تشهد جراحات العظام فى مصر تطورا مذهلا منذ سبعينيات القرن الماضى، وخصوصا جراحات تركيب المفاصل الصناعية التى أعطت الأمل للكثير من المرضى فى إمكانية استعادة قدرتهم على الحركة، وممارسة حياتهم بصورة عادية بعد تعرضهم لحوادث أو ظروف مرضية تؤثر على المفاصل. ولكن وسط هذا التطور الطبى برزت بعض الإشكاليات تتعلق بجودة المفاصل الصناعية التى يتم استخدامها والتى ربما تتعرض للكسر بعد تركيبها إذا لم تكن من نوعية جيدة، فيدور المريض فى دائرة مفرغة ما بين تركيب المفصل الصناعى ثم العودة إلى غرفة العمليات لنزع المفصل مرة أخرى. وللوقوف على حقيقة ما يدور فى عمليات تركيب المفاصل الصناعية فى مصر التقينا عدداً من أبرز الأطباء المتخصصين فى جراحات العظام، وكذلك مع بعض أصحاب شركات المستلزمات الطبية، والذين كشفوا الكثير من التفاصيل التى تهم مرضى العظام بصفة عامة والراغبين فى تركيب مفاصل صناعية بصفة خاصة. يقول الدكتور طارق الغزالى استشارى جراحة العظام إن المفاصل الصناعية دخلت مصر من أوائل السبعينيات ومثلت نجاحا كبيرا فى السنوات الأخيرة، مؤكدا أن العالم خطا خطوة كبيرة فى مجال تركيب المفاصل خاصة مفاصل الفخذ والركبة، مشيرا إلى أن 95% من عمليات تركيب المفاصل الصناعية من مصر تكون لمفاصل الفخذ والركبة وال 5% الباقية تكون لمفاصل الكتف والانكل. وتطرق الغزالى إلى أنواع المفاصل الصناعية فقال إن أهمها المفاصل المستوردة من الدول الأوروبية والأمريكية، مؤكدا أنها الأعلى سعرا والأكثر جودة ثم يأتى بعدها النوع المستورد من الهند وباكستان فهى الأقل سعرا. وأكد الغزالى أن صناعة المفاصل الصناعية تحتاج لمواد خام لها صفات خاصة غير متوافرة لدينا لكى تتحمل البقاء فى الجسم دون حدوث أى مضاعفات أو خروج جينات تؤثر على جسم الإنسان لأنها فى النهاية معادن وجسم غريب داخل جسم الإنسان. وأوضح الغزالى أن هناك نوعا من المفاصل تسمى المفاصل الأسمنتية والتى كانت أكثر انتشارا، ولكن اكتشف أنها تؤدى إلى حدوث مضاعفات أثناء العملية، وذلك لأنها تستخدم أسمنتا طبيا لتثبيت المفصل الصناعى بالعظم لذلك تم استبدالها بنوع آخر وهى المفاصل الصناعية. أما عن المضاعفات والمشاكل التى تحدث بعد عمليات استبدال المفاصل. يقول الغزالى إن عمليات استبدال المفاصل لها مضاعفات مثل أية عملية جراحية أخطرها تلوث فى العملية، مضيفا إذا حدث تلوث فى عملية استبدال المفاصل تمثل كارثة تجعلنا مضطرين لنزع المفصل من الجسم بعد تركيبه، وهذا يحتاج لعملية أخرى، كما تحدث مشاكل ومضاعفات نتيجة وضع المفصل بطريقة خائطة وأن الطبيب الذى أجرى العملية لم يتبع الخطوات السليمة مما يؤدى إلى حركة وتخلخل المفصل وآلام شديدة لا يتحملها المريض. وتطرق الغزالى إلى ارتفاع نسبة نجاح عمليات استبدال المفاصل والتى قد تصل إلى 100% ولكن هذه النسبة تتوقف على المكان (المستشفى أو المركز) الذى تتم فيه العملية إلى جانب خبرة الطبيب الذى يجرى العملية، مشيراً إلى أهمية النظافة والتخدير فى هذه العمليات. مخاطر الجراحة /U/ وعن المخاطر التى ترافق عمليات تبديل المفاصل قال الدكتور سيد محمد استشارى جراحة العظام إن كل عملية جراحية يوجد بها خطورة خصوصا جراحة العظام، وذلك لأن الخطر الأول على هذه العمليات هو حدوث التهاب فعندما يوجد التهاب بالعظم فهذا يؤدى إلى حدوث خطورة ومضاعفات. وأضاف د. سيد أن تركيب مفصل الركبة الصناعى يعتبر من أنجح الجراحات فى مجال جراحة