يسكنني أحيانا يأس مقيت بل يحتلّني و يبلغ من العمر عتيّا... أبحث لي عن منفذ ، يكلّ قلبي و هو يلهث خلف بقايا نور خافت لا يضيء غير بضع لحظات ... أتكوّر داخلي ، أهرب إلى وضع جنينيّ لا يقدّم لي شيئا غير إرتداد مقيت و دائرة أخرى عليها أنغلق ... أسألني عن السّبب ، عن لحظة إنكساري فلا أجد إجابة ... كلّ ما هناك هو أنّني أحسّ ألما دفينا ، حزنا يبطئ نبضي فيقتلني و أنبش ذاكرتي بحثا عن لحظات فشلي أو حتّى مجرّد تعثّري و ما أكثرها ... حينها يسكنني هاجس آخر : لو كانت بإمكاني إستعادة الزّمن ...و تبدأ رحلة النّدم و ينهار البناء و لا يحطّم غير رغبة في الحياة تسكنني ... رغبة في أن أحلّق بعيدا فأطلّ على الأرض جميعا ، في أن تسكنني الحركة فأختزلني في نبض قلب و حلم و حركة لا تهدأ ... إلهي ، أين أنا من كلّ هذا ؟؟؟؟ فجأة يتسلّل إليّ شيء ما لا أدري ما هو ، بمجرّد أن أنطق جملة النّداء السحريّة هذه : " يا رب " ... أشعر كأنّ نفَسي قد تغيّر ، كأنّ عينيّ قد اكتسبتا بريقا جديدا غيّب عتمة ليلي و غبار وجعي ... و تنهال عليّ روحي مغزارة كالمطر تسقي أرضا عطشى حتّى ترتوي و تسيل بعدها الأنهار تُبشّر بالحياة ... أكرّرها : " يا رب ، يا رب ، يا رب ... " و في كلّ مرّة يزداد جسدي إرتقاء و تُزهر روحي أكثر و أعلو و أعلو و أعلو حتّى ألامس فرحا و رضى خارقين و يسكنني أمل فتيّ لا يهرم و أسألني : ماذا فعلت لك ربّي حتّى تمنحني كلّ هذا ؟ ماذا أنا حتّى تُنعم عليّ من بين كلّ هؤلاء ؟ أ إلى هذه الدّرجة تحبّني ؟ أتحبّني حتّى ترتقي بي فتخلّصني ؟ أتحبّني فتخلّصني منّي ، من يأسي ، من إستدعاء ألمي ؟؟؟ تحبّني أكثر منّي ... و أكرّر مرّات و مرّات : " يا رب ... " أكتشف أنّ نورا يسكن زاوية من القلب و يمتدّ حتّى كأنّه وهج شمس الشّتاء ، تظهر فتبعث دفئا و تعد بربيع لا رياح فيه ... حينها أحبّك أكثر و ترتقي روحي معانقة شيئا ما لا أدري ما هو فأشكرك مرّة أخرى على أنّك منحتني روحا تعشق فتذوب و تقطر لتبعث فيمن حولها حياة فاتنة لأنّها منك و رضيّة لأنّها لك ... لكلّ هذا ، لأنّك ربّي أحبّك و أحمدك كثيرا كلّما علا مدّ إنكساري لأنّني أدرك أنّ بعده اليسر و أنّني على أبواب فتح قريب ... أحبّك و لي يقين لا أدري له سببا أنّك تحبّني رغم كلّ نقصي و تقصيري و أخطائي الكثيرة ... أحبّك لأنّك ربّي ...