مَن يعتقدون أن الجيش المصري لقمة سائغة.. واهمون ولا يعرفون القوة الحقيقية لأحد أفضل الجيوش في العالم عدة وعتادًا.. ويحظى هذا الجيش العظيم بالاحترام والمكانة لدى الأعداء قبل الأصدقاء ويقدرونه حق قدره، ولو كان غير ذلك ما انتظرت عليه القوى الإقليمية والدولية وهو بحق ند قوي فتي قادر على مواجهة أصعب التحديات. وفي اعتقادي أن تصنيف الجيش المصري كعاشر جيوش العالم أو احتلاله للمركز ال 13 في التقديرات الأخيرة فيه ظلم كبير وواضح، لكن ربما هذه التصنيفات تعتمد في الأساس على المعايير الظاهرية المرتبطة بالعتاد والأعداد وتتجاهل عناصر أخرى كامنة وهي قوى مضافة تدفع بالجيش المصري إلى مراكز متقدمة تجعله في مصاف أفضل 7 جيوش عالميًا. يمتلك الجيش المصري قوة لا تقوي عليها جحافل الأعداء، وهناك نقاط مضيئة في جميع أفرع وتخصصات القوات المسلحة تجعلها الأكثر تميزًا وتفوقًا سواء في مجال القوات البرية بتخصصاتها المختلفة سواء المدفعية والمدرعات والمشاة والقوات الخاصة "الصاعقة والمظلات" وقوات التدخل السريع هي قوات النخبة الأعلى تدريبًا برًا وجوًا وبحرًا، ناهيك عن القوات الإدارية وهي أيضًا مدربة على القتال بشكل احترافي حتى لا تكون عرضة للأسر خلال المعارك القتالية. كما تتميز القوات البحرية المصرية بتاريخ عريق سواء في مجال الخبرات أو الاحترافية والجاهزية على مستوى القوى البشرية المؤهلة أو المعدات والوحدات والأسلحة البحرية، ويكفي القوات البحرية فخرًا أنها غيّرت مسار الفكر القتالي البحري عندما نجحت لنشات الصواريخ المصرية في إطلاق أول صاروخ ليدمر أكبر مدمرة إسرائيلية في ذلك الوقت المسماه ب"إيلات" في 21 أكتوبر 1969 أي بعد نكسة 1967 بشهور قليلة لتكون السابقة الأولى في التاريخ وتتغير بعدها ملامح استراتيجيات القتال البحري. كما أن القوات البحرية المصرية لم تتعرض أو تتلق أي ضربات إسرائيلية طيلة الصراع العربي - الإسرائيلي، وحققت البحرية المصرية ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي وفي قلب مياهه الإقليمية ونجحت في تنفيذ عمليتين في ميناء "إيلات" الإسرائيلي، وكذلك نجحت إحدى الغواصات المصرية في العيش لمدة شهر كامل في موانئ إسرائيل، وفي 1973 أغلقت باب المندب ووجهت ضربات موجعة لأهداف حيوية إسرائيلية في سيناء خلال معركة العبور. وتضم البحرية المصرية أفضل الكوادر من قادة وضباط وصف وجنود يؤدون مهامهم باحترافية، بالإضافة إلى أحدث المعدات في مختلف تخصصات القتال والعمل البحري، وهناك المزيد قادم في الطريق لتصبح القوات البحرية من أعظم البحريات في العالم تحظى باحترام وتقدير دولي كبير. أيضًا القوات الجوية المصرية فحدث ولا حرج، خاصة في مجال مهارة الطيارين وقدراتهم الفذة التي أبهرت الجميع، وذلك لوجود كم هائل من الخبرات ناتج عن تاريخ حافل لهذا السلاح في المواجهات مع إسرائيل، بالإضافة إلى كم المهام الكبير الذي تنفذه القوات الجوية لصالح الأمن القومي المصري سلمًا وحربًا، كذلك امتلاك منظومة قتال جوي من أحدث الطائرات متعددة الجنسيات سواء الأمريكي منها مثل إف - 16 وأباتشي وسي - 135 وطائرات المراقبة والاستطلاع، مختلفة الطرازات، كذلك الروسي من "الميج" ومي - 8 و17، والفرنسي ميراج 5 و2000 والجازيل، والصيني كيه - 8 وطرازات أخرى من إيطاليا وكندا والتشكيك، وهناك جديد في الطريق يعد إضافة إلى القوات الجوية المصرية العريقة. أما سلاح الدفاع الجوي فهو الأكثر تفوقًا وقوة عالميًا وإقليميًا، وذلك لقوة المقاتل وتأهيله والخبرات التي يحظى بها وتدريبه في الداخل والخارج وامتلاك أحدث منظومات الدفاع الجوي في العالم وهي أيضًا متعددة الجنسيات وتشكل منظومة معقدة وقوية للدفاع عن سماء مصر وحدودها ضد أي خروقات ولم يجرؤ عليها أحد. وبعيدًا عن معايير العدة والعتاد والأعداد في مجال المقاتلين أو الأسلحة والمعدات في مختلف التخصصات، إلا