أعلنت وزارة الأوقاف عن قيام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بإصدار أول موسوعة علمية حول خطورة التكفير والفتوى دون علم، وهي خلاصة أبحاث مؤتمره الثالث والعشرين الذي عقد بالقاهرة في نهاية مارس 2013م، حيث ستكون الموسوعة متاحة للجمهور بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومكتبات التوزيع التابعة له بعد عطلة عيد الأضحى. وقال وزير الأوقاف في مقدمة الموسوعة أننا بهذه الموسوعة نبعث إلى كل محبي السلام في العالم رسالة رافضة لكل ألوان التشدد والتطرف، برسالة السماحة والوسطية التي يحمل لواءها بقوة أزهرنا الشريف، وتنطلق من حضارتنا المصرية الضاربة بسماحتها في أعماق التاريخ. وأضاف، الوزير، "لقد عانينا – كما عانى غيرنا في دول المنطقة وفي الكثير من دول العالم – أشد المعاناة من موجات التشدد باسم الدين، واقتحام غير المتخصصين لساحات الدعوة والفتوى، وتوظيف الدين لأغراض سياسية، مما جعلنا نقرر وبقوة النأي بالدعوة والفتوى معًا عن أي توظيف سياسي أو صراعات حزبية أو مذهبية، قد تتاجر باسم الدين أو تستغل عاطفة التدين لتحقيق مصالح خاصة حتى لو كان ذلك على حساب أمننا القومي. ولفت إلى أن أي موجات للتشدد أو العنف أو الإرهاب أو الإسراع في التكفير إنما تنعكس سلبًا على قضايا الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا من جهة، وعلى علاقاته الدولية من جهة أخرى، حيث يصبح الخوف من انتقال عدوى التشدد هاجسًا كبيرًا لدى الأوطان والدول الآمنة المستقرة، في وقت صار العالم فيه قرية واحدة ما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه، وما يكون في شرقه تجد صداه في غربه، بل إن تأثير الجهات الأربع يتداخل ويتوازى ويتقاطع بشدة في ظل معطيات التواصل العصري عبر شبكات التواصل المتعددة التي لم يعد بوسع أحد لتفادي أصدائها وتأثيراتها. وأضاف لقد قد حذر العلماء من خطورة إطلاق التكفير دون دليل قاطع، فقال الإمام الشوكاني (رحمه الله): إن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دينه ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضحَ من شمس النهار، وفي التأكيد على خطورة التكفير والتحذير من إطلاقه بدون حق يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ): " أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ". وشدد أن روح التسامح والوعي بمقتضيات فقه التعايش من خلال المشتركات الإنسانية والتواصل الحضاري في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب من جهة، وبين الطوائف المتعددة في المجتمع الواحد من جهة أخرى، إنما تنعكس إيجابًا على المصالح العليا للوطن من حيث الأمن والاستقرار، والتقدم والرخاء، بما يؤدي إلى مستقبل أفضل، والرقي إلى مصاف الأمم المتقدمة. ولفت وزير الأوقاف إلى أن اقتحام غير المتخصصين لعالم الدعوة، وتصدرهم بغير حق لمجال الفتوى أدى إلى كثير من الضلال والإضلال والانحراف، وصدق نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) إذ يقول: " إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حتى إذا لم يجد الناس عالمًا اتخذوا رُءُوسًا جُهَّالا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " (صحيح البخاري). واختتم قائلا: من هنا كان اختيارُ موضوع (خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية) قصدَ تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الشباب والجماعات المتطرفة التي اتخذت من تكفير الآخر أو تخوينه أو اتهامه في دينه أو وطنيته وسيلة لاستباحة الدماء والأموال والاعتداء على الآمنين أو حراس الوطن وحماته والإفساد في الأرض " وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ " وإننا إذ نصدر هذه الموسوعة نؤمّل أن نقدم من خلالها حلولا تسهم في القضاء على الفكر التكفيري، وفوضى الفتاوى التي تضر بالمصالح الوطنية والعلاقات الدولية، ونؤكد أننا ننبذ كل ألوان العنف والتشدد، ونرفض كل ألوان الإرهاب والتكفير.