«الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    توفير وظائف للشباب وذوي الهمم .. حصاد «العمل» في إسبوع    إسلام عفيفي يكتب: الطريق إلى مقعد جنيف    إيقاف سيارة لمخالفة تعريفة الركوب والحمولة الزائدة بموقف تلا شبين الكوم| صور    دبلوماسية الصبر الاستراتيجى    الجيش الأمريكي يعتقل ناجين بعد غارة على سفينة بالبحر الكاريبي    مقتل 8 مسلحين في عملية أمنية بإقليم خيبر بختونخوا الباكستاني    الشوط الأول| تعادل سلبي بين المصري والاتحاد الليبي في الكونفدرالية    الانتخابات.. وحلم الفرسان    مشاجرة داخل مقر حزب شعب مصر بسبب خلافات مالية حول الترشح في الانتخابات    النجوم يحضرون ندوة منة شلبي بمهرجان الجونة السينمائي | صور    أمسية ثقافية عن المتحف المصري في الرياض| صور    محافظ أسوان واللواء خالد فودة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان تعامد الشمس بالسوق السياحى القديم| صور    فريق من وزارة الصحة يتابع انتظام الخدمات الطبية بمستشفى نخل    شتاء 2025.. ماذا تأكل وماذا تتجنب لصحتك؟    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    مدير مركز ثبات: تعثر ملف تسليم جثامين الأسرى يثير انزعاج ترامب    شبكة عالمية: محمد صلاح ضمن أفضل 5 صفقات في تاريخ الدوري الإنجليزي    ريم أحمد تكشف عن تحديات الأمومة في ستات ستات: ابنتي أقوى مني    وكيل المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثى    وكيل المخابرات المصرية السابق: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    جومانا مراد: بقدم شخصية جديدة ومختلفة في مسلسل خلايا رمادية    روسيا: مستعدون لتسهيل التوصل إلى تسوية لقضية البرنامج النووي الإيراني    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    مبابي جاهز لقيادة ريال مدريد أمام خيتافي بعد التعافي من إصابة الكاحل    قبرص: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر والجهات الإقليمية الفاعلة أساسي لتعزيز السلام والأمن الإقليميين    الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة بجميع المحافظات لتصحيح المفاهيم الخاطئة    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا توعويًا لمحاربة العنف في المجتمع    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    لمدة 14 ساعة.. ضعف وانقطاع المياه غدًا السبت عن 3 مناطق بالإسكندرية    الخطيب: ميزانية الأهلي وصلت إلى 8.5 مليار جنيه بفضل الاستثمار والابتكار المالي    المؤسسات الرياضية فى مخاطبات رسمية: التجنيس أحد أنواع الهجرة غير الشرعية    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    الاتصالات والسياحة توقعان بروتوكولين لرقمنة التراث المصري ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع الأثرية    شركة حدائق: تحويل حديقتي الحيوان والأورمان إلى نموذج عالمي للحدائق الذكية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    مصر تتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم للكرة الطائرة جلوس في أمريكا    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    تعرف على الحالة المرورية اليوم الجمعة 17-10-2025    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    «الطفولة والأمومة» ينعي ضحايا حادث أسيوط ويؤكد متابعة الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرأن والطب -سؤال وجواب

سمعت في محاضرة بأن علماء الطب والدكاترة يدعون بأن العديد من الأدوية والعلاجات تم اكتشافها والوصول إليها عن طريق استنتاج حقائق من القرآن الكريم .
وعليه , فهذا هو سؤالي : هل الموجود بين أيدينا هو جميع ما يتعلق بالطب الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ؟ أم أن القرآن يحتوي على المزيد الذي يمكننا الاستفادة منه ؟
أسأل عن ذلك بسبب طلب جاد تقدم به أحد أصدقائي، وهو هندوسي ويدعى "فيقنيش", حيث سأل عما إذا بقي في القرآن الكريم أمور لم تكتشف بعد تتعلق بالسيطرة على الأمراض القاتلة ؟.
الحمد لله
أولاً :
أرسل الله تعالى محمَّداً صلى الله عليه وسلم بدين شامل لكل نواحي الحياة كما قال أبو ذر رضي الله عنه : " لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما " .
رواه أحمد ( 20399 ) انظر" مجمع الزوائد " ( 8 / 263 ) . قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة .
فجاء الإسلام ليسد حاجات الناس في كل شؤون حياتهم .
ثانياً :
وما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مكمِّل لما جاء في القرآن ، وهذان المصدران هما المصدران الرئيسيان عند المسلمين ، وقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواء .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ".
رواه البخاري في ( 5678 ) .
ثالثاً :
وما ذكره السائل عن بعض المسلمين من كون كثير من العلاجات اكتشفت عن طريق القرآن الكريم : فنقول إن هذا من الأمور المبالغ فيها .
