حظيت تنزانيا بثناء صندوق النقد الدولي، وإشادته لجهودها في تحقيق مستويات هائلة من النمو الاقتصادي، غير أنها حذرت الحكومة من ضرورة توسيع إصلاحاتها والعمل على جعل الاقتصاد أكثر تماسكاً والتأكيد على تقاسم حصاد النمو وتوزيعه على شرائح واسعة من الشعب التنزاني. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد: "مثلما هو الحال في دول كثيرة بالمنطقة، فإن الواقع يشير إلى مستويات الفقر لا تزال مرتفعة والتقدم صوب تحقيق أهداف الألفية التنموية لا تزال بطيئة أيضاً". وذكرت لاجارد في مقابلة أجرتها مع مجلة "بيزنيس يير"، إن الإنجازات الملفتة التي حققتها تنزانيا في مجال النمو الاقتصادي تمثل جزءاً من قصة نجاح أفريقية للإصلاحات الجذرية في السياسات الاقتصادية، والإصلاح، ورفع مستويات المعيشة، وجهود الحد من الفقر. وأكدت المسئولة الدولية، أن "تنزانيا باتت جزءاً أصيلاً في قصة النجاح هذه: في العقد الماضي، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد على 50 في المائة..؛ وظل التضخم تحت السيطرة؛ وتصاعد الإنفاق على البرامج الاجتماعية بصورة ملحوظة؛ وبقيت مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي مستقرة؛ وتطورت الإصلاحات الهيكلية؛ وارتفع مستوى المعيشة؛ وتراجع مستوى الفقر". وأشارت إلى أن "تنزانيا أصبحت مثالاً للتحولات الاقتصادية المتصلة في المنطقة ، كما أن صادراتها الآن تعكس ثمار حالة تقدم كبيرة في مجال التصنيع الذي يشمل، على سبيل المثال وليس الحصر، صناعات غذائية، ومشروبات، وأسمنت، ومنسوجات" ، غير أنها استدركت قائلة: إن تنزانيا رغم كونها مثالاً لسياسات التحول المستمرة في المنطقة، فإنها بحاجة إلى الحفاظ على استدامة النمو. وأضحت أن هناك حقيقة بأن التصنيع لا يزال يشكل حصة متواضعة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن التوظيف والصادرات في تنزانيا تظهر أن التحول الاقتصادي يتطلب تنفيذا متصلاً ومستداما للإصلاحات على مدى زمني طويل". وعلى صعيد آفاق مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي، فإن التحدي الرئيسي أمام الحكومة يتمثل في تلبية أهداف السياسة النقدية الرامية إلى زيادة الاستثمارات والإنفاق الاجتماعي، بينما يقترب العجز تدريجيا من مستوى يزعزع الاستقرار. وأشارت لاجارد إلى أن مثل هذا الوضع كان أكثر تعقيداً في العام المالي الماضي حين هبطت الإيرادات إلى ما دون الطموحات المستهدفة والمحددة في الموازنة، وهو أمر قاد الحكومة إلى تقييد الإنفاق لمواجهة نسبة العجز المستهدفة ب5 في المائة من الناتج المحلي". ولفتت إلى أن الاكتشافات الأخيرة لآبار الغاز الطبيعي البحرية، لو أحسن إدارتها، يمكن لها أن تعالج المشكلات الاجتماعية الملحة، وخلق وظائف للشباب ومواجهة الزيادة السكانية، والمساهمة في تشييد البنية التحتية للبلاد. وقالت "لقد أوصينا بأن تؤسس الحكومة إطار عمل شفافاً لنظام الضرائب المفروضة على الغاز الطبيعي وإدارة الثروة، لأن الفكرة الرئيسية هنا أن يتم تعزيز مستويات النمو القوية على المدى الطويل والتأكيد على حقوق الأجيال المقبلة". بخلاف الخطة الخمسية لخفض مستويات الفقر، المعروفة في تنزانيا باسم "مكوكوتا 2"، وخطة الدولة للتنمية، فقد رحب صندوق النقد الدولي بالمبادرة التي يطلق عليها "نتيجة كبيرة الآن" التي تركز على تسريع خطى التنمية للبنى التحتية الإنشائية والمجتمعية الأكثر احتياجاً. وأضافت مديرة صندوق النقد الدولي في مقابلتها مع مجلة "بيزنيس يير" أن "لدى تطلعنا للمستقبل، فإن التحدي الآن يتمثل في تقوية الجهود لتحسين إطار العمل السياسي، وتكوين تراكمات نقدي، والمضي قدما في الإصلاحات الهيكلية في مختلف المجالات". وفي ضوء استقرار مؤشرات الأداء الكلية، فإن الأولويات تتضمن تقوية إدارة التمويل العام من أجل تحسين كفاءة وشفافية الإنفاق العام، وزيادة توسيع قاعدة الضرائب لجني المزيد من الإيرادات وتقليص الاعتماد على المساعدات. وتعتزم آلية دعم السياسات في تنزانيا العمل على تقوية إطار العمل لمراقبة المخاطر المالية وإدارتها ، وعبر تلك الجهود، فإن البرنامج يستهدف توفير مساحة مالية تتيح للدولة الإنفاق على إقامة مشروعات النبية التحتية وتنفيذ برامج الأولوليات الاجتماعية.