سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علماء الاجتماع يفسرون أسباب انكماش الطبقة المتوسطة بعد ثورة 25 يناير.. عزة كريم: الصراعات السياسية تسببت في انهيار الأوضاع المالية.. سعيد صادق: زيادة عدد السكان كارثة كبرى
هناك العديد من المتغيرات التي عصفت بالمجتمع المصري، والتي لعبت دورًا بارزًا في التأثير على وضع الطبقة المتوسطة خصوصًا بعد ثورة 25 يناير والتي كان شعارها عيش – حرية – عدالة اجتماعية لكن نظرًا للظروف العصيبة التي مرت بها مصر خلال هذه الفترة وحالة الركود التي سيطرت على كل المجالات، ما جعلها في حالة يرثي لها، حيث تعالت بعض الأصوات التي تؤكد تلاشي تلك الطبقة التي تعتبر عصب المجتمع ليس في مصر فقط لكنها في كل مجتمعات. فقدم عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر تعريفًا واضحًا للطبقة المتوسطة "بأنها فئة المجتمع التي تقع في أواسط الهرم الاجتماعي، فهي الطبقة التي تأتي اقتصاديًا واجتماعيًا بين الطبقة العاملة والطبقة العليا حيث تختلف مقاييس تحديد الطبقة المتوسطة باختلاف الثقافات والسؤال ما هي الأسباب التي أدت إلى تدهور هذه الطبقة واختفاء دورها مقارنة بوضعها في الخمسينيات والستينيات؟ كشفت دراسة حديثة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن 6.1% من السكان فقط يزيد إنفاقهم على 12 ألف جنيه سنويًا.. وأن 93.9% أقل من ألف جنيه شهريا.. على حين أن متوسط الاستهلاك الفعلى للأسرة 30 ألف جنيه سنويا في الحضر ونحو 22.6 ألف جنيه في الريف.. أي ما يجاوز ضعف الدخل الموفر.. وأن المستوى المتدنى للدخول للنسبة الغالبية لا تكفى للحدود الدنيا للاستهلاك والانفاق العالم. تحلل د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع ورئيس مركز البحوث الجنائية والاجتماعية الأسبق بأنه عندما نتحدث عن الطبقة المتوسطة لابد أن نتحدث عن محورين مهمين أولهما القيم والثقافة التي تتبعها كل طبقة، فالطبقة الفقيرة لها ثقافتها التي تتناسب مع ظروفها التي بها نوع من التسيب فأغلبها غير متعلم، فهي طبقة غير متزنة، بينما الطبقة الغنية فلها ثقافتها التي تتفق مع أسلوب جمع الثروات والتي يمكن أن يكون لديها تنازلات أخلاقية لتحقيق الهدف وتقليد الطبقات الأوروبية وهنا تكون درجة تمسك هذه الطبقة بالعادات والتقاليد ضعيف للغاية، أما الطبقة المتوسطة وهي من أهم طبقات المجتمع والتي تمثل القيم والالتزام بالعادات والتقاليد والعدالة الاجتماعية والتمسك القوى بالمبادئ. وتضيف د. كريم أن أكثر الطبقات تعليما والسواد الأعظم منا يعمل في مهن محترمة، ومرتبطة بشكل كبير بالجانب الديني ولها رؤية مستقبلية، لافتة لذلك يخرج منها مختلف القيادات والزعماء الحقيقيين ولهم فكر لصالح المجموعة، كما أن هذه الطبقة تسعي دائما للحفاظ على مستواها الاجتماعي. وأشارت كريم، إلى أن الطبقة المتوسطة الآن في ورطة حيث انقسمت إلى جزءين جزء ذهب إلى الطبقة الغنية والجزء الثاني غير قادر على المقاومة لما يحدث في المجتمع نظرًا لحالة اليأس التي حدثت له من عدم استطاعته لإضافة شيء للمجتمع. وتضيف د. كريم إلى أن هذه الطبقة انكمشت نظرًا لدخول الصراع المادي وصراع المبادئ، فأصبحت هذه الطبقة غير قادرة على التصور نظرا للصراع الكبير بين النواحي السياسية والاقتصادية، فبدأت تضيع وسط هذه الصراعات ولذلك أصبح المجتمع مختل القيم لاختلال قيم الطبقة الوسطي وكأننا أصبحنا في غاية القوى فيها يأكل الضعيف. وتري د. كريم أن الحل يكمن في حصول هذه الطبقة على حقوقها مثل الحق في التعليم والصحة والحرية في ممارسة العمل السياسي والعمل بالشكل الذي يتناسب مع المستوي التعليمي للفرد، ضرورة تحسين مستوي المؤسسات المسئولة عن تنشئة هذه الطبقة التي أصبح أغلبها مليء بالتحيز والمحسوبية حيث أصبح أبناء الأغنياء الذين يسيطرون على أغلب قطاعات التعليم والقضاة وتختتم قائلة لن تعود الطبقة المتوسطة لما كانت عليه من قبل إلا إذا توافر لها المناخ الجيد، لافتة إلى أنه في أوروبا الطبقات المتوسطة هي المسيطرة وهي عصب المجتمع فإذا قويت قوي المجتمع كله وإذا ضعفت فهذا يؤثر على المجتمع أيضًا. بينما يقول د. سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية