعني إثارة الفوضى    صحيفة يونانية: انهيار القمة الأمريكية التركية.. وتأجيل زيارة أردوغان إلى البيت الأبيض    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولى على قرية أوشيريتين    الأهلي يطلب ردًّا عاجلًا من اتحاد الكرة في قضية الشيبي لتصعيد الأزمة للجهات الدولية    سون يقود تشكيل توتنهام أمام تشيلسي في ديربي لندن    صحة مطروح تتأهب لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    مهرجان كان يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية الفخرية    معرض أبو ظبي.. نورا ناجي: نتعلم التجديد في السرد والتلاعب بالتقنيات من أدب نجيب محفوظ    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    خالد الجندي: الله أثنى على العمال واشترط العمل لدخول الجنة    هيئة الرعاية الصحية بجنوب سيناء تطلق حملة توعية تزامنا مع الأسبوع العالمي للتوعية بقصور عضلة القلب    «كانت زادًا معينًا لنا أثناء كورونا».. 5 فوائد غير متوقعة لسمك التونة في يومها العالمي    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    «أكثر لاعب أناني».. مدرب ليفربول السابق يهاجم محمد صلاح    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    عاجل| الحكومة تزف بشرى سارة للمصريين بشأن أسعار السلع    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    استشهاد رئيس قسم العظام ب«مجمع الشفاء» جراء التعذيب في سجون الاحتلال    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف كامل عن جراحة اورام الرئه السرطانيه
نشر في البداية الجديدة يوم 10 - 05 - 2013

سرطان الرئة أكثر الأورام السرطانية المنتشرة في العالم، والسبب الأول في الوفاة نتيجة الإصابة بالأورام الخبيثة في أوروبا وأمريكا الشمالية. تسجل سنويا 48 ألف إصابة جديدة في ألمانيا، لا تتعدى نسبة البقاء فيها منذ ظهور أولى الأعراض بعد خمسة أعوام 10 – 15 % بالرغم من تطور أساليب التشخيص والعلاج الحديث. يشكو 90% من المرضى من الأعراض المصاحبة للسرطان عند التشخيص الذي غالباً ما يتم عن طريق التصوير الإشعاعي للصدر. كما يشكو معظم المرضى من أعراض غير نوعية مثل فقدان الشهية والإرهاق المتواصل وفقدان الوزن، تماماً مثل الأعراض النوعية التي يسببها الورم الأصلي وتشمل السعال وضيق النفس والآلام الصدرية ونفث الدم، أو من الأعراض الناتجة عن انتشار النقائل داخل وخارج القفص الصدري (البحة والركود الوريدي وآلام بالأضلاع وآلام العظام وصعوبة البلع والأعراض العصبية).
وكما يحدث في الأورام الصلبة الأخرى غالباً ما يتجاهل المريض المصاب بسرطان الرئة الأعراض سابقة الذكر أو لا ينتبه إليها سوى في المراحل المتقدمة، وبالتالي لا يتم اكتشاف سوى ثلث الحالات في مراحل تسمح بالعلاج الجراحي وتبشر باحتمالات الشفاء.
التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والتصوير المقطعي المحوسب يظهر سرطانة مركزية متفتتة بالرئة اليسري
تصنيف الورم هيستولوجياً وتحديد مراحل المرضبناء على نمط النمو المختلف وانتشار النقائل، وضعت منظمة الصحة العالمية تصنيف سرطان الرئة في مجموعتين مختلفتين طبقاً للاختلاف الهيستوباثلوجي:
سرطان الرئة صغير الخلية وسرطان الرئة غير صغير الخلية. يشمل سرطان الرئة غير صغير الخلية حوالي 30 من الأنماط الرئيسية والأنماط الفرعية والأشكال المختلفة، أهمها السرطانة حرشفية الخلية والسرطانة الغدية وسرطانة الخلية الكبيرة والسرطانة الغدية الحرشفية، والسرطانة متعددة الأشكال أو السرطانة المصاحبة بالعناصر الساركومية أو بالساركومة. التغاير الواسع والاختلاف العريض في النمط الهيستولوجي في سرطان الرئة يفسر أسباب اختلاف التصنيف الهيستولوجي الناتج عن الخزعة المكتسبة أثناء تنظير القصبة أو بزل الصدر، مقارنة بتصنيف العينة المكتسبة أثناء الجراحة. تتنوع درجات التميز وتصنف في أربعة أنواع مختلفة: التميز الشديدg 1 ، و التميز متوسط الدرجة g2 ، و التميز البسيط g 3، وعدم التميز g 4. بالرغم من الاستئصال الجراحي، يعتبر المآل سيئاً للغاية في حالات التميز البسيط g 3 أو عدم وجود التميز g 4 مقارنة بالحالات التي يشخص فيها تميز شديد g 1 أو متوسط الدرجة g2، بسبب النمو العدواني وانتشار النقائل في المراحل المبكرة.
