في دول الشرق وعلى المستوى العالمي انتحل الإنترنت والفيس بوك شخصية المحلل النفسى حيث تتدخل كأطراف جديدة في المعادلة النفسية للإنسان. وتمر اليوم الذكرى ال79 على وفاة عالم النفس الأشهر سيجموند فرويد رائد التحليل النفسى العالمي (6 مايو 1856 - 23 سبتمبر، 1939)، الذي اختص بدراسة الطب ويعتبر مؤسس علم التحليل النفسى الذي أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث، واشتهر بنظريات العقل، وآلية الدفاع عن القمع وخلق الممارسة السريرية في التحليل النفسي لعلاج الأمراض النفسية عن طريق الحوار بين المريض والمحلل النفسى، فضلا عن التقنيات العلاجية. فرويد كما يصفه مؤرخو تاريخ الأفكار أحد عمالة 3 (داروين وكوبرنيك وفرويد )، الذين جرحوا نرجسية الإنسان وأزالوا القناع عن مركزية الذات والوعي الانسانيين سواء اتجاه العالم الخارجي أو اتجاه الأقاليم الروحية للإنسان، أراد فرويد أن يكشف الغطاء عن الطبيعة البشرية بدل من تركها سجينة سلطة البيولوجيا، أراد مساعدة الإنسان على أن يحيا حياته الفردية في المجتمع. هذا العالم الذي غيرت أفكاره المتطرفة العالم من حولنا إلى الأبد، وكان لإسهاماته في علم النفس والفلسفة الأثر البالغ في توجيه مسار المناظرات حول العقل البشري لأكثر من قرن حيث نسج في عمله الفكري نظرية متكاملة للتحليل النفسى أصبحت حجر زاوية في الدراسات الإنسانية، ماذا يقول لو كان شاهدا على عصرنا هذا. ففى وقت تم التجاوز عن الكثير من أفكار فرويد، أو تعديلها من قبل المحافظين الجدد و"الفرويديين" في نهاية القرن العشرين، ظهرت عوامل كثيرة جديدة أقحمت نفسها على العلاقة بين الإنسان وحالته النفسية، فمع تقدم الزمن على سبيل المثال تم توظيف الحالة النفسية السيئة للإنسان في إطار سياسي لتكفير المجتمع، إلا إنه ربما كان سيقف حائرا لدى تفسيره للعلاقة بين الإنسان والإنترنت ومواقع التواصل. صحيح أن بعضا من الظواهر والتفسيرات حول الدوافع النفسية للإنسان مازالت تحمل تفسيراته مثل زلة اللسان، التي أشار فرويد إليها بأنها الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بسبب مفاهيم راسخة ومخزنة في عالم اللاشعور، وقال إن هناك جملة من المفاهيم لدى الإنسان مغروسة في أعماقه، موجِهة لميوله ومؤثرة في سلوكه تظهر من حين إلى آخر في مواقف معينة عبر أقوال وأفعال، وهذه المفاهيم هي التي يطلق عليها "مفاهيم الأعماق"، والذي يجري في داخل الإنسان هو أن الفكر الذي يحمله ويريد أن يطبقه قد يصطدم بمفهوم من مفاهيم أعماقه فيناقضه ويرفضه كما يصعب في هذه الحالة تصديقه أو الاقتناع به. فمن البديهي أن تكون بداية علم النفس بداية فلسفية، عملا بالحكمة القائلة الفلسفة أم العلوم حيث بدأ الفلاسفة منذ سالف العصور يتسائلون عن سر النفس وأصلها وطبيعتها ومصيرها، وهذا في التساؤل يرجع لكون الإنسان تأثر بظاهرة وجود زيادة على النشاط الفسيولوجيى وملاحظته للتفاعلات النفسية " الغضب والفرح والحزن " حقيقى أن التقدم الحضارى لم يضف شيئا جديدا على الانفعالات النفسية للإنسان، فغضب إنسان العصور الغابرة لا يختلف عن غضب إنسان القرن العشرين، فالإنسان يدرك ويتصور ويعاني مختلف الانفعالات، إذن النفس كما يصفها العلماء هي جوهر روحاني وضعت على شاكلة الروح، والروح كمال والنفس صورة إلا أنه أضفى بصماته عليها. فظهرت العديد من تشخيصات الطب النفسية التي يتم تحميلها عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى التي باتت في متناول كل إنسان هذه الايام، وتولد جراء عالم الفضاء تشخيصات مرضية متعددة في الصحة النفسية كان لها تأثيرها في صياغة وتصنيف الأمراض النفسية، وسيكون ذلك واضحا عند صدور التصنيف الجديد للأمراض النفسية في العام الحالي. كما لعب هذا السلوك دوره في صياغة وعي الإنسان وادراكه لمختلف المشاكل والأمراض النفسية التي يمكن أو يتصور أنه يعاني منها، انواع العلاج المتوفر، وأحيانا تحدي الطبيب أو المعالج النفسي عند تقديمه العلاج والرعاية النفسية، كما وجدت دراسة حديثة أن شبكات التواصل الاجتماعي قد تلعب دورا سلبيا في الحياة النفسية للفرد، مع أنها جاءت بالأصل لجعل الحياة أفضل، ولمنح المستخدمين القدرة على التواصل مع الآخرين ومشاركة اللحظات السعيدة. فبحسب دراسة قادها فريق من الباحثين من مدرسة علم النفس في جامعة كوينزلاند الأسترالية، فإن تعرض المستخدمين للتجاهل على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيس بوك، قد تكون له آثار عكسية على صحتهم النفسية ؛ ووجدت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "التهديدات التي يتعرض لها الذين ينتمون إلى فيس بوك، الاختباء والنبذ، أن عدم حصول المستخدم على "إعجاب" لمنشوراته، قد يؤدي إلى التقليل من مستوى ثقة المستخدم بنفسه.