فالقرآن الكريم ليس كتاب طبٍّ ولا كتاب ( جغرافيا ) ولا ( جيولوجيا ) كما يحلو لبعض المسلمين أن يقول ذلك أمام الغرب ، بل هو كتاب هداية للناس ومن أعظم معجزاته : بلاغته وقوة معانيه ، وهو الأصل في إعجازه ، فقد أنزله الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم في زمان بلغت الفصاحة والبلاغة فيه مبلغاً عظيماً فجاء هذا الكتاب ليعجز أولئك القوم فيما يتقنونه ليبيِّن لهم أنه من عند الله .
وهذا الأمر ليس بالمستغرب ولا بالمبتدع في هذا الدين ، فقد جاءت آيات موسى عليه السلام – العصا واليد – من جنس ما انتشر في زمانه وهو السحر ، وكانت آيات عيسى عليه السلام – من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص – من جنس ما أتقنه قومه وانتشر عندهم وهو الطب .
لذا نقول : إن أعظم ما في القرآن الكريم هو فصاحته وبلاغته ، ولا زال العلماء إلى هذا الوقت يتبيَّن لهم ذلك بالتدبر والتفكر في آياته .
وهذا لا يعني أنه ليس فيه غير ذلك ، بل ذكر الله تعالى فيه بعض الآيات في بيان تركيب جسم الإنسان ، وتدرج خلقه ، وبعض مظاهر الطبيعة ، وغير ذلك .
أما بالنسبة لما يتعلق بالعلاج الذي ذكره السائل ، فإن القرآن الكريم شفاء للمؤمنين ، وهذا يشمل شفاء القلوب والأبدان ، وذكر الله تعالى فيه ( العسل ) وبيَّن أنه شفاء للناس ، وذكر فيه أصل حفظ الصحة والوقاية من الأمراض ، فمن قال إن القرآن ذكر كثيراً من الأدوية بهذا المعنى فقد أصاب ، وأما غير ذلك فغير صحيح ، بل هو من مبالغات بعض المسلمين ، فالقرآن الكريم ليس كتاب طب ، وقد جاءت أمراض لم تكن في سالف الأزمان ، فكيف يأتي علاجها – باعتبار ما قاله السائل – قبل مجيئها ؟ .
رابعاً :
أ. وهذه بعض الآيات الدالة على أن القرآن شفاء .
قال تعالى : { وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين } الإسراء / 82 .
قال ابن القيم رحمه الله :
قال الله تعالى : { وننزل مِن القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين }
والصحيح : أن { مِن } ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، وقال تعالى : { يا أيها الناس قد جاءكم موعظة مِن ربكم وشفاء لما في الصدور } .
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحدٍ يؤهل ولا يوفَّق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه : لم يقاومه الداء أبداً .
وكيف تقاوم الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدَّعها ؟ ، أو على الأرض لقطَّعها ؟ فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه فهماً في كتابه .
" زاد المعاد " ( 4 / 352 ) .
ب. والقرآن الكريم فيه علاج للنفوس والأرواح ، ومن صحَّ ذلك فيه : كان سبباً لطرد الآفات والأمراض من بدنه ، والقرآن بهذا الاعتبار شفاء وعلاج لكثير من الأمراض .
قال ابن القيم رحمه الله :
وقد جربنا نحن وغيرنا من هذا أمورا كثيرة ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية بل تصير الأدوية الحسية عندها بمنزلة أدوية الطرقية عند الأطباء وهذا جار على قانون الحكمة الإلهية ليس خارجا عنها ولكن الأسباب متنوعة فإن القلب متى اتصل برب العالمين خالق الداء والدواء ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه المعرض عنه وقد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به وحبها له وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه وجمعها عليه واستعانتها به وتوكلها عليه أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية وأن توجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس وأغلظهم حجابا وأكثفهم نفسا وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية .
" زاد المعاد " ( 4 / 12 ) .
ج. وفي القرآن سورة الفاتحة وهي رقية للأمراض .
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم ، فلُدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم : نعم والله إني لأرقي ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ { الحمد لله رب العالمين } فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة ، قال : فأوفوهم جُعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ، فقال : وما يدريك أنها رقية ؟ ثم قال : قد أصبتم ، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري ( 2156 ) ومسلم ( 2201 ) .
قلبة : داء أو ألم يتقلب منه صاحبه .
قال ابن القيم رحمه الله عن سورة الفاتحة :
ومَن ساعده التوفيق ، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال وإثبات الشرع والقدر والمعاد وتجريد توحيد الربوبية والإلهية وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحها ودفع مفاسدهما وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها موقوفة على التحقيق بها : أغنته عن كثير من الأدوية والرقى ، واستفتح بها من الخير أبوابه ودفع بها من الشر أسبابه .
" زاد المعاد " ( 4 / 347 ) .
د. وفي القرآن ذكر أصول حفظ الصحة .
وقال ابن القيم :
وأصول الطب ثلاثة : الحمية ، وحفظ الصحة ، واستفراغ المادة المضرة .
وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه :
فحمى المريض من استعمال الماء خشية من الضرر فقال تعالى : { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً } النساء / 42 والمائدة / 6 . فأباح التيمم للمريض حمية له كما أباحه للعادم .
وقال في حفظ الصحة : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } البقرة / 181 .