سرطانة الرئة صغيرة الخلية من السرطانات الغدية العصبية التي تنمو داخل السبيل القصبي، وتتكون من سرطانة الخلية الشوفانية، وسرطانة الخلية المتوسطة وكذلك من الأشكال المركبة. ولا يختلف المآل في الأنواع المورفولوجية الفردية. بالإضافة، تشمل مجموعة السرطانة الغدية العصبية أنواع أخرى منها الورم السرطاوي النمطي والورم السرطاوي الغير نمطي والسرطانة الغدية العصبية كبيرة الخلية. تصنف كل من سرطانة الرئة صغيرة الخلية والسرطانة الغدية العصبية كبيرة الخلية ضمن مجموعة التميز البسيط g 3، وبالتالي تبشر بالمآل السيئ، على عكس الورم السرطاوي النمطي الذي يصنف ضمن مجموعة التميز الشديدg 1 ويبشر بمعدل المآل المرتفع على الأمد الطويل.
أما تصنيف انتشار الورم التشريحي فيتم طبقاً للقواعد التي وضعها الاتحاد الدولي لمحاربة السرطانuicc طبقاً للتعديل الأخير لنظام الورم والعقد والنقائل tnm في عام 2002. وقد قدمت الجمعية الدولية لدراسات سرطان الرئة (international association of lung cancer studies) اقتراحات إلى اتحاد uicc واللجنة الأمريكية المشتركة للسرطان ajcc من أجل تعديل تصنيف نظام الورم والعقد والنقائل tnm الخاص بسرطان القصبة. تهدف التغيرات المقترحة ضمن المجموعات الفرعية إلى الكشف عن تأثير كل من الورم والعقد والنقائل على مآل المرض، وبالتالي تطبيق أساليب العلاج المثالية (جدول 1).
الفحص التشخيصي وتحديد مراحل الورم
يمثل التحديد الصحيح لمرحلة الورم في سرطان الرئة أهمية خاصة بسبب اختلاف خيارات العلاج، وكذلك اعتماد المآل إلى درجة كبيرة على مرحلة المرض. تتوافر مجموعة كبيرة من أساليب الفحص والتشخيص بالمداخلة أو دون مداخلة تستخدم في تحديد مراحل المرض سواء داخل القفص الصدري في المراحل المبكرة، أو خارجه في المراحل المتقدمة. اكتشاف الورم الأصلي يعد من الأولويات ويتم في غالبية الحالات عن طريق تنظير القصبة. الحصول على عينة من الأنسجة في الأورام المركزية يتم مباشرة عن طريق الملقاط داخل القصبة، وفي حالات الأورام الغير مرئية يمكن الحصول على عينة الأنسجة أثناء عمل الخزعة بطريق القصبة. أما في حالة الإصابة بالأورام المحيطية، فيمكن الحصول على عينة الأنسجة لعمل الفحص الهيستولوجي سواء بالتنظير التألقي مع عمل اللطاخة بالفرشاة، أو بشفط أنسجة الورم عبر القثطار. ويطبق أسلوب البزل والشفط بالإبر الدقيقة عبر القفص الصدري تحت توجيه التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير فائق الصوت.
