ذات يوم استيقظت ذات يوم فوجدت نفسي خائفة ، أحس باختناق من هذا العالم ، غيرت ملابسي ونزلت ، تركت لقدمي العنان كي تأخذني لأي مكان . أسير وأنا لا وجهتي ، أنظر في الوجوه الشاحبة من كثرة الأعباء و الأفكار التي تتسارع في أذهانهم ، فالمرض أفترس أجسادهم . أكملت طريقي وأنا أزداد حزنا ً ، فقررت السير لعلي أجد شيء يفرح قلبي الحزين ، فسرت حائرة لا أعرف إلي أين سأذهب ؟ ، لحين وجدت سيارة أجرة تقف علي بعد . اتجهت نحوها وركبت بجانب النافذة ، كنت أجهل إلي ستأخذني ، ركبت وأخذت أنظر من النافذة علي الشوارع ، كنت أراها لأول مرة ، أراها من عيون زائرة . بعد دقائق توقفت السيارة ، الجميع ينزلوا من السير فنزلت وتركت لقدمي العنان مرة ثانية ، دقائق من السير وفجأة أوقفني مشهد عذب قلبي الصغير . رأيت امرأة عجوز تتكئ علي عصا ، ظهرها محني ،التجاعيد ترسم خرائط الزمن علي وجهها ، وعيناها تنظر إلي ِ بحزن . وقفت أنظر للعجوز وأنا حزينة فسألت نفسي : أسيمر بي العمر وأصبح كهذه العجوز .. وحيدة لا أجد من يساعدني .. .. أسرعت نحو العجوز وسألتها : إلي أين أنتي ذاهبة يا أمي ؟. فنظرت لي العجوز قائلة بصوت حنون : ذاهبة لأحضر طعام أكله . تركتني وأكملت طريقها ، كنت حزينة لما أراه أمامي ، كيف يكون ذلك ، أبعد هذه السنوات تصبح وحيدة لا تجد من يحضر لها طعامها . لا أحد يحضر لها دواءها ويعطيه لها ، وإذا ظمئت تجد من يرويها ، كيف ؟. فجأة احتجت العصا لاصطدامها بصخرة صغيرة ، اهتزت وسقطت العجوز ، فأسرعت إليها وضمتها بين ذراعي . قالت لي وهي تبكي : الصحة هلكت .. والوحدة كبرت .. وها أنا سأرتاح برحيلي إليه . دقائق من الألم والدموع ، صعدت روحها لخالقها ، وقفت أنظر إليها والإسعاف يأخذوها ، الدموع لم تجف علي وجنتي . ألو لم تكن العجوز معها أحد وانتهي بها العمر ، أكان سيعرف أحد أنها توفيت ، فالموت لا يتأخر عنا ، فهو لا يركب دابة تعبت من طول الطريق ، ولا قطار تعطلت محركاته ، أنما هو أما الله الصادر ، لا يقدر مخلوق علي رده . رجعت من حيث جئت ، أحدث نفسي وأتسأل ، أسيمر العمر وأصبح مثلها ولا أجد من يساعدني ، أبعدما أراعاهم ويكبروا سيتركونني ؟ . آآه ليس عندي سوي مقولة كنت أسمعها من أمي رحمها الله ( كما تدين تدان ) ، علينا أن نكون أبرار بأبائنا حتى لما يمر العمر وتهلك الصحة تجد من يقف بجانبك . هكذا رجعت حائرة أكثر من ذي قبل ، لا أري مكان لفرحة بداخلي ليس هناك سوي الأحزان التي ستهلكني .