ساعة بعد أخرى تتناقص قطرات الوقود المصري القادم إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الممتدة على طول الحدود المصرية الفلسطينية . ودفع نفاد الوقود المصري, بالغزيين إلى التوجه نحو الوقود الإسرائيلي بالرغم من ارتفاع ثمنه ورهن إدخاله بحركة معبر تجاري وحيد تدخل منه البضائع بشكل جزئي، ومحدود . وبحسب وسائل إعلام مصرية فإنّ الجيش المصري قام في الساعات القليلة الماضية بتدمير نحو 80% من الأنفاق ، وتحطيم أكثر من 23 خزاناً للوقود . وأمام شح الوقود المصري, والتشديد الأمني على الأنفاق يتواصل توريد كميات محدودة من الوقود الإسرائيلي إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري . ويعد كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة المعبر التجاري الوحيد الذي تدخل منه البضائع والوقود بشكل محدود, وتغلقه السلطات الإسرائيلية يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع . وتدخل يومياً إلى القطاع كميات محدودة من الوقود الإسرائيلي كما يؤكد رئيس لجنة إدخال البضائع “,”رائد فتوح“,” والذي أكد في حديثه ل“,”الأناضول“,” أن ضخ هذه الكميات يعود للقطاعين التجاري والخاص في غزة . ولفت فتوح إلى أنه في حال فتح معبر كرم أبو سالم فإنه يتم بشكل يومي إدخال نحو 300 شاحنة بضائع للقطاعين التجاري والزراعي وقطاع المواصلات والمساعدات الخاصة بالمؤسسات الدولية . وكبديل عن الوقود المصري أكد مدير عام الهيئة العامة للبترول بغزة “,”عبد الناصر مهنا“,” أن إدارته بدأت في التعامل مع الوقود الإسرائيلي بسبب الأزمة الراهنة . وقال مهنا في حديثه ل“,”الأناضول“,” إن شح الوقود المصري دفعنا لإيجاد الحلول بإدخال الوقود الإسرائيلي كبديل عن المصري . وأشار إلى أن العديد من شركات الوقود العاملة في القطاع طالبت الهيئة العامة للبترول بضرورة توفير الوقود الإسرائيلي . ويعترف مهنا أن الوقود الإسرائيلي لن يكون حلا مثاليا أمام توفر الوقود المصري واستدرك بالقول:“,” الوقود المصري أقل تكلفة، والأنفاق جعلته متوفرا, الآن لا خيار لتفادي الأزمة والكارثة الإنسانية سوى اللجوء لهذا الحل .“,” ويباع لتر البنزين المصري بنحو أربعة شواكل (ما يعادل دولار أمريكي واحد) فيما يباع البنزين الإسرائيلي بما يقارب السبعة شواكل . ويحتاج القطاع إلى 400 ألف لتر من الوقود يوميًا، ويعتمد بالدرجة الأولى على المحروقات الواردة من الجانب المصري عن طريق إدخالها عبر الأنفاق . وقال أحد تجار الأنفاق والذي رفض الكشف عن هويته ل“,”الأناضول“,” إن 500 ألف لتر كان يوميا يتدفق إلى القطاع من الأنفاق ليتقلص يوما بعد يوم . واستدرك بالقول :“,” والآن لا شيء، حركة الأنفاق مشلولة تماما, ولا وقود ولا بضائع تدخل غزة, ومن المؤكد في غياب الوقود المصري أن الوقود الإسرائيلي سيكون بديلا له حتى لو كان على حساب المستهلك .“,” وفي كثير من الأوقات يتم إغلاق معبر كرم أبو سالم لأيام متتالية بحجة الأعياد اليهودية أو لذرائع أمنيّة وهو الأمر الذي سيجعل من اللجوء إلى هذا المعبر الوحيد كحل أمام التعطيل الكامل لحركة الأنفاق صعبا وغير محسوب الخطى كما يؤكد خبير الاقتصاد الفلسطيني “,”محسن أبو رمضان“,” والذي قال في حديثه ل“,”الأناضول“,” إن البحث عن بديل اقتصادي شرعي هو المطلوب الآن أمام هذه الحالة، إلى جانب ضرورة ارتفاع أصوات المؤسسات الحقوقية والإنسانية بالمطالبة بفتح كافة معابر القطاع ومنح غزة المحاصرة حرية الحركة التجارية . وأشار أبو رمضان إلى أن غزة باتت أمام واقع جديد بعد تداعيات الأحداث الأخيرة في مصر، وهو الأمر الذي يدفعها نحو التفكير بجدية إلى بدائل أخرى . واستدرك بالقول:“,” صحيح أن الأنفاق ساهمت وبشكل كبير في تخفيف معاناة الغزيين في سنوات الحصار, لكن قد نستيقظ وما من شيء اسمه “,”أنفاق“,” لهذا الحكومة بغزة ورام الله وكافة الأطراف الفلسطينية مطالبة بالتوحد للخروج بحل ينهي هذه الأزمة الاقتصادية .“,” ولا يمكن أن يكون الوقود الإسرائيلي القادم عبر معبر واحد الحل لسكان القطاع كما يرى أبو رمضان والذي أضاف قائلاً :“,” سعره مضاعف, وستبقى غزة رهن إغلاقه لأية حجة , قد يكون الحل المؤقت لكن لا يمكن اعتباره حلا دائماً .“,” وكانت 7 معابر حدودية مفتوحة تحيط بقطاع غزة قبل عام 2007، ومع تشديدها للحصار اعتمدت السلطات الإسرائيلية معبرين وحيدين فقط . وأبقت إسرائيل على معبر كرم أبو سالم معبرًا تجاريًا وحيدًا، حصرت من خلاله إدخال البضائع المحدودة إلى القطاع، فيما أبقت على معبر بيت حانون (إيريز) (شمالي القطاع) بوابة لتنقل الأفراد بين غزة وإسرائيل . وألغت إسرائيل العمل في “,”معبر المنطار، والذي كان يعرف إسرائيليا بمعبر كارني، والواقع شرق القطاع، وكان من أهم المعابر وأكبرها من حيث عبور السلع التجارية (من 600 إلى 700 شاحنة محملة بمختلف البضائع وفي مقدمتها الطحين ومنتجات الألبان والفواكه ومواد البناء ) وأغلقت إسرائيل العمل في “,”معبر الشجاعية المعروف إسرائيليا باسم (ناحال عوز)، شرق مدينة غزة، وكان مخصصا لتوريد الوقود للقطاع “,”. وتعطلّ العمل على معبر العودة (صوفا) التجاري شرق مدينة رفح، المخصص للحركة التجارية، وأغلبها مواد البناء “,”. ولم يجد أهالي غزة أمام الحصار الخانق في السنوات السابقة سوى حفر مئات الأنفاق على الحدود مع مصر من أجل تسكين آلام جوعهم والحصول على ما يسد احتياجاتهم . وقد أنقذت البضائع المُوردة إلى القطاع ، وخاصة المواد الغذائية والأدوية والوقود ومواد البناء والسيارات، انهيار كافة القطاعات الأساسية اللازمة لاستمرار الحياة . الأناضول