أما تصوير الصدر الإشعاعي وتصوير الصدر المقطعي المحوسب فيمثلا أساليب الفحص الروتيني الغير باضع. يستخدم التصوير المقطعي المحوسب على الأخص ليس فقط في الكشف عن انتشار الورم الأولي وتقييم حالة الأنسجة المجاورة، بل كذلك في الكشف عن حجم العقد اللمفية داخل الرئة والعقد اللمفية النقيرية والعقد اللمفية المنصفية. أما تصوير الجسم الكامل المقطعي المحوسب بالإصدار البوزيتروني (pet) وعلى الأخص بالجمع مع التصوير المقطعي المحوسب، فتعتبر من أساليب الفحص شديدة الحساسية في منطقة المنصف مقارنة بالتصوير المقطعي المحوسب فقط، ويتميز بالنوعية والدقة العالية ( ارتفاع الحساسية بنسبة 85% في مقابل 67%، وارتفاع النوعية 92% في مقابل 75%) (الصورة 1).
عند الاشتباه في إصابة العقد اللمفية المنصفية بعد عمل التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالإصدار البوزيتروني، يجب التحقق من التشخيص بالفحص الهيستولوجي. وبالرغم من تطبيق أساليب التشخيص الحديث مثل البزل الموجه بالتصوير فائق الصوت داخل القصبة أو عبر المريء، فلا يزال التنظير الداخلي للمنصف الأسلوب المفضل في تحديد مراحل إصابة العقد اللمفية المنصفية (الحساسية 90 – 95% والنوعية 100%). ويعتبر انتشار المرض إلى العقد اللمفية على نفس الجانب (n2 bulky disease) أو إصابة العقد اللمفية على الجانب الآخر (n3 situation) من الدلائل على عدم قابلية الحالة للجراحة. هنا يجب تطبيق منهج آخر في العلاج يشمل عدة أساليب، يبدأ بالعلاج التحريضي الأولي (العلاج الكيميائي أو العلاج الكيميائي الإشعاعي) ثم اختبار مدى فاعلية العلاج الجراحي.
بعد تسجيل تاريخ المرض وعمل الفحص الإكلينيكي، يجب عمل فحوصات أخرى تشمل التفرس الومضاني لكل عظام الجسم، وتصوير الدماغ والبطن المقطعي المحوسب، من أجل التأكد من عدم انتشار النقائل موضعياً أو في المناطق البعيدة من الجسم. وعند اكتشاف انتشار السرطان، يجب فحص التكافؤ عن طريق البزل أو عمل الخزعة المفتوحة من أجل التحقق من مدى انتشار المرض، وبالتالي اختيار الأسلوب الملائم في العلاج. ولا تطبق عامة أساليب الفحص الخاصة مثل التصور بالرنين المغناطيسي سوى في حالات معينة مثل الإصابة بورم الثلم العلوي بهدف الكشف عن إرتشاح الضفيرة العضدية أو الكشف عن إصابة أحدى الفقرات.
فحص وظائف القلب والرئة قبل الجراحة
معظم المرضى المصابين بسرطان الرئة من المدخنين، وبالتالي يعاني الكثيرون منهم من الداء الرئوي الساد المزمن الذي يصاحب أحياناً بالنفاخ. كما تكثر الإصابة المصاحبة بأمراض القلب التاجية وتضيق الأوعية الدموية المحيطية، فيساهم الفحص الشامل قبل الجراحة وتحليل احتمالات الخطر في خفض معدل المضاعفات التالية للجراحة إلى حد بعيد، وكذلك نسبة الوفاة بعد قطع الرئة. من أهم الاختبارات التي تطبق للحصول على متثابتات تقييم وظائف الرئة قياس التحجم وتركيز الغاز بالدم الشرياني وسعة انتشار أكسيد الكربون. وعندما تقل سعة الانتشار والحجم الزفيري القسري(fev1) في الثانية الواحدة عن 80% من القيمة الاسمية، يجب قياس التنفس أثناء العمل، حيث تمثل قيمة أعلى تركيز للأكسيجين أهمية كبرى (vo2 max)، فيعتبر من المتثابتات الموثوقة التي تدل على مدى التعرض لخطر الوفاة بعد الجراحة، ولا يسمح بانخفاضه عن 15 مل/ كغم / دقيقة في الحالات التي تتطلب استئصال جزء من الرئة. يطبق التصوير الومضاني الكمي بالإرشاح من أجل تقييم الحجم الزفيري القسري في الثانية الواحدة(fev1) . ويدل انخفاض القيمة أكثر من 35% عن القيمة المحددة على عدم القابلية للجراحة. هنا يجب دراسة خيار الجراحة الصغيرة لاستئصال مقطع من الرئة في حالة الأورام المحيطية الصغيرة أو بالجمع مع اختزال سعة الرئة.
