حفيد القتلة يبرر مذابحه ويتحدث عن المؤامرة سلطان الباب العالي يتذوق من نفس الكأس ويصرخ طالبًا المساعدة داوود أوغلو يتأهب للقفز من سفينة أردوغان الغارقة يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصر على السير حتى النهاية في طريق السقوط إلى هاوية بلا قرار، وكأي ديكتاتور مغرور يتجاهل السلطان التركي اتساع رقعة المعارضة والغضب العارم ضد حكمه، ويتصور أن كل الأعاصير التي تحيط به ما هي إلا هبات رياح ستمضي ويبقى هو فوق عرشه بلا منازع، وكغيره من المستبدين الحمقى لا يدرك أنه يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة سينزف رصيده ليس في الداخل فقط بل على المستوى الإقليمي والدولي، فعندما تثير الزوابع وترتكب الحماقات تصبح غير مرغوب فيك، وتفقد دورك كأداة في المعادلة الإقليمية والدولية. هذا ما فعله رجب طيب أردوغان خلال مواجهته للغضب الكردي العارم المتفجر في بلاده، فقد خرج الرجل بتصريحات مستفزة أسهمت في اشتعال الغضب ليس من جانب الأكراد فحسب بل من قطاعات واسعة في المجتمع التركي ترى يوما بعد يوم أن الرجل فقد زمام نفسه وتخلى عن حنكة السياسي لصالح غطرسة الديكتاتور، وصف أردوغان المظاهرات الكردية الغاضبة تجاه مذابح داعش في مدينة عين العرب السورية، بأنها مظاهرات لمجموعات من المخربين، واتهم المتظاهرين بارتكاب أعمال السلب والنهب، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، ولم يكتف السلطان العثماني بذلك بل قال إن المظاهرات لا علاقة لها بما يحدث في عين العرب وأنها مجرد حجة زائفة لارتكاب أعمال العنف والتخريب. أردوغان الذي كثيرا ما هاجم مصر، وسخر من تعامل الدولة المصرية مع أحداث مشابهة وصفتها ب"المؤامرة"، فإذا بالسيد أردوغان يخرج في تصريحات علنية يؤكد فيها التآمر على بلاده، وأن المظاهرات الكردية ما هي إلا محاولة لزعزعة استقرار تركيا، وضرب للتماسك الاجتماعي والتعايش بين أطياف الشعب التركي، تجرع أردوغان من نفس الكأس فخرج يصرخ طالبا العون لمواجهة "المؤامرة"، وطالب الشعب التركي والأحزاب السياسية بعدم الانسياق وراء ما سماه "محاولة تخريب روح الأخوة" بين أبناء الشعب، مشددا على أن الدولة لا تدخر وسعا لمساعدة الأكراد في عين العرب. 34 قتيلا وأكثر من 400 مصاب لم يشفعوا للمتظاهرين الأكراد عند سلطان الباب العالي، فراح يصفهم بالمخربين والمجرمين، وأدت تصريحاته المنفلتة إلى تحرك حزب العمال الكردستاني والدخول في اشتباكات مع الجيش التركي أدت إلى كتابة نهاية الهدنة القائمة بين الجانبين. الغضب تجاه سياسات أردوغان بات حديث الصباح والمساء في تركيا، فقد أكد "كمال قيليتشدار أوغلو"، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أن أردوغان أصبح صانعا للأزمات، وأن كل تصريح يطلقه الرئيس التركي ينذر بكارثة على المستويين المحلي والدولي، قيليتشدار لم يكن وحده الذي انتقد سياسة وتصريحات أردوغان، فقد قال رئيس حزب الحركة القويمة في تركيا دولت بهتشلي أن أردوغان لا يصلح رئيسا للجمهورية، وأنه ما كان يجب أن يتقلد ذلك المنصب الرفيع، مؤكدا أن توجهات وسياسات أردوغان مثيرة للقلق. غير أن الضربة الكبرى التي تنتظر أردوغان هي التمرد المنتظر لرئيس وزرائه وحليفه القوي أحمد داوود أوغلوا، فقد بدا أوغلوا متذمرا تجاه تصريحات أردوغان التي أثارت أزمات وعواصف إقليمية، خصوصا بعد هجومه على مصر والرئيس السيسي في محفل دولي في أثناء خطاب أردوغان في اجتماعات الأممالمتحدة، وكادت ملامح داوود أوغلو تنطق في أثناء بيان أردوغان أمام البرلمان التركي وحديثه عن المظاهرات الكردية، وكاد أوغلو يقول قريبا سأبتعد عن سفينتك الغارقة.