لا تسكت أرقام الوجع في هذه الأيام عن كشف مأساة اقتصاد غزة، وحجم الخسائر التي يسببّها إغلاق المعابر المحيطة بالقطاع، والتعطيل الأخير لمئات الأنفاق المحفورة على طول الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي المصرية والفلسطينية . وأمام هذه الأرقام القاسية ترتفع أصوات خبراء في الشأن الاقتصادي بضرورة طرح “,”خصخصة المعابر“,” كحل للخروج من هذه الأزمة . وفي أحاديث منفصلة مع مراسلة “,”الأناضول“,” رأى اقتصاديون أن خصخصة المعابر فكرة جادة يجب أن تخرج إلى النور، مؤكدين أن الخصخصة ستحل مشاكل القطاع الاقتصادية، وستخفف من معدلات انتشار البطالة والفقر . وكان البنك الدولي في عام 2003 قد طرح فكرة “,”خصخصة المعابر“,” ضمن توصياته لحل أزمة معابر القطاع, وتم إعادة طرح هذه الفكرة بعد أن فرضّت إسرائيل حصارا خانقا على غزة عام 2007 وأغلقت على إثره المعابر الحدودية . وسيكون تولي القطاع الخاص للمعابر البديل الأول لإغلاق الأنفاق وتداعيات تأثير تعطيل العمل فيها كما يؤكد خبير الاقتصاد الفلسطيني “,”علي أبو شهلا“,” والذي رأى في حديثه ل“,”الأناضول“,” أن البحث عن بدائل اقتصادية شرعية تفتح معابر القطاع وتمنح الحرية للحركة التجارية ستعيد الحياة لاقتصاد القطاع المريض والمنهار . وقال أبو شهلا أن معبر رفح من أهم وأول المعابر التي يجب أن تسير وفق هذه الآلية ، مشيراً إلى أن هدم الأنفاق يعجل بطرح هذه الفكرة والتعامل مع معبر رفح كممر للتبادل التجاري . وخلال أعوام الحصار شددت إسرائيل حصارها على معبر رفح، جنوب القطاع والواقع على الحدود المصرية الفلسطينية، متذرعة باتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في نوفمبر 2005 التي تنص على فتح المعبر بوجود بعثة الاتحاد الأوروبي . ويأمل الفلسطينيون بأن يتم تطوير المعبر وتحويله من ممر للأفراد إلى شريان تجاري يزود القطاع بكافة احتياجاته الاقتصادية والإنسانية . ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية بغزة “,”محمد مقداد“,” أن تولي القطاع الخاص للمعابر سيسحب الذرائع الأمنية والسياسية من إسرائيل، مشددا في حديثه ل“,”الأناضول“,” على ضرورة الخروج بخطة وطنية اقتصادية تواجه التحديات القائمة . واستدرك بالقول:“,” إسرائيل تعتبر غزة جهة معادية بعد سيطرة حركة حماس على القطاع، وترفض فتح المعابر وتتذرع بالحجج الأمنية والسياسية، لهذا فإن الحديث عن الخصخصة يعتبر الحل الأمثل لأزمة المعابر بعيدا عن التعنت الإسرائيلي “,”. وبإمكان مؤسسات القطاع الخاص أن تتولى هذه المسؤولية بدعم الحكومة الفلسطينية بغزة، وبدعم من جهات دولية تنادي بخصخصة معابر غزة كما يرى خبير الاقتصاد الفلسطيني “,”نصر عبد الكريم“,” والذي أكد في حديثه ل“,”الأناضول“,” أن هذه الخطوة تتطلب في البداية توافق فلسطيني فلسطيني ثم توافق فلسطيني إسرائيلي . وتمكن أهمية هذا الطرح وفق عبد الكريم عقب معاناة قطاع غزة إثر إغلاق الأنفاق وتدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية وازدياد معدلات الفقر، والبطالة . وشكلّت الأنفاق على مدار سنوات الحصار السبع المتنفس الوحيد للقطاع المحاصر، إذ منحت الغزيين ما مكنّهم من البقاء على قيد الحياة . وتسببت الحملات الأمنية التي يشنها الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، في هدم مئات الأنفاق ما أدى إلى توقف إدخال السلع والبضائع ومواد البناء المصرية للقطاع . ويقول مسئولون في الأممالمتحدة إن نحو 80% من الأنفاق والتي تستخدم في تهريب السلع والبضائع من مصر إلى قطاع غزة “,”لم تعد تعمل “,” . وعاني قرابة مليوني مواطن من لسعات الحصار الذي منعهم من الحصول على أدنى احتياجاتهم اليومية، وهو الأمر الذي دفع بسكان القطاع المحاصرين إلى اللجوء لباطن الأرض وحفر مئات الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي المصرية والفلسطينية . ولا تمانع وزارة الاقتصاد في حكومة غزة والتي تدير شؤونها حركة حماس من أن يتولى القطاع الخاص الإشراف على المعابر وفق خطة اقتصادية فلسطينية توافقية . ففي حديث ل“,”الأناضول“,” أكدّ وزير الاقتصاد الوطني “,”علاء الرفاتي“,” أن كافة الحلول مطروحة من أجل إنقاذ اقتصاد غزة والذي يتكبد خسائر فادحة بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر ، مشيراً إلى لجان خاصة تتولى الإشراف على المعابر وفكرة الخصخصة ستكون الحل لعلاج الوضع الاقتصادي الكارثي . وأبقت إسرائيل على معبر كرم أبو سالم (بين مصر وغزة وإسرائيل) معبرًا تجاريًا وحيدًا، حصرت من خلاله إدخال البضائع بشكل جزئي ومحدود إلى القطاع بعد أن أغلقت سبعة معابر حدودية في عام 2007 كانت تحيط بقطاع غزة . و تغلق السلطات الإسرائيلية معبر كرم أبو سالم يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، عدا عن إغلاقه لأيام اخرى بسبب الأعياد اليهودية، أو لذرائع أمنية . ولا يغطي هذا المعبر سوى 30% من احتياجات القطاع فيما تضع إسرائيل عشرات السلع على قائمة الممنوعات وفي مقدمتها مواد البناء . وألغت إسرائيل العمل في “,”معبر المنطار، والذي كان يعرف إسرائيليا بمعبر كارني، والواقع شرق القطاع، وكان من أهم المعابر وأكبرها من حيث عبور السلع التجارية (من 600 إلى 700 شاحنة محملة بمختلف البضائع وفي مقدمتها الطحين ومنتجات الألبان والفواكه ومواد البناء). وأغلقت إسرائيل العمل في “,”معبر الشجاعية المعروف إسرائيليا باسم (ناحال عوز)، شرق مدينة غزة، وكان مخصصا لتوريد الوقود للقطاع “,”. وتعطلّ العمل على معبر العودة (صوفا) التجاري شرق مدينة رفح، المخصص للحركة التجارية، وأغلبها مواد البناء “,”. / الأناضول/