أما فحوصات وظائف القلب فتشمل تصوير القلب التصواتي وتخطيط كهربية القلب. وعند الاشتباه في النتائج أو وجود تاريخ مرضي، تستكمل الاختبارات بتخطيط كهربية القلب أثناء المجهود وتصوير عضلة القلب الومضاني، وحتى تصوير الأوعية التاجية عندما تستدعي الحالة. ترجع حوالي 80% من المضاعفات التالية للجراحة حسب الخبرة إلى أسباب قلبية، بحيث يمكن القول بأن الوقاية السابقة قد تؤثر إيجابياً على نتائج الجراحة.
تصوير الصدر الإشعاعي قبل وبعد قطع الرئة واختزال سعة الرئتين.
الأساليب الجراحية المطبقة في علاج المرحلتين الأولى والثانية من سرطانة الرئة غير صغيرة الخلية
يعتمد اختيار الأسلوب الجراحي على مرحلة الورم عند عمل التشخيص. يمثل التحكم الموضعي في الورم أهم أساليب العلاج في المرحلتين الأولى والثانية من سرطانة الرئة غير صغيرة الخلية. قطع الرئة مع إزالة العقد اللمفية على نفس الجانب والعقد اللمفية النقيرية والعقد اللمفية المنصفية يمثل الخيار المعترف به دولياً في العلاج. يوفر هذا الأسلوب أعلى فرص الشفاء وبالتالي يتفوق على جميع مناهج العلاج الأخرى. تتوقف المداخلة الجراحية على تمركز الورم ومدى انتشار الورم الأولي، وكذلك على الحالة الصحية والوظائفية العامة للمريض. غالباً ما يكفي استئصال الفص من أجل إزالة الورم التامة، ونادراً ما تستدعي المراحل المبكرة من السرطان إزالة الرئة، فتساهم أساليب الجراحة المحافظة المطبقة في علاج أشكال معينة من الأورام الموضعية، مثل استئصال الفص مع رأب القصبات والأوعية الدموية، في تجنب استئصال الرئة. ويوضح الفحص المقطعي الفوري أثناء الجراحة منشأ الأوعية الدموية والقصبات، إلى جانب حالة العقد اللمفية، وبالتالي التأكد من الاستئصال الجذري. أما استئصال المقاطع أو الاستئصال الغير نمطي، فمن الأساليب التي لا تطبق إلا في حالات استثنائية بسبب خطر الانتكاس. تشمل تلك الحالات الاستثنائية الحالات التي يثبت فيها انخفاض ملحوظ في الوظائف وخطر جراحي عالي، أو حالات الأورام المحيطية التي يقل حجمها عن 2 سم. هنا يفضل عمل الاستئصال المقطعي مع الكشف عن البنية النقيرية، يتبعه إزالة العقد اللمفية على نفس الجانب.
ساهمت الأساليب الجراحية الحديثة التي طورت في الأعوام الأخيرة، في توفير إمكانيات علاجية إضافية في الحالات التي كانت حتى الآن تعتبر غير صالحة للجراحة من وجه النظر الوظائفية، ومنها الجمع بين استئصال الورم وبين اختزال سعة الرئة، أو الاستئصال قليل البضع الموجه بالتصوير الفيديوي.
الإصابة بالداء الرئوي الساد المزمن والنفاخ والأورام السرطانية التي تتكون في الجزء من الرئة المصاب بالنفاخ تعتبر من دواعي العلاج باستئصال الورم مع اختزال حجم الرئة، حيث يساهم هذا الأسلوب ليس فقط في الشفاء، بل كذلك في تحسن وظائف الرئة من خلال اختزال الحجم (صورة 2). أما أساليب المداخلة البسيطة الموجهة بالتصوير الفيديوي، فتطبق بهدف استئصال الفص ثم استئصال العقد اللمفية بأمان في المرحلة الأولى. يتميز هذا الأسلوب بانخفاض الآلام التالية للجراحة والشفاء السريع. من ناحية أخرى يصاحب هذا الأسلوب بعدة مساوئ منها زمن الجراحة الطويل، والصعوبة التي تواجه الجراح بسبب الالتصاق أو اختفاء الشقوق بين الفصوص، وفي النهاية التكلفة الباهظة. ولا يوجد اختلاف ملحوظ بين الأسلوبين بالنظر إلى نسبة البقاء التالي للجراحة في المرحلة الأولى من المرض (90% في مقابل 86%).