أن الباحث عن حقيقة قوة الجيش المصري يكتشف أن هناك أبعادًا أخرى لهذه القوة الرادعة التي يعرفها ويدركها الجميع سواء على المستويين الإقليمي أو الدولي، فلم تأت مقولة المشير عبدالفتاح السيسي أن الجيش المصري كتلة صلبة من فراغ، ولكن لها أساس على أرض الواقع لأن الجيش المصري أكثر جيوش العالم التزامًا وانضباطًا وتماسكًا وتلاحمًا، وهو جيش غير قابل للتمرد أو العصيان أو الانقلاب من الداخل، وذلك لأن جوهر عقيدته القتالية يعتمد على إعلاء المصلحة العليا للوطن وإرساء قيم العدالة والمساواة والاحترام والتواصل. ويمكن أن تلحظ بسهولة دون عناء أو جهد قيم المساواة والعدالة في الجيش المصري الذي يرتدي نفس الملابس وإن اختلفت الرتب فالأفرول من القائد العام وحتى أحدث جندي هو طبق الأصل، ناهيك عن قيم التلاحم التي تشبه الأسرة المصرية بوجود مكان واحد لتناول الطعام من نفس النوع للجميع، كما أن الروح المصرية التي تتسم بالتواضع تجعل القائد الذي يشارك الجنود حياتهم ومشاكلهم يزيد من قوة التماسك والصلابة. ثانيًا.. إيمان الجيش المصري بأنه جيش ملك الشعب ومن الشعب يشكل فخرًا واعتزازًا يعتز به أبناء العسكرية المصرية يفاخرون بوطنية جيشهم والدفاع عن شعبه وحدوده وأمنه ومقدراته تحت شعار النصر أو الشهادة. ثالثًا.. عقيدة الجيش المصري لا تعرف التراجع أو التقهقر للخلف بشهادة ربانية بأنهم خير أجناد الأرض، كذلك يتسم أداء المقاتل المصري بالشجاعة والبسالة والجرأة والرغبة في الاستشهاد وهذا ما يميز الجيش المصري عن أقوى جيوش العالم التي تخشى المواجهات على الأرض والقتال البري، وهذا ما يعكس لجوء الجيش الأمريكي مثلًا للضربات الجوية التي لا تحسم حربًا والضربات الصاروخية عن بعد، لذلك فالجنود هم سادة الأرض والمعارك البرية وقدرات عالية في الحسم، وحرب أكتوبر والخليج دليل قوي على ذلك والتاريخ وشهادات أبرز القادة العسكريين في العالم تؤكد هذا المعنى. ويكفي أن نقول إن الجيش الإسرائيلي كان يمتلك أحد أقوى أسلحة المدرعات في العالم وعند مواجهة المقاتل المصري على أرض سيناء وبدلًا من أن تطارد الدبابة الجندي أصبح الجندي المصري هو الذي يطارد الدبابات الإسرائيلية المذعورة من هول شجاعة المقاتل المصري. رابعًا.. تميز المقاتل المصري بقدرات فائقة في التخطيط والأفكار الخلاقة وإحداث المبادأة والمفاجأة والابتعاد عن النمطية ولعل ما حدث في أكتوبر خاصة في ملحمة العبور عندما حذر الروس من الإقدام على اقتحام خط بارليف وعبور القناة، ولكن مفاجأة المقاتل المصري باللجوء إلى وسائل بسيطة مثل قوة ضخ المياه على تدمير الساتر الترابي وأيضًا فكرة السلالم الخشبية وامتلاك القدرة على اعتلاء الساتر الترابي ناهيك عن القدرات الخارقة في توظيف الأسلحة واستخداماتها. خامسًا.. قدرة المقاتل المصري على القتال في مختلف مسارح العمليات ومختلف الأجواء والمناخ، لا يبالي بأجواء حارة أو باردة بصحراء أو غابات أو بحر، قادر على العمل تحت مختلف الظروف والأجواء، عنيد إلى درجة الصلابة، ولعل الواقعة الطريفة التي شاهدها إعلاميون وصحفيون مصريون خلال حرب الخليج الثانية عندما كان الجنود المصريون يلعبون الكرة في حفر الباطن في أجواء شديدة الحرارة تصل إلى حد اللهب في الوقت الذي كان فيه جنود أمريكا يسكنون الغرف المكيفة ولا يستطيعون مغادرتها ويتعجبون من قدرة المصريين على تحمل هذه الأجواء، بالإضافة إلى قوات حفظ السلام المصرية التي عملت في أوروبا في صقيع وثلوج وبرد قارص بكفاءة واقتدار، لتعكس هذه الحقيقة قوة الروح المصرية وقدرتها على التحمل والجلد والعمل بنفس الكفاءة والقدرة. سادسًا.. الجيش المصري يضم كافة الأطياف والفئات المصرية، يجمع بين المواطن المصري المسلم والمسيحي، وأيضًا جغرافيًا فهذا جندي من الصعيد وآخر من بحري وثالث سواحلي ورابع من سيناء أو بدوي أو نوبي، المصريون جميعًا يشكلون