إن القيام بالجراحات بمساعدة الكومبيوتر ومن خلال الشق الصغير خصوصاً في تغيير المفاصل، كانت من أبرز المواضيع التي تطرّق اليها متخرجو قسم جراحة العظام في «مايو كلينيك» mayo clinic في روتشستر بالولايات المتحدة الأميركية، علماً أن هؤلاء الأطباء يلتقون مرّة كل عامين لمناقشة أبرز المستجدات العلاجية في مجال جراحة العظام. تحدّث الدكتور اسكندر نعمة عن أهمية جراحة تغيير الركبة بمساعدة الكومبيوتر الذي يحدّد زاوية نشر العظم بدقة كبيرة، لأن أبرز المشاكل مصدرها وضع المفصل الاصطناعي في وضعية تختلف عن اتجاهه السليم ما يؤدي إلى استهلاكه من جهة واحدة، مع تفتت البلاستيك المستعمل وتفتّت العظم من حوله وتخلخله، ما يقصر من عمر المفصل الإصطناعي ويسبّب الآلام والإنزعاج عند المريض، وأحياناً العرج. أمّا الاستعمال الروتيني للكومبيوتر خلال جراحة تغيير الركبة، فيؤدي إلى نتائج جيّدة في معظم الحالات سماكة الغضروف ما هي الأسباب التي تستدعي تغيير الركبة؟ من أبرز المشاكل التي تستدعي تغيير الركبة هو داء المفاصل الذي يصيب الكثير من الأشخاص وخصوصاً النساء بعد سن الخمسين، مع خسارة في سماكة الغضروف واعوجاج في استقامة الأرجل. وبعد استنفاد كل العلاجات غير الجراحية كالأدوية المسكنة للآلام والإلتهاب وحقن «الكورتيزون» أو حقن الزيت «أسيد هيالورونيك»، وإذا بقي المريض يعاني من الآلام، نلجأ إلى عملية الركبة الإصطناعية. هل يستعمل الكومبيوتر في كل جراحات المفاصل؟ حالياً، يستعمل الكومبيوتر روتينياً في عملية تغيير الركبة وتغيير الورك، وقد أصبح من الممكن استعماله، بعد إجراء الكثير من التجارب المخبرية، في هاتين العمليتين إذ هما مفصلان من الشائع تغييرهما بكثرة من بين المفاصل الأخرى. وتوصّل التقدم الطبّي إلى إمكانية تغيير معظم المفاصل، والتجارب المخبرية تتابع حالياً. قياس المفصل الإصطناعي كيف تتم مراحل العملية تقنياً من خلال الكومبيوتر؟ نضع الكومبيوتر داخل غرفة العمليات ونصله على كاميرات صغيرة الحجم ترصد حركة كرات صغيرة نضعها فوق الركبة وتحتها، وتستهلّ العملية عبر تحريك الركبة في جميع الإتجاهات لمدة دقيقة أو دقيقتين لإدخال المعلومات عن حركة الورك والركبة. ثم، نجري شقاً وندخل في داخله قسطراً رفيعاً جدّاً مزوّداً بمجموعة كرات، تلتقط الكاميرات حركتها لتحدّد معلوماتها عن وضع الركبة وشكلها الهندسي من الداخل. ويقارن الكومبيوتر هذه المعلومات مع تلك التي في داخله حسب طريقة حسابية معينة algorithm (الغوريتم)، ويقرّر قياس المفصل الإصطناعي وسماكته. ثم يبدأ الجرّاح بنشر العظم ليعدّه لاستقبال المفصل الصناعي، ويحدّد الكومبيوتر الزاوية التي يجب نشر العظم على أساسها. وفي النهاية، يثبّت المفصل النهائي بعد إجراء تجارب عدّة بمساعدة الكومبيوتر تؤكد حسن اختيار زاوية النشر المرجوة وقياس المفصل الإصطناعي. ويشار الى أن لهذه التقنية تدريبات خاصّة ومهارات يجب أن يقوم بها الإختصاصي قبل إجراء العملية للمريض. هل يساعد الكومبيوتر على القيام بالجراحات من خلال الشق الصغير؟ يندرج هذا النوع من العمليات في التوجه الحالي لجميع الجراحات لتخفيف الآلام الناتجة عن الشق الكبير، وذلك من خلال إجراء جرح أصغر بكثير، بالإضافة إلى التخفيف من مدّة الإستشفاء والتسريع في عودة المريض إلى حياته الطبيعية. ولكن يجب أن نشدّد خصوصاً في جراحة تغيير المفاصل على أهمية إدخال المفصل في مكانه الطبيعي، وليس التركيز على قيام العملية بشق صغير مهما كلّف الأمر. ويساعد الكومبيوتر في تصغير الجرح لأنه يحدّد بدقّة الخطوات الجراحية التي يجب اتباعها التشوهات الخلقية ما هي التقنيات الجراحية الحديثة لتفادي عملية تغيير المفاصل؟ في حالة التشوهات الخلقية في الورك، يحصل اعوجاج في هندسته يؤدي إلى زيادة الضغط عليه واختفاء الغضروف. وإذا تمكنا من تشخيص حالة المريض في وقت مبكر وقبل اختفاء الغضروف الذي يغلّفه، من الممكن إجراء عملية جراحية لتحسين هندسة الورك بدون تغييره. وفي حال اختفاء الغضروف، لا بد من تغيير الورك ليشعر المريض بالتحسّن. ونجري هذا النوع من العمليات للمرضى الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين سنة. أمّا بالنسبة إلى الركبة فمن الممكن أيضاً إجراء جراحة لتجليسها قبل اختفاء الغضروف كليّاً لتحسين توازن الضغط على الركبة بالتساوي.وهذا النوع من الجراحات في الركبة أو في الورك يمكنه تأخير العمليّة أو الحؤول دون الوصول الى الحاجة إلى تغيير المفصل. إلى ماذا يؤدي تخلخل المفاصل الإصطناعية، وخصوصاً القديمة منها؟ عادةً، نضطر إلى إعادة تغييرها. وهناك مفاصل اصطناعية صمّمت خصّيصاً لنضعها مكان المفصل الإصطناعي الواجب تبديله، ويكون أكبر من حيث الشكل وأمتن ومصنوعاً من مواد خاصّة تساعد على دخول العظم في المفصل. وأحياناً، نضطر إلى زراعة عظم بديل في الأماكن المتآكلة من جرّاء تفتت العظم بسبب مواد المفصل الأوّل. ما هي أبرز المشاكل التي تصيب الأوراك الإصطناعية التي كانت تستعمل المواد القديمة؟ إن الورك الإصطناعي المصنوع من المعدن والبلاستيك سوياً يسبّب أحياناً خسارة في العظم ناتجة عن تفتت المواد البلاستيكية أو المعدنية المستعملة مع مرور الزمن, وتدخل نثرات العظم هذه إلى داخل المفصل فيحاول جسم الإنسان القضاء عليها بواسطة المواد التي يفرزها، محاولاً هضمها ولكنه يفشل في ذلك لأن طبيعة هذه المواد ليست عضوية، والمواد التي يفرزها لامتصاص هذه النثرات تؤدي إلى تفتّت العظام حول المفصل الإصطناعي، ما يؤدي إلى تخلخله بعد نحو 10 سنوات إلى 15 سنة. هل من حلّ لهذه المشكلة؟ يكمن الحلّ لهذه المشكلة في استعمال مفصل اصطناعي مصنوع من السيراميك بالكامل أو من المعدن بالكامل كي لا يتسبّب بتفتت المفصل والعظام. وهناك أنواع جديدة من البلاستيك polyethylene «بولياثيلين» من الممكن استعمالها لتخفيف المشكلة. وللمفاصل الحديثة حسنات عدّة، فهي تجنّب المريض مشكلة تفتّت العظام الناتجة من احتكاك المفاصل، ما يطيل عمر الورك الإصطناعي من 20 إلى 30 سنة خصوصاً عند المسنين الذين يقومون بحركة أقل. وبالتالي، أصبح من الممكن استعمال الورك الإصطناعي نسبياً عند صغار السن الذين يحتاجونه. هل من مشاكل أخرى قد يتعرض لها المريض؟ إن أسوأ الأنواع التي يمكن أن تصيب المريض هي الإلتهابات الجرثومية التي يمكن أن يلتقطها خلال مدة استشفائه. وللتخفيف من إمكانية حدوثها يعطى المريض حقناً من المضادات الحيوية خلال العملية وبعدها لأنه في حال حدوثها يجب استئصال الورك الإصطناعي من مكانه لمدة 6 أسابيع على الأقلّ أي تعرّض المريض إلى عمليات جراحية. ويجب على المريض الذي أجرى عملية الورك الإصطناعي أو أي مفصل الإنتباه إلى الإلتهابات الجرثومية حتى في ما بعد، خصوصاً عند التهاب اللوزتين أو زيارة طبيب الأسنان لعلاج أسنانه. وأحياناً، تواجه المريض مشكلة خروج الورك من مكانه بسبب السقوط أو القيام بحركة خاطئة ما يستدعي إعادته إلى مكانه، وذلك من خلال بنج عام أوعملية جديدة أحياناً. ما هي أبرز الأسباب التي تستدعي تغيير الأوراك؟ يستدعي داء المفاصل أي نشاف الغضروف تغيير الأوراك في الغياب الشبه الكامل للغضروف، وهو مرض يصيب المسنين عموماً. ومن أبرز عوارضه: الألم التدريجي والشلل في الحركة وتورّم المفصل المصاب. وهناك عدد من الأمراض الأخرى كالتهاب المفاصل و«الروماتيزم» أو انقطاع الدم عن جزء من رأس عظمة المفصل، والتي من الممكن أن تنتج عن تناول «الكورتيزون» لمدّة طويلة أو من الغوص المكثف على الأوكسيجين أو بسبب بعض الأمراض التي تصيب الدم. وعند صغار السن، تسبّب التشوهات الخلقية في الأوراك مشكلةً تستدعي تغيير الورك في ما بعد.