عندما نتحدث عن طبقات المجتمع لابد أن نشير إلى أن هناك 1% طبقة عليا و50% طبقة متوسطة و40% طبقة دنيا، قبل ثورة 25 يناير، كانت الطبقة المتوسطة تعاني كثيرًا من البطالة لذلك كان الشعار عيش –حرية – عدالة اجتماعية". ويأسف د. صادق بعد الثورة حدثت العديد من الانتكاسات التي أضرت بوضع الطبقة المتوسطة منها الأجور الضعيفة مقابل الأسعار التي تتزايد كل يوم بمعدلات سريعة مما جعل الفرد يشعر بحالة من عدم الرضا لأنه غير قادر على الإيفاء باحتياجاته وتحقيق أهداف. ويلفت د. صادق النظر إلى أن الوضع الاقتصادي للطبقة المتوسطة في الخمسينيات كان أفضل من الوضع الحالي، فزيادة عدد السكان أصبحت تمثل كارثة كبري كل عام يزداد العدد من 6 إلي 10 ملايين، ما يمثل عبئا كبيرا على الدولة ويسبب مزيدًا من المعاناة للطبقة المتوسطة التي بدأ يختفي دورها تدريجيا. بينما تري د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع أن العالم كله حدث به العديد من التغيرات وذلك نتيجة سرعة الإيقاع، الطبقة المتوسطة هي سلسلة ظهر المجتمع لكن تطلعاتها زادت بشكل كبير، أصابها حالة من عدم الرضا الكل يسعي للسفر للخارج والبحث عن مصادر المال الكثيرة، لافتة إلى أنه في الستينيات كان الفرد يؤمن بالمثل الشعبي على "قد لحافك مد رجليك"، لكن في الوقت الحالي أصبح الشحاذون يحملون أفضل أنواع الموبايل، كانت الطبقة المتوسطة تحمل لواء العلم والثقافة كان يحيى حقي يسكن في شقة بسيطة، وتري د. خضر الإعلام يلعب دورًا كبيرًا في تلاشي هذه الطبقة نظرًا لنوعية الإعلانات المغرية التي يقدمها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ونوعية الأفلام السيئة فهو يروج بشكل كبير لأفلام السبكي "اللحم الرخيص"، وتأسف أصبحنا لا نرى تلك الطبقة المتعلمة الراقية التي كانت قادرة على وضع لبنات لتحقيق التقدم المجتمعي. بينما يري د. مصطفى بدرة، خبير التمويل والاستثمار بأن الاقتصاد يمر بمراحل عديدة تؤثر على وضع طبقات المجتمع فمثلا في فترة الخمسينيات كان الشأن السياسي مختلف عن الوضع الحالي وكانت مصر بلد زراعي بينما في الستينيات تحولت مصر من بلد زراعي إلى بلد صناعي وبالتالي كان وضع الطبقة المتوسطة مرضي إلى حد كبير، الآن الوضع اختلف عما كنا عليه من قبل حيث زادت نسبة التضخم وارتفعت الأسعار بشكل لافت للانتباه وزاد سعر الصرف مما ترتب عليه ارتفاع مصاريف التعليم والعلاج وغيرها، ويستكمل وبالتالي مما أثر على الإصلاح الاقتصادي الذي يحقق العدالة الاجتماعية، زادت أسعار البنزين والكهرباء والمياه والسلع بجميع أنواعها وبالتالي أصبح نصيب الفرد من الدين الخارجي 20000 ألف جنيه وهذا يمثل كارثة كبيرة لابد أن تنتبه لها الدولة، يري د. بدرة أن مصر انتكست انتكاسة اقتصادية كبيرة مما ترتب عليه انتكاس الطبقة المتوسطة وضياع للطبقات الفقيرة. أما حمدي الجمل الخبير الاقتصادي فيري أن الطبقة المتوسطة هي صمام الأمان في أي مجتمع وهى صاحبة التقدم، وانهيارها يعني انهيار المجتمع بأكمله، لافتًا إلى أن الدولة منذ أن بدأت في مشروع الخصخصة والطبقة المتوسطة تنهار حيث ارتفع دخل الأغنياء بالملايين في ظل ثبات رواتب الطبقة المتوسطة التي تنقسم إلى ثلاث شرائح عليا ووسطي ودنيا، العليا تمثل كبار رجال الدولة والمتوسطة الوسطي أصحاب التعليم العالي والمتوسطة الدنيا العاملين، لافتًا إلى أنه الطبقة العليا في مصر اليوم لا تمثل سوي 10% بينما 25% طبقة متوسطة والباقي محدودي الدخل. عندما أقرت الدولة قانون الحد الأعلى للأجور بحيث تبدأ في الطبقات الغنية من 42 ألف جنيه وفي الطبقات الوسطي من 25 إلى 30% لكن للأسف لم يتم تطبيق ذلك على أرض الواقع، وأشار إلى أنه تم تدمير الطبقة المتوسطة بشكل كامل فالدولة لمصرية منذ أن بدأت برنامج الخصخصة تماشيًا مع الضغوط الأمريكية أثرت دون أن تدري على الوضع الاجتماعي في مصر، ويري الجمل أن توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة من شأنه استقرار المجتمع و90%، من مشاكل المجتمع تتوقف على عودة تلك الطبقة بكل شرائحها وهذا من خلال تفعيل مبدأ العدالة الاجتماعية بحيث تبدأ مرتباتها من 6000 إلي 25 ألف جنيه.