قوة هذا الجيش لذلك فهو أكثر الجيوش وطنية واحترافية لا يعمل بشكل عنصري أو طائفي وبذلك غير قابل للانشقاقات على غرار جيوش أخرى. سابعًا.. القدر الكبير من الحب والتقدير والاحترام الذي يحظى به الجيش المصري من قبل جموع الشعب يمنحه قوة غير منظورة للآخرين ويزيد من حجم الاستعداد على التضحيات والعطاء؛ لأنه ببساطة هذا الجيش هو المكون الرئيسى لكل أطياف المصريين ولا يخلو بيت مصري تقريبًا من وجود مصري ممثل في القوات المسلحة سواء كان ضابطًا أو صف ضابط أو جنديًا أو موظفًا أو عاملًا مدنيًا أو صانعًا عسكريًا. ثامنًا.. كما أن الميراث الوطني للجيش المصري عبر التاريخ منذ طرد الهكسوس والصليبيين ودحر التتار وجيش محمد علي وإنجازاته وعرابي ورفاقه وعبدالناصر وضباطه الأحرار في 1952 ثم أكتوبر 1973 ومواقف الجيش المصري الوطنية في 25 يناير 2011 و30 يونيو و3 يوليو 2014 تجعله السند والحصن والملجأ لهذا الشعب العظيم الذي يعتبر جيشه هدية ربانية منحها الواحد الأحد لهذا الوطن يظهر معدنه النفيس والنادر أوقات الشدائد والأزمات. تاسعًا.. لا ينسى المصريون وقوف جيشهم الوطنى معهم في أوقات المحن والأزمات.. فعندما ضرب الزلزال مصر في 1992 كان الجيش وسط الشعب، وعندما هاجمت السيول عددًا من المحافظات كان الجيش أيضًا حاضرًا في كل الأوقات في الفرح والكرب، الجيش المصري يسعى جاهدًا للتخفيف عن كاهل ومعاناة المصريين وهذا أيضًا يمثل قوة إضافية في التلاحم والوقوف والمؤازرة والمساندة للوطن. عاشرًا.. الجيش المصري أيضًا وهو مؤسسة عصرية عريقة تتميز بالوطنية والعطاء والإيثار تحسبًا لأوقات الضعف في تاريخ الأمة المصرية، فرغم حالة الوهن والضعف التي نالت من الدولة المصرية في أواخر عهد مبارك إلا أن الجيش المصري كان المؤسسة الوحيدة في مصر الأكثر قوة وتوهجًا واستعدادًا للدفاع عن هذا الوطن، ولم تكن أبدًا مثل سائر المؤسسات التي نال منها الضعف والاهتزاز؛ بل شيدت من الأمجاد والقوة البشرية والعسكرية والاقتصادية التي جعلتها في مصاف القوى العالمية وهو من حسن حظ وقدر المصريين، فقد تحسبت المؤسسة العسكرية لما تعرضت له مصر في 25 يناير 2011 من حالة سقوط الدولة وكانت القوات المسلحة بالمرصاد لكل محاولات الهدم والتدمير والتخريب ووقفت في وجه المتآمرين علي هذا البلد. فلم تكن في مصر في 28 يناير 2011 أي مؤسسة.. دُمرت السجون واقتحمت وأحرقت أقسام الشرطة وأغلقت المحاكم والنيابات ومكاتب الصحة والوزارات أبوابها وتعرضت مصر لحالة تاريخية من الانفلات خاف فيها الصغير والكبير على حياته وأمنه وأسرته لكن كانت هناك مؤسسة عسكرية شامخة وقوية وفتية ساندت هذا الوطن ودافعت عنه بشجاعة وأنقذته من السقوط المريع وتفانت في توفير احتياجات الشعب من أمن وغذاء.. وحفظت له مؤسساته وقدمت أرواح ودماء أبنائها فداءً لمصر في عبور تاريخي بمصر إلى بر الأمان وكان قدر الجيش المصري هو العبور بمصر إلى النصر والأمان والاستقرار. لذلك هناك قيادات أدت دورًا وطنيًا غير مسبوق يذكرها التاريخ بحروف من نور، فلا يمكن أن يتجاهل التاريخ الدور الذي لعبه المشير حسين طنطاوي في بناء القوات المسلحة الحديثة عسكريًا واقتصاديًا، لتصبح إحدى أقوى المؤسسات في العالم، ولا يمكن أن ينسى التاريخ الدور العظيم للمشير عبدالفتاح السيسي في إعادة كفاءة وبناء القوات المسلحة تدريبيًا ومعنويًا وتسليحًا، ولن يغض التاريخ الطرف عن مواقف الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع الحالي، وإصراره على استكمال المسيرة بنجاح وقوة في حماية مصر من المؤامرات والإرهاب الأسود واستمرار بناء القوات للحفاظ على مصر شامخة حرة أبية. هذا الجيش المصري العظيم لا ينظر إليه فقط من جانب العدة والعتاد، وهي موجودة، ولكن أيضًا من العقيدة والقدرة على التضحية والعطاء والإبداع مفعمًا بالروح المصرية التي تستطيع مواجهة المستحيل.