بالإضافة إلى قطع الرئة، يعتبر استئصال العقد اللمفية بالتسليخ من الأساليب المعيارية في الجراحة، فيجب دائماً استئصال جميع العقد اللمفية على الجانب المصاب داخل الصدر. وبالرغم من أنه لم يثبت حتى الآن أن استئصال العقد اللمفية الجذري يؤثر إيجابياً على نسبة البقاء، فهو يساعد على تحديد دقيق لمراحل المرض بعد الجراحة، وبالتالي تطبيق مناهج العلاج المكمل فيما بعد.
[[
العلاج الجراحي في المراحل المتقدمة 3 أ و3 ب
من المؤسف أن 15 إلى 20% فقط من حالات سرطان الرئة المشخص تقع في المراحل المبكرة 1 و2. أما النسبة المتبقية فتمثل الأورام السرطانية الموضعية بالرئة في المراحل المتقدمة 3 أ أو 3ب، أو حتى المرحلة 4 المصاحبة بانتشار النقائل. لذلك فمن المهم تحديد أسلوب العلاج المثالي لكل حالة، وكذلك أسلوب العلاج المساعد بهدف اختيار أسلوب يوفر أقصى عدد من الفوائد وفي نفس الوقت يخفض من التأثيرات الجانبية المصاحبة لتلك الجراحات المعقدة. تطبق الجراحة في علاج المرحلة 3أ عندما تتوافر شروط معينة تشمل اقتصار النقائل على الغدد اللمفية على نفس الجانب المصاب أو إصابة الجنب الموضعية أو القفص الصدري أو الحجاب أو التامور. وقد توسع الجراحة لتشمل أحد الأعضاء سابقة الذكر بهدف عمل القطع الجذري. وفي حالة استئصال جزء من القفص الصدري تستخدم البدائل الاصطناعية إلى جانب جزء من عضلات الصدر في الاستعاضة، وتستخدم المواد الصناعية كذلك في استعاضة التامور أو الحجاب عند استئصال جزء منها. يعتمد نجاح العلاج الجراحي الموسع على مدى جذرية الاستئصال مما يعني إزالة جميع الأنسجة التي تضم خلايا سرطانية وكذلك إزالة مساحة أمان كافية. ولا تلعب الجراحة سوى دوراً محدوداً وفي بعض الحالات الفردية فقط في المرحلة 3ب، قد يستثنى منها ارتشاح محدود في الأوعية الدموية الرئوية، والأذين الأيسر والوريد الأجوف العلوي والجؤجؤ الرئيسي والمريء والأبهر. تطبيق مناهج العلاج المتعدد (العلاج الكيميائي والعلاج الكيميائي الإشعاعي) يساهم في انكماش حجم الأورام الموضعية في المراحل 3أ و3ب، بحيث يمكن توضيح حدود الورم ضمن الأنسجة المحيطة (down-staging / down-sizing)، يتبعه عمل القطع. وقد ثبت كفاءة العلاج الجراحي التالي للعلاج الكيميائي الإشعاعي على الأخص في أورام بانكوست (صورة 3). وتبشر الدراسات التي أجريت على المراحل 2 و3 بنتائج مشجعة بحيث تكتسب مناهج العلاج الجديد المساعد أهمية متزايدة. يعتمد نجاح مناهج العلاج المتعدد في المقام الأول على التعاون الوثيق بين أخصائي الأورام والعلاج الإشعاعي وجراحي الصدر.
وقد نشرت تقارير مفردة عن فوائد العلاج الجراحي في حالة سرطانة الرئة غير صغيرة الخلية المصاحبة بانتشار نقائل محددة في الدماغ والغدة فوق الكلية. تتطلب هذه الحالات أيضاً مناقشة خيارات العلاج بالتعاون بين التخصصات المختلفة.
