أشجار البرسيم

أشجار البرسيم
*****
أنتفض القمر ثائرأ غاضبا من سجادة السماء وسحر الى الأرض ببرائة الأطفال ؛ منتشية هى وسط حقول خضراء ترقص تفرد ذراعيها متمايلة تغازل نسيم شفق ليل اقبل ليغطى نهار طويل ؛ تمايلت وتراقصت وارتفعت بيديها لفوق تارة والى أسفل تارات ؛ تدور فى طاحونة الصمت مفجرة من الصمت كل جنون الرقص على الشظايات المتناثرات .
وابصرت بتلات زهر فى الحقول شعر فريدة ذات التسعة عشر عاما واهتزت منتشية بسحر هواء اتى اليوم من سفر بعيد تنفست وتنفست وخافت ان يخرج الزفير فامسكت وتنهدت طول زفير وغاب الزمن يلهو معها فى نسى من اقوات الزمان.
وابصرت من بعيد ضوء وسمعت همس مزمار وطبل اتى من مكان ليس ببعيد واشفقت وتمايلت يمينا ويسارا مبصرة ضوء جاء على مهل من سامر على حافة النهر بعد أشجار التوت القريبة ؛ فتمهلت وجرت رجليها ببطء وأستعدت للرحيل وهوينا هوينا بدأت الزحف حول السامر والصخب البعيد.
أستبقت فريدة انغام مزمار علا وتمايل جسدها الجميل راقصة تسرق النظر الى وجود حشد كبير ورجل بجلباب ابيض جميل يرقص وله كرش كبير اهتز كلما تحرك وإبتسمت فتاتى وراقصت صاحب الكرش الكبير وفى منتصف الجلباب حزام امتشق وتدلى منه سكين ونصل كبير وتاكدت من الهيئة واللباس انه جزار قد قام بمجهود عظيم
وتراقصا بحب وسعادة ومن ضجيج الرقص ألتفت فريدة ترى من هو الذبيح خروف ام عجل سمين وتخيلت انه عرس لفرح عظيم وموائد مفرودة لحشد كبير واختلست النظر من بين ذراع وجسد الجزار السمين وتسمرت مقلتى عينى فريدة وتوقفت عن الرقص واحدقت طويلاً من ياترى كان الذبيح ؟؟؟؟
لقد كان الذبيح غلام فتى له نتوء أنف أتشح وجه متورم وشد وشم على ساعده سمة العشق والحب الدفين وقلب منزوع كقلادة سرقها اللصوص من كنز ثمين وبقى ذبيحاً كأسطورة سوداء فى عينيى ضرير لأنه أهداها ذات يوم قوارير العطورولم يستطع أحد بعد سبل جفنية على عيونه وبقى ذبيحاًَ فى سامر بعيد عن كل أشجار البرسيم ومعتصراً بكف يده أخر كلاماته يامن قتلتم كل العشاق إن كنتم قطعتم الإشجار فلا
تقلعوا جذور الشجر وتنصبوا مشانق للعشاق فربما يأتى عام أخر يثمر فية الشجر ...
أبو يوسف