فأباح للمسافر الفطر في رمضان حفظاً لصحته لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر فيضعف القوة والصحة .
وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمُحرم : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة / 196 .
فأباح للمريض ومَن به أذى مِن رأسه وهو محرم أن يحلق رأسه ويستفرغ المواد الفاسدة والأبخرة الرديئة التي تولد عليه القمل ، كما حصل لكعب بن عجرة ، أو تولد عليه المرض .
وهذه الثلاثة هي قواعد الطب وأصوله ، فذكر من كل جنس منها شيئاً وصورة تنبيها بها على نعمته على عباده في أمثالها من حميتهم ، وحفظ صحتهم ، واستفراغ مواد أذاهم ، رحمة لعباده ولطفا بهم ورأفة بهم وهو الرؤوف الرحيم .
" زاد المعاد " ( 1 / 164 ، 165 ) .
قال ابن القيم : وذاكرت مرة بعض رؤساء الطب بمصر ، فقال : والله لو سافرت إلى الغرب في معرفة هذه الفائدة لكان سفراً قليلاً أو كما قال
إغائة اللهفان 1 / 25
ه - ذِكر العسل في القرآن وأنه شفاء للناس .
قال الله تعالى { يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس } النحل / 69 .
قال ابن القيم رحمه الله :
وأما هدية في الشراب فمن أكمل هدي يحفظ به الصحة فإنه كان يشرب العسل الممزوج بالماء البارد ، وفي هذا من حفظ الصحة ما لا يهتدي إلى معرفته إلا أفاضل الأطباء ، فإنَّ شُربَه ولعقَه على الريق يذيب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويجلو لزوجتها ، ويدفع عنها الفضلات ، ويسخنها باعتدال ، ويفتح سددها ، ويفعل مثل ذلك بالكبد والكلى والمثانة ، وهو أنفع للمعدة من كل حلو دخلها ، وإنما يضر بالعَرَض لصاحب الصفراء لحدته وحدة الصفراء فربما هيَّجها ، ودَفْع مضرته لهم بالخلِّ فيعود حينئذ لهم نافعاً جدّاً وشربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر أو أكثرها ، ولا سيما لمن لم يعتد هذه الأشربة ، ولا ألفها طبعه فإنه إذا شربها لا تلائمه ملاءمة العسل ولا قريبا منه والمحكم في ذلك العادة فإنها تهدم أصولا وتبني أصولا .
وأما الشراب إذا جمع وصفي الحلاوة والبرودة فمن أنفع شيء للبدن ومن أكبر أسباب حفظ الصحة ، وللأرواح والقوى والكبد والقلب عشق شديد له واستمداد منه وإذا كان فيه الوصفان حصلت به التغذية وتنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها أتم تنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها أتم تنفيذ .
" زاد المعاد " ( 4 / 224 ، 225 ) .
وقال رحمه الله :
والعسل فيه منافع عظيمة : فإنه جلاء للأوساخ التي في العروق والأمعاء وغيرها محلل للرطوبات أكلاً وطلاء ، نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ومن كان مزاجه بارداً رطباً ، وهو مغذٍّ ملين للطبيعة ، حافظ لقوى المعاجين ولما استودع فيه ، مُذهب لكيفيات الأدوية الكريهة ، منقٍّ للكبد والصدر ، مُدِّر للبول ، موافق للسعال الكائن عن البلغم ، وإذا شرب حارّاً بدهن الورد : نفع من نهش الهوام وشرب الأفيون ، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء : نفع من عضه الكلْب الكلِب ، وأكل الفُطُر القتَّال ، وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر ، وكذلك إن جعل فيه القثاء والخيار والقرع والباذنجان ويحفظ كثيراً من الفاكهة ستة أشهر ، ويحفظ جثة الموتى ، ويسمى الحافظ الأمين ، وإذا لطخ به البدن المقمَّل والشَّعر : قتَل قمله وصئبانه وطوَّل الشعر وحسَّنه ونعَّمه ، وإن اكتحل به : جلا ظلمة البصر ، وإن استن به : بيض الأسنان وصقلها وحفظ صحتها وصحة اللثة ، ويفتح أفواه العروق ، ويدرُّ الطمث ، ولعقه على الريق : يُذهب البلغم ، ويغسل خمل المعدة ، ويدفع الفضلات عنها ويسخنها تسخيناً معتدلاً ويفتح سددها ، ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة وهو أقل ضرراً لسدد الكبد والطحال من كل حلو .
وهو مع هذا كله مأمون الغائلة ، قليل المضار مضر بالعَرَض للصفراويين ودفعها بالخل ونحوه فيعود حينئذ نافعاً له جدّاً .
وهو غذاء مع الأغذية ، ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع الحلوى ، وطلاء مع الأطلية، ومفرح مع المفرحات ، فما خُلق لنا شيءٌ في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبا منه ، ولم يكن معوَّل القدماء إلا عليه ، وأكثر كتب القدماء لا ذِكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه فإنه حديث العهد حدث قريباً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق ، وفي ذلك سر بديع في حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.