دواعي العلاج الجراحي الملطف
تشمل دواعي جراحة القطع الملطف تفتت الورم مع النخر المركزي، وخطر الشفط أو نزف الورم الذي لا يمكن التحكم فيه بالوسائل العلاجية الأخرى، بغض النظر عن مرحلة المرض أو البنية الهيستولوجية للورم الأولي. كما تشمل الدواعي الإصابة بالانخماص نتيجة الورم مع تكون الخراج أو الآلام الناتجة عن تخلل الورم في الجدار الصدري. ويجب هنا توضيح مدى أهمية العلاج الجراحي الملطف في مراحل مبكرة قبل بدء تطبيق الأساليب العلاجية الأخرى مثل العلاج الإشعاعي. هذا وقد أصبح تطبيق الجراحات الملطفة نادراً بعد تطوير أساليب تنظير القصبات الحديثة (الليزر والدعامة والإشعاع داخل اللمعة).
النتائج
من خلال تحديد دقيق لمخاطر الجراحة ومرحلة المرض أمكن خفض نسبة المضاعفات المحيطة بالجراحة وكذلك نسبة الوفيات. تعادل نسبة الوفيات في المراكز المتخصصة أقل من 2% بعد استئصال الفص، وأقل من 4% بعد قطع الرئة. كما أمكن خفض نسبة الوفيات إلى حد بعيد بعد تطبيق بعض أساليب الوقاية ضمن مناهج العلاج المتعدد.
تعتمد نسبة البقاء في المقام الأول على مرحلة المرض. تعادل نسبة البقاء بعد خمسة سنوات في المرحلة 1 أ 70 – 90 %، وفي المرحلة 1 ب 50 – 60 %. أما في المرحلة 2ب، فتختلف نسب البقاء كثيراً حيث ترتفع نسبة البقاء بعد 5 سنوات في حالة إصابة العقد اللمفية داخل الرئة فقط (54%) مقارنة بالحالات المصاحبة بإصابة العقد اللمفية النقيرية (38%). أما في المرحلة 3أ المصاحبة بإصابة موقع واحد من العقد اللمفية فتعتبر نسبة البقاء جيدة (28 – 40%) على عكس الحالات المصاحبة بإصابة أكثر من موقعين من العقد اللمفية المنصفية فلا تتعدى 15%، وتنخفض عن 10% في المرحلة 3ب.
العلاج الجراحي لسرطانة الرئة صغيرة الخلية
تكتشف معظم حالات سرطانة الرئة صغيرة الخلية في مرحلة الإصابة بالنقائل بسبب عدوانية الورم الشديدة، فلا يتبقى سوى خيار العلاج الجهازي. نادراً ما يطبق العلاج الجراحي الذي قد يعود بالفائدة في المرحلتين 1 و 2 فقط. إلى جانب العلاج الجراحي، يطبق العلاج الكيميائي المساعد والعلاج الإشعاعي الوقائي للدماغ. هنا تمثل نسبة البقاء بعد خمسة سنوات في المرحلة 1 ما بين 40 – 60% وفي المرحلة 2 حوالي 20 – 40%.
الخلاصة
يعتبر قطع الرئة واستئصال العقد اللمفية النقيرية والعقد اللمفية المنصفية على نفس الجانب الخيار الأول في علاج سرطانة الرئة غير صغيرة الخلية في المرحلتين 1 و2، حيث توفر أعلى فرص الشفاء وبالتالي تتفوق على الأساليب العلاجية الأخرى. أما في المراحل المتقدمة 3أ و 3ب، فقد ثبت أن مناهج العلاج المتعدد (العلاج الكيميائي أو العلاج الكيميائي الإشعاعي) تؤدي إلى انكماش الورم وبالتالي توضيح حدود الورم ضمن الأنسجة المحيطة (down-staging / down-sizing)، يتبعه القطع الجراحي. يلعب الاكتشاف المبكر دوراً رئيسياً في الشفاء بسبب إمكانية الاستئصال الجذري وبالتالي ارتفاع فرص الشفاء وتحسن المآل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.