العظام، ويتم إجراء هذه الجراحة للمرضى المصابين بتآكل شديد بالركبة. هذا أيضا إلى جانب مفصل الفخذ الصناعى ويتم اللجوء لجراحة تركيب مفصل الفخذ الصناعى كاملا فى الحالات التى حدث بها تلف شديد بغضاريف المفصل وهذا إذا لم يستجب المريض للعلاج الدوائى. ويقول تعتبر هذه العمليات من أنجح الجراحات لما ينتج عنها من اختفاء الآلام وتحسن شديد من حركة المريض، وعن أنواع هذه المفاصل يقول إنه يفضل استخدام المفاصل الصناعية المستوردة من الدول الأوروبية والأمريكية لأنها ذات جودة وكفاءة عالية فهى تكون الأعلى سعرا ولكنها أيضا الأعلى جودة وهذا هو الأفضل تجنبا لحدوث أية مضاعفات بعد تركيب هذه المفاصل الصناعية، مؤكدا أن المضاعفات التى تحدث بعد عمليات تركيب المفاصل تكون نتيجة اتجاه بعض الأطباء والمرضى للمفاصل الأرخص سعرا وأنها تكون أيضا الأقل جودة وتؤدى إلى كسر المفصل بعد العملية ونضطر لإجراء عملية أخرى لنزع المفصل المكسور. وحول ما يشاع بأن مستشفيات وزارة الصحة تعتمد على استخدام المفاصل الصناعية المصرية، أكد الدكتور محمد يسرى مدير مستشفىالهلال للعظام على عدم وجود مفاصل صناعية مصنوعة فى مصر وأن كل المفاصل الصناعية المستخدمة فى مصر مستوردة من أكثر من دولة أهمها الدول الأوروبية. وأشار د. محمد إلى أن وجود هيئة خاصة داخل وزارة الصحة مخصصة لفحص هذه المستلزمات وعند التأكد من سلامتها تعطى الموافقة على دخولها واستخدامها. وأوضح أن ما يحدث من مضاعفات بعد تركيب هذه المفاصل من الجسم يكون نتيجة سوء استخدام المرضى والحركة والمشى على القدم قبل أن يسمح له الطبيب. معايير الاستيراد/U/ من جانبه أكد الدكتور رفعت السيد صاحب شركة مستلزمات طبية ومستورد للمفاصل الصناعية أنه يتم استيراد هذه المفاصل طبقا لمعايير ومواصفات عالمية، مؤكدا أن هذه المستلزمات لا تتم صناعتها إلا فى الأماكن المختصة بصناعتها والمجهزة بالإمكانات الخاصة، حيث إنها تحتاج لمواد خام خاصة وذات جودة عالية. ويضيف أنه يتم استيراد هذه المفاصل من دول أوروبا وأمريكا إلا أن هناك اتجاها للاستيراد من الصين وذلك لوجود فرق فى السعر بين الأوروبى والصينى. ويضيف محسن طنطاوى مدير شركة مستلزمات طبية مختصة بجراحة العظام أنهم يقومون باستيراد المفاصل الصناعية من الدول الأوروبية وأمريكا بالإضافة إلى الهند. مشيراً إلى أن المنتج الهندى هو الأقل سعرا والأقل جودة أيضا، لذلك يتجه بعض الأطباء والمرضى إلى استخدام المفاصل الهندية لأنها الأرخص سعراً ولكنها قد تكون السبب فى كسر المفصل بعد تركيبه. وأضاف إلى أن وزارة الصحة تقوم بالمراقبة على هذه المستلزمات، بالإضافة إلى اشتراطها حصول الدول المصدرة على شهادات الجودة. وأكد الدكتور محمد إسماعيل عبده رئيس غرفة المستلزمات الطبية أن تركيب المفاصل الصناعية من الجراحات المهمة لأنها تكون لمرضى يعانون من عجز من الحركة أو بتر لأحد الأطراف لذلك يحتاجون لمفاصل ومستلزمات ذات جودة عالية. ويضيف عبده: أن الإنتاج السويسرى هو الأفضل ثم الألمانى ثم الأمريكى، وأخيرا الباكستانى. وتطرق عبده إلى أن مصر بدأت من سنة 2001-2002 فى التطبيق العملى وشرط حصول أى منتج يدخل مصر على شهادات الجودة (C-A Mork) وأن يكون مطابقا للمواصفات العالمية. من جانبها أكدت الدكتورة دعاء محمد مقررة اللجنة الخاصة بالتسجيل بوزارة الصحة أنه تتم الموافقة على الاستيراد من أية دولة فى العالم ولكن بشرط حصولها على شهادة تداول مرجعية.